
” صن جورنال” :مصر تحصل على حاجتها من الماء بنسبة %80 إلى 90% من نهر النيل
عرض – محمد هيكل
نشرت صحيفة “صن جورنال” الأمريكية على موقعها الإلكتروني مقالا للرأي بعنوان ” إطار لإنهاء حرب المياه بين مصر وأثيوبيا” لكاتبه أوستين باي الذي استهل مقاله بالإشارة إلى أن مصر وإثيوبيا في خضم صراع شرس حول حقوق مياه النيل لافتاً إلى أن هذا الصراع قد بدأ منذ عقد من الزمان.
وذكر أوستين أن المياه هي أمر أساسي لبقاء الفرد والمجتمع مستشهداً بحياة المصريين التي ظلت ل 7 ألاف عام تعتمد على مياه النيل وتعيش حوله وهو ما أكد المقولة المأثورة ” مصر هي النيل ” من وجهة نظره حيث ووفقاً للمقال يعيش 90% من المصريين في ” الشريط الأخضر ” المتاخم لنهر النيل من أسوان إلى الإسكندرية.
وقال إن مصر تحصل على حاجتها من الماء بنسبة %80 إلى 90% من نهر النيل ويتكون نهر النيل من تلاقي مياه النيل الأزرق والنيل الأبيض في العاصمة السودانية الخرطوم ويشكل النيل الأزرق ما نسبته 85% من مياه النيل ، وينبع النيل الأزرق من المرتفعات الأثيوبية ويبقى يتدفق شمالاً حتى يلتقي النيل الأبيض بالخرطوم ثم يستمران في الجريان شمالا باتجاه القاهرة ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط.
ووفقاً لكاتب المقال أوستين فإن السياسة الإقليمية تضيف تعقيداً على المشهد ، حيث تعترض إثيوبيا على اتفاقية العام 1929 التي تسمح لمصر في استخدام حق النقد ضد أي مشروعات أولية على مياه نهر النيل وصفها الكاتب بالاتفاقية الاستعمارية من تصميم بريطانيا العظمة، وقد وقعت إثيوبيا على الإتفاقية ، لكنها أيضا أثرت على كل من أوغندا وكينيا وتانزانيا التي تغذي مياهها النيل الأبيض، لذا قامت أثيوبيا بالإلتفاف على الموقف وقامت بعمل إتفاق عنتيبي التي ستمنح كل من أوغندا، كينيا و تنزانيا ألية دبلوماسية لتغير التقسيم المعمول به وفق اتفاقية 1929 لحقوق مياه النيل ، كما تدعم روندا وبروندي كذلك أتفاق عنتيبي.
لذلك بنت إثيوبيا السد سد الكبير وبدأت بملء خزان السد هذا الشهر الذي من الممكن أن يحتوي بنهاية الملء على 75 مليار متر مكعب من المياه.
وترى إثيوبيا أن سدها سيوفر المياه لمواطنيها المتنامين كما سينتج الطاقة الكهرومائية بما يكفي لأناره إثيوبيا كاملة كما سيتم استخدام الفائض من طاقة السد للتصدير للدول الإفريقية ، فلدى السد الإثيوبي القدرة على أن يكون أكبر محطة طاقة كهرومائية في إفريقيا حيث يمكن أن تمتد خطوط الضغط العالي منه إلى القاهرة بسبب قدراته الكبيرة وفقاً للكاتب
لكن فيما يتعلق بالقاهرة يعد السد الاثيوبي سلاحا قادرا على حرمان مصر من 75% أو أكثر من إمدادات المياه السنوية ووفقاً لوجهة نظره يرى الكاتب أن هذا السد يعتبر تهديدا وجوديا لمصر أكثر من فيروس كوفيد -19 .
لينتقل الكاتب أوستين باي لاستعراض موقف الولايات المتحدة في وقت مبكر من الأزمة قائلاً أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خلال رحلة إقليمية له في العام 2013 أشار لبالغ أسفه لافتقار إفريقيا بالأخص دول جنوب الصحراء للقدرات اللازمة لتوليد الكهرباء.
و ركز خلال رحلته عن الحديث حول تطوير وزيادة قدرات شبكات الكهرباء في الدول الأفريقية وهو ما اعتبرته البلدان ( مصر وأثيوبيا) أنها تصريحات داعمة للموقف الأثيوبي ، وأشار المصريون إلى أن والد الرئيس أوباما كان من كينيا ، وأن كينيا وأثيوبيا حليفان مقربان.
وفقاً للكاتب ففي العام 2013 وعدت إثيوبيا مصر أنها ستملء السد بوتيرة بطيئة مما لا يؤثر على حصص المياه كما كررت إثيوبيا عرضها لمصر لبيع جزء من ملكية السد لها وضمان مصر حصة من الكهرباء التي ستنتج من السد لكن مصر رفضت ذلك العرض في ذات العام 2013 والذي سقطت فيه دكتاتورية الإخوان المسلمين.
ويجادل الكاتب أوستين باي بأن حرب بين أكبر دولتين في شرق إفريقيا ستكون كارثة لهما لكنها ستكون أكثر كارثية على السودان الذي يقع بينهما.
وأختتم الكاتب مقاله باستعراض ما قامت به الولايات المتحدة في الملف حيث يرى أن إدارة الرئيس ترامب حاولت في يناير 2020 بصفتها ” وسيطا خارجيا ” صياغة ” اتفاقية مسؤولية مشتركة ” لإدارة أزمات الجفاف حال حدوثها ، وبرغم من تمتعها بعلاقات قوية مع الطرفين لم تفلح الصفقة ، لكن يرى الكاتب أن فكرة ضمان المياه لمصر في أثناء فترة الجفاف هي مقاربة عقلانية .
باحث ببرنامج السياسات العامة