
البورصة المصرية في طور التعافي: تأثير كوفيد-19 على قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات
منذ أن ظهر فيروس الكورونا في مدينة وهان الصينية في أواخر العام 2019 وانطلق منها إلى باقي دول العالم، انتاب الاقتصاد العالمي حالة من الذعر جراء التابعات الاقتصادية لإجراءات احتواء ذلك الفيروس التي تعتمد بالأساس حتى الان على تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي، التي تتمثل في الاغلاق الكلي أو الجزئي لتقليل حركة المواطنين واحتكاكهم ببعضهم البعض، وبالطبع تأثرت الأسواق العالمية ومنها سوق الأوراق المالية المصري كأحد المؤسسات في المنظومة المالية العالمية. سنرصد ونقيم في هذا التقرير أداء الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات خلال فترات انتشار وانحسار فيروس الكورونا في النصف الأول من العام 2020.
قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات في أرقام
يعتبر قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات أحد أهم القطاعات في البورصة المصرية والاقتصاد المصري عامة، تتمثل نشاطات الشركات المدرجة بالقطاع في تقديم خدمات الاتصالات والبنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إدارة الأقمار الصناعية والاعلام، وتقديم خدمات المدفوعات الالكترونية. ومن ثم فهو أحد أهم القطاعات الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد المصري في النمو، ويحتل قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات القطاع السادس من حيث حجم رأس المال السوقي بالبورصة المصرية، إذ أنه يمثل نسبة 6.47% من إجمالي رأس المال السوقي بقيمة تبلغ 38 مليار جنية (حتى 30 يونيو 2020). يتكون القطاع من عدد 5 شركات وهم (Raya Contact Center راية لخدمات مراكز الاتصالات – فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الالكترونية – المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات) – المصرية لمدينة الانتاج الإعلامي – المصرية للاتصالات)، تبلغ قيم تداولات القطاع مبلغ 3.7 مليار جنية (1.7 مليار في الربع الأول، 3.6 مليار في الربع الثاني) وهي تمثل نسبة 4% من اجمالي التداولات بسوق الأوراق المالية التي تبلغ 93.6 مليار جنية (38 مليار للربع الأول، 55 مليار في الربع الثاني)، وبذلك يحتل القطاع المرتبة العاشرة من حيث قيم التداول من أصل عدد 18 قطاع بالبورصة المصرية، يبلغ حجم التداول بالقطاع عدد 381 مليون سهم (163 مليون سهم للربع الأول، و 218 مليون للربع الثاني من العام 2020) منفذة في عدد 88.7 ألف عملية (41.6 الف عملية للربع الأول، 47 ألف عملية للربع الثاني)، مثلت تعاملات الأجانب منها صافي شراء بقيمة 173 مليون جنية ( 196 مليون جنية صافي شراء في الربع الأول، 22.4 مليون جنية صافي بيع بالربع الثاني من العام 2020).
أداء قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات خلال النص الأول من العام
بدأ سوق الأوراق المالية المصري في الانخفاض متأثرا بالانخفاضات في الأسواق العالمية وقبل إعلان مصر عن اكتشاف أي حالات كورونا، حيث انخفض السوق خلال شهري يناير وفبراير من العام 2020 بمقدار 12%، اتسم أداء قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات خلال تلك الفترة بتحقيق أداء أفضل من أداء المؤشر، حيث ارتفع القطاع بمقدار 7% وبفارق إيجابي بمقدار 19% عن أداء المؤشر الثلاثينى. مع بداية ظهور اكتشافات لحالات كورونا في مصر خلال شهر مارس وبداية التسارع في الإصابات التي وصلت في أخر مارس إلى 69 حالة جديدة يوميا، صاحب ذلك انخفاض سوق الأوراق المالية بنسبة 22.6% خلال شهر مارس فقط لتصبح إجمالي الانخفاضات خلال الربع الأول من العام 32% بنهاية مارس، حقق قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات في شهر مارس أداء أفضل من المؤشر الثلاثينى حيث انخفض بمقدار 7.5% ليحقق فارق أداء إيجابي عن المؤشر بمقدار 15.1% عن شهر مارس، ومن ثم فإن اجمالي انخفاضات القطاع خلال الربع الأول من العام بلغت 1% وهي نسبة أفضل من أداء المؤشر بمقدار 31%. يوضح الشكل التالي أداء المؤشر الثلاثينى مقارنة بقطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات (المحور الايسر)، وعدد الحالات الجديدة التي يتم اكتشافها يوميا من حالات الإصابات بفيروس كوفيد-19 (المحور الأيمن).

بلغت ذروة اكتشاف الحالات الجديدة للمصابين بفيروس كوفيد-19 في مصر ذروتها في شهر يونيو ويوليو وقد اتسم سوق الأوراق المالية بالتذبذب بين مستويات 10000 و11000 خلال تلك الفترة، لكن مع تحسن البيانات وبداية انخفاض معدل الحالات الجديدة المكتشفة من الكورونا استطاع السوق تعويض جزء من الانخفاض ومن ثم فقد اتسم أداء السوق خلال الربع الثاني من العام 2020 الارتفاع بمقدار 12.3%. من جانب أخر استمر أداء قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات في التفوق، حيث استطاع القطاع الارتفاع بمقدار 41.6% عن نفس فترة المقارنة، وبفارق إيجابي بنسبة 26.9% عن أداء المؤشر. ومن ثم فقد بلغت اجمالي انخفاضات النصف الأول من العام 22% للمؤشر الثلاثيني مقابل ارتفاع بنسبة 45% لقطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات.
استفاد قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات بشكل كبير من حالات الاغلاق التي تسببت بها الكورونا حيث تحولت معظم الشركات إلى ممارسة اعمالها عبر الانترنت، بالإضافة إلى قضاء الناس لفترات أطول من الأوقات في المنازل، وهو ما نتج عنه زيادة في استخدام الوسائل الالكترونية مما ساهم في زيادة الطلب علي خدمات الاتصالات والاعلام وتكنولوجيا المعلومات، و يلاحظ وجود علاقة ارتباط طردي بين أداء القطاع وبين انتشار فيروس كوفيد-19 وما رافقه من إجراءات لاحتوائه، ومن المتوقع أن يظل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تحقيق ذلك الأداء الجيد حتى في حال عودة الاعمال بشكل طبيعي في المواقع حيث من المتوقع أن يستمر الطلب علي الخدمات المقدمة من ذلك القطاع خاصة بعد تغير نمط الطلب الاستهلاكي للسكان بالاعتماد على خدمات الاتصالات والانترنت بشكل أكبر، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال الحكومة الالكترونية والتحول الرقمي والشمول المالي. وهو ما يعني أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاعلام أحد القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري والتي من المحتمل أن تشهد طفرات نمو كبير في المستقبل خاصة وأن نسبة اعتماد المواطنين على الحصول على الخدمات الحكومية الكترونيا (النصيب الأكبر من العرض في الخدمات) رغم ارتفاعها خلال الفترات السابقة إلا انها تظل محدودة بالنسبة لعدد السكان واجمالي الخدمات حتى الان.
أما عن أداء سوق الأوراق المالية فمن المتوقع أن يتحسن أداء سوق الأوراق المالية مع الاستمرار في معدلات الانخفاض في حالات الكورونا المكتشفة يوميا، خاصة وأن البيانات الأخيرة تشير إلى انخفاض عدد الحالات المكتشفة بشكل كبير لتصل إلى 163 حالة يوميا (وفقا لتاريخ 18.8.2020، مقارنه بعدد 698 بتاريخ 18.7.2020)، وهو ما يعني وجود تحسن كبير في وضع كوفيد-19 في مصر ومن ثم سيستعيد المستثمرين ثقتهم في مناخ الأعمال وبالطبع سيحصل قطاع الاتصالات وإعلام وتكنولوجيا المعلومات على نصيب من تلك الاستثمارات.
باحث ببرنامج السياسات العامة