
عكاشة : مبادرة “وقف إطلاق النار” في ليبيا متغير فارق ..و “إعلان القاهرة” مثل الحل الأنضج الذي تعاطى مع الأزمة الليبية
أكد الدكتور خالد عكاشة مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مبادرة وقف إطلاق النار في ليبيا تعد متغيرا فارقا في مسار العملية السياسية والتحول السياسي في الدولة الليبية وعلى صعيد الأزمة الليبية بشكل عام.
وقال عكاشة – في مداخلة مع قناة ( أكستر نيوز) – إن ما جرى ربما ينقل المشهد نقلة إيجابية إلى الأمام. مسألة التمسك بوقف إطلاق النار من جميع الأطراف واعلانهم عن الانخراط في العملية السياسية ، مضيفا :”نحن نعود إلى قلب وجوهر وروح المبادرة المصرية لإعلان القاهرة”.
وأضاف أنه للمرة الأولى يصدر عن حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي لهذه الحكومة هذا البيان الموقع من رئيسه وهو يتحدث عن الرغبة في بناء حياة سياسية جديدة برعاية دولية، وفق المخرجات التي خرجت من أكثر من محطة ماضية مثل المبادرة المصرية وإعلان القاهرة في القلب منها.
وتابع قائلا:”هذا ما أشار إليه المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، وأظن أيضا أن تأكيد البعثة الأممية على ترحيبها بهذه البيانات يشير إلى نجاح جلسات المفاوضات التي تجري ما بين أطراف عديدة في الداخل الليبي هذه الأيام في جنيف واستطاعت أن تقطع الطريق على محاولات العبث بالسلاح وعلى محاولات الاقتال الداخلي أو التناحر الداخلي أو الاحتكام الى السلاح بصورة أو بأخرى”.
وذكر أن هذه هي ملامح النقلة الإيجابية التي نتحدث عنها اليوم وأننا لدينا نظرة تفاؤلية وقدر من الطموح بأن المسألة تاخد منحى مختلفا، وبشكل يتجاوز كل المؤاخذات وكل الارتباك الذي شاب الملف خلال الفترة الماضية.
وحول كيفية وضوح الرؤية المصرية والذي اعتبر أن إعلان القاهرة نموذجا لها وما تمثل من حلول في هذا الإعلان والذي ترجم التوجه المصري فيما يتعلق بالأزمة الليبية… قال عكاشة :” بالفعل عندما حددت الدولة المصرية مجموعة من الخطوط الحمراء، كانت تحاول أن تلفت كافة الخطوط ولأطراف سواء في الإقليم أو في المجتمع الدولي، بأن هناك ما لا ترتاح له القاهرة. إن استخدمنا هذا التعبير المخفف”.
وأضاف :” أن القاهرة لا ترتاح إلى ما يدور في داخل ليبيا. محاولة اختطاف القرار الليبي من قبل الميلشيات أو المرتزقة. ودخول قوى إقليمية تحاول أن تستثمر الأزمة الليبية لتحقيق مكاسب وأطماع، واصطناع مساحات من النفوذ لن يكون مقبولا من قبل القاهرة التي وضعت أمام العالم مجموعة من الخطوط الحمراء التي تشير إلى أن القاهرة على استعداد أن تتقدم للحفاظ على أمها القومي وايضًا لحماية الامن القومي الليبي”.
وأردف قائلا :”في مرحلة تالية وضح الرئيس السيسي تحديدا على لسانه شخصيا، شرحا لهذه الخطوط باعتبارها خطوط سلام حقيقية، وشرح لليبيين بأن هذه الخطوط قد تكون هي ما يجمع الفرقاء الذين كانوا على قدر من الاحتقان والتوتر، الذي كان يشوب المشهد قبل اعلان القاهرة وقبل حديث السيد الرئيس على وجه الخصوص”.
وأوضح أن احتضان القاهرة للمبادرة الليبية/الليبية والتي سميت باسم المبادرة المصرية، كانت خطوة سياسية شاملة. الخطوة تعالج كل الملف الليبي وكل مستقبل صناعة عملية سياسية تجمع كل الأطراف وتضع الحقوق لكل أقاليم ليبيا ولكل مدنها ولكل مناطقها ولا تثتني أحدا من هذا الحل، وتضع شروطا فعلية وواقعية لإجراء انتخابات قادمة برلمانية ورئاسية ودستور جديد للدولة الليبية.
واعتبر أن هذه الشمولية التي تسمت بها المبادرة المصرية نظرا للجهود التي بذلتها مصرفي رعاية اخراج هذه المبادرة كانت محل ترحيب كبير جدا من المجتمع الدولي. ونظر اليها المجتمع الدولي ونظر اليها المسئولون ان كان في مؤتمر برلين بمخرجاته ان كان هو المحطة النهائية لرعاية هذا الملف او على صعيد البعثة الأممية باعتبارها ممثل للأمم المتحدة.
وقال إن الجانبين نظرا إلى “إعلان القاهرة” باعتباره أنضج حل حقيقي بدأ يتعاطى مع الأزمة الليبية وبدأ يضع خطوات حقيقية يمكن البناء عليها ويمكن الوصول من خلالها إلى حياة سياسية جديدة ، مشددا على أن هذا الإعلان كان من المتغيرات المهمة التي ساعدت في الوصول إلى المحطة الحالية.
وأشار إلى تراجع كبير جدا لكل المراهنة على السلاح غير الشرعي والميلشيات والفوضى المسلحة التي كانت أطراف إقليمية أخرى تضعها على الأراضي الليبية أو تشبث أوضاعها او تحصد مكاسب عبر هذه الاذرع الغير ضرورية ، لافتا في هذا السياق إلى أن بياني المجلس الرئاسي والبرلمان أكد ضرورة خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة والمليشيات من الأراضي الليبية وتوحيد المؤسسات.
وردا على سؤال حول خط سرت والجفرة وأن البيانيين الصادرين ذكرا ان سرت والجفرة يجب أن يتم العمل على أن يكونا منزوعتي السلاح. ما الذي سوف يحدث في هذا الإطار؟ .. قال عكاشة :” هذا سؤال يتردد في الرأي العام المصري بصورة واسعة منذ اعلان البيانات التي صدرت وكثير من المنصات العالمية لديها قدرة الارتباك في تفسير مسألة سرت والجفرة ونزع السلاح وغيره”.
وأضاف :” حتى تتضح الصورة، هذا مقترح أو طرح له علاقة بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق. هي تطرح هذه الرؤية بأن تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح، أمام طرح آخر من البرلمان الليبي بأن نقل مؤسسات الحكومة داخل مدينة سرت باعتبارها مؤهلة ولديها في بنيتها التحتية والاساسية ما يمكن أن تستضيف الحكومة المؤقتة التي سوف تكون عنوان للتوافق وعنوانا للبناء فيما يتعلق بالحياة السياسية القادمة”.
وقال :”لدينا مجموعة من الاطروحات، ليست شروطا وليست فرضا لأمر واع. طالما تم الارتضاء بعملية وقف إطلاق النيران وعدم حمل السلاح. وهنا هنذهب للتفاوض. ولن تخرج صيغة الا لو كانت مرضية الى الأطراف الليبية. هذا لا يسبب لنا ازعاج، حتى لو أعلنت حكومة الوفاق أنها تريد منطقة منزوعة السلاح. هذا قد يكون تعبير نظري الى حد ما. لا توجد منطقة منزوعة السلاح، يمكن إعطاء على سبيل المثال كما جاء في بيان المستشار عقيلة صالح، حماية وتأمين منشآت المدينة وكل ما بها من منشآت استراتيجية الى الأجهزة الأمنية الموحدة، جهاز أمني ليبي موحد ممثل في كل الأقاليم الليبية. ودي تبقى خطوة مبدئية من أجل توحيد المؤسسات”.
وحول كيف ستختلف المؤسسات السياسية في المرحلة القادمة في ضوء هذه الأطروحات .. قال الدكتور خالد عكاشة :”من المعلوم أنه لا يوجدا مفاوضات لأطراف متوافقة. من المعروف انه لابد أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر لذلك يترتب عليها جولات للتفاوض. حسن النية بالبيانات التي صدرت اليوم يجعلنا نتفاءل بأن هذه المفاوضات تسير في اتجاه صناعة حياة سياسية جديدة، أو تأسيس لحياة سياسية جديدة”.
وأوضح أنه سوف يكون هناك مرجعيات عديدة منها المبادرة المصرية ومخرجات مؤتمر برلين ولازالت المانيا راعية سياسية موكلة من القوى الدولية لكي ترعى المفاوضات ما بين الأطراف الليبية بعضها وبعض. طالما ان الامر عاد الى مائدة السياسية كما كانت مصر تنادي منذ اللحظات الأولى وكما كانت كل الأطراف العاقلة والرشيدة تقول إن الحلول في ليبيا حلول سياسية وان أي مشكلات عسكرية أو منية تبعد فورا وأن تخرج من ليبيا سواء مرتزقة او ميلشيات وغيرها.
وقال :” طالما أن هناك إرادة للخروج الى مسار سياسي، لابد إننا نصل في النهاية الى حلول ترضي بشكل أو بآخر لأطراف تصنع حياة سياسية جديدة. الجميع كان يثني على المبادرة المصرية لأنها كان بها الكثير من الارتباط بالمخرجات الدولية، فهي مبادرة ليبية ليبية. وضعت برعاية مصرية وأعلنت من القاهرة وفق اعلان القاهرة. لكن كان بها قدر عال جدا من التنسيق والتوافق مع الجهود الدولية، وهذا ما ميزها بالزخم وجعل الأطراف الدولية ترحب بها، وجهل القاهرة تفرض وجهتها الحقيقية وأن الفوضى المسلحة داخل ليبيا لن تزيد الأمور الا تعقيدا وأن الذهاب الى صياغة حياة سياسية هي المخرج الوحيد والنهائي من الازمة الليبية.
وردا على سؤال هل سيتغير الدور التركي في ليبيا .. قال عكاشة :” لا أظن ذلك بالطبع. مصر ليست متفائلة إلى هذا الحد. المشروع التركي مشروع كبير ومشروع استعماري في صلبه وفي أساسه وحاولت أن تدخل ليبيا لكي تجعلها رأس حربة في شمال افريقيا كلها وربما أيضا في دول الساحل والصحراء”.
وأضاف أن مصر تدكر تماما إن تركيا قد تكون تلقت هزيمة تكتيكة ، والمشهد يحتاج الى قدر عال جدا من الانتباه والقاهرة تدرك هذا المشهد بشكل كبير. ولايزال الطريق صعبا. لكن تركيا سوف تتشبث بمكتسباتها. قد تكون تراجعت أو وجدت ان العالم كله فرض الرؤية المصرية وأعرب عن تقديره البالغ للجهود السلمية. وقدرة القاهرة على تجميع الفرقاء، وقدرة القاهرة على فرض الحالة الرشيدة في الداخل الليبي”.
وحول ردود الفعل الدولية… قال الدكتور خالد عكاشة :” لا يوجد شك ان يكون حدث خلال الأيام والأسابيع القادمة ضغوط على حكومة الوفاق لأجل الانخراط في هذا المسار، ومنعه من استخدام الميلشيات والمرتزقة الذين جلبهم من الخارج. اخر زيارة لوزيرا لخارجية الألماني أعرب فيها في لقاءاته بمدينة طرابلس عن عدم رضا المانيا التي تمثل أوروبا والمجتمع الغربي ..أعربت المانيا عن عدم رضاها عما يدور في طرابلس وهذا يعد امرا لافتا ..أعتقد ان هذا ما دفع حكومة الوفاق إلى الانخراط لا نه لا يوجد سبيل آخر غير الانخراط”.
وحول كيفية ننزع السلاح من سرت التي هي نقطة تمركز للجيش. لا يمكن نزع السلاح من أي جيش نظامي.؟ .. قال الدكتور خالد عكاشة : “بالضبط جيش الدولة جيش وطني نظامي ويدافع عن مقدرات الوطن الليبي بأكمله وليس سرت فقط”.
وأضاف أن الأمر سيكون خاضعا لعمليات المفاوضة ما بين الأطراف بعضها البعض. مجموعة من المقترحات وكيفية تأمين المدينة، وربما تحركات من الجيش الوطني الليبي كما أجرى تحركات سابقة من الجيش الوطني الليبي وإعادة نظامه. وسوف تكون وظيفته الرئيسية تأمين كل مقدرات الوطن الليبي. وفي النهاية ستعهد الى أجهزة الامن الليبي تأمينه ولكن باعتباره جهازا شرطيا وطنيا ليبيا.
رابط الفيديو