“البراجماتية” الأمريكية في استقبال “تميم” صفحات من الإرهاب القطري
وصل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، مساء أمس الاثنين، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، وشهدت لحظة وصوله استقبالا ضعيفا على مستوى التمثيل الدبلوماسي، إذ كان في استقباله لدى وصوله قاعدة أندروز الجوية، مساعدة رئيس المراسم بالخارجية الأمريكية، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي، بالإضافة إلى سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة في زيارة وصفت بالجدلية.
واستبقت الزيارة بتوقعات حول الملفات الساخنة التي تنتظر “تميم” في البيت الأبيض من دعم الدوحة للإرهاب بالمال والعتاد وحتى إيوائها لمنظري الفتنة والتطرف علاوة على محاولة النفاذ والتغلغل لوسائل الإعلام الأمريكية عن طريق شرائها لبعض الذمم تحديدا في شبكة سي إن إن الدولية، كل ذلك لم يعد أمرا يمكن غض الطرف عنه، وهو ما حدا بالكثير من الوسائل الإعلامية لوصف الزيارة بالمثيرة للجدل، إلى الحد الذي ذهبت معه مواقع أجنبية مثل ” تانون هول” إلى وصف الزيارة المرتقبة بأنها تشكل لترامب موعدا تاريخيا لإنقاذ العالم من شرور قطر” وتوقعت مصادر أخرى أن نتائج الزيارة يمكن أن تصب لصالح استعادة أمريكا لموقعها في مكافحة الإرهاب إذا ما نجحت في الضغط على “تميم” للتراجع عن دعم الإرهاب.أما إيواء قطر لشيخ الإرهاب “يوسف القرضاوي ” فسيكون حاضرا بقوة على أجندة الاجتماع.
زيارة لتلميع الصورة
بينما رأت وسائل الإعلام القطرية أن زيارة تميم بن حمد إلى واشنطن تحمل أفقا جديدا من العلاقات القوية التي تجمع بين قطر والولايات المتحدة، وسيتم خلالها توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعزز أواصر العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، كانت هناك أهداف قطرية أخرى من وراء الزيارة، وهي تحسين صورتها لدى إدارة دونالد ترامب.
فخلال الستة أشهر الماضية، وظفت قطر مسئولين في جميع أنحاء العالم كجزء من حملة علاقات عامة لتشكيل صورة جديدة عن الإمارة وتغيير الصورة المتخذة عنها، وخاصة لدى الإدارة الأمريكية، والتأكيد على القيمة الجيو استراتيجية والقوة الاقتصادية للبلاد، وقد أنفقت قطر منذ عام 2017 ، 24 مليون دولار على مراكز الضغط الأمريكية لتحسين هذه الصورة، وفقًا لمراكز أبحاث أمريكية.
وأشارت تقارير أمريكية إلى أن عديدا من محللي الأمن القومي والباحثين والمذيعين في شبكة سي إن إن الأمريكية تربطهم علاقات غير معلنة بدولة قطر “القمعية التي تمول الإرهاب”، وأن الأموال القطرية في هذه الحالة تكون قادرة على تغيير سياسات السي إن إن التحريرية حول كثير من القضايا، هذا بالإضافة إلى الحملات الإعلانية الممولة التي تتم لصالح قطر في الشبكة.
وكجزء من هذه الجهود القطرية لتحسين صورتها لدى الإدارة الأمريكية، استقبل الأمير القطري في الدوحة قبيل توجهه إلى واشنطن، عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي ليندسي جراهام، وكريس فان هولن، واستعرض معهم العلاقات بين البلدين.
استقبال مهين
رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استقبال أمير قطر تميم في البيت الأبيض وهو ما علله موقع “فورن كود” الأمريكي المتخصص في الشؤون السياسية بأن قرار ترامب جاء بسبب رفض الدوحة التخلي عن دعمها للحرس الثوري الإيراني الذي أدرجته واشنطن ضمن قائمة الجماعات الإرهابية ، وعلى عكس البروتكولات والأعراف الدبلوماسية استقبل أمير قطر في “موقف للسيارات” واستقبله فور وصوله نائب وزير الخارجية في نفس اليوم الذي أستقبل فيه ترامب سفيرة السعودية بالبيت الأبيض وهو ما فسر على أنه استخفاف من ترامب بأمير قطر .
وفور ظهور صور الاستقبال على وسائل الإعلام، قام رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص رواد تويتر بعمل هاش تاج باسم (#إستقبال_تميم_بموقف_سيارات) نشروا من خلاله صور الاستقبال التي رفقت بتعليقات ساخرة على الطريقة التي أستقبل بها الأمير، ولم تقتصر سخريتهم فقط من مكان الاستقبال بل أيضا أشار المغردون إلى نائب وزير الخارجية الأمريكي للشئون العربية هو من كان في استقبل الأمير وأن هذا الأمر له دلالته الواضحة أيضا.
لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي العربية فقط من انتقدت الزيارة بل وشاركتها وسائل التواصل الاجتماعي الدولية في سخريتها من الاستقبال “المهين” حيث رصد هاش تاج باللغة الإنجليزية باسم (tamim_support_ terrorism ( وتعني ” تميم يدعم الإرهاب” انتشرت من خلاله مواد مصورة وتقارير صحفية توضح علاقة قطر وبالأخص الأمير القطري بدعم الإرهاب وطالبت الإدارة الأمريكية بعدم دعمه، لم يكن فقط الاستقبال الأمر الوحيد الذي أساء للأمير القطري فرد الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي سواء العربية أو الدولية اجتمعت على بغض أمير قطر ورفض زيارته للبيت الأبيض لعلاقة تميم الوثيقة بالإرهاب وهو ما وضع الأمير القطري في حرج حتى قبل أن يقابل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .
لماذا يلتقى ترامب بتميم” البراجماتية الأمريكية”
“الوقت حان لدعوة قطر لوقف تمويل الإرهاب، فقطر.. للأسف.. لها تاريخ من تمويل الإرهاب على مستوى عال للغاية”، كان هذا تصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 10 يونيو 2017، اعترف فيه بالدعم القطري للإرهاب والجماعات الإرهابية المختلفة، ورغم ذلك لم يُعلن أن اللقاء الذي جمع ترامب وتميم تم خلاله النقاش في هذه القضية المهمة.
إلا أن وسائل إعلام أمريكية أكدت أن ترامب سيكون على موعد تاريخي لإنقاذ العالم من شرور قطر ودعمها المستمر للإرهاب الدولي، خلال لقائه بتميم، فقطر تعتبر ممولة الإرهاب الدولية الرئيسية، وذلك عن طريق دعمها المنظمات المتطرفة مثل حماس والإخوان المسلمين، وهي الأمور التي تجعل من ضغط ترامب على الدوحة في هذا الأمر بمثابة مطلب عالمي.
وبسهولة تامة يمكن رصد توجهات أمير قطر تميم بن حمد الساعية لإقصاء الرئيس ترامب عن البيت الأبيض في الانتخابات القادمة و2020 وهي التي كانت كفيلة بأن يدعو ترامب لرفض لقاء تميم في البيت الأبيض من الأصل، لكنها البراجماتية الأمريكية التقليدية وحساباتها غير الواضحة المعالم للكثيرين أضف غلى ذلك العلاقات القطرية الإيرانية الوثيقة على الرغم مما تثيره طهران من قلاقل في مشارق الأرض ومغاربها.
ترامب يرى بشكل واضح أضلاع مثلث الشر القطري- الإيراني – التركي الممتدة من ليبيا غربًا إلى سوريا والعراق شرقًا. والسؤال هنا هل لدى ترامب رغبة في إنهاء هذا الدور العبثي؟!
وساطة الإرهابيين
كيف لدولة راعية للإرهاب أن تتوسط في أزمة شديدة الخطورة كهذا؟ سؤال طرحه الموقع الأمريكي المتخصص في الاستفتاءات “We the People”، معلنًا فيه رفض الجهود القطرية للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي الدولة التي قدمت تمويلات تُقدر بمليارات الدولارات لمنظمات إرهابية مثل حزب الله وجبهة النصرة والقاعدة، وموّلت الميلشيات الإيرانية بحوالي 425 مليار دولار، وهو الرأي الذي أيده حوالي 170 ألف شخص عبر الموقع.
وليست هذه هي العلاقات الوحيدة التي تربط قطر وإيران، فقطر تمثل بابًا كبيرًا للالتفاف الإيراني على العقوبات الأمريكية، خاصة وأن الميزان التجاري بين البلدين قد تضاعف تسع مرات خلال الشهور الأخيرة، وقد علت أصوات أمريكية قبل زيارة تميم إلى الولايات المتحدة لـ “تأديب قطر من قبل الرئيس الأمريكي”.
بخلاف الدعم القطري للإرهاب، من المتوقع أن يشهد اللقاء بين ترامب وتميم النقاش حول عدم التزام قطر باتفاق “الأجواء المفتوحة” المختصة بضمان التنافس النزيه في مجال النقل الجوي الدولي، وقد طالب رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق نيوت جينجريتش الرئيس الأمريكي بإبلاغ تميم بأن “الولايات المتحدة تنتظر من قطر أفعال وليس مجرد كلمات” حول الالتزام بهذا الاتفاق؛ لأن إخلال قطر بالاتفاق يكبد شركات الطيران الأمريكية خسائر كبيرة، ويخلق حالة من عدم التنافسية في الشرق الأوسط.
قل لي من تأوي ، أقل لك من أنت
القرضاوي ضيف الشرف الدائم في فعاليات الأسرة الحاكمة القطرية والزائر الدائم لقناة الجزيرة القطرية يؤكد دائمًا بما لا يدع مجالًا للشك الحد الذي وصلت له الدوحة في انحيازها للإرهاب. ووفق اتفاق الرياض التكميلي فإنه كلان لزمًا على قطر أن تطرد الإرهابيين الذين تحتضنهم، سواء في الدوحة أو تركيا أو بريطانيا أو غيرها، وكذلك فلول «الإخوان» وداعش والقاعدة وسواها من الجماعات الإسلامية المتطرفة إلا أنها لم تفعل! فما هي أسباب الدعم القطري اللامحدود لشخصيات مثل “يوسف القرضاوي”؟
أسباب دعم قطر للقرضاوي:
يوسف القرضاوي الذي أصبح أحد قيادات جماعة الإخوان خلال فترة وجيزة، وسافر إلى قطر بموافقة نظام عبدالناصر حيث لم تكن الإعارات وعروض العمل الخارجية تمنح إلا للموالين ومن يرضى عنهم النظام، عمل في قطر كمدرس مساعد ورفض تجديد جواز سفره المصري بحجه أنه معارض لنظام عبدالناصر ويخشى من اعتقاله لو عاد لمصر، الأمر الذي دفع بالسلطات القطرية لإيوائه ومنحه الجنسية.
وشهد عام 1995 بداية العلاقات المشبوهة، حيث أصبح القرضاوي مقرباً من العائلة الحاكمة يقدم لها الفتاوى التي تعزز سلطتها ومكانتها ونفوذها، بل كان يقدم الفتاوى التي تجعل كل أعضاء جماعة الإخوان والتنظيمات التي تفرعت منها مجرد أداة في يد النظام القطري.
وفي يونيو من نفس العام انقلب ولي العهد الشيخ حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة، وهنا كان دور القرضاوي الذي لم ينسه الأمير الجديد، فقد أفتى القرضاوي صراحة بأن الشرع يجيز انقلاب حمد على والده، وقال نصا إن مصلحة الأمة تجيز ما فعله الشيخ حمد، وكان مبرره أن ما حدث كان استجابة لإرادة الأمة والشعب القطري، فالقطريون هم الذين طلبوا من حمد أن ينقلب على أبيه ومثل هذا استهلالاً لفتاواه المنحرفة.
وعقب انطلاق قناة “الجزيرة” خصصت القناة بدعم وتوجيهات من الأمير برنامجا للقرضاوي، الذي سعى لتعزيز نفوذه في قطر، وتقديم الدعم المالي والمعنوي لجماعته الأم جماعة الإخوان التي توافد قادتها وأنصارها على قطر، إما للعمل أو للحصول على دعم مالي وبمباركة القرضاوي.
استغلت قطر القرضاوي ومكانته الجديدة في إضفاء الشرعية الدينية على مواقفها وتصرفاتها، وذلك من خلال فتواه التي تجمع كافة المتناقضات وتفضحها وسائل التواصل ومواقع اليوتيوب.
أما عن تفصيل القرضاوي لفتاوى على مقاس النظام القطري فيرجع إلى أن شيخ الفتنة رأى في الدوحة المخلص وممهد الطريق لتناقضاته وإرهابه بل أن حكام قطر ذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما حالوا دون إدراج القرضاوي على قائمة الإرهابيين الأمريكية.
إذا العلاقة بين الطرفين علاقة بقاء، أمراء قطر يرون في القرضاوي مفتيا لهم ومبرراً ومشرعاً دينياً لمواقفهم وتصرفاتهم، فيما يراهم هو أنهم أصحاب الفضل عليه وحمايته من إدراج اسمه في قوائم الإرهاب وعدم تسليمه لمصر لتنفذ حكم الإعدام الصادر بحقه جزاء ما اقترفه في حق المصريين عبر فتاويه المحرضة على العنف والقتل والدم.