
بلومبرج: الكشف الجديد في البحر الأسود لن يثني أردوغان عن التنقيبب في المتوسط
عرض – رحمة حسن
أشارت وكالة “بلومبيرج” إلى أن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اكتشاف أكبر حقل للغاز في البحر الاسود لن يثنيه عن التنقيب في المتوسط والذي رفضه الاتحاد الأوروبي من قبل، وتناولت كيف أدى هذا الإعلان إلى ارتفاع سعر الليرة التركية مقابل الدولار، وأدى إلى ارتفاع مؤشرات البورصة لشركات التنقيب على البترول، إلا أن موقع “ترك برس” وصف هذا التقرير بأنه مجرد ادعاءات لوسائل الإعلام، ومزاعم لـ”بلومبيرج.”.
اكتشافات الطاقة لتركيا في البحر الأسود وانتظار أخبار مماثلة في المتوسط
أشارت شبكة “سي إن إن” إلى تصريحات أردوغان بأن تركيا بدأت في استغلال حقل غاز صقاريا المكتشف”، وأضاف إنه “ينتظر أخبار سارة ممثالة في المتوسط”. ورجحت وكالة بلومبيرج أن اكتشاف تركيا للطاقة في البحر الأسود على الأرجح سيكون غازًا طبيعيًا حسبما صرح شخصان على دراية مباشرة بالأمر، لكنهما لم يعطيا أي مؤشر على حجم وعمق الاكتشاف ولأي مدى صعوبة استخراجه، وجاءت تلك التصريحات عقب وعود الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالإعلان عن “أخبار سارة” للشعب التركي يمكنها أن توصل تركيا إلى عقد جديد، كما تعهد بمواصلة التنقيب عن الطاقة في المتوسط وهي المنطقة الإقليمية المتنازع عليها والتي أثارت الخلافات مع الاتحاد الأوروبي؛ فيما امتنع مكتب الرئيس عن التعليق.
تصريحات أردوغان ساهمت في ارتفاع سعر الليرة والبورصة التركية
تتزامن هذه التصريحات مع استمرار ارتفاع الليرة التركية مقابل الدولار عقب تلك الأخبار المتداولة بنسبة ١.٢% في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، وشهد مؤشر بورصة إسطنبول ١٠٠ القياسي أيضًا ارتفاعًا بنسبة ٣%، فقد أسهمت تصريحات أردوغان إلى قفز أسهم شركتي مصافي النفط التركية “توبراز” (Tupras) و”بتكيم للبتروكيماويات القابضة” (Petkim Petrokimya Holding) بنسبة ٧.٦% و9.9 % على التوالي.
وفي سياق متصل، أوضح تقرير بلومبيرج أن اضطراب السوق أدى إلى انخفاض الليرة إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، لكن البنك المركزي اختار تشديد السياسة عن طريق التخفي وتجنب تغيير سعر الفائدة القياسي الذي رفضه أردوغان، والذي يواصل الدعوة إلى خفض تكاليف الاقتراض، ومن المفترض أن تجتمع لجنة السياسة بالبنك المركزي للنظر في الأسعار. وصرح وزير الخزانة والمالية التركي، بيرات البيرق، حول مفاجأة أردوغان السارة بأنها بمثابة تغير محوري لتركيا وستمثل مرحلة هامة لها”.
سفينتا الفاتح وياووز وعمليات التنقيب عن الغاز
وأشارت بلومبيرج إلى تصريحات وزير الطاقة فاتح دونماز الشهر الماضي بأن سفينة الفاتح بدأت بالتنقيب في منطقة “تونا-1” الواقعة قبالة مدينة إيريجلى التركية، وتتمتع السفينة وفقًا لموقع “ترك برس” بتكنولوجيا الجيل السادس، وبإمكانها إجراء عمليات تنقيب حتى عمق 12 ألف و200 متر وفي الأعماق ذات الضغط المرتفع.
وتقع تونا -1 على بعد حوالي 150 كيلومترًا من الساحل التركي بالقرب من منطقة تلتقي فيها الحدود البحرية لبلغاريا ورومانيا وليست بعيدة عن كتلة نيبتون الرومانية، ووصفه تقرير بلومبيرج بأنه أكبر اكتشاف للغاز في البحر الأسود منذ عقود تم اكتشافه قبل ثماني سنوات من قبل بتروم وإكسون، وتقوم سفينة الفاتح بعمليات حفر في منطقة تونا -1 منذ منتصف يوليو تقريبًا وفقًا لموقع البحرية التركية.
واعتبر أردوغان وفقاً لشبكة “سي إن إن” سفينة الفاتح هي سبب في جعل تركيا من مصاف الدول الكبرى، وكذا سفينتي “ياووز والقانوني”، فقد قامت سفينتا الفاتح وياووز بإجراء 9 عمليات حفر في المياه العميقة في البحرين الأسود والمتوسط.
مشاريع التنقيب وتوقع تراجع عمليات الاستيراد عبر خط ترك ستريم
ونقل تقرير بلومبيرج عن الخبير الاستراتيجي تيموثي آش بشركة “بلو باي أسيت مانجمنت” في لندن، قوله على تويتر “كانت هناك اكتشافات في البحر الأسود سابقًا، ولكن على نطاق محدود. ونظرًا لتكاليف الاستيراد السنوية التي تبلغ قيمتها ما بين 35 إلى 50 مليار دولار، فإن تركيا تحتاج إلى مشروع كبير لتغيير قواعد اللعبة”.
وأضاف التقرير أن رومانيا تمتلك مشاريع غاز في المياه الضحلة، لكن الاكتشاف الرئيسي للمياه العميقة قامت به شركة”OMV Petrom SA” قبل ثماني سنوات، ولم يتم استغلاله بعد. كما تقوم شركة مدعومة من مجموعة “كارلايل بالتنقيب بالقرب من رومانيا، بهدف الحصول على الغاز في عام 2021، وقد قامت شركة روسنفت بالتنقيب في الجزء الروسي من البحر الأسود ولكن دون الوصول لنتائج ملموسة.
ونقلت بلومبيرج تصريحات كريستوف ميركل العضو المنتدب لشركة “ميركل انرجي للاستشارات Merkel Energy “، بأنه من غير المفاجئ أن يكون هناك مزيد من اكتشافات الغاز في تلك المنطقة”، وأضاف أن “دول مثل بلغاريا وأوكرانيا واليونان من بين أكثر الدول اهتمامًا بشراء هذا الغاز، إذا ما قررت تركيا تصديره.”، وتوقع أنه وفقًا لحجم الاكتشافات فإنه من المرجح أن تتراجع عمليات الاستيراد عبر خط ترك ستريم، وهو الخط الناقل للغاز بين تركيا وروسيا، وتساءل عن أسباب استمرار تركيا في استيراد الغاز من روسيا في هذه الحالة. هذا وقد افتتحت شركة الغاز العملاقة “غازبروم “Gazprom PJSC الروسية خط أنابيب ترك ستريم عبر البحر الأسود لزيادة حصتها السوقية في تركيا وتقليل اعتماد روسيا على أوكرانيا كطريق عبور لإمدادات الطاقة.
رفض أوروبي للتصرفات التركية في المتوسط وخلافات تاريخية مع قبرص
يأتي الاكتشاف التركي وسط خلافات إقليمية مع اليونان وقبرص حول النشاط التركي في شرق المتوسط لبحث عن النفط والغاز في المياه الإقليمية المتنازع عليها، وعززت فرنسا وجودها العسكري مؤقتًا لدرء الخطوات التركية، وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن قلق الاتحاد الأوروبي من التوترات المتزايدة في المتوسط. وذلك عقب استئناف أنقرة عمليات التنقيب في مياه البحر المتوسط الأسبوع الماضي بعد انهيار مفاوضاتها مع اليونان بوساطة ألمانية، عندما أعلنت أثينا اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع مصر – كرد فعل لاتفاق مماثل بين تركيا وليبيا،
كما خطط قادة الاتحاد الأوروبي بالفعل لعقد اجتماع طارئ في سبتمبر لمناقشة الوضع في شرق المتوسط ، وشددوا على الحاجة إلى ضرورة تهدئة الأمور، فقد أعرب 27 رئيس دولة وحكومة عن “تضامنهم الكامل مع اليونان وقبرص مؤكدين على ” الأنشطة غر القانونية للجانب التركي في التنقيب بالمتوسط”.
ووفقاً لتصريحات أردوغان “إن الضغط الأوروبي لن يجعله يغير اتجاهه في التنقيب عن الطاقة في المتوسط”، كما أشار موقع “ترك برس” إلى تصريحات أردوغان خلال مشاركته في افتتاح مصنع لتقنيات الطاقة الشمسية بأنقرة إنه لايمكن لأي قوة استعمارية أن تثني بلاده عن التنقيب وحرمانه من مصادر النفط والغاز الطبيعي فيشرق المتوسط، وأكد إصرار تركيا على حماية ما أسماه بحقوقها في المتوسط حتى النهاية.
كما صرح أردوغان في وقت سابق بأن “صراع تركيا من شرق المتوسط إلى ليبيا لا يتعلق بحقوقها بل مستقبلها”، فيما قالت البحرية التركية إنها بدأت تدريبات متتالية في شمال غرب قبرص سيستمر حتى 28 أغسطس.
جدير بالذكر، إن تركيا على خلاف مع قبرص بشأن احتياطيات الغاز في المنطقة البحرية حول الجزيرة، باعتبار جمهورية قبرص هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ولها سيادة رسمية على الجزيرة بأكملها، لكنها منقسمة فعليا منذ أن استولى الجيش التركي على الثلث الشمالي عام 1974 بعد محاولة انقلاب سعى خلالها المجلس العسكري في أثينا إلى توحيد قبرص مع اليونان. الخلاف هو واحد من عدة نزاعات يسعى فيها أردوغان إلى إعادة تأكيد تركيا كقوة إقليمية، والتي بدأت بالتدخل في صراعات سوريا وليبيا إلى جانب الضربات في العراق.
باحثة بالمرصد المصري