
دراسة سنغافورية تحدد 29 مايو نهاية “كورونا” في مصر وعدد من الدول وتحذر من الإفراط في التفاؤل
عرض – محمد هيكل
حرصت “جامعة سنغافورة للتكنولوجيا” على إعداد دراسة كشفت من خلالها توقعاتها، وذلك بخصوص موعد انتهاء أزمة انتشار فيروس كورونا في كافة أنحاء العالم إضافة إلى تحديد الدول التي انتهى فيها تفشي ذلك المرض الخطير الذي لا يوجد له علاج حتى هذه اللحظة. وأكدت الدراسة أن أزمة انتشار فيروس كورونا باتت على مشارف الانتهاء في عدة دول، وخصوصا الدول العربية مثل مصر بالرغم من تزايد أعداد المصابين بصفة يومية على مدار الأيام القليلة الماضية.
وذكرت الدراسة أن “ذروة” دورة حياة الوباء في مصر هي في الفترة بين 19 إبريل الجاري إلى 29 من الشهر نفسه، مشيرة إلى أنه وفقا للتوقعات فإن منحنى الإصابات سيبدأ في النزول بعد يوم 29 إبريل (وقت ذروة دورة حياة الوباء) فيما توقعت الدراسة نهاية الوباء بنسبة 97% في مصر بتاريخ 19-5-2020 بينما يتوقع نهايته بنسبة 99% بتاريخ 29-5-2020.
واهتمت بتوقع توقيت انتهاء الجائحة في كل بلد على حدا باستخدام معادلة “سير موديل” أو ما يعرف باسم نموذج المعادلة التفاضلية والتي تعتمد على عدد المصابين وعدد الإصابات المحتملة وعدد أيام الجائحة وتطورها في البلاد، ومن خلال تلك المعطيات تتوقع الدراسة تاريخ انتهاء الجائحة اعتمادًا على نتائج نموذج المعادلة التفاضلية لكل بلد.
ذكرت جامعة سنغافورة أن الدراسة استخدمت معلومات من مختلف الدول لتوقع دورة حياة الفيروس فيها وتوقع ميعاد انتهاء الجائحة، لافتة إلى أنها اعتمدت على موقعي “وان ورلد داتا” وموقع ” ماث وركس” لجمع المعلومات الخاصة بالدول وتطبيق المعادلات الرياضية للتنبؤ بموعد انتهاء الجائحة في كل بلد.
وأشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة وإيطاليا قد تجاوزتا نقطة الانعطاف (الذروة) وتقتربان من المرحلة النهائية، ومن المتوقع أن تتجاوز (واشنطن وروما) 97% من الوباء في الفترة من 7 إلى 11 مايو المقبل، فيما لاتزال سنغافورة في بداية مرحلة تسارع الوباء.
وذكرت الدراسة أن أستراليا أنهت 99 % من الوباء ومن المتوقع أن تنتهي منه تماما في 22 يونيو بينما سنغافورة ستبدأ في تسطيح المنحنى في 5 مايو المقبل وستنهي على 97% من الوباء في 4 يونيو. وربطت الدراسة هذه التقديرات الاستباقية بسلوكيات الأفراد والسياسات الحكومية، فعلى سبيل المثال تشديد سنغافورة لإجراءاتها في إبريل قد ينتج عنه تسطيح المنحنى في وقت مبكر عن الوقت الذي توقعته الدراسة سابقا، كما يمكن أن يؤدي تخفيف الإجراءات مبكرا في الولايات المتحدة وإيطاليا إلى إطالة مدة الوباء وتجاوز تاريخ نهايته التواريخ المتوقعة سابقا.
وأفادت الدراسة فان المتغيرات السياسية والسلوكيات الفردية تؤثر في توقع تواريخ دورة حياة الوباء لذلك يجب تحديث التوقعات والاستشعارات وإعادة تقديرها مع صدور أحدث البيانات من خلال القنوات الرسمية كل يوم لغرض التنبؤ والمراقبة المستقبلية.
ورأت جامعة ” سنغافورة للتكنولوجيا” أن هذه الدراسة بما حوته من تواريخ استباقية واستشرافية ستساعد الحكومات والشركات التي يتوجب عليها اتخاذ قراراتها الآن أن تكون أكثر “علمًا وتوقعًا للمستقبل”، محذرة في الوقت نفسه من الإفراط في التفاؤل بسبب التواريخ المتوقعة لإنه “يفكك ضوابطنا وقد يسبب تطور الفيروس ويغير معدلات الإصابة”.
أنشأت الجامعة موقعا إلكترونيا بتاريخ 18 إبريل الجاري يتيح عرض نتائج الدراسة والرسوم البيانية لكل بلد والتي تشير لموعد إنتهاء الجائحة ونقطة ذروتها وفقا للمعلومات والبيانات المتاحة عن كل بلد وحدثتها باستمرار.
الدافع وراء الدراسة
أوضحت الدراسة التي أجراها الباحث بجامعة سنغافورة للتكنولوجيا “جيانكس لو” تحت عنوان: “متى ينتهي كوفيد-19” أن الجميع بلا استثناء يرغب في معرفة متى ينتهي وباء كورونا، توقع وقت انتهاء الجائحة في عقول كل الناس هو أساس التخطيط خلال أزمة كوفيد-19، لكنه أمر من الصعب فعله (توقع وقت إنتهاء جائحة كورونا) بسبب عدم اليقين من المستقبل، في الوقت نفسه فإن المعرفة الحالية بأنماط الأوبئة التاريخية والمعلومات المتراكمة باستمرار عن الوباء الحالي تجعل من الممكن اتخاذ نهج لتوقع تواريخ دورة حياة الفيروس وفق نهج مطابقة النماذج والمعلومات والبيانات المتوفرة.
يمكّن ذلك من توقع تواريخ إنتهاء كوفيد-19 وأيضا تحديث التنبؤات باستمرار وفقًا لتطورها وهو ما يولد مزيدًا من المعلومات، هذه “المراقبة التنبؤية” أي المراقبة المستمرة لتوقع الأحداث المستقبلية، يمكنها توقع نهاية وباء حالي، باستخدام المعلومات التي تولد نفسها وتتراكم على مدار الوقت، مما يجعل التخطيط واتخاذ القرار والعقلية والأسلوب في اللحظة الراهنة أكثر “دراية بالمستقبل” (أكثر توقعًا للمستقبل واستعدادًا له) وتحفزًا للإجراءات الاستباقية والاحترازية.
في المقابل تقوم كل جهات المرقبة بالإبلاغ عن عدد الإصابات الفعلية والوفيات وحالات التعافي اليومية وهو ما يدفع بشكل رئيسي الإجراءات والسياسات التفاعلية والسلبية مثل إغلاق مدينة فقط عندما يتم الإبلاغ عن العديد من الإصابات.
النظرية والمنهجية
أفادت الدراسة أن تطور وباء كوفيد -19 ليس عشوائيًا تمامًا مثل باقي الأوبئة، إذ أن له دورة حياة منذ تفشيه لمرحلة التسارع ثم نقطة الانحراف ثم مرحلة التباطؤ حتى مرحلة نهاية الوباء. هذه الدورة (دورة حياة الوباء) تكون نتيجة لتكيف وسلوكيات الأفراد (التباعد الجسدي) والحكومات (إغلاق المدن) وكذلك القيود الطبيعية للنظام البيئي.
تختلف دورة حياة الوباء من بلد لأخرى ويمكن أن تكون هناك بلد في مرحلة وبلد في مرحلة أخرى في نفس التوقيت، كمثال على ذلك في 21 إبريل أعلن رئيس وزراء سنغافورة “لي هسين لونج” عن تمديد الإجراءات المتبعة بعد ارتفاع في عدد الإصابات في نفس اليوم الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإيطالي “جوسيبي كونتي” عن عودة إيطاليا للعمل يوم 4 مايو المقبل، مثل هذه القرارات والخطط يمكن اتخاذها بشكل عقلاني إذا ما عُرف موقع البلاد من دورة حياة الوباء، ومتى ستأتي نقطة الانعطاف أم هل أتت بالفعل، والأهم متى سينتهي الوباء، الأساس لتنفيذ هذا التقدير هو دورة حياة الوباء.
من المتوقع أن يظهر نمط دورة حياة الوباء كمنحنى على شكل حرف “إس” “S” أو على شكل جرس عندما يرسم الشخص العد التراكمي للحالات بمرور الوقت مثل هذه الأنماط تمت دراسة الديناميات الأساسية بشكل جيد في مختلف المجالات بما في ذلك نمو السكان وانتشار التكنولوجيا والأمراض المعدية، وأسست نظرية رياضية نموذجية بما فيها النموذج اللوجستي الذي يحدد دورة حياة ظاهرة ما مثل النمو السكاني، نموذج SIR (نموذج سرعة التأثر بالمرض) والذي يصف انتشار مرض.
يتضمن كلا النموذجين على معاملين تحدد قيمتهما شكل دورة حياة ظاهرة معينة، يمكن أن تكون معامل النموذج لبلد ما تعتمد على المعلومات والبيانات الفعلية من البلد، هذه النماذج ليست جديدة ولها الكثير من التطبيقات والمصادر المتاحة عبر الإنترنت مثل pathon و matlab . في هذه الحالة ولتقدير دورة حياة كوفيد-19 فإن المعلومات التي يعطيها موقع ” وان ورلد” تستخدم للمراجعة على نموذج “SIR” باستخدام أكواد مفتوحة المصدر من موقع ميلان باتيستا.
يتم عمل المراجعة بشكل فردي لكل البلدان ويتم تحديثها يوميًا بأحدث البيانات يستخدم النموذج المتراجع هذا لرسم دورة حياة الكاملة للجائحة، حيث يتم تجهيز النص الأول من المنحنى وفقًا للبيانات وتوقع النصف الثاني لدورة الحياة المقدرة، يمكن بسهولة من خلال ذلك معرفة في أي مرحلة من دورة حياة الوباء تكون بلد معين، متى تأتي نقطة الانعطاف (نقطة الذروة في منحنى الجرس) ومتى ينتهي الوباء لكل الدول؟
تكون نقطة الانعطاف محددة لأنها تظهر على أنها الذروة في منحنى شكل الجرس، مع ذلك فإن تقدير “تاريخ الانتهاء” ليس بهذه البساطة وقد يتم بشكل مختلف لاعتبارات مختلفة، نظريًا يمكن تحديد تاريخ الانتهاء على أنه التاريخ الذي به آخر حالة متوقعة في منحنى دورة حياة الوباء، مع ذلك من الناحية العلمية فإن تقدير نهاية الوباء قد لا يكون مفيدًا في تقديم التوجيهات لتخطيط الحكومات والشركات والأفراد.
من الممكن أن يؤخذ في الاعتبار تاريخ كتاريخ نهاية للمحال التجارية والمدارس والحكومات، عندما تكون معظم الإصابات المتوقعة (يشار إليها بدورة حياة الوباء المتراجع) تم تحقيقها وتبقى جزء صغير فقط من إجمال توقعات السكان، آخر توقعات الدراسة توفر اتباع ثلاث تقديرات بديلة لتواريخ الانتهاء بترتيب المحافظ:-
التاريخ الذي تم فيه تحديد الحالة الأخيرة المتوقعة.
التاريخ الذي يتم فيه تحديد 99% من إجمالي الحالات المتوقعة.
تاريخ تحديد 97% من الحالات المتوقعة.
(الجدول رقم 1 يظهر التواريخ المتوقعة للتقديرات الثلاث ل131 دولة حول العالم لانتهاء جائحة كورونا فيها) في أي حالة فإن توقع وتحديد تاريخ النهاية هو أمر تقريبي في طبيعته، في الواقع يمكن ببساطة استغلال منحنى دورة الحياة المقدرة، خاصة الجزء الأيمن منها لاستشعار وتوقع أي تاريخ سينتهي الوباء بشكل تدريجي الذي قد يمتد وفقًا لاحتياجات التخطيط، بشكل بديل، قد يكون التقدير لمجموعة من التواريخ منطقيًا لمثل هذه التنبؤات غير المؤكدة، ومن المتوقع أن يصبح النطاق الزمني المقدر أضيق مع تطور منحنى دورة حياة الوباء في دولة ما.
يذكر أنه تم اتخاذ منحنى الجرس بدلًا من منحنى حرف ” إس” وذلك لأن منحنى الجرس يوفر تصور أفضل لمنحنى دورة الحياة لأنه يسمح بسهولة الكشف عن نقاط الانعطاف مثل ذروة المنحنى ونهايته لكل بلد في مرحلة مختلفة. على سبيل المثال وفقًا لمعلومات 25 إبريل فإن سنغافورة لاتزال في بداية مرحلة تسارع الوباء أما الولايات المتحدة وإيطاليا فقد تجاوزتا نقطة الانعطاف (نقطة الذروة) ويقتربا من المرحلة النهائية، أستراليا أنهت على 99 % من الوباء ومن المتوقع أن تنتهي منه تماما في 22 يونيو بينما سنغافورة ستبدأ في تسطيح المنحنى في 5 مايو المقبل وستنهي على 97% من الوباء في 4 يونيو أما الولايات المتحدة وإيطاليا فمن المتوقع أن تنهي على 97% من الوباء في 7-11 مايو المقبل، مثل هذه المراقبة الاستباقية يجب دراستها سويًا وربطها بما يحدث في العالم في الوقت الحاضر كما ربطها بالسياسات الحكومية.
كمثال على ذلك فإن تشديد سنغافورة لإجراءاتها في إبريل قد ينتج عنه تسطيح المنحنى في وقت مبكر عن الوقت الذي تم توقعه سابقا، كما يمكن أن يؤدي تخفيف الإجراءات مبكرًا في الولايات المتحدة وإيطاليا إلى إطالة مدة الوباء وتجاوز تاريخ نهايته التواريخ المتوقعة في التوقع السابق.
بسبب الطبيعة التطورية للوباء فإن المتغيرات السياسية والسلوكيات الفردية تؤثر في توقع تواريخ دورة حياة الوباء، لذلك يجب تحديث التوقعات والاستشعارات وإعادة تقديرها مع صدور أحدث البيانات من خلال القنوات الرسمية كل يوم لغرض التنبؤ والمراقبة المستقبلية، بالأخص لسنغافورة والدول التي لاتزال في بداية دورة حياة الوباء، وسيصبح توقع بقية المنحنى ونقاطه وتاريخ النهاية أمرًا ذي قيمة أكبر إذا ما تم تنفيذه بشكل صحيح، لكن من الممكن أن يكون أقل علاقة ” بالمستقبل الحقيقي” إذا ما كانت المعلومات المستخدمة تغطي جزءًا صغيرًا ومبكرًا من دورة حياة المنحنى. كمثال على ذلك فإن إيطاليا ودول أخرى تكون التوقعات الخاصة بها أكثر دقة وذلك لأن المنحنى الخاص بها مر بأكثر من مرحلة من مراحل دورة حياة الوباء لكنه في هذه الحالة يكون أقل فائدة ففي مثل هذه الحالة يكون المنحنى مخصص أكثر لفهم وشرح بداية وتاريخ الوباء في البلاد بدلًا من توقع مستقبله.
ملخص الدراسة
التوقع القائم على النموذج والمعلومات والبيانات المتاحة لدورة حياة وباء وتوقعات تواريخ انتهائه إذا نفذت، ربما تقلل التوتر وتزيد من التصرف العقلاني للجميع في المرحلة المقبلة من تطور الوباء بغض النظر عما إذا كانت الحالة ستسوء أم تتحسن، هذه المراقبة المستقبلية تساعد الحكومات والشركات التي يتوجب عليها اتخاذ قراراتها الأن أن تكون أكثر ” علما وتوقعا للمستقبل”.
في الوقت الحالي يجب على القراء اتخاذ أي تنبؤات أو بيانات ومعلومات من النموذج ودورة حياة الوباء بحذر. قد يكون التفاؤل المفرط بسبب التواريخ المتوقعة خطير لأنه يفكك الضوابط التي اتخذتها الدول، وقد يسبب تطور الفيروس ويغير معدلات الإصابة.
وأوضحت الدراسة أن النموذج المعمول به هو مناسب فقط نظريًا لوباء من مرحلة واحدة، التوقع كذلك يكون مرهونًا بدقة البيانات والمعلومات المتاحة، الحقيقة الوحيدة هو أنه لا يمكن التأكد من المستقبل، لم يتوقع أحد انتشار وباء كورونا في أكتوبر أو نوفمبر من العام 2019 بالرغم من أن بيل جيتس حذر من خطورة انتشار وباء عالمي في مؤتمر “تيد” في عام 2015.
مع إدراك عدم التأكد من طبيعة جائحة كورونا المستمرة حاليًا، والنمو في الترابط والتواصل والتعقيد في العالم ما نحتاجه بشكل أساسي ونهائي هو المتانة والمرونة للتعامل مع أي أحداث أو سيناريوهات غير متوقعة في المستقبل.
وتوضح الأشكال التالية 1 تصنيف لتواريخ نهاية الوباء ونقاط الذروة بالدول:
باحث ببرنامج السياسات العامة