ليبيا

المرتزقة السوريون في ليبيا … حقائق وأدلة حول ملف أردوغان الأسود

ربما نستطيع أن نعتبر ملف تدفق المرتزقة السوريين إلى ليبيا، أحد الملفات المسكوت عنها في الأزمة الليبية، بجانب ملفات أخرى عديدة، تجاهلتها بعض القوى الغربية، رغم توافر حصيلة كبيرة من الدلائل المادية حولها. المرصد السوري لحقوق الإنسان داوم على رصد هذه الظاهرة وتطورها، منذ أواخر العام الماضي وحتى الآن، وكانت التفاصيل التي ينشرها حول هذا الموضوع، انعكاس للتسجيلات والصور التي أسفرت عنها المعارك الميدانية، والتي أوضحت دور هؤلاء المرتزقة في دعم ميليشيات الوفاق، والتأثير المدمر لهم على ممتلكات المواطنين الليبيين وحرماتهم.

البداية … أواخر 2019

بدأت بشكل فعلي عملية نقل المرتزقة من الشمال السوري، باتجاه العاصمة الليبية، في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي، وذلك عبر الطيران المدني الليبي، وقد استمرت هذه العملية بشكل يومي، لتصل أعداد هؤلاء في ليبيا، حسب أخر الأرقام المعلنة من المرصد السوري، أكثر من ثلاثة عشر ألف مرتزق، من بينهم نحو 200 طفل، تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما، يقاتلون ضمن فرقة (السلطان مراد). يضاف إلى ما سبق، مقتل نحو 365 مرتزق منهم، خلال المعارك في محاور غرب طرابلس.

حرصت تركيا خلال عمليات اختيار هؤلاء، أن يكونوا في غالبيتهم من القومية التركمانية، ووعدتهم بجانب المرتبات الشهرية المجزية (ما بين 1800 إلى 3000 دولار شهرياً)، وخدمات الإعاشة والتسكين التي ستقدمها لهم حكومة الوفاق في طرابلس، بتجنيسهم بالجنسية التركية. وقد كانت مدينة عفرين شمالي شرق سوريا، هي مركز التجنيد الرئيسي لهؤلاء المرتزقة، الذين ينتمون بشكل أساسي إلى الميليشيات التي دربتها وسلحتها أنقرة في الشمال السوري، وتحديداً ميليشيات “المعتصم – السلطان مراد – صقور الشمال – الحمزات – فيلق الشام – سليمان شاه – سمرقند”، حيث يتم تجميع المتطوعين من منتسبي هذه الميليشيات في معسكرات للتدريب شمالي سوريا، ثم يتم نقلهم عبر طائرات سلاح الجو التركي من جنوب تركيا إلى مطارات إسطنبول وأنقرة، ومنها عبر الطيران المدني الليبي إلى مدينتي مصراتة وطرابلس.

من ثم يتم تجميعهم عقب الوصول إلى ليبيا، في مناطق تمركز أساسية، من بينها معسكر الخندق الواقع في منطقة تاجوراء، وحي بوسليم جنوبي العاصمة، ومنطقة عرادة، وعدة مواقع في منطقة عين زارة، بجانب نقاط إسعاف المصابين، تمت أقامتها في عدة مواقع بالعاصمة، من بينها مناطق المشتل وغوط الشعال وقدور، مع توفير إخلاء جوي طبي للمصابين، وكذا جثث القتلى، عبر الطائرات المدنية الليبية إلى تركيا.

جدير بالذكر، أن الصحفية الأمريكية “ليندسي سنيل”، كانت قد أجرت حواراً صحفياً مع أحد قادة ما يسمى (الجيش السوري الحر)، في مدينة عفرين السورية، وقد أخبرها أن فصائل المعارضة المسلحة في الشمال السوري، قد أصبحت بلا مأوى، وأن أردوغان أستغل هذا الوضع، من أجل الضغط عليها، عن طريق بعض الإغراءات المادية، كي يسافر عناصرها للقتال في ليبيا، مشيراً إلى أن الجيش التركي، يكافئ المقاتلين الذين يساعدون في تجنيد أقارب أو معارف، من أجل القتال في ليبيا، وذلك بتقديم مبلغ 200 دولار أمريكي لهم، عن كل شخص يقومون بتجنيده.

في مارس الماضي، نشر موقع “نورث برس” السوري، عدة لقاءات مع عدد من المرتزقة السوريين الذين انخرطوا في القتال ضمن ميليشيات حكومة الوفاق في طرابلس، وقال أحدهم وهو ينتمي إلى ميليشيا “السلطان مراد”، أن المخابرات التركية سمحت لقائد الميليشيا التي ينتمي إليها، ويدعى “فهيم عيسى”، بافتتاح مكاتب على الأراضي التركية، لتجنيد الشباب السوري من أجل إرسالهم للقتال في ليبيا. وأضاف هذا المرتزق، أن ميليشيا “السلطان مراد” تعتبر الميليشيا الأساسية التي تنظم عمليات استقدام وتدريب وإرسال المرتزقة إلى ليبيا، نظراً لأن أغلبية منتسبيها هم من أصول تركمانية.

مرتزق أخر أدلى بتفاصيل تتعلق برحلته من سوريا إلى طرابلس، حيث كان ضمن دفعة من مئة مرتزق، يتبعون ميليشيا “لواء السلطان محمد الفاتح”، وصلوا إلى مدينة “غازي عنتاب” الحدودية التركية، بعد دخولهم إليها من مدينة إعزاز السورية، ثم تم نقلهم في فبراير الماضي، عبر طائرة ليبية من العاصمة التركية إلى الأراضي الليبية. حسب رأي هذا المرتزق، فإن السبب الرئيس لانتقاله من سوريا إلى ليبيا، كان المقابل المادي المجزي، خاصة وأنه متزوج ويعول أطفال، هذا بالإضافة إلى تأزم الموقف الميداني، للميليشيات الممولة من تركيا في سوريا، وانكسارهم المستمر في كافة الجبهات التي خاضوا فيها المعارك ضد الجيش الوطني السوري.

في التفاصيل المتعلقة بما حدث معه عقب وصوله هو وبقية المرتزقة إلى مدينة مصراتة، أفاد هذا المرتزق أن كل فرد من أفراد مجموعته، حصل عقب وصوله مباشرة إلى ليبيا، على مبلغ مائة دولار أمريكي، مؤكداً أن حكومة الوفاق تعاملهم بنفس المعاملة التي تُعامل بها الضباط الأتراك المتواجدون على الأراضي الليبية، مشيراً إلى أنه يتلقى راتب شهري قدره 300 دولار أمريكي، مع إمكانية تحويل مبالغ بالليرة التركية إلى عائلته في سوريا، لكنه في هذا الصدد أكد على عدم حصول بعض المرتزقة على مستحقاتهم، نتيجة استيلاء بعض قادة الميليشيات على رواتبهم، وهذا ربما يكون من أهم دوافع، تقلص الإقبال على معسكرات تجنيد المرتزقة في الشمال السوري، ومحاولة بعض المرتزقة المتواجدين بالفعل على الأراضي الليبية، الهروب عبر البحر إلى جنوب أوروبا.

مرتزق ثالث تحدث عن اضطراره للسفر إلى ليبيا، بعد قطع قيادة ما يعرف بـ “الجيش الوطني السوري”، للرواتب الشهرية التي كان يحصل عليها هو وآخرون مشيرا إلى تلقي كافة العناصر المرتزقة التي سافرت إلى ليبيا، وعوداً تركية بمنح عائلة كل من يسقط قتيل منهم خلال المعارك على الجنسية التركية ومبالغ مالية، وأنه هو وعدد من المرتزقة، يتمركزون في نقاط للحراسة قرب مطار معيتيقة في العاصمة، ومهمتهم الأساسية هي تأمين موضع تمركز الضباط الأتراك في العاصمة، وتتكفل حكومة الوفاق بمهمة تأمين إعاشتهم وتلبية احتياجاتهم اليومية.

تململ في صفوف الميليشيات والمرتزقة

من أهم آثار التواجد المستجد لمجموعات المرتزقة السوريين في العاصمة الليبية، هو تسببها في تصدعات عميقة في علاقة حكومة الوفاق ببعض ميليشيات طرابلس ومصراتة، خاصة بعد اتضاح حجم المبالغ المالية والامتيازات التي حصلت عليها العناصر السورية المرتزقة، مما أثار حفيظة بعض الميليشيات الليبية، ودفعت بعضها لمغادرة مواقعها، مثل ميليشيا “لواء المحجوب”، التي انسحبت في فبراير 2020، من مواقعها داخل العاصمة إلى مدينة مصراتة، بعد اندلاع خلاف بينها وبين “فتحي باشاغا”، وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق، حول المستحقات التي يتم تسليمها للمرتزقة السوريين، وقد سبق وهاجم أحد قادة ميليشيا (النواصي)، المدعو الرملي الطرابلسي، وزير الداخلية باشاغا، مهدداً إياه بطرده هو والمرتزقة الذين أتى بهم من سوريا خلال ساعتين.

تلت ذلك عدة حوادث، تأكد من خلالها حجم الغضب والخلاف الذي أحدثت تواجد المرتزقة في العاصمة الليبية، فقد شهد شهر فبراير الماضي، اغتيال أحد قادة ميليشيات الوفاق، ويدعى “محمد أرفيده”، في أحد شوارع منطقة صلاح الدين، جنوبي العاصمة، وقد كان أرفيده، هو المسؤول الميداني عن المرتزقة السوريين في محور صلاح الدين، وعلى ما يبدو كان هذا رداً على حادث مماثل تم في نفس الشهر، وقام فيه بضعة ملثمين، بإطلاق النار على مجموعة من المرتزقة السوريين، مما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم على الأقل، في منطقة الفرناج بالعاصمة.

وقد كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان مؤخراً، عن تفاقم هذه الخلافات حتى بين صفوف المرتزقة السوريين أنفسهم، حيث تحدث عدد منهم على الإنترنت، عبر تسجيلات مصورة، حول الخسائر الفادحة التي تكبدوها خلال المعارك ضد الجيش الوطني الليبي، وعدم إيفاء تركيا ببعض الوعود التي قطعتها لهم، خاصة في ما يتعلق بالمرتبات الشهرية، وهذا دفع بعض المرتزقة الذين مازالوا في سوريا، إلى العزوف عن التطوع للسفر إلى ليبيا، أما بعضهم الذين وصلوا بالفعل إلى ليبيا، فقد حاولوا السفر عبر البحر إلى الشواطئ الإيطالية، بالاتفاق مع بعض تجار الهجرة غير الشرعية، ونجح بعضهم في ذلك بالفعل. الأسلوب التركي الحالي في تجنيد المرتزقة من سوريا، والذي تحول من الترغيب بالأموال والامتيازات، إلى قطع التمويل عن بعض الميليشيات في الشمال السوري، من أجل دفعهم للتطوع من أجل القتال في ليبيا، وهذ ضمن استراتيجية تركية عامة، تستهدف تفريغ مناطق تواجد هؤلاء المرتزقة في سورية، وإحلال قوات الجيش التركي بدلاً منهم، وهذا بالفعل تم بشكل جزئي، حيث أصبح للجيش التركي أكثر من عشرة آلاف جندي في الشمال السوري حالياً.

في هذا الصدد، دار حوار آخر أجرته الصحفية الأمريكية “ليندسي سنيل”، في أبريل الماضي، مع عدد من المرتزقة السوريين، الذين عادوا من ليبيا، وقال لها أحدهم، وهو أحد منتسبي ميليشيا (أحرار الشرقية)، “تركيا كذبت علينا، المرتزقة السوريين في ليبيا يائسون للمغادرة، لقد عدت لتوي من ليبيا أمس لكني كنت أحاول المغادرة لأكثر من شهر، وقد قالوا لنا أننا سيدفع لنا 3000 دولار في الشهر لم يحدث ذلك قط في الشهر الأول حصلنا على 2000 دولار. في الشهر الثاني، أعطونا 1400 دولار وفي الشهر الثالث لم نتقاضى أجورنا على الإطلاق لذا نهبنا أخذنا النحاس من المنازل أي شيء يمكن أن نجده من الذهب، أي شيء قيِّم يمكننا العثور عليه وسيأخذ الليبيون معنا المواد ويبيعونها لنا”.

وقد أكد هذا المرتزق خلال حواره مع الصحفية سنيل، أن تركيا تنصلت من كافة الوعود التي قدمتها للمرتزقة قبل إرسالهم إلى سوريا، فقد أخبرتهم أنهم سيحصلون على الجنسية التركية، بعد أن يقاتلوا لمدة ستة أشهر في ليبيا، لكن هذا لم يحدث، وقالت لهم أيضاً انه في حالة مقتلهم خلال المعارك، ستحصل عائلاتهم على الجنسية التركية، وهذا أيضاً لم يحدث. ثم تحدث هذا المرتزق عن ظروف المعارك في طرابلس، فقال “بعد عدة أسابيع بدأت معارك عنيفة انتقلنا إلى صلاح الدين، وكان الوضع الميداني أسوأ مما كان عليه في سوريا، حيث تناثرت جثث السوريين في الشوارع، لذلك بدأ الكثير منا يرفض القتال، ولهذا تكررت اعتداءات أفراد ميليشيات الوفاق علينا، وفي النهاية تم إجبارنا على دفع مبالغ مالية كبيرة، ما بين 500 و700 دولار، كي يتم السماح لنا بمغادرة ليبيا على طائرات نقل القتلى والجرحى”.

تضارب تصريحات الوفاق والأتراك حول ملف المرتزقة

بشكل عام، حاولت حكومة الوفاق في طرابلس، والحكومة التركية بشكل دائم تجاهل إثارة ملف المرتزقة السوريين، والنفي الدائم لوجودهم أو إرسالهم إلى ليبيا، رغم كل الدلائل المتوفرة، مثل وزير الخارجية في حكومة الوفاق، ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة، ووزير داخليتها، بجانب نفي قاطع من وزير الخارجية التركي. لكن أكدت أطراف أخرى ضلوع تركيا في هذا الملف، ومن هذه الأطراف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي صرح في فبراير الماضي، أمام حشد جماهيري، قائلا “نحن الآن في ليبيا مع قيادات من الضباط الأتراك الأبطال، وفرق من الجيش السوري (المرتزقة السوريين)، ممن تم إرسالهم إلى ليبيا، ومن الطبيعي أن يكون لدينا عدد قليل من الشهداء، لكننا قتلنا ما يقرب من 100 من جنود جيش حفتر”.

وقد سبق أردوغان في هذا الاعتراف، رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، الذي قال خلال مقابلة أجرتها معه قناة (بي بي سي العربية)، في يناير الماضي، أن حكومته لا تتردد في التعاون مع أي طرف لصد ما وصفه بالاعتداء، وذلك في إجابة على سؤال بشأن استقدام مقاتلين سوريين إلى طرابلس. 

بدوره أقر، عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أحمد معيتيق، في حديث صحفي لجريدة الواشنطن بوست، تم في فبراير الماضي، أن حكومة الوفاق قبلت تلقي المساعدة من المقاتلين السوريين، بعد أن أحجمت الولايات المتحدة عن مساعدتها.

من جانب آخر، تناولت عدة أطراف عربية من بينها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ملف المرتزقة السوريين، لكن على المستوى الدولي، كانت فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تحدثت بشكل واضح وصريح عن هذا الموضوع، حين ذكره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر برلين حول ليبيا، الذي انعقد في يناير الماضي، وقال “يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك”. وقد عاد ماكرون وتحدث عن نفس الموضوع، أواخر نفس الشهر، خلال مؤتمر صحفي مشترك، مع رئيس وزراء اليونان “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، وقال “تركيا أخلت بتعهداتها التي قطعتها على نفسها خلال مؤتمر برلين، وقد رصدنا سفنا تركية تحمل مرتزقة سوريين وصلوا إلى ليبيا”.

المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، سبق وتناول هذا الموضوع، خلال لقاء تلفزيوني في شهر يناير الماضي، قال فيه أن بعثته رصدت ما يقرب من 50 خرق للهدنة داخل طرابلس، بجانب رصدها وصول مسلحين سوريين إلى ليبيا، يصل عددهم حسب تصريحاته إلى 2000 مسلح، وأسلحة متطورة إلى طرفي القتال، من بينها مضادات للطائرات.

من هم قادة المرتزقة في ليبيا

يتكون الكادر القيادي المشرف على مجموعات المرتزقة السوريين في ليبيا، من ضباط منشقين عن الجيش العربي السوري، تم منح كل منهم مبلغ مليون دولار من أجل تجميع وتدريب وتجنيد المرتزقة قبل إرسالهم إلى ليبيا، ثم الإشراف الميداني على عملياتهم في محاور العاصمة. على رأس هؤلاء فهيم عيسى، القائد العسكري العام لميليشيا (السلطان مراد)، التي مولتها وسلحتها تركيا في الشمال السوري، وارتكبت سابقاً جرائم عدة في مدينة حلب شمالي البلاد. وإليها انتمت الطلائع الأولى للمرتزقة، التي وصلت إلى العاصمة الليبية أواخر العام الماضي. جدير بالذكر أنه تعرض للإصابة أثناء المعارك جنوبي العاصمة طرابلس، في فبراير الماضي.

C:\Users\DELL\Desktop\6cacf04a-e23c-4776-a363-db2bdc6e8888.jpg

النقيب المنشق عبد الناصر شمير، الملقب بـ (أبو النصر)، كان ضمن قادة ما يعرف ب (الجيش الحر) في غوطة دمشق الشرقية، ثم تولى قيادة ميليشيا (فيلق الرحمن)، وهو حالياً متواجد في العاصمة الليبية، ويقود إحدى تشكيلات المرتزقة، وقد تلقى أيضاً مبلغ مليون دولار من أجل تنفيذ هذه العملية، ونقل عناصره من سوريا إلى ليبيا.

محمد حافظ، وهو أحد قادة ميليشيا (فيلق المجد)، وتولى مسؤولية إدارة عمليات استقبال وفرز وتجنيد المرتزقة في شمالي سوريا، قبل عبورهم إلى “غازي عنتاب” التركية، ومنها جواً إلى إسطنبول، ثم طرابلس. وقد نشطت هذه الميليشيا سابقاً في الريف الغربي لمدينة حلب السورية، وكانت ضمن الميليشيات المشاركة في العمليات التركية شمالي شرق سوريا، وتحديداً في معركة مدينة تل أبيض.

من ضمن الأسماء البارزة في صفوف قادة المرتزقة، النقيب المنشق مصطفى الشيوخ، قائد ميليشيا (لواء الشمال)، التي كانت سابقاً ضمن تشكيلات ميليشيا (فيلق الشام)، وتم لاحقاً إخراجها من ضمن هذه التشكيلات نظراً لتجاوزاتها العديدة. هذا النقيب المنشق معروف بصلاته القوية بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وهو يتولى حالياً عمليات التنسيق والإدارة لملف نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا مروراً بتركيا، ويتنقل بشكل دائم بين البلدان الثلاثة، وكان للميليشيا التي يقودها دور أساسي في معركة السيطرة على مدينة عفرين شمالي سوريا.

العقيد الطيار المنشق معتز رسلان، انشق عن سلاح الجو السوري عام 2012، وتولى قيادة ميليشيا تدعى (القصاص) في ريف حماة الشرقي، ثم تولى قيادة ما يعرف ب (اللواء السابع) في منطقة جبل الزاوية، وحالياً يتولى قيادة القطاع الشمالي في ميليشيا (جيش النخبة)، بجانب قيادته لما يعرف بميليشيا (الفيلق الأول) في (الجيش الوطني) الممول من تركيا، وقد شاركت ميليشياته في عملية (غصن الزيتون) التركية شمالي سوريا، وتم تكريمه من قيادة الجيش التركي بسبب هذه المشاركة، ويتولى حالياً مهمة تنسيق عمليات نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا.

محمد الجاسم، الملقب ب (أبو عمشة)، هو القائد الحالي لميليشيا (فرقة السلطان سليمان شاه)، وهي من أهم الميليشيات المشاركة في عملية (درع الفرات) التركية شمالي سوريا، وقد ارتكبت هذه الميليشيا فظائع بحق المدنيين في مدن عدة، من بينها مدينة عفرين. تولى سابقاً قيادة ميليشيا (لواء خط النار)، وكان له نشاط في مجال التهريب وتجارة السلاح، ومرتبط فكرياً بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وقد نعى عبر تويتر، أحد قادة المرتزقة في ليبيا، وهو المدعو أبو محمد العمدة، الذي ينحدر من القلمون الغربي، كما ظهر الجاسم في احدى الصور، بجانب مرتزق مصاب، في أحد مستشفيات العاصمة طرابلس.

الرائد المنشق عن الجيش السوري ياسر عبد الرحيم، وهو أحد أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، والقائد الحالي لميليشيا (فيلق المجد)، التابعة لما يسمى (الجيش الوطني السوري)، الممول بشكل كامل من تركيا، وشاركت الميليشيا التي يقودها في عمليتي (درع الفرات) و(غصن الزيتون”) شمالي وشمالي شرق سوريا. وقد ارتبط اسمه بعدد من الجرائم والمجازر في سوريا، من بينها مجزرة أكاديمية الشرطة في مدينة حلب عام 2013، ومجازر أخرى في ريف حلب الغربي ومدينة حمص، وكان مسؤولاً عن عمليات القصف الصاروخي المركزة، التي استهدفت حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، ودمرته بشكل شبه كامل عام 2015، وشارك بصفة المتحدث العسكري باسم وفد المعارضة السورية في مباحثات أستانا العام الماضي. ويتولى حالياً ملف التنسيق بين تركيا وطرابلس، فيما يتعلق بالترتيبات اللوجستية لنقل المرتزقة.

أبو أحمد نور، قائد ميليشيا (الجبهة الشامية)، والقائد العام لما يعرف بـ (الفيلق الثالث) في (الجيش الحر). وقد أشرف على نقل أعداد من المرتزقة التابعين لفصائله إلى ليبيا، ويتنقل ما بين تركيا وليبيا لتنظيم عملياتهم. وعلى الرغم من إصداره بياناً مصوراً ينفي فيه تواجده في ليبيا، إلا ان مرتزقة (الجبهة الشامية) التي يقودها، ظهروا بالفعل ضمن الأعداد التي وصلت بالفعل إلى طرابلس.

وهو القائد العام لميليشيا (لواء سمرقند) منذ مارس 2018، بعد مقتل القائد السابق وائل موسى، في معارك غصن الزيتون بعفرين السورية. هذه الميليشيا أنشأها جهاز الاستخبارات التركي، من مجموعة من المرتزقة الوافدين من أوزبكستان، وكانت في البداية كتيبة تابعة لميليشيا (فرقة الحمزة)، ثم تحولت إلى تنظيم مستقل عام 2016. وقد تم تدريب مقاتليها على يد الجيش التركي، في معسكرات داخل أنقرة.

مؤخراً، تم نشر صورة ظهر فيها قائد ميليشيا (فرقة الحمزة)، المدعو سيف أبوبكر بولاد، وهو الوالي السابق لمدينة الباب السورية، إبان سيطرة تنظيم داعش عليها، وأحد المعروف ارتباطهم بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد ظهر في الصورة داخل العاصمة طرابلس.

تسجيلات مصورة للمرتزقة في طرابلس

تم توثيق تواجد العناصر السورية المرتزقة، في محاور القتال بالعاصمة الليبية طرابلس، عبر العديد من التسجيلات المصورة، منها هذا التسجيل عاليه، الذي يظهر فيه عدد منهم، خلال المعارك في محور وادي الربيع، جنوبي العاصمة الليبية.

وهذا تسجيل أخر أثناء نقل المرتزقة لأحد قتلاهم، عبر سيارة إسعاف، بعد مقتله خلال معارك محور الرملة قرب مطار طرابلس الدولي، في شهر مايو الماضي.

تسجيل أخر يعود تاريخه إلى أبريل الماضي، يظهر فيه بعض المرتزقة، قبيل بدء الهجوم على مطار طرابلس الدولي.

وتسجيل يعود إلى نفس الشهر، لمجموعة من المرتزقة، تنتمي لفصيل (السلطان سليمان شاه)، في أحد محاور القتال جنوبي العاصمة الليبية.

تسجيل تم تصويره أواخر الشهر الماضي، في معسكر حمزة جنوبي العاصمة طرابلس، يظهر فيه احتفال المرتزقة بدخولهم للمعسكر، وأحدهم يقوم بحمل أحد قادة الميليشيات الليبية على الأكتاف.

تسجيل تم تصويره بكاميرا أحد المرتزقة قبل مقتله، بعد محاصرة وحدات الجيش الوطني لهم، في محور صلاح الدين جنوبي العاصمة.

https://twitter.com/LNA2019M/status/1218487061130416128

تسجيل تم تصويره في يناير الماضي، على متن إحدى الرحلات الجوية المدنية، التابعة للخطوط الليبية، أثناء نقلها دفعة من المرتزقة، إلى العاصمة طرابلس.

يضاف إلى ذلك، تسجيلات تم تصويرها مؤخراً، لعدد من المرتزقة، أثناء تواجدهم داخل منازل الأهالي جنوبي العاصمة.

كذلك توجد تسجيلات عديدة، لأعداد من المرتزقة، الذين تم أسرهم خلال المعارك مع الجيش الوطني، من بينهم المرتزق الذي يظهر في التسجيل عاليه، وهو من حمص، وسقط في قبضة الجيش الوطني، في كمين تم داخل معسكر اليرموك، جنوبي العاصمة طرابلس، الشهر الماضي، يضاف إلى هذا تسجيلات أخرى مماثلة

https://twitter.com/LNA2019M/status/1242863536897953792
https://twitter.com/KhaledDernah3/status/1267510201508388872
https://twitter.com/lna2019m/status/1252307636743213056
https://twitter.com/lna2019m/status/1242994092033875985
https://twitter.com/LiBya_73/status/1264667526048485377
https://twitter.com/LNA2019M/status/1242615183182364672
https://twitter.com/lna2019m/status/1253541579249369089

قتلى المرتزقة بالجملة في محاور طرابلس

تم حتى الآن توثيق مقتل نحو 365 مرتزق سوري في معارك العاصمة طرابلس، والمعارك الأخيرة غرب سرت، أغلبهم ينتمون لميليشيا فرقة الحمزة. مؤخراً تعرضت القيادات الميدانية للمرتزقة إلى خسائر كبيرة، حيث قتل الجيش الوطني قائد ميليشيا السلطان مراد مراد أبو حمود العزيزي.

كذلك قُتل خلال معارك محور الكازيرما شمالي مطار طرابلس الدولي، القيادي الميداني في ميليشيا سليمان شاه أبو الكنج الجاسم، وهو من مواليد عام 1973، وينحدر من مدينة حمص السورية.

كما نفذت وحدات الجيش الوطني، عملية عسكرية خاصة منتصف رمضان الماضي، تمكنت خلالها من قتل محمد هنداوي، أحد قيادات المرتزقة في محور عين زارة جنوبي العاصمة، وكان يتولى قيادة ما يسمى الفيلق الثاني. يضاف إلى ما سبق عشرات المرتزقة، نذكر منهم:

المرتزق سامر الأطرش، وهو من مواليد عام 1990، بمحافظة حمص السورية، وكان سابقاً ضمن فصيل أنصار الحق، ثم انشق عنه وانضم إلى ميليشيا أحرار الشام، وصل إلى ليبيا في يناير الماضي، وقتل مؤخراً خلال معارك غرب سرت.

المرتزق حسام سويد، أحد أفراد ميليشيا فرقة الحمزة، وهو من مواليد عام 1995، وينحدر من مدينة حمص السورية، ووصل إلى ليبيا في يناير الماضي، وقُتل في محور عين زارة في مارس الماضي.

المرتزق أبو الحسين الهنداوي، وهو من مواليد عام 1974، وينحدر من مدينة عفرين في ريف حلب، وهو قائد الفصيل الثاني في ميليشيا (فرقة الحمزة)، وقد قُتل في محور عين زارة، في مارس الماضي. 

المرتزق فرزات علي الفيزو، وهو من مواليد عام 1993، وينحدر من مدينة إدلب شمالي سوريا، وهو أحد العناصر البارزة في قوة النخبة التابعة لميليشيا فرقة الحمزة، وصل إلى ليبيا في مارس الماضي، ولقي مصرعه خلال المعارك في محور عين زارة، أواخر مايو الماضي.

المرتزق عبدو الحمصي، من مواليد عام 1997، وينحدر من مدينة حمص، وهو أحد عناصر ميليشيا فرقة الحمزة، ولقى مصرعه خلال المعارك في محور عين زارة، في مارس الماضي.

المرتزق عمر عبد العاطي العابو، من مواليد عام 1991، وينحدر من مدينة الباب شمال شرق سوريا، وهو أحد عناصر فرقة الحمزة، ووصل إلى ليبيا ضمن الدفعة الأولى من المرتزقة، في ديسمبر الماضي، ولقي مصرعه في أبريل الماضي، خلال معارك محور أبو سليم جنوبي العاصمة طرابلس.

المرتزق أحمد حسين البكور، من مواليد عام 1985، وينحدر من محافظة دير الزور شرقي سوريا، سبق وأن ألتحق بتنظيم جبهة النصرة، ثم فرقة الحمزة، وقد وصل إلى طرابلس في يناير الماضي، ولقى مصرعه في أبريل الماضي، خلال معارك محور الوشكة شرقي مصراتة.

المرتزق عمر الحموي، من مواليد 1995، وينحدر من مدينة عفرين السورية، وهو أحد عناصر ميليشيا لواء محمد الفاتح، ووصل إلى ليبيا ضمن الدفعة الأولى من المرتزقة، في ديسمبر الماضي، ولقى مصرعه خلال المعارك في محور مشروع الهضبة، في أبريل الماضي.

المرتزق أحمد أبو مالك فجر، وهو من مواليد عام 1988، وينحدر من مدينة عفرين السورية، وهو أحد القادة الميدانيين لما يعرف بالفوج الأول، التابعة للفيلق الثالث الممول من تركيا، وقد وصل إلى ليبيا ضمن الدفعة الأولى للمرتزقة، في ديسمبر الماضي، ولقى مصرعه في غارة جوية لسلاح الجو الليبي، على معسكر البحرية في منطقة تاجوراء بالعاصمة طرابلس، في أبريل الماضي.

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى