شرق المتوسط

ما بعد الترسيم.. أنقرة تشن دعاية سوداء ضد القاهرة وأثينا

وقعت كلٌ من مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إلى القاهرة يوم الخميس 6 أغسطس. ويأتي الاتفاق بين مصر واليونان على خلفية تفاهمات بين البلدين في ضوء التنسيق المستمر منذ تأسيس منتدى شرق المتوسط، في سياق اتفاقية الأمم المتحدة للبحار المبرمة عام 1982، ومن ثم مع قواعد القانون الدولي العام. ويتيح هذا الاتفاق لكلا الجانبين المضي قدما في تعظيم الاستفادة من الثروات المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة وخاصةً الثروات النفطية واحتياطيات الغاز الواعدة.  

غير أن هذه الخطوة لاقت غضب ورفض جاء تركي على لسان وزارة خارجيتها بزعم أنها تمس الجرف القاري التركي وعليه فلا توجد حدود بحرية بين مصر واليونان من الأساس. ولم يكتفِ الجانب التركي بمعارضة الاتفاق اليوناني-المصري، بل سارعت بشن حملة تشويه بدأت بالحديث عن تنازلات مصرية في منطقتها الاقتصادية الخالصة للجانب اليوناني ثم تحولت إلى ترويج رواية معاكسة لها مفادها أن اليونان هي من تنازلت عن جزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة لحساب الجانب المصري، ما أثار حفيظة المعارضة اليونانية على ماهية هذا الاتفاق. 

المعارضة اليونانية تتبنى الإدعاءات التركية؟!

تبنت بعض القوى داخل اليونان الرواية التركية المغلوطة حيث اتهمت الأحزاب المعارضة المكونة للبرلمان اليوناني الحكومة بتقديم تنازلات لمصر وعدم مراعاة حق الجزر اليونانية في الجرف القاري للبلاد. وتتركز الاعتراضات في نقطتين:

  • الاتفاقية المصرية-اليونانية لترسيم الحدود البحرية لا تعكس استراتيجية وطنية يونانية شاملة؛ وتحول دون إمكانية تمديد المياه الإقليمية جنوب وشرق جزيرة كريت، أكبر جزيرة في بحر إيجه، والمطالبة بفرض عقوبات أوروبية ضد الانتهاكات التركية ضد الجرف القاري اليوناني.
  •  الاتفاقية المبرمة بين مصر واليونان من شأنها أن تعقد قضايا ترسيم الحدود البحرية؛ فهي لم تتطرق للمناطق الاقتصادية الخالصة لكل من جزيرة كاستيلوريزو، وجزيرة رودس، ومجمع جزر دوديكانيز، وبالتالي تبقى جزئية. 

تجاهل متعمد للحقائق

تعمدت الحملة التركية والرواية التى تتبناها المعارضة اليونانية على تجاهل عدد من الحقائق فى الإتفاقية والتى وفرت مكاسب على كلا الجانبين؛ أهم تلك الحقائق: 

  • ترتكز الاتفاقية المبرمة بين مصر واليونان إلى القواعد الدولية وفقاً لمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وتناولت بوضوح القواعد التي تحكم ما يسمى بالمياه الإقليمية والمياه الاقتصادية. ويأتي ذلك في؛
  • تبدأ المياه الإقليمية من نقطة التقاء اليابسة بالمياه عند الشاطئ وبعمق 12 ميل بحري، أمل المياه الاقتصادية فتبدأ من نفس النقطة وتمتد في البحر إلى 200 ميلاً إذا كانت المسافة بين الدولة والجار تزيد عن 400 ميل بحري
  • أما إذا كانت المسافة أقل من 400 ميل، فيتم ترسيمها بالاتفاق مع الدول المجاورة بطريقة متناسبة ومتساوية، ولا يجوز البحث عن الثروات البحرية في تلك المناطق إلا بعد التوافق حول أسلوب استغلال تلك الثروات بإنصاف مع الدول المتلاصقة والمتجاورة معاً، كما هي حالة مصر واليونان المتلاصقة معاً في الحدود البحرية. وبالتالي فإن ترسيم الحدود يحدد لكل دولة مناطقها الاقتصادية التي تمارس عليها البحث عن الثروات أو عمل مسح سيزمي. 
  • السبب الرئيسي خلف تشويه تركيا للاتفاقية المبرمة بين مصر واليونان هو أن ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين يلغي بالتبعية اتفاق تركيا وحكومة السراج كونه يغطي بعض المناطق التي شملتها الاتفاقية، غير القانونية في الأصل لأنها أبرمت مع حكومة لا تمثل الليبيين، ورفضها برلمانهم المنتخب.   
  • إضافةً إلى أن هذه الاتفاقية تعطي الحق لمصر واليونان في البحث والتنقيب عن في شرق المتوسط، كما أنها تعزز الشراكة بين مصر واليونان في مجالات عدة، منها الاستثمار العقاري والسياحة وغيرها. كما أنه بموجب هذه الاتفاقية ستتصدى الدولتين للتحركات التركية غير المشروعة في مياه البحر المتوسط، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة للتعاون الثنائي والإقليمي للاستفادة من ثروات شرق المتوسط من جانب ومواجهة الإرهاب من جانب آخر.  
+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى