
ثورة ” 23 يوليو” وبداية مكتسبات المرأة المصرية
نالت المرأة عديدا من المكتسبات في شتى المجالات بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، التي كانت بمثابة حجر الأساس لما تم تحقيقه من إنجازات كبيرة في وقتنا الراهن. حيث ترسخ حينها مفهوم مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وحصلت المرأة على حق الانتخاب والترشيح، ودخلت البرلمان وتقلدت المناصب الوزارية، وشاركت في الحياة الحزبية و النقابات العمالية والمهنية والمنظمات غير الحكومية ، وتقلدت الوظائف العليا في كافة ميادين الحياة وتوج ذلك بتعيينها قاضية.
المرأة المصرية في الذكرى الثامنة والستين للثورة
اليوم؛ في الذكرى ال 68 من ثورة 23 يوليو 1952، تعيش المرأة أزهى عصور التمكين والرعاية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بداية من تأكيد الدستور المصري 2014 على قيم العدالة والمساواة بين كافة فئات الشعب ، حيث اشتمل على أكثر من 20 مادة دستورية لضمان حقوق المرأة في شتى مجالات الحياة وحجزها لـ 25% من مقاعد البرلمان المصري بعد إقرار تعديل المادة 102 من الدستور المصري عام 2019، على ان تصل الى 35% عام 2030، وشغلها لما لا يقل عن 25% من الحقائب الوزارية إضافة الى توليها منصب المحافظ ونائب المحافظ في أكثر من محافظة منها محافظات حدودية ذات طبيعة خاصة، لتزيد نسبة تمثيل النساء في منصب نائب محافظ الى 31%. إضافةً الى انها أصبحت ركن أساسي في الهيئات القضائية المختلفة بدءًا من شغل 6 سيدات منصب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، مرورًا من تولي ما يزيد عن 66 سيدة في منصب قاضي. علاوةً على التمكين الاقتصادي للمرأة الذي وصل الى ذروته بحصول المرأة على حوالي 88% من بطاقات تكافل وكرامة، واستفادة 51% من النساء من قروض التمويل متناهية الصغر، بينما استفادت 69% من النساء من قروض المشروعات الصغيرة عام 2018، وغيرها من المزايا والحقوق التي حصلت عليها المرأة المصرية.
ثورة 23 يوليو ومكتسبات المرأة
أُقرت العديد من الحقوق للشعب المصري بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة، جاء على رأسها:
- حصول المرأة على حقها في التعليم
تُعتبر مجانية التعليم التي أقرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من أهم مكاسب ثورة يوليو التي أُعطيت للمرأة المصرية ، فبعد ان كان التعليم هدفا صعب المنال، حيث كانت العائلات في ذلك الوقت تهتم بتعليم الفتيان وليس الفتيات بسبب تكلفة التعليم المرتفعة، جاءت ثورة يوليو لتُمكن الفتيات من الالتحاق بالتعليم المجاني، وأصبح لها الحق في التعلم مثل الرجل، وكان نتاج ذلك؛ استطاعت المرأة الحصول على حقوقها وتأكيد مكانتها في شتى مجالات وشغلت المناصب المختلفة والتي كانت مقتصرة على الرجال فقط. - تمكين المرأة في الحياة السياسية والبرلمانية
أصبح للسيدات الحق في التصويت والمشاركة السياسية في الانتخابات، مثلهم مثل الرجال وذلك بموجب دستور 1956 ، وكانت أولى مشاركات المرأة في الانتخابات البرلمانية عام 1957، وتقدمت 8 سيدات كمرشحات للمجلس، وفازت واحدة منهن وهي السيدة راوية عطية، وبذلك دخلت المرأة البرلمان المصري لأول مرة، كما أنه تم تعيين أول وزيرة في الحكومة المصرية عام 1962 وهي السيدة حكمت أبو زيد.
- الرعاية الاجتماعية للمرأة
دأب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على تحسين الحياة الاجتماعية للمرأة، من خلال العديد من المشروعات منها مشروع الأسر المنتجة، ومشروع الرائدات الريفيات، ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، بالإضافة إلى حصر الجمعيات الأهلية التي تقدم المزيد من الخدمات التنموية من تعليم وتدريب السيدات وتأهيلهم لسوق العمل.
- أول رئيسة تحرير في عهد جمال عبد الناصر
لأول مرة تتولى سيدة رئاسة التحرير وهي السيدة أمينة السعيد ، وذلك بعد رحيل الكاتب ”فكري أباظة” عن رئاسة تحرير ”المصور”، ووفقًا لقوانين الصحافة المصرية دخلت مجلس إدارة نقابة الصحفيين، وكانت أول سيدة عضو منتخبة في مجلس نقابة الصحفيين، وفي 1959 كانت أول سيدة تتولى منصب وكيل نقابة الصحفيين، كما كانت عضوًا بمجلس الشورى.
نماذج نسائية على طريق الثورة
- السيدة راوية عطية
في سنة 1956، كانت السيدة راوية عطية أول امرأة تعمل بالعمل العسكري، حيث عملت كضابطة في الجيش المصري، وذلك بعد حدوث العدوان الثلاثي على مصر، وقامت بتدريب 4000 امرأة على الإسعافات الأولية، والتمريض لجرحى الحرب، ووصلت لرتبة نقيب، وفي حرب أكتوبر سنة 1973 كانت راوية عطية رئيسة جمعية أسر الشهداء والجنود، ولقبت بأم المقاتلين الشهداء.
حصلت على 3 جوائز عسكرية، نتيجة لدورها في خدمة الجيش المصري وهم وسام 6 أكتوبر، وسام القوات المسلحة، والجيش الثالث الميداني.
وعندما أصبح للنساء الحق لأول مرة في أن يدلين بأصواتهن، ويرشحن انفسهن في الانتخابات البرلمانية، بعد صدور دستور 1956، في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، رشحت راوية عطية نفسها لعضوية مجلس في الانتخابات التي أجريت عام 1957 عن محافظة القاهرة، ونجحت بالحصول على 110.807 أصوات، ودخلت التاريخ باعتبارها أول امرأة في مصر والدول العربية، تنجح في الانتخابات البرلمانية وتصبح عضو في البرلمان. وكانت لراوية عطية مواقف كثيرة تحت قبة البرلمان، حيث طلبت من وزير الشئون الاجتماعية تنفيذ المشروع الخاص بإنشاء مكاتب للتوجيه الأسري والاستشارات الزوجية، وذلك لحل مشكلات الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
- حكمت أبو زيد
التحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة)، وكان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل، حصلت على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في 1955م، وبعد عودتها عينت بكلية البنات بجامعة عين شمس.
وبالإضافة لنضالها منذ صغرها ضد الإنجليز، انضمت حكمت أبو زيد لفرق المقاومة الشعبية حتى نشبت حرب 1956م، فبدأت تتدرب عسكريًا مع الطالبات، وسافرت إلى بورسعيد ، وفي عام 1962م اختيرت عضوًا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي، وخاضت مناقشات حول الميثاق مع الرئيس عبد الناصر فأثارت إعجابه، ما دفعه لإصدار قرار جمهوريًا بتعيينها وزيرة للدولة للشؤون الاجتماعية.
المرأة الريفية في عهد حكمت أبو زيد
في عهدها جعلت الوزارة وزارة مجتمع وأسرة، ومدت نشاطها لجميع القرى والنجوع بالجمهورية بإنشاء فروع للوزارة، و كانت من أبرز مشروعاتها مشروع الأسر المنتجة ومشروع الرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، كما حصرت الجمعيات الأهلية وتوسعت أنشطتها وخدماتها التنموية، وفي 1964م ساهمت في وضع أول قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية.
و استعان بها الرئيس عبد الناصر حين وقعت هزيمة 1967م للاهتمام بالرعاية الاجتماعية لأسر الجنود الموجودين على الجبهة المصرية وحققت نجاحاً منقطع النظير، كما قامت بالإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات، وحرصت على نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق وتفاعلت إنسانياً مع أهالي النوبة مما جعل عبد الناصر يطلق عليها لقب «قلب الثورة الرحيم».
- السيدة أمينة السعيد
وهي من الرائدات في مجال حقوق المرأة، وأول سيدة تولى رئاسة تحرير مجلة حواء المطبوعة النسائية الشهيرة التي صدر أول اعدادها عام 1954 وكان معدل توزيعها يصل إلى 175,000 نسخة. كان دفاع أمينة السعيد عن المساواة بين الرجل والمرأة هو وقود كتاباتها القيمة لسنوات طويلة تغير فيها تاريخ مصر. انضمت إلى الاتحاد النسائي، ثم في عام 1931 التحقت بجامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة) ضمن أول دفعة تضم فتيات.
وعملت أمينة السعيد بعد تخرجها سنة 1935 في مجلة المصور وظلت تكتب عمودها بانتظام حتى قبيل وفاتها، وكثيراً ما دافعت من خلاله عن زميلات الكفاح مثل درية شفيق وغيرهما. اشتهرت أمينة السعيد ايضاً بباب “أسالوني”، وقد اكسبتها شجاعتها وجرأتها احترام وشعبية بين زملائها من الكتاب والصحفيين، ثم أصبحت امينة السعيد رئيسة لدار الهلال، وقادت بجرأة حملة جديدة من أجل المرأة المصرية، ولكن هذه المرة ضد المد الأصولي الإسلامي الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي.
باحثة ببرنامج السياسات العامة