تركيا

التليجراف البريطانية: تركيا تمنح جنسيتها لعناصر حركة حماس

عرض – محمد منصور

في مقاله المنشور أمس في الموقع الإلكتروني لصحيفة تليجراف البريطانية تناول مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط جيمس روثويل تفاصيل الخطط التركية لتجنيس بعض المنتمين إلى حركة حماس الفلسطينية التي تصنف على أنها من روافد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في عدة دول. الكشف عن هذه الخطة أثار تساؤلات حول أهداف أنقرة منها، وما إذا كانت هذه الخطوة سوف تعطي هامش حرية أكبر لعناصر حماس لشن هجمات على مواطنين إسرائيليين في جميع أنحاء العالم.

تفاصيل هذه الخطة بدأت في الظهور تدريجيًا بعد حصول صحيفة التليجراف على أوراق ثبوتية وهويات تركية اتضح بعد فحصها أن قياديًا واحدًا على الأقل من ضمن 12 قياديًا في حركة حماس ممن يتخذون أنقرة كمركز رئيسي للعمليات والتمركز قد حصل على الجنسية التركية. وحسب مصدر أمني رفيع تحدث مع الصحيفة البريطانية فقد حصل بالفعل 7 قياديين من ال 12 قياديًا على الجنسية التركية، وباتوا يمتلكون جوازات سفر سارية، في حين تجري حاليًا عملية تجنيس الخمسة قياديين الآخرين، وحتى تنتهي هذه العملية يستخدم هؤلاء أسماء تركية مستعارة؛ لإخفاء هويتهم الحقيقية أثناء وجودهم على الأراضي التركية.

وأشارت التليجراف إلى أن عدة دول ومنظمات غربية قد حظرت في أوقات سابقة حركة حماس وأنشطتها، حيث صنفت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحركة كمنظمة إرهابية، وحظرت بريطانيا جناح الحركة العسكري. ترد الحركة على اتهامها بالإرهاب بالقول إن هدفها الأساسي هو تحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، وتأسيس نظام حكم إسلامي التوجه فيها.

تركيا من جانبها، تؤكد دائمًا على أن حركة حماس هي حركة سياسية شرعية تم انتخابها ديمقراطيًا من قبل الفلسطينيين في قطاع غزة، وفيما يتعلق بقياديي الحركة على الأراضي التركية أفاد مصدر رفيع للصحيفة، أنهم “ليسوا مقاتلين ميدانيين، ولكنهم من كبار قادة الحركة خارج قطاع غزة، ويقومون في الوقت الحالي بشكل منتظم ومكثف بجمع الأموال والتبرعات لصالح الحركة، وكذا توجيه ومساعدة المقاتلين؛ لتنفيذ أنشطتهم وهجماتهم”. وأضاف هذا المصدر “أن الحكومة التركية على ما يبدو، رضخت لضغوط الحركة، وبدأت في منح الجنسية التركية لعناصرها، مما سيسمح لهم بالسفر بشكل أكثر حرية حول العالم، وهو ما سيعرض الدول الأخرى لمخاطر أمنية، خاصة تلك التي سبق وصنفت حركة حماس كجماعة إرهابية”.

حاولت الصحيفة التواصل مع المتحدث باسم الحكومة التركية للتعليق حول هذا الموضوع لكنه رفض، واعتبر أن كل ما ورد في هذا الإطار لا يعتد به، كونها حسب رأيه مجرد مزاعم لا أساس لها تطلقها حكومات غربية ضد الحكومة التركية. نفس هذا الموقف اتخذه مسؤول كبير في حركة حماس، حيث أصر على أن أعضاء الحركة لا يعملون خارج الأراضي الفلسطينية، وليست لهم أية أنشطة إرهابية.

ويرى كاتب المقال أنه من المرجح أن يثير الكشف عن خطة التجنيس هذه مخاوف الحكومة الإسرائيلية وحلفائها الغربيين، خاصة وأن تل أبيب حذرت أنقرة مرارًا من خطورة أنشطة حركة حماس على الأراضي التركية.

جدير بالذكر، أنه يحق لحاملي جوازات السفر التركية، السفر إلى دول عديدة دون تأشيرة مسبقة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وصربيا، كما أن أنقرة تحاول حاليًا مد نطاق هذه الامتيازات لتشمل كافة دول الاتحاد الأوروبي، وهذه النقطة بالذات هي أكثر ما يثير قلق تل أبيب، لأنه في حالة حدوث ذلك ستصبح الفرصة سانحة لحركة حماس كي تستهدف المواطنين الإسرائيليين العاملين والمقيمين على أراضي دول الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى.

الكشف عن هذه الخطة أتى بعد تحقيق سابق أجرته الصحيفة تناولت فيه استضافة أنقرة لبعض أعضاء حركة حماس الذين خططوا لشن عمليات ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي التركية، ومنها محاولة لاغتيال رئيس بلدية القدس، وقد نفت تركيا حينها هذه الأنباء مؤكدة أنها لم تسمح لأعضاء الحركة، بالتخطيط لأي هجمات، انطلاقاً من أراضيها، لكن اتضح أن المخطِط الرئيسي لمحاولة اغتيال رئيس بلدية القدس وهو القيادي في حركة حماس زكريا نجيب كان قد حصل سابقًا على الجنسية التركية، كما تفيد معلومات أخرى أن جهاد يعمور وهشام حجاز وهما قياديين كبيرين في الحركة قد حصلا أيضًا على الجنسية التركية، كما أنه في بعض الحالات تم منح الجنسية التركية لأفراد عائلات قياديي الحركة الموجودين على الأراضي التركية، وعلى رأسهم عائلات الاثنى عشر قياديًا الذين تم ترحيلهم عام 2011 من إسرائيل إلى تركيا بموجب صفقة التبادل بين حركة حماس وإسرائيل، والتي بموجبها تسلمت تل أبيب الجندي الأسير جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.

في الوقت الحالي، يزور زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، العاصمة التركية، حيث من المقرر أن يعقد سلسلة من الاجتماعات مع كبار الشخصيات الحكومية التركية، قد يكون من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقد سبق والتقى الرجلان بإسطنبول في ديسمبر الماضي، ووقفا معًا لالتقاط الصور التذكارية، وصرح أردوغان حينها قائلً “سنواصل دعم إخواننا في فلسطين”.

على ما يبدو، لم تتخذ تركيا أية إجراءات حيال أنشطة حركة حماس على أراضيها، رغم التحذيرات الإسرائيلية المتكررة، وهو ما فاقم من الاتهامات الموجهة إلى حكومة رجب طيب أردوغان بدعم الإرهاب العابر للحدود، كما أن استمرار الدعم التركي للحركة أدى إلى توتر مستمر في العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب، وهذا سيساهم بشكل أكيد في زيادة المخاوف الغربية من النهج التركي الذي يتناسى حقيقة أن تركيا عضو في حلف الناتو ورغم ذلك عقدا صفقة مثيرة للجدل مع روسيا لشراء أنظمة الدفاع الجوي إس-400.

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى