الأمريكتان

“وول ستريت جورنال”.. كيف لعبت المصادفة دورا في نجاح الديمقراطيين في مواجهة الأوبئة

مع احتدام المنافسة في الانتخابات الأمريكية، وفي ظل الانتقادات التى واجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب إدارته لفيروس كورونا، أعاد الرئيس ترامب نشر مقال على صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” لصحيفة “وول ستريت جورنال” للكاتبة “كيمبرلي ستراسيل” تصف كيف أنه من حظ جو بايدن وجود فيروس كورونا وهو ما لم يكن معياراً قبل عقد من الزمن، وأنه إذا كان مرض أنفلونزا الخنازير H1N1 قاتلاً كما هوالحال لفيروس كورونا المستجد، لكان من الممكن أن يفقد ما يقرب من مليوني شخص حياته بسبب هذا الأمر، وكيف يمكن أن تغير  الانتخابات وجهات نظر القادة في مواجهة الأوبئة، فالحملة التي يشنها الديمقراطيون حالياً على إدارة ترامب لأزمة فيروس كورونا، ربما لم تكن موجودة في ظل فشل إدارة الديمقراطيين السابقة لأوبئة مماثلة مثل الإيبولا وإنفلونزا الخنازير.

تحت عنوان “استجابة أوباما وبايدن للفيروس” نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالاً ذكرت فيه إنه ليس من المنطقي إلقاء اللوم على سياسي واحد في انتشار فيروس شديد العدوى، خاصة في بلد به 50 ولاية ويعيش به نحو 330 مليون شخص.

رسائل ديمقراطية موجهة ضد ترامب لكسب الحرب الانتخابية:

وذكر المقال أن الحزب الديمقراطي خلق رسالة واحدة ضد ترامب مفاداها أنه المسئول الأول وبشكل شخصي عن كل حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، ووصفها المقال بأنها رسالة جنونية يتداولها الديمقراطيون، فأرجعت “كامالا هاريس” المرشحة عن الحزب الديمقراطي إن “فشل ترامب في إدارة الأزمة كلف البلاد العديد من الأرواح”، وكذلك قال باراك أوباما: “دونالد ترامب لم يطور وظيفته لأنه لا يستطيع، وعواقب هذا الفشل وخيمة حيث تسبب في قتل 170 ألف أمريكي “.

ومقابل هذه التصريحات زعم الديمقراطيون أن بايدن أنقذ الأرواح في عام 2014، فقالت ميشيل أوباما: “لقد عمل قادتنا جنبًا إلى جنب مع العلماء للمساعدة في منع تفشي فيروس إيبولا من التحول إلى جائحة عالمي”، وصرحت كامالا هاريس في وقت سابق من الأسبوع الماضي: “تذكر هذا الوباء؟ قام باراك أوباما وجو بايدن بعملهما، فقد مات شخصان فقط في الولايات المتحدة “.

التركيز على الإيبولا لغض الطرف عن فيروس H1N1:

ترى الكاتبة أنه على الرغم من أن الإيبولا يُعد مرضًا مروعًا، لكن تفشي المرض غالبًا ما يحدث فقط في الدول الفقيرة جدًا، وإذا تم اكتشافه مبكرًا يصعب انتقال الفيروس إلى خارج المستشفيات، وذلك وفقاً لتصريحات أنتوني فاوتشي- اختصاصي في علم المناعة- في عام 2014 إن تفشي المرض في الولايات المتحدة “كان مستبعدًا للغاية”، وقال أوباما بنفسه في خطابه للأمريكيين أن يشعروا بالهدوء إن “الإيبولا هو في الواقع مرض يصعب التقاطه. وإنه لا ينتقل عبر الهواء مثل الأنفلونزا “.

وأوضح المقال أنه تم تركيز الديمقراطيين على الإيبولا لصرف الانتباه عن تفشي مرض انفلونزا الخنازير H1N1 بين عامي 2009 و2010، وذلك لفشل الإدارة في احتواء المرض، وأضاف المقال أنه لو كان مرض مميتاً مثل Covid-19 لكانت حصيلة القتلى “كارثية”. فيعتبر التاريخ بمثابة تذكير قوي بأن الحكومات لا تستطيع إيقاف الفيروس على الرغم من أنها يمكن أن تجعل نتائج الأوبئة “أسوأ.”

حقيقة إدارة أوباما للأوبئة:

وعن بداية الفيروس، أشارت الصحيفة أنه فيروس H1N1 بدأ مثل فيروس كورونا بقصص أصابتالناس بالذعر في أواخر أبريل 2009 حول ظهور سلالة جديدة من الإنفلونزا “الهجينة” في المكسيك وانتقلت إلى الولايات المتحدة، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه يؤثر على الأطفال بشكل خاص، ومع ذلك بدأت الإدارة الجديدة برسالة مشوشة، بدأت بتشجيع الرئيس أوباما على التزام الهدوء، مقابل تحذيرات أطلقها بايدن يطالب بضرورة البقاء بعيدًا عن السفر ووسائل النقل العام؛ مما تسبب في رد فعل عنيف وكانت تصريحات بايدن بمثابة “صداعا لأوباما”.

وهو ما يثبت عدم صحة ادعاءات الديمقراطيين بأن بايدن لديه سجل حافل في التعامل مع الأوبئة، لكن حقيقة استجابة بايدن وأوباما لفيروس H1N1 في عام2009 تختلف عنروايتهم للأحداث.

ففي غضون أيام ظهرت حالات مشتبه فيها لدى حوالي 30 ولاية، وبحلول 27 أبريل كانت أول حالة وفاة في الولايات المتحدة لطفل يبلغ من العمر “23 شهرًا”، وبدأت دول أخرى في إغلاق المرافق العامة كإجراء احترازي وطلبت من المواطنين البقاء في منازلهم، وفرض الحجر الصحي على الزوار، ولكن لم يكن لدى إدارة أوباما أي فكرة عن مدى فتك المرض بالأشخاص على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية وصفت تفشي المرض بأنه تهديد “للبشرية جمعاء” ، وتوقع خبراء الصحة أن المستشفيات ستكون مثقلة بالأعباء.

ومع ذلك اتخذت إدارة أوباما نهجا مغايراً قد يزيد من حدة المرض، فلم يغلق أوباما الحدود المكسيكية قائلاً مجازاً إن ذلك سيكون “أشبه بإغلاق أبواب الحظيرة بعد خروج الخيول”. فيما أعلن مسؤولوا الحكومة الأمريكية عن حالة طوارئ صحية، ووصفت الكاتبة أوباما بأنه كان “يلعب الجولف في ذلك اليوم”، ووزعوا المخزون الوطني (الذي لم يجددوه أبدًا). أوصت الإدارة المدارس “بالتفكير” في الإغلاق إذا تعرضت لتفشي المرض على الرغم من أن رئيس مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قال إن هذا قد يساعد في الحد من الانتشار وحذر من إخراج الأطفال من الفصول الدراسية، فلم يفكر أحد في إغلاق وطني، ولا سيما في ظل إدارة تركز على “تعافي الاقتصاد الهش”، في ظل وعود أوباما بـ “السيطرة” على “تأثير” الفيروس – وليس الفيروس نفسه، وطلب من الكونجرس مبلغ 1.5 مليار دولار بالكامل.

وأضافت الصحيفة أن السلطات أصبحت أكثر تفاؤلاً بعد أن تبين أن فيروس H1N1 أقل فتكًا مما كان متصوراً، لكن مازال هناك موجة ثانية من سلالة أخطر في الخريف، ووعد فريق أوباما بـطرح 100 مليون جرعة لقاح بحلول منتصف أكتوبر، وعلى الرغم من أن لقاح الإنفلونزا أسهل في الإنتاج من لقاح الفيروس التاجي، لكن النكسات الحكومية في بروتوكولات الإنتاج والتصنيع والجرعات أسفرت عن 11 مليون جرعة فقط: مما أثار غضبًا وطنيًا. وبحلول تلك المرحلة قدًر مركز السيطرة على الأمراض أن 22 مليون أمريكي أصيبوا، و36000 طفل في المستشفى، وتوفي 540 طفلاً.

إدارة بايدن تعترف بأن الحظ والمصادفة لعبا دوراً في مواجهة الأوبئة:

وانتهى المقال إلى تغير موقف الديمقراطيين حول الإدارة الأمريكية للأوبئة عقب ظهور فيروس كورونا، فكان الديمقراطيون على استعداد بالاعتراف بأنهم تفادوا رصاصة قاتلة، وذلك وفقاً لتصريحات رون كلين، المعين من قبل إدارة أوباما لقيادة جهود مكافحة فيروس أيبولا  وكبير الموظفين بمكتب نائب الرئيس جو بايدن آنذاك، فقال عام 2019 أي قبل ظهور فيروس Covid-19  “لقد ارتكبنا كل خطأ ممكن، فقد أصيب 60 مليون أمريكي بفيروس  H1N1 في تلك الفترة الزمنية  ومن حسن الحظ والمصادفة ألا يكون واحدًا من أكبر أحداث الخسائر الجماعية في التاريخ الأمريكي، فلا علاقة لنا بعمل أي شيء صحيح؛ فقط  الأمر تعلق بالحظ، إذا كان أي شخص يعتقد أن هذا لا يمكن أن يحدث مرة أخرى، فلا داعي للعودة إلى عام 1918، فقط عد إلى عام 2009 و 2010، فتخيل فيروس ذو قدرة فتاكة مختلفة،  ويمكنك فقط إجراء الحسابات “.

وفي ظل الحسابات التي تحدث عنها كلين فقد سجلت الولايات المتحدة حوالي خمسة ملايين حالة إصابة بفيروس كورونا و170 ألف حالة وفاة، وبالمقارنة مع معدلات انتشار H1N1 ومعدلات الوفيات Covid-19 فكان من الممكن أن يؤدي إلى وفاة ما يقرب من مليوني شخص.

ختاماً

فبينما كان رد إدارة ترامب “معيبًا” خاصةً فيما يتعلق بالتأخيرات الأولية في إجراء الاختبارات، لكن وقياساً بما فعل الديموقراطيون ذات مرة، بأنه لا يوجد سوى الكثير الذي يمكن للحكومة فعله “للسيطرة” على الفيروس، أما بالنسبة لتوزيع المعدات وتوفير الأدوية المضادة للفيروسات وتطوير اللقاح فقد وصلت الاستجابة الحالية حتى الآن غلى تجاوز استجابة عامي 2009 – 2010.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى