مصر

هل يستحق طارق شوقي اعتذارًا من المعارضين له؟

منذ أن تولى طارق شوقي منصب وزير التربية والتعليم في 2017 أعلن رؤيته بوضوح وهي أن يطور التعليم في مصر ويدمج التكنولوجيا فيه، ولكن واجهت هذه الرؤية معارضة قوية. طارق شوقي الذي حاز على الجائزة الرئاسية الأمريكية للتفوق البحثي عام 1989. وبعد ذلك بدأ العمل في منظمة اليونيسكو من 1999 حتى 2012 حيث قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم في مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التعليم والعلوم والثقافة، حتى تبوأ منصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية. وفي 2012 أصبح عميدًا لكلية العلوم والهندسة الميكانيكية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

مع بداية مسيرته كوزير بدأ شوقي مشروعه لتحسين التعليم في مصر رغم المعارضات الواقفة ضده. من أهداف هذا المشروع العظمى إلغاء امتحان الثانوية العامة، وبالتدريج إلغاء استخدام الكتب واستبدالها بالأجهزة الذكية، وكل ذلك سيساعد في القضاء على ظاهرة الغش ومافيا الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والملخصات التي تحث على الحفظ بدلًا عن الفهم.  وإضافة إلى ذلك كان يريد تغيير أسلوب الامتحان الروتيني لأسلوب يظهر مهارات الطالب بمتعة، بدلًا عن التوتر والقلق الذي يعيشه الطلاب وأولياء الأمور في أوقات الامتحانات. وبدأ في مسيرته بدون السماح للمعارضة أن توقف مخططه الطموح.

النظام الجديد بـ”التابلت”

 من المشاريع الفرعية للهدف الأساسي هو مشروع التعلم عبر “التابلت” بدلًا عن الكتب في 2018. وفكرته أن كل طالب يتسلم جهاز تابلت مزود بكل المحتوى الذي يحتاجه الطالب للنجاح بالسنة المحددة وكل هذا مجانًا. ويؤدي الطالب الامتحان عبره. امتحان بشكل وصيغة جديدتين تحتاج إلى الفهم والتفكير بدلًا عن الحفظ. وبدأ تطبيق هذا المشروع في مرحلة الثانوية العامة بالتدريج.

ويضم هذا المشروع إنشاء بنك المعرفة المصري الذي يُعدُّ أكبر مكتبة إلكترونية في الشرق الأوسط، بجانب إنشاء الفصول الافتراضية والمنصات التعليمية، وتدريب المعلمين في مراحل سنوات النقل على استخدام التطبيقات الذكية بجميع أنواعها، وتزويد الفصول بـ”سبورات تفاعلية”، وتحسين البنى التحتية المعلوماتية للمدارس لتحسين الشبكة و سرعة الإنترنت. 

رغم أن معظم الطلاب يستخدمون الإنترنت أو التكنولوجيا بصفة عامة يوميًا، ولديهم أكثر من حساب على مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة إلا أن بعض الطلاب عارضوا المشروع وفكرة “التابلت” بقوة. أسباب المعارضة كانت متعلقة بخوف الطلاب من التعامل مع التطبيقات الإلكترونية والامتحانات الجديدة رغم أنها بطريقة الـ”open book” أو “الكتاب المفتوح” التي ستعتمد على الفهم فسيكون من الصعب حفظ أو غش الإجابات.

آثار كورونا على المشروع

في ظل كل هذه المعارضة المستمرة حدث غير المتوقع وجاءت أزمة فيروس كورونا المستجد، ورغم أن التعليم توقف في معظم دول العالم كان شوقي يفكر في طرق التعلم عن بعد؛ حتى لا يتفشى المرض بين الطلاب، وبالفعل استمرت السنة الدراسية عبر تقنيات وتطبيقات الـ”livestream”. في النهاية أجبر فيروس كورونا الطلاب على التعامل مع التكنولوجيا في التعليم بدلًا عن معارضتها. وتمت الامتحانات عبر الإنترنت بمستوى عالٍ وجودة فائقة.

تحت ضغوط كورونا اقتنع المجتمع بحقيقة الاحتياج إلى التكنولوجيا في التعليم، واقتنع بأفكار الوزير طارق شوقي. امتحن بقية الطلاب في السنوات الأخرى امتحنوا عبر تسليم بحث عن مواضيع محددة ومثل كل تجارب شوقي كانت هذه التجربة ناجحة. هدف البحث كان تعليم الطلاب أن يعملوا في مجموعة وتدريبهم على مهارات البحث عن المعلومات في كتبهم وعبر الإنترنت من مصادر موثوق فيها. 

امتحانات الثانوية العامة

من قرارات شوقي التي عارضها الجميع قراره بإلغاء أو يؤجل امتحانات الثانوية العامة أكثر ما أجلت وقرر بدء الامتحانات يوم 7 يونيو. كانت المعارضة قوة ضد هذا القرار لأن الكل خائف أن يصاب بكورونا ولكن الوزير طارق شوقي فاجأ الجميع بكمية الاحتياطات لتطبيق سياسة التباعد الاجتماعي وخصص 500 مليون جنيه مصري للامتحانات. 

تداول امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2020 - بوابة فيتو

استخدمت هذه الأموال في توفير كمامات ومطهرات للأيدي وأكياس بلاستيكية للأحذية للطلاب والعمال والمراقبين والمصححين في كل امتحان. وعلاوة على ذلك تم تطهير اللجان قبل وبعد كل امتحان، مع توفير سيارة إسعاف وطبيب أو زائرة صحية بكل لجنة. مع إتاحة دخول الامتحانات في الدور الثاني بالدرجة الكاملة للطلاب الذين تعوق ظروف إصابتهم بكورونا، والأمر ذاته للطلاب الذين يثبت عدم سلامتهم الصحية لحضور الامتحان. وأعطى الوزير الطلبة حرية الاختيار في حضور الامتحان هذا العام أو تأجيله للسنة المقبلة والمعاملة كأنها التجربة الأولى.

هذا مع إنشاء موقع “ثانوية.نت” مزود بالنماذج الاسترشادية والتدريبات للامتحانات ومواد علمية تساعد على المذاكرة. وبالفعل مثلما توقع الوزير طارق شوقي مرت فترة الامتحانات بسلاسة وبأقل المشكلات، وهذه نقطة لصالحها، وبموجب كل ذلك يستحق الوزير اعتذارًا من كل الذين شككوا في مشروعه. 

تصنيف مصر العالمي في التعليم

بعد خمس سنوات في المركز الـ112 و قبلها خارج التصنيف أصبحت مصر في المركز ال42 في مؤشر التعليم علي مستوى العالم، وأصبحت مصر تحتل المركز الثالث أيضا بين الدول العربية في التعليم. وكل هذه الأرقام تؤيد مدى أهمية كل المشاريع والتجارب التي ينفذها وزير التربية والتعليم طارق شوقي. وتثبت أن المعارضة التي جاءت ضد أفكار شوقي قد جانبها الصواب.

يؤكد كل ذلك ضرورة أن يتقبل المصريون الأفكار الجديدة ودعمها وتجربتها قبل الحكم عليها بالرفض أو المعارضة، فهذه الأفكار الخلاقة تفيد المجتمع بشكل قد لا يعيه المعارضون أو المشككون، وتدفع مصر إلى مستقبل مشرق وأكثر نجاحًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى