المراكز الأمريكية

هل أطاح مؤتمر “تولسا” بمدير حملة “ترامب” الانتخابية

استبدل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مدير حملته الانتخابية “براد بارسكال” الذي تم تعيينه منذ فبراير 2018، ليحل محله “بيل ستيبين” الذي كان يعمل كنائب لمدير الحملة.

واتفق المحللون على أن التغيير الذي طرأ على حملة “ترامب” يأتي بعد أن شنت إبنته “إيفانكا” وزوجها “جاريد كوشنر” حملة ضد “بارسكال” في أعقاب مؤتمر “تولسا” بولاية أكلاهوما والذي تسبب في انتقاد حاد لترامب وظهوره في تجمع انتخابي قليل العدد على عكس ما توقعه مدير الحملة السابق “بارسكال”.

يأتي تغيير مدير حملة “ترامب” بالتزامن مع تقارير لعدد من المؤسسات البحثية الأمريكية تفيد بتقدم نائب الرئيس الأسبق والمرشح الديمقراطي للرئاسة “جو بايدن” على “ترامب” في استطلاعات الرأي الأخيرة، الأمر الذي استدعى من ترامب “وحاشيته” للتفكير خارج الصندوق ربما سعيا لاستراتيجية جديدة تنقذ ما يمكن انقاذه من “شعبية”  تأثرت مؤخرا بعدد من الأحداث السلبية مثل تصريحاته وتعامله مع أزمة فيروس كورونا وموجة الغضب للأمريكيين من أصول أفريقية بسبب العنصرية التي يتهم ترامب دائما بتغذيتها من خلال تصريحاته ضد الأقليات والمهاجرين، وأخيرا مؤتمر أوكلاهوما الانتخابي الذي شهد تراجع كبير في المشاركة.

 مؤتمر “تولسا” الانتخابي

مدير الحمله السابق براد باسكال

  أكد مدير الحملة السابق “بارسكال”، قبيل المؤتمر الانتخابي في “تولسا” بولاية أكلاهوما، على نفاد تذاكر حضور المؤتمر أكثر من مرة لدرجة أنه غرد على تويتر في فخر قائلاً ” إن ملايين الأشخاص يحاولون الحصول على تذاكر لحضور مؤتمر تولسا”. كما تفاخر بالأمر على شاشات التلفزيون معللا له بالشعبية الكبيرة للرئيس “ترامب” في ولاية أوكلاهوما. الأمر الذي انعكس على “ترامب” وعلى ثقته في نفسه حيث غرد مؤكدًا على امتلاء مقاعد القاعة التي ستحتضن المؤتمر الانتخابي في تولسا وأن “ما يقرب من مليون شخص تقدموا لطلب حضور المؤتمر “.


وفي يوم الحدث، صدم “ترامب” بقلة الحضور خلال المؤتمر، الأمر الذي حاول المنظمون تداركه لكنهم لم يستطيعوا حيث حضر في القاعة المخصصة لاستقبال ما يقرب من 20 ألف شخص 6200 شخص فقط وفقاً لسلطات المطافئ المسؤولة عن التنظيم.

 مع نهاية المؤتمر ظهر التخبط في إدارة الحملة الانتخابية للرئيس “ترامب” بسبب الاختلاف حول المبرر الحقيقي وراء قلة الحضور في المؤتمر، برر “بارسكال” الموقف ” المحرج” بأن غياب الجماهير كان بسبب المظاهرات والإعلام المزيف ووجود مشكلة بإحدى بوابات الدخول التي تظاهر بعض الأشخاص أمامها مما أسفر عن غياب الجماهير عن المؤتمر خشية من الاصطدام بالمتظاهرين.

أما “ترامب” فقد شدد على أن الإعلام ” الكاذب والمزيف” هو السبب المباشر في غياب الجماهير عن مؤتمر تولسا، بينما يرى محللون أن قيام حملة “ترامب” بتنظيم مؤتمر جماهيري في ذلك التوقيت كان أمر خاطئ بسبب تزامن عقد المؤتمر مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في ولاية أوكلاهوما الأمر الذي أدى إلى انخفاض واضح في الحضور عن المتوقع .كما تشير تقارير صحفية إلى أن 10 أشخاص من القائمين على تنظيم الحدث قد تم التأكد من إيجابية إصابتهم بفيروس كورونا بعد المؤتمر بأيام.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة ” نيويورك تايمز” أن الخوف من فيروس كورونا قد يكون هو العامل الذي أدى لغياب الجماهير عن المؤتمر، لكنها أشارت أيضًا لحملة إلكترونية كانت قد دشنها نشطاء “مراهقين” من أوكلاهوما وعدد من المدن القريبة من تولسا للقيام بعمل طلبات حجز وهمية لحضور المؤتمر الانتخابي مما أدى لتوقع حملة “ترامب” الخاطئ بحضور جماهيري ضخم داخل وخارج قاعة المؤتمر، الأمر الذي أدى لظهور عدد كبير من المقاعد خالية بسبب ” طلبات الحضور الوهمية  والمقصودة”.

من هو “بيل ستيبين”؟

استبدل “ترامب” رجله المقرب “براد بارسكال” والذي كان مدير حملته وأحد أهم أضلاع فريقه الانتخابي في عام 2016 وخبير المعلومات والبيانات العملاقة، بالوجه الجديد نسبيًا “بيل ستيبين”. فمن هو مدير حملة “ترامب” الجديد، وما الذي يمكنه أن يقدمه لإنقاذ سفينة “ترامب” الانتخابية لاسيما مع تزايد التقارير التي تفيد بتفوق “بايدن” حتى الأن.

بدأ “ستيبين” حياته السياسية في وقت مبكر، وخلال دراسته الجامعية استطاع أن يكون فردًا من فريق حملة المرشح للكونجرس عن ولايته نيوجيرسي أن ذاك السيناتور “أنتوني بوكو” والتي نجحت في حصد النجاح في الولاية. وفي عام 2000، تمكن من الصعود في سلم العمل السياسي حيث سنحت له الفرصة للعمل كمدير سياسي بولاية نيوهامشر في حملة إعادة انتخاب الرئيس “جورج دبليو بوش” في العام 2004، في تلك الأثناء تمكن “ستيبين” من البرهنة على قدراته وحنكته في جمع الأصوات والتأثير السياسي.

عمل كذلك في حملتي “جون ماكين” و “رودي جولياني” الرئاسيتين الانتخابيتين في 2008 مما أثقل خبراته بشكل كبير وهو ما أدى لأن يختاره المرشح على مقعد حاكم ولاية نيوجيرسي في العام 2009 “كريس كريستي” مديرًا لحملته الانتخابية الأولى وهو ما شكل الانطلاقة الحقيقية في عالم السياسة الأمريكية “ستيبين “حيث وبعد فوز “كريستي” بمقعد حاكم ولاية نيوجيرسي، عين “ستيبين” نائب لحاكم الولاية التي ينحدر منها “ستيبين” بالأساس.

وبالرغم من الصعود المتواصل لنجم “ستيبين” منذ دخوله لعالم السياسة الأمريكية إلا أن حادثة “بوابة الجسر” أو ما يعرف إعلاميًا باسم “فضيحة بريدج جيت” أدت لدخول “ستيبين” في دوامة كادت أن تخسره سمعته السياسية وتفقده مستقبله في العمل السياسي، وبالرغم من عدم اتهامه في القضية إلا أن أسمه ذكر في التحقيقات الخاصة بها أكثر من 700 مرة.

 يُذكر أن فضيحة “بريدج جيت” كانت مثار حديث الشارع الأمريكي في عام 2015 حيث قام مجموعة من فريق حملة حاكم ولاية نيوجيرسي “كريستي” بخلق زحام من خلال تكدس السيارات والمارة دون داع عمدًا في مدخل جسر جورج واشنطن في الوقت الذي سيمر عليه عمدة الولاية الديمقراطي “مارك سوكوليتش” وكان ذلك رغبة منهم في إحراجه بسبب عدم دعمه لحاكم الولاية.

الوصول للبيت الأبيض

على الرغم، من أفول نجم “ستيبين” بعد فضيحة “بريدج جيت”، إلا حملة الرئيس “ترامب لعام 2016 التقطت ابن ولاية نيوجيرسي “الموهوب” ليكون أحد أهم لبناتها، فلحسن حظ “ستيبين” فإن صهر الرئيس “ترامب” ومستشاره “كوشنر ” الذي أختاره للمشاركة في حملة ترامب 2016  بالأصل من ولاية نيوجيرسي الأمر الذي يجعله متابع دائم للشؤون السياسية ومستجداتها داخل الولاية وهو ما جعل “كوشنر “على معرفة جيدة بقدرات “ستيبين” وسهل التواصل معه.

منذ دخوله للحملة كان تأثير “ستيبين” واضح حيث كان له الفضل في مساعدة حملة “ترامب” بالفوز في ولايتي ميتشجان ويسكونسن الديمقراطيتين من خلال العمل كمدير ميداني للحملة في الولايتين.

وفقاً لصحيفة “بوليتكو” الأمريكية فإن “ستيبين” يعد من أكثر الموظفين عملاً منذ دخوله للبيت الأبيض حيث يعمل ل 14 ساعة يوميًا داخل البيت الأبيض بمنصب مدير سياسي مركزاً على كسب الجمهوريين لدعم أجندة الرئيس ترامب السياسية. ومع ذلك، بعد خسارة الجمهورين للانتخابات النصفية في ديسمبر 2018 غادر “ستبين” البيت الأبيض للعودة للعمل كمستشار سياسي بحملة الرئيس “ترامب”.

في تلك الأثناء من العام 2018عمل “ستيبين” مباشرة تحت إمرة مدير الحملة السابق “بارسكال”، وهو ما فسره المحللون حينها بسعي “كوشنر” لتجهيز بديل لـــــ”بارسكال” حال الحاجة لذلك كما وضع رجل مقرب منه داخل أروقة الحملة، وهو ما حدث فعلا. وفقًا لتقرير لقناة “سي بي إس نيوز” فإن التخبط الأخير في حملة “ترامب” بداية بمؤتمر تولسا وانتهاءً بتوسع الفارق لصالح حملة “بايدن” في أخر إستطلاعات الرأي كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير في العلاقة بين “كوشنر” ومدير  الحملة السابق “بارسكال”، حيث وبالرغم من ثقة “ترامب” الكبيرة فيه إلا أن ضغط “كوشنر” أدى لاستبداله من منصبه برغم من تأكيدات “ترامب” عن كفاءته وأهميته الماسة للحملة والتي قادها “بارسكال” للنجاح في 2016.

بدورها ترى صحيفة “نيويورك تايمز” أن أحد الأسباب الرئيسية لإختيار “ستيبن” ليحل محل “بارسكال” هو أن “ستيبن” دائمًا ما يبقى بعيدًا عن الأضواء والأنظار على العكس من “بارسكال” وهو الأمر الذي ينفر منه صهر الرئيس “كوشنر”.

قال الرئيس “ترامب” في أعقاب التغير الأخير ” كلا الرجلين شاركا بشكل كبير في فوزنا التاريخي في العام 2016، ونتطلع لتحقيق فوز كبير وثاني ومهم معًا.”

كما أشار “ترامب” عبر تغريداته إلى أن “بارسكال” سيظل مستشاراً أول في حملته لشؤون المعلومات العملاقة والرقمية.

يذكر أن “ستيبن” الذي يرى فيه الكثيرون أنه منقذ حملة “ترامب” بعد التراجع الأخير الذي تعرضت له الشهر الماضي والتفوق الواضح لحملة “بايدن” هو خامس مدير لحملة الرئيس “ترامب “الانتخابية، فهل سيستطيع “ستيبين” إعادة حملة ترامب لتصدر السباق والحفاظ على ثقة صهر الرئيس “كوشنر” به؟ 

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى