كورونا

الجواسيس الذين تنبؤوا بفيروس كورونا

“عرض – هبة زين”

نشرت منظمة project syndicate التشيكية المعنية بنشر مقالات وتحليلات الخبراء، مقالًا لـKent Harrington كبير المحللين السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أكد فيه أنه حان الوقت لأن يحصل المتخصصون في المخابرات على التقدير الذي يستحقونه، مشيرًا إلى إن وكالات الاستخبارات اعتادت على تصدر عناوين الصحف عندما تفشل في القيام بعملها، خاصة بعد سنوات من تجاهل تنبيهاتهم حول خطر انتشار وباء أثناء حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تجاهل متواصل

لم يعد من المستغرب تجاهل ترامب للمعلومات الاستخباراتية حول تهديد فيروس كورونا خلال شهري يناير وفبراير، فقد أوضح ترامب من قبل عدم تقبله لآراء تخالف رأيه، فعندما عارضه قادة المخابرات في عدة قضايا في بيانهم السنوي للكونجرس العام الماضي، قال لهم “عودوا إلى المدرسة”. هذا العام، فاتورة حرب ترامب على الاستخبارات ستُدفع في شكل خسائر في الأرواح وأنظمة الرعاية الصحية المثقلة.

لقد دقت أجهزة المخابرات الأمريكية ناقوس الخطر، بل وفرت خطة قتال العدو، موضحة بالتفصيل كيفية ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد، ومع ذلك، لم يفعل “الرئيس المغرور” في زمن الحرب أي شيء، الإهمال يتحدث عن نفسه.

بلغ السيل الزبى

كشف كينت هارينجتون عن سبب وأهمية البيانات العامة التي يقدمها قادة المخابرات. خاصة، إذا كانت للكشف عن جهل الرئيس المتعمد، مشيرًا إلى أن معظم الأمريكيين لن يروا المعلومات الاستخباراتية والتحليل المتعمق الذي يتلقاه الرئيس ترامب يوميًا، لكشف تحديات الأمن القومي. خاصة وأن البيانات العامة لا يمكنها كشف كافة التفاصيل حول القضايا التي تتابعها الاستخبارات الامريكية، مشددًا بصفته عمل من قبل على مقربة من وكالة المخابرات المركزية، على أن المحللين الاستخباراتيين يبذلون قصارى جهدهم لإيضاح النتائج والتحليلات المتعمقة بدقة.

harrington23_MANDEL NGANAFP via Getty Images_dancoatsUSintelligencesecurity

وأضاف أنه بالإشارة إلى بيان العام الماضي الذي أثار حفيظة ترامب وأزعجه، فقد أكد المدير السابق للمخابرات الوطنية دانيال كوتس Dan Coats فيه على استنتاج مسؤولي الاستخبارات أن روسيا قد تدخلت في انتخابات 2016 نيابة عن ترامب، كما حذروا من أن الصداقة والتقارب القوي بين ترامب ودكتاتور كوريا الشمالية كيم جونج أون لن تقلل من الطموحات النووية لذلك البلد. هذا وقد تم تأجيل بيان الاستخبارات الامريكية هذا العام وإلى أجل غير مسمى.

تحذيرات متتالية

كما حذر التقرير السنوي لمدير المخابرات الامريكية أكثر من مرة من خطر انتشار جائحة عالمي. وقد رفعت أجهزة الاستخبارات حالة التأهب لأول مرة فور تولي الرئيس باراك أوباما منصبه في يناير 2009، عندما وجد مدير المخابرات دينيس بلير Dennis Blair أن التحدي الصحي هو التحدي الأكثر إلحاحًا للولايات المتحدة خاصة حال ظهور جائحة شديدة. وكان المرشح الأكبر وقتها هو فيروس إنفلونزا قاتل.

وبعد تفشي إنفلونزا الخنازير (H1N1) عام 2009، ضاعف بلير تحذيراته في عام 2010 من احتمالية حدوث جائحة لتعطيل الاقتصاد، موضحًا إن “الافتقار إلى المراقبة المستمرة والقدرة التشخيصية للأمراض التي تصيب الحيوانات، يقوض قدرة الولايات المتحدة على التعرف على حالات التفشي المحلية واحتواءها والتحذير منها قبل انتشارها”.

وأفاد خليفة بلير، جيمس كلابر، نفس الرسالة في مارس 2013، لكنه أضاف الإشارة إلى الخطر المتزايد الذي تشكله الفيروسات الحيوانية، والتي تنتقل بسهولة من خلال الجهاز التنفسي، وتتسبب في وفاة أكثر من 1% من ضحاياه، وهذا الحجم من التفشي قد يتسبب في جائعة عالمية.

وهو ما يعد تنبؤًا بجائحة كورونا. وقد تلقى ترامب نفس الرسالة أيضًا من كوتس في مايو 2017، والذي سلط الضوء على تقييم البنك الدولي الذي توقع أن الوباء سيكلف العالم حوالي 5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كما كرر كوتس نفس التحذير في عام 2019، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة والعالم سيظلان عرضة لوباء الإنفلونزا القادم أو تفشي واسع النطاق لمرض معدي يمكن أن يؤدي إلى معدلات هائلة من الوفيات والعجز، يؤثر بشدة على الاقتصاد العالمي، والضغط على الموارد الدولية، وزيادة الدعوات إلى الولايات المتحدة للحصول على الدعم.

وتساءل الكاتب هل يتفاجأ أحد بأن خليفة كوتس لا يزعج نفسه ببيان هذا العام؟، لافتًا إلى أن بيانات وتقييمات مديري المخابرات لم تكن هي الوحيدة التي أظهرت مدى إهمال ترامب في مواجهة الوباء. كل أربع سنوات، يصدر مجلس المخابرات الوطني، الاتجاهات العالمية التي تتوقع تغير موازين القوى الدولية، يمكن من خلاله صياغة أو تجديد أهداف الرؤساء المتعلقة بالأمن القومي.

مشكلة غير متوقعة

وذكر كيت هارينجتون أن ترامب بعد كل هذه التقارير وصف جائحة كورونا بأنها “مشكلة غير متوقعة” “خرجت من العدم”. لكن في حقيقة الأمر أن عدة تقارير تنبأت بالأزمة ولكن لم يتنبه أحد، فمثلا تقرير عام 2008 “الاتجاهات العالمية 2025″، حذر مؤلفوه من “ظهور مرض تنفسي بشري جديد وقابل للانتقال وخبيث ولا توجد إجراءات مناسبة مضادة له، ويمكن أن يؤدي إلى جائحة عالمية”. مرجحين أن التهديد سيظهر “في منطقة تتميز بكثافة سكانية عالية وارتباط وثيق بين البشر والحيوانات، مثل العديد من مناطق الصين وجنوب شرق آسيا.”. مضيفين إنه “يمكن للمسافرين الذين يعانون من أعراض خفيفة أو الذين ليس لديهم أعراض أن يحملوا المرض إلى قارات أخرى.”.

تصدير معلومات مضللة حول الفيروس، وحل إدارة مجلس الأمن القومي التي تشرف على تهديدات الوباء، بهذه الإجراءات بدد ترامب أي فرص استباقية لمواجهة أزمة كورونا. فقد توقع المحللون والخبراء العواقب الصحية والاقتصادية التي تمر الولايات المتحدة بها الآن منذ فترة طويلة تقارب 12 عام على الأقل. لكنهم لم يستطيعوا أن يتنبؤوا بأن أمريكا ستنتهي برئيس مستعد للتضحية بالكثير من الأرواح بسبب غروره.

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى