
عكاشة: السودان الجديد يسير على الطريق الصحيح في أزمة سد النهضة
قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إن الخطوة السودانية المتمثلة في إرسال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك رسالة رفض إلى نظيره الإثيوبي آبي أحمد ردًا على مقترح الأخير بشأن اتفاق جزئي للملء الأول لسد النهضة تعيد المسار إلى طريقه الرصين الذي يغلب منطق التعاون والتفاوض بديلًا عن آلية “فرض الأمر الواقع” والمراوغة التي تنتهجها إثيوبيا للعودة بالأزمة للنقطة صفر.
وأوضح أن إثيوبيا استغلت جائحة كورونا وانشغال العالم بها لتكريس نقض كافة الاتفاقات، ووفق النقطة صفر أعلنت عبر آلياتها “الشعبوية” التي تنتهجها منذ البداية على لسان “رومان جبريسيلاسي” مديرة مكتب المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة في بناء سد النهضة الإثيوبي عن جمع أكثر من (530 بر إثيوبي) ما يعادل (10 مليون دولار أمريكي) خلال الأشهر الماضية، على اعتبار أن ما أسمته الموقف الخاطئ لبعض البلدان أعاد للإثيوبيين الرغبة والإرادة لتنشيط دعم السد، متهمة الولايات المتحدة ومصر والسودان بتجاهل سيادة إثيوبيا.
وأكد عكاشة أن خطوة رئيس الوزراء السوداني تمثل تحولًا فارقًا يتجاوب مع الكثير من هواجس الداخل السوداني والمصري الذي يرى في غالبيته أن النهج الإثيوبي الأحادي في المضي قدمًا نحو الملء الأول دون اتفاق مع الشركاء في الخرطوم والقاهرة يمثل تهديدًا كبيرًا لمصالح كل منهما، فضلًا عن الأخطار المتعلقة باشتراطات أمان السد التي ظل الجانب الإثيوبي يتجاهلها ويناور في متطلبات استيفائها قبل عملة الملء التي تعلن عنها أديس أبابا يوميًا على ألسنة مسؤوليها وكل من له ارتباط بمشروع السد، في ضغط وحشد اعلامي ممنهج يستهدف الداخل الإثيوبي في الأساس، بغرض ترميم الشروخ العميقة التي تضرب العملية السياسية في أديس أبابا منذ سنوات، والدفع بتلك الخلافات والصراعات الإثنية المستحكمة خلف حوائط “سد النهضة”.
وأضاف أن إثيوبيا تسعى من وراء ذلك أيضًا إلى تصدير المشكلات إلى كل من القاهرة والخرطوم، وفق نظريات إثيوبية معيبة وبالية تعتبر أن مصر والسودان مختلفان ومأزومان سويا أو كلا منهما على حده، يحقق مصالح مؤكدة لأديس أبابا التي تظل أسيرة التوجس والخوف من محيطها الجغرافي، بالقدر الذي يجعلها قد تضحي بأمن وسلامة الإقليم برمته، تحت وطأة هذه القناعات المختلة التي لم تقف عند حد السودان ومصر، ولا حول أمن المياه الوجودي، فجوارها الجغرافي على حدودها المختلفة معبأ بخلافات ونزاعات واحتقانات تاريخية بأكثر مما تسمح المساحة بتناولها، لكن مطالعتها فقط تؤكد القناعات الأثيوبية الراسخة لديها حتى الآن.
وشدد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية على أن السودان الجديد يصحح الآن الكثير من مثالب النظام السابق، الذي ظل يغرد على نحو متناقض مع المصالح القومية السودانية قبل المصرية ودوائر جواره الأهم، وينظر اليوم إلى المستقبل بعيون مفتوحة على مصالح السودانيين وعلى أمن إقليمي مستقر، يعيش ويتشارك فيه السودان مع دول شقيقة تجمعها به مصير مشترك بحقائق التاريخ والجغرافيا.
وأفاد أن هذا السودان الجديد الذي تمثل كذلك في مطالبة “المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة”، الحكومة السودانية بمكاشفة الشعب السوداني بحقيقة مخاطر السد على السودان، والتي جاء خطاب السيد حمدوك متجاوبًا معها، يقف بقدميه على أرض صلبة، ويسير على خطى تأمين والحفاظ على مصالح السودانيين الوطنية، هو ما تجده القاهرة بالتبعية يصب في مسار المصالح المصرية. كما أن تلك الأخيرة تعضد هي الأخرى مصالح السودان القوي الذي سيشكل قريبًا دون شك، رقمًا ايجابيا في استقرار الإقليم.