
كاتب بالأهرام: رد إثيوبيا في مجلس الأمن جاء طافحا بالأخطاء وتزييف الحقائق
أصبحت معضلة سد النهضة مسار اهتمام كبار الكُتاب والمفكرين في محاولة لتفنيد المشهد العام للأزمة، وأخرها مقال الدكتور محمد حسين أبو الحسن، بصحيفة الأهرام بعنوان ” الرد الإثيوبي في مجلس الأمن”.
أخطر مرحلة
فقد أكد أبو الحسن أن ملف سد النهضة دخل أخطر مراحله، فلايزال الموقف حوله جامدا، رغم كثافة الكر والفر بين مصر والسودان وإثيوبيا. وكأن الجهود التفاوضية طوال 9 سنوات (جري في المكان).
وأشار إلى تبادل مصر وإثيوبيا اللجوء للمجتمع الدولي في قضية السد، فقد أرسلت القاهرة إحاطة لمجلس الأمن، في 17 صفحة، حول تداعيات السد وخطورة الإعلان الإثيوبي عن بدء ملء خزان السد، يوليو المقبل، دون اتفاق مع دولتي المصب، في خطوة احادية تعكس غياب روح التعاون وتخرق القانون الدولي واتفاق المبادئ عام 2015. مما يجعل من السد تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، عاصفًا بحياة 100 مليون مصري، يعتمدون كليًا على نهر النيل
فيما لفت أبو الحسن إلى الجولة المكوكية لوزير الخارجية سامح شكري، لدعوة العالم لتشجيع إثيوبيا على القبول باتفاق واشنطن لملء وتشغيل السد والذي تهربت من التوقيع عليه.
رد يفيض بالمغالطات
ووصف الكاتب رد الخارجية الاثيوبية، بأنه لم يكن مفاجئا، والذي جاء طافحا بالأخطاء وتزييف الحقائق، حيث قللت من تأثير المذكرة المصرية لمجلس الأمن، قائلة إنها لن تحقق أي نتيجة، وإن بدء ملء السد خلال موسم الأمطار، جزء من خطة البناء، لا يستدعي إخطار دولتي المصب، وهو لا يسبب ضررا كبيرا لهما. متهمة القاهرة بالرغبة في إعادة فرض اتفاقية استعمارية سابقة غير عادلة على أديس أبابا، على حد زعمها، وتمثل تلك المذكرة استمرارا لاستراتيجية إثيوبية ثابتة، تعتبر بناء السد وتشغيله مسألة سيادية، لذلك تعرقل الوصول لاتفاق يضمن لها الكهرباء والتنمية وأمان السد ويحمي تدفق النيل ومصالح دول المصب.
وأوضح أن أديس أبابا تريد أن توهم العالم بأن القاهرة تعرقل المفاوضات، كما تعتبر حصة مصر التاريخية- بنحو 55 مليار متر مياه- اقتساما غير منصف لموارد النهر، بالرغم من أن هذه الحصة تمثل 5% من الأمطار التي تهطل على إثيوبيا- تتجاوز 1000 مليار متر سنويا- تغذي زراعتها وغاباتها ومراعيها وإنتاجها الحيواني، غافلة أن نصيب المصري من المياه هو الأقل بين دول حوض النيل- 500 متر سنويا- ساعية لخلق واقع جديد على النيل، فترفض أديس أبابا الان الاعتراف بالاتفاقيات الـ15 بين مصر ودول الحوض، خمس منها موقعة مع إثيوبيا، أهمها 1902
تجاهل إثيوبي لمفاوضات واشنطن
وقال الكاتب إنه لشعور الجانب الاثيوبي بأن مصر ضيقت عليه الخناق، وفضحت سوء نياته، تجاهل الرد الإثيوبي الإشارة إلى مفاوضات واشنطن برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبنك الدولي، والتي خلصت إلى اتفاق على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، رفضت توقيعه في اللحظة الأخيرة، بينما بادرت مصر بالتوقيع، بما يعكس عدم التزام الإثيوبيين بنتائج مباحثات واشنطن وكأنها كانت مجرد نزهة.
وأشار الكاتب إلى أن إثيوبيا تغافلت عن قضية بالغة الخطورة بالنسبة للسودان ومصر وهي معامل أمان السد، علما بأنها نكصت- حتى الآن- عن تنفيذ توصيات تقرير اللجنة الدولية في مايو 2013، والذي حذر من عيوب خطيرة تهدد سلامة السد ومن آثاره الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
فيما لفت أبو الحسن إلى أن التعنت الإثيوبي ينبع من تصورهم أن مصر سوف ترضخ في النهاية، ولم يخجل المسئولون الإثيوبيون أن يجعلوا المفاوضات رهينة لاعتبارات داخلية، إذ طالبوا بتأجيل توقيع اتفاق واشنطن، بزعم الانتخابات التشريعية، ثم عادوا وأجلوا الانتخابات نفسها، بحجة كورونا.
وقف التشييد
وقد شدد الكاتب على ضرورة وقف تشييد السد وملئه، لحين الوصول لاتفاق، منوهًا أن الاتفاق جاهز للتوقيع، وإذا كانت أديس أبابا تريد تخفيف حدة الفقر، فالقاهرة فقيرة مائيا لدرجة الشح، واتفاقية واشنطن تمثل (أضعف الإيمان)، وأقصى ما يمكن لها أن تتحمله من أضرار، بمعنى أن الاتفاق متوازن وبضمانة دولية، لكن إثيوبيا لا تريد الحل، بل المراوغة، يختلق النظام الحاكم معارك وهمية مع مصر لكتم التوترات العرقية والقبلية والصراع على السلطة والثروة.
يرى الكاتب إنه لا مفر من التصعيد الدبلوماسي لأقصى حد، لبناء موقف عالمي مؤيد لمطالبنا المشروعة، إذ يتعين على المجتمع الدولي العمل بحزم لنزع فتيل الأزمة، بإجبار إثيوبيا على اتباع سلوك أكثر عقلانية وتعاونية وأقل عدوانية واستفزارا، لأن الإخفاق في ذلك يعرض السلام والأمن الإقليمي والعالمي لخطر جسيم، الشعب المصري لا يمكنه أن يموت عطشا.



