كورونا

الاستنفار البريطاني في مواجهة فيروس كورونا المستجد

صاحبت الاستراتيجية البريطانية العديد من التحولات الدراماتيكية. فمن رئيس وزراء يطل على مواطنيه بتصريحات كانت الأكثر رعبًا وصدمة، بوضعهم أمام حقيقة ضرورة استعدادهم لفقد أحبائهم، مرورا بفرضه عزل صحي على البلاد، رأي الكثيرون أنه تأخر كثيًرا. ثم إصابة رأس النظام ذاته بشكل أثار فزع مواطني بلاده، كان سيترك البلاد أما خيارات سياسية أكثر قتامة من حالة خروجهم من الاتحاد الأوربي. وأخيرًا التقاط الانفاس بشفائه. ولكن يظل السؤال هل سخرت الحكومة البريطانية كل مقدراتها لمواجهة الفيروس؟ وهل تأخرت الاستجابة البريطانية حقًا، وأين أصابت وأين اخطأت؟ 

العلم قاطرة التحرك البريطاني

أتي التحرك البريطاني في إطار خُطة تم نشرها في الثالث من مارس من قبل السلطات الصحية في البلاد، والتي تقضي بأنه بإعلان منظمة الصحة العالمية بأن الفيروس تحول لوباء، فقد انتقلت البلاد من خطتها في الاستجابة من مرحلة الاحتواء والكبح إلى محاولة تأخير ذروة انتشار الفيروس، فوفقًا لتصريح رئيس الوزراء بأن البلاد متخلفة عن تصاعد الانتشار الإيطالي، إلا أنه من المتوقع أن يبلغ الفيروس ذروته في غضون من 10 إلى 14 أسبوعًا وأتى هذا التصريح في أولى المؤتمرات الصحفية لرئيس الوزراء بوريس جونسون ما قبل منتصف مارس، وبصحبته مستشاري الحكومة الصحيين.

بريطانيا: كورونا خطير.. وتعلن عن ارتفاع عدد المصابين لديها لـ8

وكان أبرز ما نصت عليه الخطة من مراحل لمواجهة الفيروس الآتي:

  • الكبح والاحتواء عن طريق الكشف عن الحالات المبكرة، ومتابعة الاتصالات الوثيقة، ومنع حدوث المرض في هذا البلد لأطول فترة ممكنة. 
  • ثم الانتقال لمرحلة التأخير في محاولة لإبطاء الانتشار، وخفض تأثير الذروة ودفعها بعيدًا عن فصل الشتاء. 
  • هذا بالتوازي مع اجراء الأبحاث ومحاولات التخفيف من حدة المرض، ودعم المستشفيات للحفاظ على الخدمات الأساسية وضمان الدعم المستمر للأشخاص المرضى في المجتمع لتقليل التأثير العام للمرض على المجتمع، والخدمات العامة والاقتصاد.

لذا فإن الهدف الرئيسي كان دومًا خفض عدد الحالات لتأخير ذروة تفشي الفيروس، لجعلها تتناسب مع مقدرات هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS). وأوضحت الخطة منذ البداية اللجوء لإجراءات العزل كمرحلة رئيسية ولكن تم رفض اللجوء إليها منذ البداية للعديد من الأسباب، كان أكثرها إثارة للجدل مناعة القطيع التي عنت أن يكتسب أغلب لأفراد مناعة طبيعية من المرض بعد التغلب عليه ويتم عزل الأفراد المعرضين للخطر لحين انتهاء خطر الوباء وضمان عدم انتقال المرض إليهم. 

إلا أن بعد اجتماع للأزمة وُجد أن تزايد سرعة تفشي الفيروس لن تضاهيه قدرات هيئة الصحة الوطنية، وجدوا كذلك أن تطبيق تلك الخطة دون أي تدخل من الحكومة سيؤدي إلى وفيات تصل ما بين 100-250 ألف بريطاني، وهو ما تم رفضه.

لذا تم اللجوء لإجراءات التشديد التي تم وضعها من قبل دراسة وضعها فريق الاستجابة لفيروس كورونا التابع لجامعة إمبيريال في لندن، بقيادة البروفيسور نيل فيرجسون، العالِم الذي أقنع بوريس جونسون باتخاذ إجراءات حازمة، وقدم أدلة على أنه إذا نجحت الإجراءات الحالية كما هو متوقع، فإن عدد الضحايا سينخفض إلى ما يقرب من 20000 شخص أو أقل.

Professor Neil Ferguson on the current 2019-nCoV coronavirus ...

وأوضح فيرجسون في السياق ذاته، أن على الحكومة التحرك في اتجاهين أولهما دعم الزيادات في قدرات هيئة الصحة الوطنية، وثانيهما القيود المستمرة على تحركات الناس، لإعطاء الهيئة الفرصة للتكيف مع ذروة تفشي الفيروس. وربط فيرجسون تخفيف القيود المفروضة، عند وجود القدرة على توسيع الاختبارات للكشف عن الفيروس بشكل أكبر.

ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، أرسل فريق فيرجسون نسخة مبكرة من التقرير إلى البيت الأبيض بعدما توقع الفريق أن عدم التدخل سيؤدي إلى ما يزيد عن وفاة مليون مواطن أمريكي، والتي أرجع إليها البعض، أنها السبب في تصعيد الرئيس الأمريكي ترامب رده في مكافحة فيروس كورونا المستجد.

 وعليه فرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم 23 مارس إغلاقًا عامًا في المملكة المتحدة لثلاثة أسابيع. ووفقًا لهذا الحظر لن يُسمح للمواطنين بمغادرة منازلهم سوى في حالات معينة كشراء الاحتياجات الضرورية والتوجّه إلى العمل أو إلى الطبيب أو ممارسة الرياضة مرة واحدة يوميًا. وأكد جونسون كذلك منع أي تجمع يضمّ أكثر من شخصين ماعدا الجنازات، مع إغلاق كل متاجر بيع السلع غير الأساسية وأماكن العبادة. وفى حال عدم الالتزام ستفرض الشرطة غرامات على المخالفين. لذا فكان العلم هو المحرك الرئيس لتحركات الحكومة.

الاصطفاف حول دعم القطاع الصحي

نظرًا إلى أن الهدف الرئيسي للحكومة هو الحفاظ على هيئة الصحة الوطنية من الانهيار، وتدعيمها لتجاوز ذروة تفشي الفيروس. لذا في هذا المضمار قامت الحكومة البريطانية بمحاولات حثيثة وإن شابها بعض الاختلالات لدعم القطاع الصحي، عن طريق تسخير كل الموارد المتاحة سواء شركات أو مستشفيات قطاع خاص أو هيئات البحث العلمي وأخيرًا اللجوء للمجتمع لدعم القطاع الصحي. وكان أبرز تلك التحركات: 

  • قامت هيئة التأمين الصحي في بريطانيا بتوقيع اتفاق مع المستشفيات الخاصة للاستفادة من جهود 20 ألف من العاملين في الحقل الطبي، بالإضافة إلى الحصول على ما يقرب من 8000 سرير و1200 جهاز للتهوية، من خلال صفقة تعد الأولى من نوعها
  • محاولة سد العجز فيما يخص انتاج أجهزة التنفس الصناعي. حيث وجهت الحكومة الدعوة ل 60 شركة، للمساعدة في إنتاج 20000 جهاز تنفس، وقد أفادت وكالة “رويترز” بأن بريطانيا طلبت عشرة آلاف جهاز تنفس صناعي ينتجها ائتلاف شركات بينها “فورد” و”إيرباص” و”رولز رويس”، في إطار جهودها لمكافحة فيروس كورونا. وسيبدأ فريق مرسيدس لسباقات الفورميولا 1 بالفعل بتسليم ما يصل إلى 10 آلاف جهاز تنفس إلى هيئة خدمات الصحة الوطنية الأسبوع الحالي. بالإضافة لإعلان وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل جوف في بداية إبريل إن بلاده تسلمت 300 جهاز تنفس صناعي من الصين.
  • توجه الحكومة للتركيز على صنع تحليل الأجسام المضادة للفيروس. حيث أعلن وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، أن الحكومة اشترت 3.5 مليون اختبار أجسام مضادة، وأضاف أن “تلك الاختبارات ستسمح للناس بمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بالفيروس واكتسبوا مناعة ضده، بحيث يمكنهم العودة إلى العمل”. إلا أنه حتى بداية شهر إبريل قامت الحكومة البريطانية باختبار ١٧ تحليلًا، أُعلن فشلها في الوصول لدرجة الدقة المطلوبة للاستخدام العام.
  • استدعت الحكومة ٦٥ ألف ممرض وطبيب متقاعد وتوفير التدريب اللازم لهم، لمواجهة فيروس كرونا المستجد. وأضافت الحكومة استدعاء المواطنين لمساعدة الفئات المعرضة للخطر، فأعلن وزير الصحة البريطاني مساء الثلاثاء 24 مارس، إطلاق الحكومة خطة لتجنيد 250 ألف متطوع لدعم الخدمات الصحية الوطنية، في مواجهة فيروس كورونا المستجد. وقد وصلت أعداد المتطوعين لنحو 750 ألف متطوع عند أغلاق الطلب يوم 6 إبريل.
  • بدأت بريطانيا في أول إبريل في استيراد أجهزة الفحص من كوريا الجنوبية وبدء تصنيعها محليًا. وتشارك الحكومة مع 9 شركات ومختبرات ومراكز أبحاث في هذا البرنامج لزيادة طاقة الكشف عن الفيروس وإنتاج تلك الاختبارات. ووضعت استراتيجية لزيادة طاقة الكشف عن الإصابة بالفيروس إلى 100 ألف فحص يوميًا في المستشفيات وخارجها بنهاية الشهر الحالي. لكن المؤشرات حتى الآن في بداية الأسبوع الثاني من الشهر تدل على أن قطاع الرعاية الصحية ما يزال بعيدًا جدًا عن تحقيق هذا الهدف، لأن عدد الفحوصات لم يتجاوز 15 ألف شخص يوميًا بعد.
  • أكد وزير الصحة أنّ العمل جارٍ من أجل تطوير تطبيق إلكتروني في وحدة الابتكار الحكومية إن إتش إس إكس. والتطبيق هذا ينبّه المستخدمين فور احتكاكهم بشخص يعاني من أعراض فيروس كورونا. ستجمع تلك المنصة معلومات حول الأشخاص المصابين بفيروس “كورونا” والأشخاص الذين كانوا على تواصل معهم. وإذا كان مستخدم ما قريبًا إلى شخص آخر بيّن الاختبار إصابته بـ”كوفيد-19″، فسيُحثّ المستخدم على العودة إلى المنزل، من دون معرفة هويّة المصاب الذي عرّضه للخطر، وذلك بهدف حماية خصوصيته وضمان عدم إلقاء اللوم على الأفراد في تفشي المرض.
  • وقررت الحكومة دعم قطاع الأدوية، فقررت وقف تصدير 80 نوع من الأدوية لتجنب حدوث نقص في الإمدادات الدوائية للاحتياجات المحلية. الأصناف الممنوع تصدرها تشمل الادرينالين، الباراسيتامول، الإنسولين. بالإضافة لزيادة التمويل البريطاني ليصل لما يقرب من 500 مليون جنيه إسترليني للوصول لمحاولة لإنتاج مصل لفيروس كورنا المستجد.

ويبدو أن الحكومة حققت أحد جوانب هدفها الرئيسي وهو الحفاظ على هيئة الصحة الوطنية. فقد صرّح وزير الصحة مات هانكوك يوم الأحد (13 إبريل) إن الجهود المبذولة لزيادة السعة كانت ناجحة، مضيفًا أنه على الرغم من تزايد أعداد الحالات، إلا أن هناك الآن أسرة رعاية حرجة متوفرة (2295) أكثر مما كانت عليه في بداية تفشي المرض. تلك السعة التي تم اتاحتها قبل بناء مستشفى Nightingale شرق لندن، هذا المستشفى الميداني الذي يسع 4 ألاف سرير، وستة مستشفيات أخرى قيد الإنشاء في جميع أنحاء البلاد.

إلا أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من العيوب الثى يعد أبرزها: 

  • يوم 10 إبريل ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أن هناك حوالي 1000 حالة وفاة في دور المسنين بسبب فيروس كورونا المستجد، لم تشملهم إحصائيات الوفاة البريطانية الرسمية، حيث استثنتهم السلطات من العدد الإجمالي للوفيات. وأضافت الصحيفة بأنه عند رصد الإحصائيات البريطانية الرسمية عن ضحايا الفيروس، فإن السلطات البريطانية لا تأخذ في الاعتبار وفاة مئات المرضى في دور المسنين.
  • وكذلك حذّر السير جيريمي فارار، مدير منظمة الأبحاث الخيرية “ذا ويلكوم ترست”، في حديثه لبرنامج آندرو مار على إذاعة “بي بي سي”، أنه: ” يُرجّح أن تصبح المملكة المتحدة بلا شك من أكثر البلدان تأثراً في أوروبا، إن لم تصبح الأكثر تأثراً، في حال لم تتجه لزيادة أعداد الاختبارات على غرار ألمانيا”.
  • وأخيرًا يواجه القطاع الطبي في البلاد نقصًا حادًا في معدات الوقاية. الأمر الذي ساهم في انتشار الفيروس في الأوساط الطبية وأدى إلى وفاة ما يقرب من 20 شخصًا من القطاع الطبي. وكان أخر نتائجه أن أعلنت كلية التمريض الملكية توجيهات جديدة لأعضائها تحثهم فيها على رفض الاعتناء بالمرضى “كحلّ نهائي” إن لم تتوفّر معدات الوقاية الشخصية المناسبة. 

الجيش البريطاني المعول الرئيسي للحكومة

جونسون: الجيش البريطاني قد يتدخل لمواجهة (كورونا) | دنيا الوطن

منذ البداية وضّحت خطة الحكومة التي تم طرحها في أول مارس، أنه في حال لم تستطع مستشفيات هيئة الصحة الوطنية استيعاب المرضى، فأنه سيتم بناء مستشفيات ميدانية مساعدة بناءً على خبرة الجيش البريطاني في مواجه فيروس إيبولا في إفريقيا منذ سنوات. وهو ما حدث بالفعل وإن امتد دور الجيش البريطاني وتصاعد على عدة مستويات، أبرزها: 

  • قيام الجيش البريطاني بتوزيع وإيصال الملايين من أغراض الوقاية الشخصية التي تشمل الكمامات عن طريق تسيير شاحنات على مدار الساعة، وفقًا ل تصريح أدلى به وزير الصحة مات هانكوك. 
  • وفى 19 مارس، أصدر رئيس الأركان أوامر برفع إستعداد١٠ آلاف فرد آخرين من الجيش البريطاني، بالإضافة ل١٠ آلاف فرد تم الاستعانة بهم منذ مقدمة الأزمة، ليصل إجمالي العدد ل ٢٠ ألف في حالة استعداد، وهو التزام كبير بالنسبة إلى بلد يبلغ قوام قواته المسلحة مجتمعة 150 ألف جندي. وأضاف أيضًا أن الجيش سيقوم بتدريب ١٥٠ فرد لقيادة شاحنات أوكسجين. وأكد وضع جميع علماء ومعامل الجيش الصحية والعلمية تحت تصرف وزارة الصحة.
  • وضع الجيش مخططات لتشييد تسعة مستشفيات إضافية للطوارئ في أرجاء البلاد، إلا أنها سوف تكون المنشآت الميدانية أصغر من مستشفى “نايتنغايل” التابعة لهيئة “الخدمات الصحية الوطنية”، الذي شُيّدت في “مركز إكسيل” بمنطقة “دوكلاندز” اللندنية بسعة 4 آلاف سرير.
  • عمل “سلاح الجو الملكي” على إجلاء بعض المواطنين البريطانيين العالقين في الخارج، وساهم في نقل أجهزة التنفس الاصطناعي ومن بينها 200 جهاز أُحضِرَتْ من الصين على متن إحدى رحلات “سلاح الجو الملكي” أخيراً.
  • وكذلك تم توكيل مهمة لأفراد من الكتيبة الـ 77، المتخصصة في الحروب السيبرانية على الإنترنت وعمليات المعلوماتية، مهمة التصدي للمعلومات الكاذبة الضارة حول جائحة كورونا.

الضخ غير المسبوق للاقتصاد البريطاني

أعلن وزير الخزانة ريشي سوناك في بيان الحكومة اليومي منتصف أبريل الحالي، أن تقريرًا صادرًا عن المكتب المستقل لتقييم الميزانية العامة للدولة، قد جاء فيه ان الاقتصاد البريطاني سينكمش في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 35%، وأن عجز الميزانية سيتفاقم إلى ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي. 

يترافق هذا الوضع الاقتصادي المتأزم مع أعلى ارتفاعات مسجلة للبطالة على الإطلاق، بتسجيل أكثر من مليون طلب للحصول على مساعدات مالية من الحكومة، أو ما يعرف بالائتمان الشامل، خلال الفترة الماضية.

إلا أن هذا الوضع القاتم لم يمنع الحكومة البريطانية أن تعلن عن مشروع ميزانيتها العامة الجديدة، الذي تجاوز السياسة الاقتصادية التقشفية وتخفيض الإنفاق العام، تلك السياسة التي اتبعتها الحكومات المحافظة لأكثر من عشر سنوات، بعد الأزمة المالية العالمية 2008-2009. 

فأعلن وزير الخزانة زيادة الإنفاق العام عن طريق الاقتراض من الجهاز المصرفي لتمويل حزمة من الأنشطة التي من شأنها ان تساعد الاقتصاد على الصمود في مواجهة كلاً من الحرب على فيروس كورونا المستجد وتجاوز تداعيات البريكست.

وتوافق هذا التوجه مع إعلان الحكومة عن حزمة تنشيط مالي واقتصادي لإنقاذ قطاعات الأعمال والعمال من مخاطر انتشار الفيروس وتقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن. وطبقا لذلك أعد وزير الخزانة بالتعاون مع محافظ بنك إنكلترا حزمة مالية ضخمة، وأعلنوا الاستعداد للتدخل في السوق بشراء أسهم بالشركات الكبرى المتعثرة على غرار ما فعلت الحكومة في عام 2008. وكان أبرز بنودها:

  •  الاعلان عن حزمة مساعدات مالية غير مسبوقة قدرها ٣٥٠ مليار جنيه، أُلحق بها حزمة مساعدات أخرى تصل إلى ٣٠ مليار استرليني، للشركات وقطاعات الأعمال المختلفة لضمان عدم انهيارها.
  • وكذلك تعهدت الحكومة بدفع نسبة ٨٠ % من مرتبات جميع العاملين الغير قادرين على العمل بسبب الأزمة في جميع القطاعات، وكذلك من يعملون لحساب أنفسهم 5 ملايين شخص، بحد أقصي ٢٥٠٠ جنيه إسترليني في الشهر. ويمتد هذا القرار لثلاثة أشهر قابلة للتمديد.
  • خفّض بنك انجلترا سعر الفائدة إلى (0.10%). وهو ما يعُد أدنى سعر فائدة في تاريخ البنك المركزي الانجليزي. 
  • بالإضافة لزيادة إعانات الغذاء والإعانات الاجتماعية لذوي الدخل المحدود. 

إلا أن تلك الحزمة غير المسبوقة تٌوَاجه كذلك بعدد من الانتقادات أبرزها تركيزها على إنقاذ الشركات وأسواق المالية أكثر من التركيز على المواطنين ورعايتهم بشكل أكبر. بالإضافة إلى تعنت القطاع المصرفي في تقديم تلك التسهيلات بطلب ضمانات كبيرة قد تهدد حياة الأفراد فيما بعد، كمنازلهم او أصول شركاتهم. 

الشفافية وإظهار التضامن كوسيلة للتواصل الشعبي

انتهجت الحكومة البريطانية وعلى رأسها رئيس وزرائها بوريس جونسون، نهجًا وأن اتسم بمخالفته لبعض نصائح منظمة الصحة العالمية، بفرض الإغلاق الكامل منذ البداية. إلا أنه اتسم بالشفافية وإظهار التضامن، وإيضاح البدائل المتاحة وتكلفتها، ووضع الجهات العلمية في الصدارة باعتبار أنهم الأصل في حل تلك الأزمة. 

فمن ناحية تكررت المؤتمرات الحكومية التي كان بمقدمتها رئيس الوزراء وبجانبه المستشارين العلميين، وعند إصابته، لم ينقطع عن التواصل وتأكيد أهمية التضامن بين أفراد المجتمع. وقد أتى هذا بالتوازي مع مؤتمرات صحفية يومية للوزراء لتوضيح تطورات تفاعلات الحكومة مع الأزمة. بالإضافة لظهور دعم الجيش البريطاني ومساهمته في إجلاء العيديد من البريطانيين، ما أرجع الكثير من المصداقية والتضامن بينه وبين الشعب. ولم يتم استثناء المعارضة ومشاركتها في الأزمة كذلك. فنجد أن رئيس الوزراء البريطاني دعي زعماء أحزاب المعارضة للعمل المشترك مع الحكومة في الحرب على فيروس كورونا.

مصور واحد وغرفة واسعة... تدابير وقائية لملكة بريطانيا في «خطاب ...

وأخيرًا ساهمت الملكة إليزابيث الثانية، في تأكيد أهمية التضامن بين أفراد المجتمع للخروج من الأزمة. فقدمت خطابًا استثنائيًا، ويعتبر الخامس من نوعه. حيث خطبت الملكة، بعد وفاة الملكة الأم في العام 2002 وقبل مأتم ديانا أميرة ويلز في العام 1997 وبشأن حرب الخليج الأولى في العام 1991. وكانت أولي خطابتها فترة الحرب العالمية الثانية لدعم الشعب البريطاني. 

واستلهمت الملكة البريطانية في خطابها الذي ألقته وسط أزمة فيروس كورونا، أجواء الحرب العالمية الثانية، واعدة بانتصار شعبها على الجائحة إذا صمد والتزم بحالة العزل. ودَعت الملكة إليزابيث البريطانيين إلى التحلي بعزيمة أسلافهم وإثبات أنهم في قوة الأجيال السابقة.

في الختام نجد أن تلك السياسة المتبعة من قبل الحكومة بروافدها المختلفة، قد ساهمت في رفع مستوى الثقة بالحكومة بشكل كبير. وهو ما انعكس على استطلاعات الرأي، فأفاد تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، بأن استطلاعات الرأي أشارت إلى أن وضع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تحسن أكثر من أي زعيم آخر بعد أزمة كورونا، وذلك وفقا لاستطلاع موقع “مورنينج كونسلت”. وقفز تصنيف جونسون في استطلاعات الرأي بأكثر من 25نقطة مئوية، ليحوله إلى واحد من أكثر القادة شعبية في العالم الديمقراطي، مع نسبة قبول صافية بلغت 29%..

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

الشيماء عرفات

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى