دول الخليج العربي

قراءة في التعديل الوزاري بسلطنة عُمان

أصدر سلطان عُمان هيثم بن طارق، الثلاثاء 18 أغسطس 2020، 28 مرسوماً سلطانياً تتعلق بتشكيل مجلس الوزراء، والتعيين في بعض المناصب وتغيير هياكل عدد من الوزارات التنظيمية كما تم تغيير أسماء بعضها الآخر، ويحاول هذا التقرير رصد أبرز التعديلات الوزارية في سلطنة عُمان، وما هي دلالات التغيرات الوزارية.

طبيعة التعديلات الوزارية

  • تم إعادة تشكيل مجلس الوزراء برئاسة السلطان هيثم بن طارق، وتعيين فهد بن محمود آل سعيد نائبا لرئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، إضافة إلى تعيين شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد (شقيق السلطان) نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وبذلك قد أحتفظ السلطان هيثم بن طارق بمناصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات المسلحة.
  • ونجد أن أبرز التغيرات تتعلق بتعيين وزيراً للشؤون الخارجية وآخر للمالية، بعد أن كان سلطان البلاد يشغل المنصبين، فقد تم تعيين بدر بن حمد البوسعيدي وزيراً للخارجية العمانية خلفاً ليوسف بن علوي، واستبدال تسمية الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بـ “وزير الخارجية”. كما تم تعيين سلطان بن سالم الحبسي، وزيراً للمالية، خلفاً للوزير درويش بن إسماعيل البلوشي.
  • كما نصت المراسيم السلطانية على إنشاء وزارة الثقافة والرياضة والشباب وتعيين نجل السلطان ذي يزن بن هيثم بن طارق وزيراً لها، ودمج وزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية باسم وزارة العدل، وإنشاء وزارة العمل، وأخرى للاقتصاد، وثالثة باسم وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.
  • وفيما يتعلق بالوزرات التي تم تغيير تسميتها، فقد قضت مراسيم السلطان هيثم بن طارق تعديل مسميات الوزرات الأتية: 
  • تعديل مسمى وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى مسمى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.
  •  تعديل مسمى وزارة الإسكان إلى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.
  •  تعديل تسمية وزارة النفط والغاز إلى وزارة الطاقة والمعادن.
  • تعديل تسمية ووزارة التجارة والصناعة إلى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
  • تعديل تسمية وزارة التعليم العالي إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
  • وقد صدر مرسوم بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية “عمان 2040″، وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، وإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية، وتحديد اختصاصات وزارة الداخلية واعتماد هيكلها التنظيمي.
  • كما تم تعديل بعض أحكام المرسومين السلطانيين بإنشاء جهاز الضرائب وإصدار نظامه واعتماد هيكله التنظيمي، كما قرر تعديل بعض أحكام المرسومين السلطانيين بإنشاء المركز الوطني للإحصاء والمعلومات وإصدار نظامه.
  • كما تقرر إنشاء الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وتحديد اختصاصاتها، وإنشاء هيئة البيئة وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي. كذلك تُنشَأ هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع تحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، وإلغاء بعض المجالس المتخصصة (مجلس الشؤون المالية وموارد – الطاقة – مجلس التعليم).

دلالات التغيرات الوزارية

يعد هذا التعديل الوزاري الذى أجراه السلطان العُماني هيثم بن طارق هو الأكبر منذ تولي السلطان العماني، الذى يستهدف إعادة هيكلة للكثير من مفاصل الدولة، فقد تعهد السلطان العُماني هيثم بن طارق منذ توليه منصبه حاكماً، في 11 يناير2020، بتحديث الجهاز الإداري للدولة، وتطوير آليات صنع القرار الحكومي، ورفع كفاءة الشركات الحكومية وتعزيز مساهمتها في المنظومة الاقتصادية، وفيما يلى أبرز دلالات التغيرات الوزارية: 

العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية: 

يعاني الاقتصاد العماني من عجز متراكم في ميزانية البلاد، خاصة في ضوء تفشي فيروس كورونا، وما صاحبه من تعطل للنشاط الاقتصادي، مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الذي يمثل مصدر الدخل الرئيسي للسلطنة.

 ويسعى السلطان هيثم بن طارق تطوير اقتصاد البلاد، حيث تستهدف السياسات الاقتصادية الجديدة معالجة الاختلالات المالية المزمنة وترشيد الإنفاق وتطبيق إصلاحات هيكلية بما يحافظ على الاستقرار الداخلي، ولذلك جاءت  التعديلات الوزارية، لإحداث تطور حقيقي في أداء الحكومة العمانية في مجال تسهيل الاستثمار ومواجهة البطالة، حيث ترتفع نسبة البطالة بين الشباب العماني .

العمل على تحقيق رؤية 2040

يعد إصدار مرسوم بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية “عمان 2040″، بأن سلطنة عُمان جادة في تحقيق التنمية الاقتصادية ونقل الاقتصاد العماني من حالته الريعية إلى الحالة الإنتاجية، ويتحقق ذلك من خلال تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية: السياحة، واللوجستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين.

وتهدف رؤية 2040 إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42% بحلول عام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تهدف السلطنة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد لكي يصل إلى معدل نمو يبلغ 6%، ومن المتوقع أن تسهم القطاعات غير النفطية بنسبة 93% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسعى سلطنة عًمان الانتقال  إلى مصاف الدول المتقدمة في العديد من المجالات بتحقيق رؤية 2040، ووضع  الاقتصاد العُماني على خارطة الاقتصاد العالمي خلال العقدين المقبلين وما بعدهما، ويتم كل ذلك بالاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي الفريد الذي تتميز به السلطنة؛ لكونه في قلب طريق التجارة العالمي.

ضخ دماء جديدة في حقيبة الخارجية: 

نجد أن السياسة الخارجية في عهد السلطان هيثم بن طارق، تتركز على  السير على نهج السلطان الراحل  “قابوس بن سعيد”، حيث تنتهج سلطنة عُمان في سياستها الخارجية استراتيجية الحياد وعدم الانحياز إلى أي طرف.

وفيما يتعلق  بالتغيرات  التي تتعلق بتعيين وزيراً جديداً للخارجية، ما هو لضخ دماء جديدة وليس تغيراً  في مرتكزات السياسة الخارجية العُمانية، ونجد أن توجهات وزير الخارجية الجديد تتطابق مع  هذه المرتكزات،  وفيما يلى استعراض السيرة الذاتية لوزير الخارجية العًماني الجديد “بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي”  على النحو التالي:   

  • يعد “بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي” من مواليد مايو 1960، في مسقط، وقد حصل على ماجستير في السياسة والفلسفة والاقتصاد بجامعة أكسفورد عام 1986.
  • قد انضم إلى وزارة الخارجية العمانية  عام 1989، وعين سكرتيراً أول، وترقى عام 1990 إلى منصب مستشار، ثم سفير سنة 1996؛ وقد  ترأس عام 1997 دائرة مكتب وزير الخارجية، قبل ترقيته سنة 2000 إلى أمين عام وزارة الخارجية.
  • لديه علاقات جيدة بفرنسا، فقد سلمه  الرئيس الفرنسي ‎إيمانويل ماكرون في عام  2019، وسام “جوقة الشرف الوطني”، نظراً  لجهوده وإسهاماته في تعزيز العلاقات العمانية الفرنسية، كما تسلم كذلك وسام نجمة إيطاليا في 2015.
  • يرى أن هناك عدد من المبادي التي تتركز عليها السياسة الخارجية العُمانية ، أبروها يتمثل في السعي الدائم لحل النزاعات بالطرق السلمية، وانتهاج أسلوب الحوار وتحقيق التفاهم وبناء العلاقات المتبادلة، والتأكيد على أن السلطنة تتعامل مع كل الدول والقضايا الإقليمية على أسس من المساواة والشفافية، واعتبر أن العلاقات الدولية والمصالح المشتركة تحتم على السلطنة الوقوف موقفاً إيجابياً يساعد دول العالم والمنظمات الدولية على حفظ السلم والأمن والاستقرار في المنطقة. 

الاهتمام بالشباب العماني: 

 يرتكز السلطان “هيثم” على الشباب للإعداد لمستقبل سلطنة عُمان في إطار رؤية 2040، ومن أجل ذلك تم إنشاء وزارة الثقافة والرياضة والشباب وفقاً للمراسيم السلطانية، فهناك اهتمام من جانب السلطان هيثم بن طارق بعنصر الشباب، فقد ساهمت المناصب الثقافية والرياضية التي شغلها في تحقيق تواصل بينه وبين الشباب، كما أنه عقد كثير من اللقاءات مع الشباب العماني لتوضيح رؤية 2040، حينما كان يرأس اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عُمان 2040، فقد تولى رئاسة اللجنة في عهد السلطان الراحل ” قابوس في ديسمبر 2013.

في الختام، 

تهدف التعديلات الوزارية في سلطنة عُمان تحقيق الاستقرار في الشأن الداخلي، وأن هناك أولوية لإصلاح الشأن الاقتصادي من خلال اتباع سياسات تهدف إلى تشجيع الاستثمارات ومواجهة العجز في الموازنة المالية للدولة، وتوفير المزيد من فرص العمل. أما فيما يتعلق بالسياسات الخارجية للسلطنة يبدو أن الإبقاء على السياسات القائمة ستظل كما هي.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

أسماء عادل

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى