
زيادة أسعار البنزين بين الضرورة والوعي الرشيد
على مدى خمس سنوات، تحركت أسعار البنزين لخمس مرات، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة حاليًا، حيث أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية، تحريك أسعار الوقود، اعتبارا من التاسعة صباح أمس الجمعة ليصبح سعر المواد البترولية في مصر، هو سعر التكلفة الفعلية، الأمر الذي لم يقابله المواطن المصري بالصدمة أو المفاجأة، ما فسره بعض الخبراء بأنه ناتج عن نوع من الوعي الرشيد، كونه أصبح قادرا على التمييز بين القرارات المهمة التي تعود عليه بالمنفعة وعكسها، ما يجعله متقبلا فكرة “ربط الحزام”، باعتبار أن تلك الخطوة حتمية، ولا مفر منها، من أجل مستقبل أفضل.
وتعد هذه الشريحة الخامسة والاخيرة من رفع الدعم على المواد البترولية خلال الأعوام (2014 -2019)، إلا أن الدولة مازالت تدعم أسطوانات البوتاجاز، والمواد البترولية للمخابز، والكهرباء.

المصريون ما بين مؤيد ومعارض ومثير للشائعات
وأثار قرار زيادة أسعار الوقود، كثيرا من اللغط، بين مؤيد ومعارض، فعلق النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بأن القرار يصب في مصلحة المواطنين محدودي الدخل، وأن ما سيتم توفيره من أموال دعم الوقود، ستدخل في بنود أخرى بالموازنة العامة للدولة لدعم الأسر الأولى بالرعاية، مثل دعم الخبز والسلع التموينية؛ بينما يرى النائب صلاح عيسى، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، أن الزيادة تصب في صالح موازنة الصحة والتعليم، لأجل تطويرهما لصالح المواطن.
وأشاد الإعلامي الدكتور جمال عبد الجواد، بذلك القرار، باعتباره خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية بصورة أفضل، مطالبا الدولة بدعم الاحتياجات الأساسية والضرورية والتي – كما يراها – تتمثل في المأكل والمشرب والعلاج والتعليم والسكن.
على الجانب الاخر، يرى النائب خالد عبد العزيز عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب أن الشعب يتحمل تكلفة الإصلاح الاقتصادي، لافتا إلى أن أعباء الأسعار أصبحت صعبة على المواطنين وكان من الأفضل تأجيل ارتفاع أسعار الوقود لعام 2022 حتى يفيق المواطنون من الارتفاعات المتتالية للأسعار.

وأثار القرار العديد من الشائعات خلال الساعات الاخيرة، ومنها ارتفاع اسعار الخبز المدعم نتيجة لارتفاع اسعار الوقود، وهو الامر الذي نفاه أحمد كمال، معاون أول وزير التموين والتجارة الداخلية، مؤكدا أن سعر رغيف الخبز المدعم ثابت، وأن وزارة التموين تتحمل فارق التكلفة كاملًا في إنتاج رغيف الخبز، للحفاظ على وصول الرغيف لمستحقي الدعم مقابل 5 قروش فقط.
كذلك الامر نفسه بشأن أسعار تذاكر القطارات، حيث نفي المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكة الحديد، أية زيادات في أسعار تذاكر القطارات، مضيفًا بأن حركة سير القطارات منتظمة على جميع خطوط السكة الحديد على الوجهين القبلي والبحري.

ردود أفعال مسئولين وأحزاب
قال عضو الهيئة العليا لحزب الوفد الدكتور خالد عبد المنعم قنديل، أن قرار البدء في تطبيق آلية التسعير التلقائي على المواد البترولية يساعد على الخفض التدريجي لعجز الموازنة العامة، وبالتالي تخفيض حدة الاقتراض التي تقيد الموازنة، حيث لا تتحمل الموازنة الفروق بين السعر العالمي له وسعر البيع النهائي للمستهلك ارتفاعًا وانخفاضًا، وبالتالي التخلص من أحد عناصر عجز الموازنة.
اما رئيس هيئة النقل العام اللواء رزق علي فقد صرح أن الزيادة الجديدة في أسعار البنزين تكلف الهيئة حوالي 10 ملايين جنيه شهريا، وأنه سوف يتم زيادة أسعار التذاكر جنيها واحدا، حتى يمكن معرفة مدى قدرة الهيئة على تغطية الزيادة في أسعار الوقود.
وطالب عضو مجلس النواب وعضو تكتل 25-30 النائب هيثم الحريري بتطبيق الدستور للحفاظ على الفئة البسيطة والمتوسطة بعد رفع الأسعار، وأشار إلى أن الدولة كان لابد لها أن تحتفظ على أسعار المواصلات الخاصة بها، كالأتوبيسات والمترو، لافتا إلى أن رفع سعر الكهرباء والوقود المرتب لن يكفي.