
“المؤسسة العربية لضمان الاستثمار”: مصر وجهة الاستثمار الأولى بين الدول العربية خلال (2019-2015)

أصدرت (المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات) تقريرًا بعنوان “مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في الدول العربية 2019” تلقي فيه الضوء على انماط الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي خلال فترة الخمس سنوات الماضية (2019-2015)، مع بيان تأثير فيروس كورونا على مشروعات الاستثمار الأجنبي خلال الربع الأول 2020.
وفيما يلي عرض لهذا التقرير:
أسفرت جائجة كورونا عن أكبر انهيار اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية مع توقعات بانكماش الاقتصاد العالمي بنحو 5.2% خلال العام الجاري. أما على الصعيد العربي، توقع صندوق النقد الدولي انكماشًا للاقتصاد العربي بنسبة 5.7% خلال 2020 بضغطٍ من توقف الإنتاج وانهيار أسعار النفط بسبب تراجع الطلب العالمي.
وبناء على ذلك، من المؤكد أن تتأثر حركة الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة والعالم حيث تنبأ مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا بما يتراوح بين 30% و 40% هذا العام، فيما تتوقع المؤسسة العربية لضمان الاستثمار انخفاض هذا المؤشر في المنطقة العربية بنسبة تتراوح بين 21% إلى 51% اعتمادًا على فترة استمرار الجائحة وتداعياتها.
ويعزز تلك التوقعات تراجع عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في المنطقة خلال الربع الأول بنحو 30% إلى 185 مشروعًا، وكذلك التكلفة الاستثمارية لتلك المشاريع بمعدل 27.3% إلى 11.2 مليار دولار. وهو ما يٌمكن إيضاحه على النحو التالي.
الشكل (1): تطور التكلفة الاستثمارية لمشاريع الاستثمار الاجنبي المباشر الجديدة في الدول العربية (مليار دولار)

يتضح من الرسم السابق أن التكلفة الاستثمارية لمشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي تراجعت بنحو 37% خلال الربع الأول من 2020 على أساس سنوي، ولكنها لا تزال أعلى من أقل مستوياتها التي سجلتها خلال الربع الأول من 2017 عند 8.5 مليار دولار.
وحافظت قطاعات الفحم والنفط والغاز، والمواد الكيميائية، والطاقة المتجددة، والاتصالات على صدارة القطاعات المستقبلة للاستثمارات الأجنبية. وحلت قطاعات البلاستيك وخدمات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، والمعادن، والأدوية في المقدمة كصاحبة أعلى نمو للاستثمارات. وفي المقابل حلت في مقدمة الخاسرين قطاعات الآلات والمعدات، والسيراميك والزجاج، والمحركات والتوربينات، والترفيه والتسلية، والورق والطباعة والتغليف، والمطاط.
المشاريع الاستثمارية في الدول العربية (2015-2019):
فازت مصر بأضخم الاستثمارات الموجهة للمنطقة بقيمة 124.5 مليار دولار تلاها الإمارات والسعودية بنحو 53.6 مليار دولار و53 مليار دولار على التوالي. فيما استقبلت الإمارات أكبر عدد للمشاريع في المنطقة خلال الفترة محل الدراسة حيث استحوذت على 1814 مشروعًا بما يمثل 41% من إجمالي عدد المشروعات الموجهة للمنطقة، يليها السعودية و جمهورية مصر العربية حيث احتلتا نحو 12% و 11% على الترتيب. وهو ما يتضح كما يلي.
الجدول (1): قائمة بأهم الدول العربية المستقبلة للاستثمار الأجنبي المباشر
أما عن الدول المستثمرة في المنطقة العربية، تُعد الولايات المتحدة صاحبة أكبر عدد للمشاريع في المنطقة بعدد يصل إلى 717 مشروعًا بحصة تمثل نسبتها 16%، يليها المملكة المتحدة بحوالي 456 مشروعًا ثم الإمارات بنحو 455 مشروعًا.
الجدول (2): قائمة بأهم القطاعات المستقبلة للاستثمار الأجنبي المباشر
يتبين من الجدول السابق أن قطاع الفحم والنفط والغاز استقطب أضخم الاستثمارت الأجنبية المباشرة بقيمة 87 مليار دولار وهو ما يمثل نسبته 25% من إجمالي الاستثمارات الموجهة لأهم 10 قطاعات، تلاه قطاعي العقارات والمواد الكيمائية، بينما حظي قطاع خدمات الأعمال بأكبر عدد للمشاريع عند 559 مشروعًا ثم الخدمات المالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعدد مشاريع يبلغ 469 و 413 مشروعًا على التوالي.
وعن الشركات المستثمرة، استقطبت الدول العربية 2948 شركة استثمرت في 4378 مشروعًا تصدرتها مجموعة “EMKE” للتجزئة –التي تتخذ من أبو ظبي مقرًا لها- بعدد 43 مشروعًا يليها مجموعة “ماجد الفطيم” الإماراتية للتجزئة والعقارات بعدد 39 مشروعًا ثم “جنرال إلكتريك” الأمريكية بعدد 23 مشروعًا. وعن ترتيب الشركات المستثمرة بحسب التكلفة الاستثمارية، يُمكن الاستعانة بالجدول الآتي.
الجدول (3): قائمة بأهم الشركات المستثمرة في المنطقة العربية
وبالنظر إلى الجدول السابق يُمكن القول بأن شركة “روساتوم” الروسية تعتبر أكبر الشركات الأجنبية المسثمرة في المنطقة العربية بين عامي 2015 و 2019 وفقًا للتكلفة الاستثمارية؛ إذ ضخت ما يتجاوز 30 مليار دولار في عدد 3 مشاريع فقط.
الملامح العامة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال (2019-2015):
أحرزت مصر تقدمًا خلال الأعوام القليلة الماضية فيما يخص تحسين المناخ الاستثماري والقيام بعدد من الإصلاحات الهيكلية في ظل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016 مما أسفر عن القضاء على “السوق الموازية” للعملة، وتعزيز استقرار الاقتصاد وارتفاع مستويات الاحتياطي النقدي ونمو الناتج المحلي الإجمالي وتراجع معدل البطالة، هذا بالتزامن مع تعزيز الاستقرار والأمن السياسي، ولهذا استعادت مصر ثقة المستثمرين من جديد، وهو ما يُمكن إيضاحه من الشكل الآتي:
الشكل (2): التدفقات الواردة للاستثمار الأجنبي المباشر

يتضح من الشكل السابق أن مصر سجلت قيمة سالبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة للمرة الأولى في عام 2011 وهو ما يعني أن الاقتصاد المصري شهد تخارجًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة 0.48 مليار دولار وذلك بضغطٍ من الاضطرابات السياسية الناجمة عن ثورة يناير 2011، في حين، سجلت مصر أعلى مستوى للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 2019 عند 9.01 مليار دولار. ويُمكن توضيح أهم القطاعات المصرية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة بالجدول التالي.
الجدول (4): التوزيع القطاعي للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 5 سنوات
يتبين من الشكل السابق أن قطاع أعمال البناء يُعتبر أكبر قطاع جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر خلال الخمس سنوات الماضية وفقًا للتكلفة الاستثمارية بـ46 مليار دولار، يليه قطاع الكهرباء بقيمة 43 مليار دولار، فيما حظى قطاع التصنيع بأكبر عدد للمشاريع الاستثمارية عند 106 مشاريع، وهو ما يؤكد على تنوع القطاعات التي تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر وعدم اقتصارها على القطاع النفطي فقط. وفيما يخص الدول المسثتمرة في مصر.
الجدول (5): قائمة بأهم الدول المستثمرة في مصر
يتضح من الجدول السابق أن روسيا هي أكبر الدول المستثمرة في مصر وفقًا للتكلفة الاستثمارية بـ30 مليار دولار، فيما أحتلت الإمارات المرتبة الأولى في عدد المشروعات والشركات المستثمرة في مصر عند 71 مشروعًا، و34 شركة على التوالي.
فيما تعتبر منطقة الشرق الأوسط أكبر المناطق المستثمرة في مصر بقيمة 35 مليار دولار –أي ما يمثل 29% من إجمالي الاستثمارات الموجهة إلى مصر- يليها الدول الأوروبية، ليأتي في المرتبة الأخيرة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. وهو ما يتضح من الجدول التالي.
الجدول (6): التوزيع الأقليمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر
وأخيرًا، يُمكن القول أن مصر استطاعت على مدار السنوات الماضية أن تحقق تحسنًا ملحوظًا في مناخها الاستثماري بفضل محاولاتها المتعددة للقضاء على معوقات الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما جعلها تحتل المركز الأول في قائمة أبرز الدول الجاذبة للاستثمارات عربيًا وأفريقيًا.
باحثة ببرنامج السياسات العامة