كورونا

“فورين أفيرز”.. ماذا تريد الولايات المتحدة من الصين؟

في خضم الحرب الكلامية المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين على خلفية فيروس كورونا المستجد، نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالاً للكاتب “كريستوفر هيل” أستاذ ممارسة الديبلوماسية لدى جامعة دينفر، والزميل غير مقيم لدى مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، طرح من خلاله تساؤلاً حول ما الذي تريده الولايات المتحدة من الصين؟

خلال حرب البلقان الي وقعت عام 1990، اجتمع عدد من كبار المسئولين في غرفة عمليات البيت الأبيض، واستمعوا إلى اقتراح بقصف صربيا، رداً على الاعتداءات الوحشية التي يرتكبها الديكتاتور سلوبودان ميلوسيفيتش. وناقش المسئولين ومعظمهم من المدنيين، الخيارات المتاحة أمامهم، ومعرفة رأي ممثل الجيش الأمريكي في الاجتماع في حملة القصف المقترحة. فأجابهم بسؤال آخر “ماذا سيحدث بعد ذلك؟”.

لا شك أن الصين أساءت التصرف بشكل فادح بسبب قلة الشفافية حول ما كان يجري في ووهان. ولكن رغم أنها بدت كأنها تتكتم على تفشي الفيروس الذي ظهر في ديسمبر الماضي، فمن المحتمل أن الهيئات الصحية والأمنية لم تكن تدري ما كانت تتعامل معه، عندما أصيب آلاف بالفيروس  في ظل نظام صحي ضعيف.

وسيظل فيروس كورونا المستجد، الذى ظهر في نهاية 2019، عالقاً على الأرجح لعشرات السنين في الذاكرة الجماعية للعالم. وفي بعض الدول، سيحدث الوباء تحولات هائلة في العادات والتقاليد الاجتماعية، وسيحدث في دول أخرى، تحولات سياسية فيما يقيم مواطنوها كيفية استجابة حكوماتهم للوباء.

وكما هي عادة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحثت الإدارة عن شخص أو جهة لتحملها مسؤولية تفشي الوباء. وذلك هو الرد الغريزي للإدارة على كل مشكلة تواجهها. وفي هذه الحالة، كانت الصين هي الخيار الواضح، رغم كل آلامها ومصائبها. ولذلك لا بد بالطبع من معرفة كيف سيكون رد فعل الصين.

لم تحسن الصين، في العقود الماضية، إدارة علاقاتها الدولية. على الرغم من أن العالم أعطاها حقها في العضوية والمكانة في عدد من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، على أمل أن تصبح طرفاً قادراً على تحمل مسؤولياته في المجتمع الدولي. ولكن خابت تلك الآمال مراراً عندما مارست الصين، ضمن تجاوزات أخرى، سياسات تجارية عدوانية شملت أسعاراً جائرة، وسرقة الملكية الفكرية، رغم أن النظام التجاري الدولي كان صبوراً للغاية في منح الصين الوقت والمجال لإصلاح نظامها.

وفي ظل عالم يزداد ريبة يوماً بعد يوم، يحسب للصين أنها استعدت للمستقبل حتى لا تكون مضطرة لاستيراد سلع ضرورية مثل معدات الحماية الشخصية. وتحدث عدد من أشد المنتقدين للصين، ومنهم مسؤولون في البيت الأبيض، عن فصل الاقتران بالاقتصاد الصيني حلاً لهواجس البيت الأبيض الاقتصادية، وكأن علاج فترة الانتقال الاقتصادي يتحقق عبر تقليص التجارة مع أحد أهم مراكز التصنيع في العالم. واليوم، توفرت فرصة لتحقيق ذلك الحلم، جزئياً على الأقل، لأن الوباء وسع نطاق الاحتياجات الاستراتيجية إلى حد كبير، وأضعف رؤى مؤيدة للتجارة الحرة.

وفي المقابل، بنت الولايات المتحدة نظاماً دولياً يضمن لها أن تكون رائدة العالم. وبدلت دورها من مهندس وبان رئيسي إلى مخرب بارز. وتقول الرواية الأمريكية الجديدة أن أمريكا تعرضت لأضرار، من جميع الدول، خاصة من الصين. وبدلاً من ذلك، لو رغبت الولايات المتحدة في استئناف دورها الريادي، فقد تصبح قادرة على تشكيل المناخ الدولي الذي يجب للريادة الصينية أن تسير فيه.

وسيتحمل الصينيون مسؤولية ما ستكون عليه الصين في المستقبل. وسيقررون أي دور يعتقدون أنه مستدام لصالحهم في العالم. ولكن على أمريكا أيضاً وضع سياسة خاصة بالصين لتكون عملية ومستدامة في حد ذاتها.

وأخيراً، هل تسعى الولايات الأمريكية لجعل الصين عدواً دائماَ؟. وهل سيخدم ذلك المصلحة الأمريكية؟. والدخول في صراع مع شعب بنى شيئاً عظيماً مثل سور الصين العظيم.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى