تركيا

مركز أوروبي يكشف بالوثائق جرائم التعذيب والاغتصاب في مراكز الاحتجاز والسجون التركية

عرض – مروة عبد الحليم

كشف موقع “نورديك مونيتور” “Nordic Monitor”  الأوروبي –مقره السويد- وقائع عن جرائم اغتصاب وتعذيب يمارسها الجيش التركي بحق المدنيين والعسكريين في مراكز الاحتجاز والسجون دون أي تحقيق يذكر بحق هذه الانتهاكات أو اتخاذ أي إجراء حيالها من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية رغم الشكاوى العديدة المقدمة.

في البداية كشف التقرير عن شهادة الملازم عبد الوهاب بيرك أمام لجنة قضاة في محكمة أنقرة، والتي قال فيها أن ضابطة خدمت في الجيش التركي، اضطرت إلى الإجهاض بعد اغتصابها في حجز الشرطة، أثناء الاحتجاز في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، حيث اعتُقل الآلاف من المدنيين والعسكريين من رجال ونساء دون أي تحقيق إداري أو قضائي فعال، وتعرضوا للإيذاء والتعذيب وسوء المعاملة في مواقع احتجاز غير رسمية. 

ورفض بيرك ذكر اسم الضحية خوفا من أن يؤدي ذلك إلى مزيد من المعاناة لها ولأسرتها في المجتمع التركي المحافظ. وتؤكد شهادة الملازم أن مزاعم الاغتصاب واسعة النطاق في مراكز الاحتجاز والسجون في تركيا، حيث يبدو أن تبنت الحكومة الاضطهاد الممنهج كأداة لترهيب المعارضين. كما استدعى بيرك شهادات أخرى من قضية ذات صلة أخبر فيها شخص مدني القضاة كيف تعرض للاغتصاب المتكرر أثناء الاحتجاز. 

جزء من نسخة تكشف شهادة الملازم بيرك عن اغتصاب ضابطة اضطرت لاحقًا إلى الإجهاض

كما شارك الملازم روايته الشخصية عن كيفية حدوث التحرش الجنسي في قاعة باشكنت الرياضية، والتي تحولت إلى موقع احتجاز غير رسمي حيث تم تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم بين يوليو وأغسطس 2016. وقال إنه تم تجريد الجنرالات من ملابسهم وأُجبروا على السير في موكب بين 700-800 معتقل احتُجزوا في ظروف غير إنسانية وغير صحية وحُرموا من الطعام والماء لبضعة أيام. كانوا يحاولون إجبار الجميع على مشاهدة (الجنرالات العراة)، وإحناء رؤوسهم وتعرضهم للصفع. كما أنهم قاموا بمضايقة أحد القادة من خلال إجباره على وضع عصا بين ساقيه. وأضاف أن الشرطة جردت ثلاث أو أربع معتقلات من ملابسهن الداخلية وأجبرتهن على الاختلاط بالمعتقلين وتعرضن للمضايقات والشتائم، من قبل الشرطة.

إنشاء مراكز خاصة للتعذيب

قال الملازم بيرك في شهادته أنه تم إنشاء غرفة تعذيب خاصة في ميدان رماية بمقر قيادة القوات الخاصة وأن ضباطًا بينهم نساء تعرضوا للتعذيب بأوامر من زكاي أكساكلي، قائد القوات الخاصة آنذاك. وقال بيرك إن عمليات الإيهام بالغرق والصعق بالكهرباء والقذف من أسفل السلالم وهم مكبلون بالأصفاد كانت تمارس على الضحايا.

وقال بيرك أنه تلقى هو وأعضاء فريقه في القوات الخاصة أوامر بالذهاب إلى مقر الأركان العامة لتوفير الأمن ضد تهديد إرهابي محتمل. جاء الأمر من أكساكلي، الذي لم يتم حتى تسميته كمشتبه به في القضية لأنه لعب دورًا في مسرحية الانقلاب المزعومة بالتعاون مع وكالة المخابرات التركية. وتمت مكافأة أكساكلي لاحقًا بترقيته إلى رتبة فريق في عام 2016. وكان قائد عملية عسكرية تركية في سوريا في أغسطس 2016. وتم تعيينه كقائد للجيش الثاني وتقاعد في يوليو 2020.

شهادة تكشف تعرض الملازم عبد الوهاب بيرك للتعذيب في حجز الشرطة

رواية بيرك عن التعذيب والانتهاكات مشابهة لتلك التي قدمها عشرات المعتقلين الآخرين الذين احتُجزوا في نفس مواقع الاحتجاز غير الرسمية. عندما احتجزته الشرطة في 16 يوليو، وجُرد من ملابسه وأُجبر على الاستلقاء تحت أشعة الشمس الحارقة، ووضع هو وآخرون في حافلة، حيث بدأت الشرطة في ضربهم وركلهم وهم مكبلون من الخلف. وحاولت مجموعة من الغوغاء الذين تجمعوا أمام هيئة الأركان الاعتداء عليهم ورشقهم بالحجارة، ما أدى إلى إصابة بعض المعتقلين. 

https://i0.wp.com/www.nordicmonitor.com/wp-content/uploads/2020/08/AbdulvahaP_Berke.jpg?resize=640%2C408&ssl=1

وواصلت الشرطة ضربهم، وكانوا أكثر وحشية وعنفًا مع الطيارين. حيث أطاحوا بأحد الطيارين بضرب رأسه بقوة في الحائط. وأشار الملازم بيرك في شهادته، أنه بالإضافة إلى عمليات التعذيب الممنهج التي تعرض لها هو وزملائه، فإن الأطباء الذين كان من المفترض أن يسجلوا الانتهاكات والتعذيب لم يهتموا بتسجيل الروايات المروعة للمعتقلين في التقارير الرسمية.

حصانة لمرتكبي التعذيب في تركيا

يتمتع مرتكبو التعذيب في تركيا بالحماية بموجب مرسوم حكومي أصدره الرئيس رجب طيب أردوغان، يوفر حصانة شاملة للمسؤولين الذين شاركوا في التحقيقات في الانقلاب. منح المرسوم بقانون رقم 667، الذي أصدرته الحكومة في 23 يوليو 2016، حماية شاملة لموظفي إنفاذ القانون من أجل منع الضحايا من رفع شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة أو الإساءة ضد المسؤولين. كانت هناك عدة حالات رفض فيها المدعون الأتراك التحقيق في مزاعم التعذيب، مستشهدين بهذا المرسوم.

نصت المادة 9 من هذا المرسوم بقانون على أنه “لا يجوز أن تنشأ مسؤوليات قانونية وإدارية ومالية وجنائية فيما يتعلق بالأشخاص الذين اتخذوا قرارات وقاموا بواجباتهم في نطاق هذا المرسوم بقانون“. وانتقدت منظمات حقوق الإنسان المرسوم لكونه انتهاكًا واضحًا لمواد من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) وكذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تركيا طرف فيها، ومع ذلك لم يتم إلغاؤه أبدًا. وأقر البرلمان التركي المرسوم ليصبح قانونًا في 18 أكتوبر 2016.

وحتى اليوم، لم يتم البدء في محاكمة الأشخاص الذين قاموا بتعذيب المعتقلين في الموقع غير الرسمي على الرغم من الشكاوى المتعددة التي قدمها الضحايا ومحاميهم.

وقام وفد من اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة (CPT)، وهي هيئة تابعة لمجلس أوروبا في تركيا بإجراء عمليات تفتيش بين 28 أغسطس و6 سبتمبر 2016 وسجلوا بعض الضحايا. جاءت زيارة الوفد وسط مزاعم واسعة النطاق أثارتها منظمة العفو الدولية لأول مرة، والتي ذكرت أنها جمعت أدلة موثوقة على تعرض المعتقلين في تركيا للضرب والتعذيب والاغتصاب في مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية في جميع أنحاء البلاد.

ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن تفاصيل تقرير لجنة مكافحة التعذيب (CPT) أبدًا لأن تركيا استخدمت حق النقض ضد نشر التقرير ولم ترفع اعتراضها منذ عام 2016. وفي الواقع صرح رئيس لجنة مكافحة التعذيب “ميكولا جناتوفسكي” في عام 2017 أنه على الرغم من أنه “أراد” مناقشة النتائج لم يستطع التعليق على التقرير بسبب قرار أنقرة.

واختتم التقرير بالإشارة إلى إدانة الملازم بيرك بناء على أدلة مشكوك فيها وحكم عليه في 11 قضية بالسجن مدى الحياة في 20 يونيو 2019. ولا يزال استئنافه معلقًا.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى