
“مجموعة الأزمات الدولية” تكشف شكل الصراع بين “التيجراي والأمهرا” في إثيوبيا
عرض – شيماء البكش
في ظل الصراعات العرقية التي يشهدها الداخل الإثيوبي، تأتي المواجهات بين إقليمي الأمهرا والتيجراي في الشمال الإثيوبي، لتضاف إلى جملة التحديات التي تعترض طريق آبي أحمد إلى جولة الانتخابات المقبلة.
وتعود أهمية هذه المواجهة بالنسبة لانتخابات 2021 المؤجلة إلى إمكانية تفاقم الصراع في مناطق القوة في الشمال، على خلفية دخول القوميين والمتشددين من الأمهرا والتيجراي في مواجهات مع حكومتيهما الإقليميتين كنوع من الضغط عليهما وعلى الحكومة الفيدرالية، ومحاولة كل طرف إيجاد موطئ قدم له في السباق الانتخابي القادم في مواجهة النخب التقليدية التي يرون أنها موالية للحكومة الاتحادية، على نحو يزيد من تعقيد المشهد الإثني والانتخابي في آن واحد، بما يكشف السياسات والانقسامات العرقية في المؤسسات الاتحادية والإقليمية الإثيوبية.
في هذا السياق، يشير تقرير نشرته “مجموعة الأزمات الدولية” عن تاريخ المواجهات بين قوميتي التيجراي والأمهرا، وتأثير ذلك على السياق الانتخابي، وفرص وعوامل التهدية.
إرث تاريخي
يشير التقرير إلى عودة المواجهة بين التيجراي والأمهرا إلى ما بعد تفكيك الإمبراطورية الإثيوبية من قبل المجلس العسكري الاشتراكي المعروف باسم الدرج بعد ثورة 1974. الذي سقط بعد ذلك على يدّ التيجراي عام 1991، وقيامه بتشكيل إئتلاف من منطاق مختلفة بالبلاد بما فيها الأمهرا.
ويدّعي الأمهرا استيلاء جبهة تحرير شعب تيجراي، الحاكمة آنذاك وحتى الآن، على بعض المقاطعات الحدودية، في سياق المواجهة مع نظام الدرج وقتذاك. ويتهم النشطاء حكام أمهرا بتواطئهم مع حكام التيجراي وقتما كانوا تابعين لتحالفهم، وفرطوا في الأرض حتى اندعلت الاحتجاجات عام 2016.
وتشير المعارضة في الأمهرة، إلى قيام تيجراي بتغيير الوضع الديموغرافي في تلك المناطق وفرض اللغة التيجرانية، بالاستعانة بالجهة الشعبية لتحرير تيجراي في الثمانينات، بما وضع حجر الأساس لمطالبة الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي بتلك المناطق الواقعة تحت الحكم الفيدرالي العرقي الإثيوبي. ولكن يظلّ الحل في عودة تلك الأراضي إلى الأمهرا، ومحاسبة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على ممارساتها.
وفي المقابل، يعترف النشطاء في التيجراي، أن تلك المناطق المتنازع عليها في غرب وشمال غرب التيجراي لم تكن ضمن إقليم التيجراي القديم، إلا أن معظم سكانها ينطقون باللغة الأمهرية، التي تعد النمط الذي يتم وفقًا له التقسيم الإداري في النظام الفيدرالي الإثيوبي، وذلك حتى قبل تمرد التيجراي عام 1975. وبالتالي فإن أيّ تنازل عن تلك الأراضي للأمهرا سيكون مكلفًا سياسًا من وجهة نظر التيجراي، وأنهم سيتصدون لأي محاولة للاستيلاء عليها من قبل الأمهرا.
وأيضًا يتهم قادة تيجراي الحكومة الاتحادية بدعم الأمهرا، من خلال انشاء لجنة الحدود، التي يعتبرونها غير دستورية.
وأثار نزوح تيجريان في عام 2016 من منطقة جوندار غضب بعض المعارضة التيجرانية، كما أنهم يرون أن تقاعس الحكومة الفيدرالية هو من ساهم في قيام الأمهرا بإغلاق الطريق بين الإقليم والعاصمة أديس أبابا في 2018.
وهناك الآن حربً دائرة بين حكومة الأمهرا وبعض العرقيات المدعومة من تيجراي” قيامنت”، والتي تطالب بمنطقة حكم ذاتي داخل الإقليم لمدة عشر سنوات، وفقًا لما يتيحه الدستور الإثيوبي. وفي عام 2017، عقب موجة عنف بين سلطات الأمهرا وقيمانت، منحت الأولى لقيمنت حكمًا ذاتيًا، من خلال تكوين منطقة إدارية تشتمل على 69 قرية تضم قيمانت، إلا أنها لم تتكشل، نظرًا لمطالبة الأخيرة بأن تضم المنطقة ثلاثة مناطق قروية بالقرب من الحدود السودانية.
وتتعزز تلك الاحتمالية في ظل فقدان التيجراي سيطرتها على الحكومة الفيدرالية، بما يجعل مطالبتها بالانفصال وفقًا لما يسمح به الدستور احتمالًا قائمًا، وهو ما سيؤدي إلى ضمّ التيجراي للأراضي المتنازع عليها.
تصاعد العنف
منذ عام 2018 وتواجه تيجري وأمهرا تصاعدًا لأعمال العنف بالوكالة، ومطالبة الأخيرة بالأراضي التي تديرها التيجراي، نظرًا لعدم إبداء استعدادًا للحلّ.
ويعود هذا النزاع إلى عام 1991، حينما استولى متمردو التيجراي بجانب مجموعة من التحالفات على السلطة الاتحادية، وقاموا بعدها بضمّ أراضٍ من الأمهرا التاريخية إلى منطقتهم، وهي المنطقة التي لا تزال نقطة اشتعال في ظلّ رئيس الوزراء آبي أحمد، ما استمرار هيمنة التيجراي.
ومنذ عام 2015، تمر ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان بمرحلة انتقالية متقلبة، على خلفية احتاجات واسعة قادها قادة إقليم أورووما، أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، وذلك لما يعانوه من التهميش السياسي والاقتصادي، وهو نفس الأمر الذي عانت منه الأمهرا، ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد.
وكان مجيء آبي أحمد للسلطة من قومية أوروما، نذيرًا بانتهاء سيطرة التيجراي، أحد مكونات الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي المنحلة، والمسيطرة منذ عام 1991. وعلى الرغم من الحريات وإجراءات التخفيف التي قام بها آبي أحمد، إلا أنها ساهمت في تكثيف حدة المطالب من القوميات والأقليات المتختلفة، الذين يحرصون على تمثيل اكثر عدالة وتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية.
وفيما يتصل بالأمهرا والتيجراي، اللذين يرتبط شعبهما ببعض العوامل المختلفة، من حيث اللغة والدين والثقافة المسيحية الأرثوذكثية السائدة، يتصاعد الخلاف بينهما نظرًا لتشدد القوميين في كلا المنطقتين، الذين يرفضون التسوية.
وينطبق هذا بالأخص على التيجراي، التي رفضت تشكيل الحكومة المركزية في ديسمبر عام 2018 لجنة الحدود الفيدرالية، لحل الخلافات الإقليمية، وهو نفس الموقف بالنسبة للأمهرا، التي قام بها النشطاء في عام 2016 بتعبئة المتظاهرين، وتقديم دعم شعبي واسع النطاق، لإبراز شكواهم، وأنه تمّ ضمهم بشكل غير قانوني.
وفي أواخرعام 2018، شهد إقليم غرب أمهرا توترات بالفعل، ساهمت في قتل محلية الأمهرا للألاف من إثنية ” الكيمنت”، وهي أقلية عرقية تسعى إلى الحكم الذاتي، اتهمتها الأمهرا بتلقيّ الدعم من حزب التيجراي الحاكم لإثارة النزعة الانفصالية.
الاحتجاجات والاستقطاب
كان إقليمي التيجراي والامهرا ضمن مناطق عديدة تصاعدت بها الاحتجاجات ضد النظام الإثيوبي الذي سيطر عليه تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي مع سيطرة التيجراي. وفي عام 2018، ومع تسلم أبي أحمد السلطة، بعدما نجحت أورومو وأمهرا في الضغط على تيجراي، اتجه نحو إجراء العديد من الاصلاحات؛ من بينها إطلاق سراح السجناء، وطرد العديد من الشخصيات البارزة في جبهة تحرير شعب تيجراي من المؤسسات الفيدرالية. ثم حوّل في العام التالي لحكمه إئتلاف ” الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي” إلى حزب الازدهار، مما أزعج الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
وفي وسط تلك الاضطرابات، حرصت النخب في المنطقتين على تحقيق مزايا نسبية، وزيادة تعبئة المواطنين قبيل الانتخابات التي كان مقرر عقدها في 29 أغسطس، مع الأخذ في الاعتبار أن خلاف التيجراي مع آبي أحمد ساهم في تجميد اتفاق السلام مع إريتريا التي تتشارك بحدود طويلة مع إقليم التيجراي، التي تعادي نخبه أسياس أفروقي، رئيس إريتريا. ويشار إلى الاستقطاب بين الأمهرا والتيجراي وإريتريا، على النحو التالي:
قومية الأمهرا
تصاعدت التوترات في منطقة ” جوندار” ضد سيطرة التيجراي على المناطق المتنازع عليها في 2016، وبدا أن حكومة أمهرا هي من تدعم تلك الاحتاجات، وذلك في مواجهة سيطرة التيجراي على الحكومة الفيدرالية. وهي الاحتجاجات التي استمرت حتى وصول أبي أحمد للسلطة، واعتبرت سابقة على ما شاهدناه من احتجاجات في أوروميا العام الماضي.
وفي خضم تلك الاضطرابات، 2018، أطلقت الحكومة الفيدرالية سراح شخصيات كانوا متهمين بمحاولة الاطاحة بالحكومة المسيطر عليها التيجراي. كان من بين هؤلاء، “أسامينو تسيجو”، عميدة أمهرا، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، عام 2009، لتورطه في محاولة انقلاب، ضد التيجراي. وبعد أقل من عام من إطلاق سراحه، رشحه حزب أمهرا الحاكم رئيسًا للأمن الإقليمي، والذي قام بدوره بتجنيد العميد تيفيرا مامو، رئيسًا لقوات أمهرا الخاصة، الذي كان قد سجن معه عام 2009.
وأثار العفو عن الكثير من محتجي الأمهرا ومواجهتهم لقوات الأمن الفيدرالي سابقًا، غضب الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، الذين يتوقعون تخطيط هؤلاء ضد قوميّ أوروموا وأبي أحمد وأيضًا ضد التيجراي.
إذ أن صعود أسامينو السياسي سيساعده على قيادة ما بدأه من رفض قوميين الأمهرا للنظام الفيدرالي الذي أسست له التيجراي، واتهامه لنخب الأمهرا بالتواطؤ معهم.
وبالفعل في 22 يونيو 2019، أطلق القتلة النار على رئيس أمهرة أمباشيو ماكونن وزعيمين إقليميين آخرين في عاصمة أمهرة، بحر دار. وبعدها بساعات، في أديس أبابا، قتل الحارس الشخصي لرئيس الأركان العسكري، الذي جاء من تيغراي، مما أدى إلى القبض على أسامينو، على خلفية اتهام الحكومة الفيدرالية، وانتهى التحقيق معه بسعيه للقيام بانقلاب إقليمي بأمهرا.
وبالمثل في يوليو 2019، تبادل المسؤولون في أمهرا وتيجراي الاتهامات؛ فبينما اتهم الأمهرا مسؤولي التيجراي بالوقوف وراء الانقلاب. ألقى الآخرون باللوم على مسؤولي الأمهرا بعدم فرض النظام والقانون في الإقليم.
ولا زال القوميون الأمهرا قوة مؤثرة نسبيًا، فخلف أمباشيو، رئيس الإقليم، تيمسين تيرونه، مستشار الأمن القومي السابق لأبي، والذي يثير غضب القوميين لرفضه استخدام العنف في حل النزاعات الإقليمية. كما أدى قيامه بعزل إثنيين من المتشددين الأمهرا فبراير الماضي لإثارة الغضب. كما قامت أمهرا وقوات الأمن الفيدرالية في إبريل الماضي بملاحقة ميليشيات أمهرة الوطنية للدفاع عن المجتمع المعروفة باسم فانو التي كانت يومًا جزءًا من احتجاجات 2016-2018 بدعم من حكومة أمهرة، مما أثار غضب الرأي العام في أمهرا.
وفي أواخر عام 2019، كانت المعارضة الأمهرا في جوندار في مواجهة علنية، حتى أن الفنادق الفاخرة رفعت الألوان الاثيوبية القديمة بدلا من علم ما بعد 1991 البغيض الذي يمثل نجمه التسع المناطق شبه المستقلة للاتحاد
عزلة التيجراي
بعد تصاعد المواجهات بين الأمهرا والتيجراي على خلفية احتجاجات عام 2016، والتي قام التيجراي على خلفيتها باعتقال 260 فردًا، من حزب الأمهرا المعارض، الحركة الوطنية للأمهرا، ( نعمة)، أسفرت المواجهات إلى صعود آبي أحمد في النهاية كنوع من التهدئة. ومع الاصلاحات التي يجريها آبي أحمد الآن، تتصاعد مخاوف التيجراي الذين يرون أنه يطبق عدالة انتقائية في محاكمة أعضاء رفيعي المستوى من مجموعتهم العرقية بتهمة الفساد وانتهاكات الحقوق ولكن ليس كبار المسؤولين السابقين من مناطق أخرى ، بما في ذلك أمهرة ، الذين يرون أنهم مذنبون بنفس القدر. لقد استهجنوا الإفراج عن أسامينو والترويج له ، حيث رأوا أنه يستحق المقاضاة أكثر من مسؤولي المخابرات في الجبهة الشعبية لتحرير تيغري. وبالتالي تبدو خيارات الحد من التصعيد بين تيغراي والحكومة الفيدرالية محدودة ما لم تتغير المواقف.
إذ يثني نخب تيغري على براعة قوات الأمن الإقليمية الخاصة بهم وكذلك نفوذ الموالين لها في الجيش الاتحادي ، ويزرعون المزيد من الشك والتشدد بين السياسيين في أمهرة. كما أنهم يرفضون خطوة تشكيل حزب الإزدهار، ويدعون إلى دعم فكرة الانفصال، على الرغم من رفض بعض المحاربين القدامى في جبهة تحرير التيجراي لها. وبالتالي تبدو الانتخابات المقبلة مزعزعة للاستقرار.
إريتريا
يشار إلى إريتريا في هذا السياق، باعتبارها العدو اللدود لقومية التيجراي، والتي دار بينها وبين إثيوبيا حربًا طاحنة بعد استقلالها عنها عام 1993، تصاعدت بينهما مواجهات حدودية بين عامي 1998-2000. ويشير التقرير إلى أن تقارب أبي أحمد وأسياس ليس بدافع السلام، ولكن عامل الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي هو من جمعهم، كما ألقى أفروقي باللوم على تيجراي في النزاعات الداخلية الإثيوبية وسياسات الفيدرالية العرقية.
بعد الانفراج بين البلدين ، تم فتح معابرهما الحدودية الرئيسية ، لكن أسمرة بدأت إغلاقها قبل نهاية عام 2018 ، مشيرة إلى الحاجة إلى تنظيم التجارة والهجرة. وقالت شخصية إثيوبية معارضة لها علاقات وثيقة بأسمرة إن أسياس كانت تهدف إلى خنق اقتصاد تيغرايان المريض بالفعل. ناهيك عن إغلاق محتجو أمهرا الطرق المؤدية جنوبًا من تيجراي إلى أمهرا، مما جعل وسائل النقل العام التيجرانية تتجنب تلك الطرق حتى لا تتعرض للابتزاز، وهذا ما يزيد من مخاوف التيجراي من العزلة.
سياقات انتخابية
يبرز ظهور حزب أمهري معارضًا للنخبة الموالية لأبي أحمد في الإقليم، كأحد التحديات الانتخابية، التي من المرجع أن تثير المشاعر ضدّ النخبة الحاكمة، بما يتسع معه نطاق المواجهة مع نخب التيجراي، في سياق من الزايدة بين الجانبين. فضلًا عن كون حزب التيجراي حاليًا هو الكتلة الوحيدة المعارضة في البرلمان الاتحادي، في ظلّ انشغالها أيضًا بتعزيز وقتها في مواجهة النشطاء والحركات الانفصالية في إقليم التيجراي.
ومما يزيد من تعقيد المشهد الانتخابي، هو إعلان التيجراي عزمها على عقد الانتخابات الإقليمية بشكلّ مستقلّ، نظرًا لإرجاء الحكومة الاتحادية الانتخابات التي كان مقررًا عقدها في أغسطس بسبب ” فيروس كورونا”، بما يسير فراغ وأزمات دستورية.
كما أنه في الوقت الذي يستعد فيه حزب الازدهار للانتخابات المقبلة، يسعى لجذب القوميين العرقيين المتشددين داخل أمهرا، إذ أن التداخل بين الفصائل دون الإقليمية لحزب الازدهار واضحة بالفعل، ما يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار داخل أمهرا، التي يتنافس أعضاؤها على بروز أكبر داخل الحزب.
رأب الصدع
يخشى كبار المسؤولون من تصاعد المواجهات في الفترة القادمة، بما يسحب الجيش الوطني للمعركة الانتخابية، في الوقت الذي لا زال الكثير من الضباط من التيجراي يسيطرون على الجيش. لا بد أن تجمع السلطات الفيدرالية القادة السياسيين والدينيين والأكاديميين من كلا المنطقتين لبدء علاج الخلاف. فضلًا عن ضرورة منح أديس أبابا فرصة لقومية التيجراي المعزولة سياسيًا، فرصة للجلوس إلى طاولة التفاوض، وذلك بعدما يبرز قادة التيجراي والأمهرا قدرًا من المرونة في المواقف المتشددة بشأن النزاع. بدأ هذا الحوار العام الماضي، إلا أنه توقف بسبب المواجهات بين الأورومو والأمهرا.
كما يجب على قادة التيجراي إبرام اتفاق بموجبه يحصل الأمهرا على التمثيل السياسي وحقوق اللغة للمجتمعات الناطقة بالأمهرية، في المناطق المتنازع عليها. وذلك في مقابل تعهد تيجراي بعدم إثارة النزاعات الانفضالية مع إقليم أمهرا. وربما يكون للجنة الحدود الوطنية دورًا هامًا في هذا الصدد، عبر تقييم الوضع الديموغرافي وإيجاد حلًا وسط، إلا أن قادة التيجراي لا يثقون في اللجنة الآن، معتبرين أنها تتعارض مع مصالح أبي أحمد والأمهرا. إلا أنه يمكن أن تقدم التقارير إلى مجلس الشيوخ بدلًا من آبي أحمد في هذه الظروف.
لكن لا بد منراتخاذ تدابير لإعادة بناء قدر ضئيل من الثقة بين المناطق كجزء من المناقشات السياسية الوطنية اللازمة لمساعدة راعي البلاد حتى تأجيل الانتخابات.
ويشير التقرير أنه لا نية للحوار بين حزب جبهة تحرير تيجراي وحكومة أبي أحمد حتى الآن، ولا زالت المواقف متشددة، رغم إعلان أبي أحمد في ديسمبر الماضي بإمكانية تعرض إقليم تيجراي لعقوبات اقتصادية إن لم يتعاون مع الحكومة، إلا أنه من الواضح أن التوترات ستستمر بين الأمهرا والتيجراي من ناحية، وبين الأخيرة وأديس أبابا من ناحية أخرى، وربما بعد إجراء الانتخابات أن يجلس الفائزون من الحكومة الاتحادية والتيجراي بعد الانتخابات.
وخلاصة القول، أنه على الرغم من احتلال الأزمة الدستورية الحالية لصدارة المشهد، إلا أن النزاع بين أمهرا وتجراي لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، ويشعر المسؤولون الإثيوبيون البارزون بالقلق من أن يؤدي التنافس بين المنطقتين إلى اندلاع مواجهة أوسع وخاصة قبل الانتخابات، حينما يتنافس القوميون الأمهريون على السلطة، وتواصل الجبهة الشعبية لتحرير تيغري تحدي السلطة المركزية، ويلوح المتشددون في تيجراي بالانفصال، على نحو قد يفتح خطوط صدع في مناطق أخرى، ويهدد السلام المحتمل بين إثيوبيا وإريتريا، ويقوض من تماسك الجيش.



