الاقتصاد المصري

البورصة المصرية في طور التعافي: تأثير كوفيد-19 على قطاع البنوك

منذ أن ظهر فيروس كورونا في مدينة وهان الصينية في أواخر العام 2019 وانطلق منها إلى باقي دول العالم، انتاب الاقتصاد العالمي حالة من الذعر جراء التابعات الاقتصادية لإجراءات احتواء ذلك الفيروس التي تعتمد بالأساس حتى الان على تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي التي تتمثل في الاغلاق الكلي أو الجزئي لتقليل حركة المواطنين واحتكاكهم ببعضهم البعض، وبالطبع تأثرت الأسواق العالمية ومنها سوق الأوراق المالية المصري كأحد المؤسسات في المنظومة المالية العالمية. سنرصد ونقيم في سلسلة من التقارير كيف تأثرت البورصة المصرية خلال مراحل انتشار وانحسار فيروس الكورونا خلال النصف الأول من العام 2020.

يعتبر قطاع البنوك أحد أهم القطاعات بسوق الأوراق المالية المصري إذ انه يأتي في المرتبة الأولي بنسبة 29.5% من إجمالي رأس المال السوقي بقيمة رأس مال سوقي تبلغ 173.3 مليار جنية (حتى 30 يونيو 2020). تشكل قيم التداولات بالقطاع نسبة 24.8% من اجمالي التداولات بسوق الأوراق المالية وهي النسبة الأكبر بالمقارنة بالقطاعات الأخرى ومن ثم تبرز أهمية القطاع في سوق المال المصري كأكبر القطاعات بالسوق.

قطاع البنوك في أرقام

بالنظر عن كثب إلى البنوك المقيدة بذلك القطاع فيبلغ عددها عدد 11 بنك (مقيدة في عدد 12 سهم لوجود بنك فيصل الإسلامي المقيد مرتين بالجنية المصري والدولار الامريكي) وهم (البنك التجاري الدولي-مصر، البنك المصري الخليجي، مصرف أبو ظبي الأسلامي- مصر، بنك التعمير والإسكان، بنك قطر الوطني الأهلي، بنك الكويت الوطني – مصر، بنك كريدي أجريكول مصر، بنك قناة السويس شركة مساهمة مصرية، بنك البركة مصر، البنك المصري لتنمية الصادرات، بنك فيصل الاسلامي المصري بالجنيه وبالدولار).

تبلغ قيم تداولات القطاع قيمة 23.2 مليار جنية (10 مليار في الربع الأول، 13 مليار في الربع الثاني) وهي تمثل نسبة 24.8% من اجمالي التداولات بسوق الأوراق المالية التي تبلغ 93.6 مليار جنية (38 مليار للربع الأول، 55 مليار في الربع الثاني)، وقد تم تداول عدد 482.7 مليون سهم (210 ألف للربع الأول، 272 ألف للربع الثاني من العام 2020) في عدد 203.2 ألف عملية (92 الف عملية للربع الأول، 110 ألف عملية للربع الثاني)، مثلت تعاملات الأجانب منها صافي شراء بقيمة 1.06 مليار جنية ( 2.4 مليار صافي بيع في الربع الأول، 3.4 صافي شراء بالربع الثاني من العام 2020).

أداء قطاع البنوك المصري خلال النص الأول من العام

بدأ سوق الأوراق المالية المصري في الانخفاض متأثرا بالانخفاضات في الأسواق العالمية وقبل إعلان مصر عن اكتشاف أي حالات كورونا حيث انخفض السوق خلال شهري يناير وفبراير من العام 2020 بمقدار 12%، اتسم أداء قطاع البنوك خلال تلك الفترة بتحقيق أداء أفضل من أداء المؤشر حيث انخفض القطاع بمقدار 3% فقط، لكن مع بداية ظهور اكتشافات لحالات كورونا في مصر خلال شهر مارس وبداية التسارع في الإصابات التي وصلت في أخر مارس إلى 69 حالة جديدة يوميا، انتاب المستثمرين حالة من الذعر وتشابكت مشاعر المستثمرين مع مشاعر الخوف والاضطرابات تسطير على الأسواق العالمية وهو ما دفع سوق الأوراق المالية إلى الانخفاض بنسبة 22.6% خلال شهر مارس فقط لتصبح إجمالي الانخفاضات خلال الربع الأول من العام الحالي 32% بنهاية مارس، لكن قطاع البنوك ظل يحقق أداء أفضل من المؤشر حيث انخفض بمقدار 22% خلال نفس فترة المقارنة وهو أفضل بنسبة 10% تقريبا من المؤشر العام (انخفاض 22% للبنوك، مقابل 32% للمؤشر الثلاثينى)، يوضح الشكل التالي أداء المؤشر الثلاثينى و قطاع البنوك (المحور الايسر)، و عدد الحالات الجديدة التي يتم اكتشافها يوميا من حالات الإصابات بفيروس كوفيد-19 (المحور الأيمن)

 بلغت ذروة اكتشاف الحالات الجديدة للمصابين بفيروس كوفيد-19 في مصر ذروتها في شهر يونيو ويوليو وقد اتسم سوق الأوراق المالية بالتذبذب بين مستويات 10000 و 11000 خلال تلك الفترة، لكن مع تحسن البيانات وبداية انخفاض معدل الحالات الجديدة المكتشفة من الكورونا استطاع السوق تعويض (ارتفع) نسبة 8% من اجمالي الانخفاضات التي حققها لينخفض السوق بنسبة 24% وقطاع البنوك بنسبة 21% حتى نهاية شهر يوليو.

من الجدير بالذكر أن أداء سوق الأوراق المالية بالطبع سيتحسن مع الاستمرار في معدلات الانخفاض في حالات الكورونا المكتشفة يوميا، خاصة وأن البيانات الأخيرة تشير إلى انخفاض عدد الحالات المكتشفة بشكل كبير لتصل إلى 238 حالة يوميا (وفقا لتاريخ 1.8.2020، مقارنه بعدد 1503 بتاريخ 1.7.2020)، وهو ما يعني وجود تحسن كبير في وضع كوفيد-19 في مصر، لكن من المحتمل أن يتأخر السوق في الاستجابة والسبب الرئيسي في ذلك هو أن راس المال بطبيعته يخشي المخاطرة وحالات عدم التأكد ولذا، فإن الانخفاضات عادة ما تكون حادة وقوية لكن الصعود غالبا ما يحتاج لبعض الوقت حتي يتأكد المستثمر من أن الوضع قد تحسن بشكل دائم وأن تلك الانخفاضات المتوالية في الاكتشافات الجديدة من حالات الكورونا تتسم بالاستدامة وليست مؤقته ومن ثم سيبدأ المستثمر في بناء مراكز شرائية أخري في الأسهم خاصة وأن أسعار الأسهم قد وصلت إلى مستويات جذابة وتمتع تلك البنوك بمركز مالي قوى، إذ يبلغ مضاعف ربحية القطاع في الوقت الحالي 3 مرة و يبلغ العائد من توزيعات الأرباح نسبة 8% وهي نسب جيدة، ومن ثم فإنه من المتوقع أن يعود الطلب على الأسهم بشكل عام وعلى قطاع البنوك بشكل خاص بعد التأكد من الوضع الحالي لفيروس كوفيد-19 خاصة وحيث أن قطاع البنوك قد حقق أداء افضل من أداء المؤشر خلال فترات الانخفاض، فإن ذلك يعني أنه أفضل من المؤشر نسبيا ومن المرجح أن يكون أفضل في فترات الارتفاع، هذا فضلا عن استحواذ القطاع على النصيب الأكبر من راس المال السوقي و قيم التداولات وهو ما يعزز من أهمية القطاعات كأحد القطاعات المرشحة لتقود الارتفاعات في المستقبل حيث لا يمكن تصور أن يرتفع سوق المال المصري دون أن يساهم قطاع البنوك في ذلك الارتفاع.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

أحمد بيومي

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى