
معهد إسرائيلي يتساءل: هل تدخل إيران والصين في شراكة استراتيجية طويلة المدى؟
عرض – هبة شكري
نشر معهد دراسات الأمن القومي بإسرائيل، بتاريخ 23 يوليو، تقريرا حول الاتفاقية الأمنية- الاقتصادية المرتقبة بين الصين وإيران.
ووفقا للتقرير، فقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مسودة اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عامًا بين إيران والصين، سربتها مصادر في طهران، وهو ما أثار استياء بكين.
وبحسب المسودة، ستحظى الصين بالأولوية في استثمارات البنية التحتية بمليارات الدولارات في إيران، بالإضافة إلى إمداداها بصورة منتظمة بالنفط والغاز بتكلفة منخفضة، فضلاً عن ذلك، فالاتفاق يتضمن تعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وتوقع التقرير أن العمل على الاتفاقية بدأ في أعقاب زيارة تشي جين بنج لإيران عام 2016، لكن سياسة الصين في هذا الصدد ترتكز على تحقيق التوازن بين المكاسب الاقتصادية والحفاظ على العلاقات مع دول الخليج؛ لذا استبعد التقرير إمكانية ترويج الصين لتحالف عسكري مع إيران، حرصاً على علاقاتها مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، كما رأى التقرير انه حتى إذا قامت بكين التوقيع، فليس هناك ما يضمن أن يتم تنفيذ بنودها.
وفيما يخص تفاصيل الاتفاق، نصت الوثيقة المسربة التي تتكون من 18 صفحة، على شراكة استراتيجية مدتها 25 عام بين الدولتين، تتضمن منح الصين أولوية الاستثمار في مجال البنية التحتية في إيران، بالإضافة إلى التعاون في مجال الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، كما أشار الاتفاق إلى إمكانية إجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين الجانبين، فضلا عن تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لتصنيع الأسلحة.
وذكر التقرير أن الاتفاقية تعد امتداداً لتطور العلاقة بين الدولتين بعد زيارة الرئيس الصيني عام 2016 وذلك بعد أن تم الإعلان عن أن العلاقة بينهما تعد “شراكة استراتيجية شاملة”، وهو الوصف ذاته التي استخدمته الصين لوصف علاقتها بعشرين دولة خلال الزيارة ذاتها، من ضمنها المملكة العربية السعودية.
وأضاف التقرير أنه خلال الأربع سنوات الأخيرة، فإن العديد من الاتفاقات التي تمت بين طهران وبكين ظلت حبرا على ورق، فضلاً عن قيام بنك “كونلون” الصيني بتحديث قائمة الشركات الإيرانية الخاضعة للعقوبات الأمريكية بانتظام، ورفض منحها الائتمان، وعلى الصعيد الآخر، واصلت الصين استيرادها النفط من إيران عبر ماليزيا، ولم تُعلن بكين عن الكميات الحقيقية التي تقوم باستيرادها.
وأكد التقرير حرص القادة الإيرانيين، وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني، على توقيع الاتفاق الذي يتطلب موافقة البرلمان في مارس 2021، في حين رأى المعارضون أن إيران ستصبح بموجب الاتفاق محمية صينية، خاصة بعد تنازل إيران عن جزيرة “كيش” والسماح بتمركز ألاف الجنود الصينيين في الأراضي الإيرانية‘، فضلاً عن انتقادهم لاضطهاد الصين للأقلية المسلمة من الإيغور.
ووفقاً للتقرير، فإن الاتفاق يحمل أهمية كبرى بالنسبة لإيران، خاصة في تلك المرحلة التي تُعد الأصعب على إيران، حيث تعاني من أزمة اقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية، وهبوط أسعار النفط، فضلاً عن آثار فيروس كورونا، وتفاقم موجة الاحتجاجات على مدار العامين الماضيين، كل ذلك بجانب مقتل قائد فيلق القدس “قاسم سليماني”، وإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية، والضغط الأمريكي في مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر الأسلحة على إيران، بالإضافة إلى التهديدات باستئناف كافة العقوبات التي تم فرضها قبل توقيع الاتفاق النووي.
لذا فإن توقيع اتفاق طويل واسع الأمد مع الصين، يُعد فرصة لإيران، فهو قادر على تغيير التوازن، الإقليمي والدولي، لصالح إيران، حيث أن الاستثمارات الصينية من شأنها دفع الاقتصاد الصيني، وهو ما يخفف الضغط على إيران، ويعزز موقفها إذا ما تم استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة.
وبالنسبة للصين، أشار التقرير إلى أن هدف الاتفاق، حال تم توقيعه، هو اقتصادي بالأساس، لأنه يمنح الصين مميزات على المدى الطويل، بما في ذلك تطوير حقول النفط وواردات الطاقة بأسعار منخفضة، ورأى التقرير أن الصين غالباً ما تستغل حالة الضعف السياسي لتنفيذ شروطها. وذكر التقرير تطور العلاقات بين كل من الصين ودول الخليج خلال السنوات الأخيرة، واعتبارهم بمثابة شركاء استراتيجيين، وهو ما تأخذه الصين في الاعتبار خلال عقدها للاتفاق، وبالتالي، ستحرص على الحد من مخاوف دول الخليج فيما يخص علاقتها مع إيران حتى لا تتأثر العلاقات الصينية الخليجية.
ألمح التقرير أيضاً إلى أن كل من الصين وإيران، لديه مصلحة في الإعلان عن الاتفاق قبل بضعة أشهر من الانتخابات الأمريكية، وهو ما يمكن أن يستخدم للضغط على الإدارة الأمريكية.
وبالنسبة لتداعيات الاتفاق على إسرائيل، استبعد التقرير أن يمس الاتفاق علاقة الصين بإسرائيل، حيث أنه لا ينص على إنشاء تحالف عسكري، ويحمل طابعاً اقتصادياً في الأساس؛ إلا أن ما قد يدفع بالصين لإعادة النظر في الاتفاق قد يأتي في سياق مخاوف بكين من إمكانية شن هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية وزعزعة استقرار المنطقة، وبالتالي يؤثر على المصالح الاقتصادية للصين.
واختتم التقرير بالتأكيد على ضرورة أن تقوم إسرائيل بإبراز عواقب النشاط الإيراني على زعزعة استقرار المنطقة للمسئولين الصينيين رفيعي المستوى.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية