
د. صبحي عسيلة يكتب..سيناء: درة تاج الوطن
العلاقة بين سيناء والمصريين علاقة فريدة حيرت الكثيرين، أصدقاء كانوا أم أعداء. فسيناء شأنها شأن باقي أراضي الوطن أكبر وأهم من مجرد حفنة تراب. ومصر وإن كانت قد توسعت في فترات مختلفة من التاريخ إلا أن حدودها المعروفة حاليا ثابتة منذ آلاف السنين، ولم تعرف مصر يوما دعوات الانفصال من أي من مكوناتها. فكل من تلك المكونات يربطه بالأم حبا سريا لم ينقطع يوما والأهم أن أحد لم يفكر في أن يقطعه، بل إن المصريين استهجنوا وأدانوا وعاقبوا كل من تجرأ على طرح فكرة فصل أي من أجزائها، سواء جاء الطرح من أحد أبنائها أو من جانب أعدائها. حاربت مصر وما زالت تحارب من أجل كل حبة رمل في سيناء وغيرها في كافة ربوع الوطن. عاش المصريون أيام وسنوات أصعب مما يذكره لنا التاريخ وحكايات الآباء خلال الفترة التي احتلت فيها سيناء. لم تنم مصر يوما وجزء عزيزا من أرضها محتلا، فكان نصر أكتوبر العظيم وما تلاه من معارك دبلوماسية أفضت جميعها لتحرير سيناء كاملة. ولأنها درة تاج الوطن فقد كانت فكرة تنمية سيناء مطروحة دائما على أجندة الدولة المصرية. نعم تعثر المشروع في عقود سابقة، ولكنه عاد بقوة لم يعرفها مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور الذي ولى وجهه شطر سيناء ليربطها بعدة شرايين إضافية تسمح بإتمام عملية تنمية حقيقية لسيناء تجري أحداثها بالفعل على أرض سيناء. وبينما الدولة مشغولة بكل أجهزتها ومؤسساتها بمواجهة فيروس كورونا والإطلالات الخبيثة من قبل الإرهاب، وبينما تتحضر مصر للاحتفال بعيد تحرير سيناء إذا بالمصريين يصحون على وقع إزعاج إطلالة لا تقل خطورة عن الإرهاب. تلك الإطلالة التي تتخفى وراء فكرة تنمية سيناء التي لا خلاف عليها لتطرح ما لا يمكن فهمه إلا على أنه دعوة لفصل سيناء عن مصر باعتبار أن ذلك أفضل الطرق لتنميتها تنمية حقيقية متجاهلة عن عمد أو عن جهل ما تقوم به الدولة لتنمية سيناء، وضاربة عرض الحائط بكل اعتبارات الأمن القومي. وبدلا من أن يقدم أصحاب تلك الدعوة دعما للدولة ولسيناء في ظل التحديات الراهنة وبدلا من أن يمدوا يد العون للمساعدة في مشاريع التنمية في سيناء والاستثمار في أراضيها تصوروا أن الوقت مناسبا لتمرير مثل تلك الأفكار الغربية والغريبة علها تجد من يتلقفها، فإذا بالمجتمع يلفظها ويكاد يلفظ أصحابها. المصريون بفطرتهم يعرفون قيمة سيناء ومواطني سيناء أنفسهم يعرفون قيمة الوطن. يعرفون أنه لا وجود لسيناء بلا مصر ولا حياة لمصر بلا سيناء. سيناء درة تاج الوطن نعم، وهي إحدى أهم كنوزه نعم، وتنميتها واجب قومي نعم، ولكن تصور أن يتم ذلك بعيدا عن الوطن وبأفكار تحمل في باطنها سمها ومخاطر تفتيت الوطن وضياع سيناء فدونه رقاب المصريين.
نقلا عن الأهرام
رئيس وحدة دراسات الرأي العام