الصحافة الدولية

“العثمانلي”المارق يقطع الشريان الأخير مع واشنطن صفقة صواريخ “إس 400”..ماذا ينتظر تركيا من عقوبات أمريكية

في ظل صراع عالمي محموم، بين قوى كبرى تسعى إلى بسط نفوذها على الدول الأخرى، وتعتمد في ذلك على عديد من السبل، يعتبر “سوق السلاح” من أهمها، فهل تنذر الصفقة الروسية الى تركيا، ببوادر نزاعات ملتهبة جديدة؟! 

بدأت الأحداث في التسلسل، بمجرد أن أعلنت وزارة الدفاع التركية البدء في عملية تسلم صفقة نظام إس-400 الروسية، على الرغم من التحذيرات العديدة التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أطلقتها مرارا وتكرارا حول نواياها عن اتخاذ خطوات عقابية ضد أنقرة، وطردها من برنامج الطائرات المقاتلة الشبحية من طراز إن-35، في حال رفضها التخلي عن شراء هذه المنظومة من روسيا.

إلا أن تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلنطي “ناتو”، أصرت على إتمام الصفقة، ورفضت الرضوخ للضغوطات الأمريكية وأعلنت أن مشتريات وزارة الدفاع التركية تعتبر مسألة أمن وطني، مما ترتب عليه ما أعلنت عنه بعض وسائل الاعلام الدولية، حول أن فريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد توصل بالفعل إلى حزمة عقوبات ضد تركيا بسبب استلامها لأجزاء من نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400.

ولم يتم الإعلان بشكل رسمي عن العقوبات الأمريكية ضد تركيا، ولكن من المتوقع أن تأتي هذه الإجراءات العقابية على عدة خطوات متفاوتة من أجل إحداث مجموعة متفاوتة من الاضرار، من ضمنها أن يتم تطبيق عقوبات اقتصادية قاسية على الحكومة التركية مثل حرمانها من المشاركة في عملية تصنيع منظومة F-35 وما له من أضرار جسيمة على تردي أوضاع الليرة التركية، بالإضافة الى تمويل وتسليح واشنطن لبعض الجماعات الانفصالية الكردية، بالإضافة إلى ما سوف يترتب على هذه الخطوة فيما يتعلق بالملف السوري والملف العراقي كذلك.

وفي الوقت الذي ينظر فيه أردوغان الى هذه الصفقة باعتبارها أهم اتفاقية في التاريخ التركي الحديث، تميل آراء المحللين السياسيين إلى اعتبار هذه الخطوة مسألة لها دلالات عظيمة على الساحة السياسية، حيث تنذر ببوادر حرب باردة جديدة من المقرر أن تبدأ بسبب مغادرة تركيا للحلف الغربي، وتوجهها بدلا عن ذلك نحو الحلف الروسي- الإيراني- الصيني، وما له من انعكاسات سياسية مهمة الساحتين الإقليمية والقارية. 

وقد يترتب على إتمام هذه الصفقة وقوع تركيا في سلسلة من الخلافات التي سوف تتسبب في عزلها واقصائها بالكامل مع حلف الناتو، على الرغم من أهميتها لدى الحلف بسبب وقوعها على خط المواجهة مع روسيا.

ومما لا شك فيه، أن أنقرة تستمر في محاولة اللعب على التناقضات الإقليمية والدولية، لأجل التلويح بقدراتها على الضغط على المعسكر الأمريكي والغربي، باستخدام هذه الصفقة،لاحراز أهداف سياسية أخرى خاصة بها من خلال اتباع سياسة الابتزاز والمقايضة دون تموضع استراتيجي جديد. 

ولكن يبدو أن أردوغان قطع بهذه المراوغة الشريان الأخير الذي يسمح له بالعودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد أن استلمت تركيا بالفعل أجزاء من الصفقة وبات من شبه المؤكد أن إدارة ترامب سوف تلجأ إلى تطبيق عقوبات انتقامية على انقرة. 

ولهذا السبب يبدو أن اردوغان يحاول أن يستمر في الظهور بشكل هادئ على الرغم من حالة الفزع التي اصابته بعد هذه الخطوة، كما أنه يعتقد أن الاستعجال في تسلم المعدات الروسية وتركيبها سوف يخلق حالة من الأمر الواقع على واشنطن التي سوف تعيد النظر كثيرًا قبل البدء في تطبيق واتخاذ أي عقوبة على ارض الواقع، نظرًا لما تمثله تركيا من ركن أساسي من أركان حلف الناتو. 


كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى