
سطو على المعدات الطبية في زمن كورونا..”أخلاقيات العالم تنهار”
مع تفاقم وباء كورونا المستجد «كوفيد – 19»، وفي ظل النقص الحاد في الأدوات الطبية خاصة أقنعة الوجه الواقية وأجهزة التنفس الصناعي، اتُهمت كثير من الحكومات حول العالم باستخدام مجموعة من الأساليب والتكتيكات الغير أخلاقية للحصول على الإمدادات الطبية، في محاولة منها لإحكام سيطرتها على الأوضاع، وسط تفشي الفيروس، الذي أصاب أكثر من 1.2مليون شخص، وتسبب في وفاة ما يزيد عن 65ألف حتى 4ابريل 2020.
تراوحت هذه الأساليب بين منع التصدير والمصادرة والاستيلاء على الإمدادات الطبية لدول أخرى ومزايدة في الأسعار وعمليات سرية لأجهزة المخابرات، وهو ما تسبب في انهيار قواعد النزاهة والمنافسة التي كانت تحكم المبادلات الاقتصادية العالمية، وأصبحت الساحة العالمية أشبه بساحة الحرب، تشهد سباق محموم للتسلح بالكمامات وأجهزة التنفس.
نقص الموارد الطبية خاصة الكمامات وأجهزة التنفس
دقت العديد من الحكومات الأوروبية ناقوس الخطر بشأن صعوبة الحصول على معدات واقية للعاملين في مجال الصحة، فقد باغت تفشي وباء كورونا “كوفيد-19” بلدان العالم العاجزة عن إنتاج الأقنعة بنفسها بكميات كافية، وهو ما دفع المسؤولون في جميع أنحاء العالم للبحث عن مليارات الأقنعة متوجهون بصورة رئيسية إلى آسيا وسط منافسة شديدة سقطت معها قواعد النزاهة التي يفترض أن تحكم المبادلات الاقتصادية العالمية.
طال هذا العجز حتى الدول الكبرى، فعلى سبيل المثال نجد الولايات المتحدة، التي يبلغ عدد سكانها 330 مليون نسمة، ولديها أكبر عدد من حالات الإصابة بالفيروس التاجي المؤكدة في أي دولة مع ما يقرب من 245000 حالة إصابة وأكثر من 6000 حالة وفاة مؤكدة من فيروس كورونا، لم يتجاوز مخزونها الوطني 12 مليون قناع N95 و30 مليون قناع جراحي، في الوقت الذي تستهلك فيه واشنطن بمفردها أكثر من مليون وأربعمائة ألف قناع واقي شهريا، ويعاني ما يقرب من 90% من البلديات الأمريكية، من نقص حزم الاختبارات والأقنعة الواقية ومهمات الوقاية الخاصة بالعاملين بالحقل الطبي، وقالت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية إنها تهدف خلال الأشهر الـ 18 المقبلة إلى شراء 500 مليون قناع للمخزون الوطني الاستراتيجي.
فيما تحدث الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن إن فرنسا تحتاج إلى ما لا يقل عن 40 مليون قناع واقي للوجه في الأسبوع، وليس لديها ما يكفي، كما أشار إلى أن بلاده بحاجة إلى استعادة “استقلالها” في إنتاج المعدات الطبية الحيوية، دون الاعتماد المفرط على الواردات، وأوضح أن فرنسا أقدمت على طلب شحنات خارجية لنحو مليار قناع واقي يأتي ربعهم من الصين، ولجأت كذلك إلى إجراءات أخرى داخلية لضمان توفير احتياجاتها الطبية.
وتحاول كل من الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة تسريع الإنتاج المحلي لمعدات الحماية الشخصية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، سواء بزيادة انتاج شركات الأدوات الطبية، أو عن طريق الاستعانة بشركات أخرى لإنتاج الاقنعة الواقية وملابس للعاملين بمجال الصحة، وكذلك الاستعانة بشركات صناعة السيارات للمساهمة في تصنيع أجهزة التنفس الصناعي، ولكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها، خاصة مع تضخم الأحجام المطلوبة.
ولم تكتفي العديد من الدول في سبيل حصولها على احتياجاتها الطبية بالاستيراد او زيادة الانتاج المحلي، وانما لجأت إلى اتخاذ اجراءات أكثر تشددًا وحمائية، غير مراعيين للعوامل الانسانية.
تقييد التجارة الدولية فى اللوازم الطبية
عندما تعلق الأمر بمصالح الدول الكبرى انهارت شعارات مثل حرية التجارة ومنع القيود على الصادرات وحرية المنافسة وغيرها من شعارات التجارة الدولية التي كانوا يتغنون بها طوال الوقت، والكل رفع شعار “نفسي أولًا”.
وفي ظل الخوف من النقص والضغط على أنظمتها الصحية، قرر عدد من الدول، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة واوكرانيا وتركيا، تخزين الأقنعة والقفازات وملابس الأطباء، ومنع صادرات المعدات الطبية الواقية، والأكثر من ذلك ذهاب البعض إلى تأميم شركات أدوات طبية، وتهديد بالتأميم في دول أخرى.
وفي سياق متصل، ذهبت تركيا إلى أبعد من ذلك، ليس فقط بحظر تصدير معدات الحماية، ولكن أيضًا بتراجعها عن بيع الأقنعة للدول الأجنبية بعد تسلُّمها لثمنها بالفعل، مثلما حدث مع إيطاليا وبلجيكا، وهددت الحكومة التركية بالسيطرة على المصانع المنتجة للأقنعة المحلية، في حال قيام هذه المصانع بتصديرها للخارج.
كما منعت الولايات المتحدة الشركة المصنّعة للكمامات وأقنعة الوقاية “3M”، وهي شركة أمريكية لها فروع في دول مختلفة، من تصدير منتجاتها الطبية إلى دول أخرى بموجب “قانون الإنتاج الدفاعي” لتقييد الصادرات الأمريكية من المعدات الطبية الرئيسية، وحذرت الشركة من الآثار الإنسانية الكبيرة لوقف إمدادات أجهزة التنفس إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية في كندا وأمريكا اللاتينية، التي تعد الشركة المورد الرئيسي لأجهزة التنفس بهما.
وتثير تلك الاجرءات الحمائية الزائدة، مخاوف الكثير من الدول التي تعتمد على واردات الأدوات الطبية من تلك الدول ولا تقوم بتصنيعها محليًا، خاصة مع انتشار الفيروس التاجي في 208دولة حول العالم.
بالاضافة إلى أن الدول الأخرى يمكن أن تنتقم من خلال وقف تصدير المواد الحيوية إلى الولايات المتحدة، وهو ما أشار اليه رئيس الوزراء الكندى “جاستين ترودو” من أن مثل تلك الخطوة قد تؤدي في النهاية إلى الإضرار بالولايات المتحدة، التي تعتمد أيضًا على استيراد السلع من الخارج، فالتجارة تسير في كلا الاتجاهين.
مزايدات غير انسانية ومنافسة مخيفة
في ظل الموارد الطبية المحدودة، تجري منافسة عالمية بشأن الاستحواذ على معدات الحماية من أقنعة للوجه والقفازات طبية وكذلك أجهزة التنفس، أشتدت حدتها مع تصاعد أعداد الاصابات والوفيات العالمية، كما سبق أن أوضحت، ولكن ما يزيد الأمر سوءً هو حالة المزايدات التي بدأت تحدث على أسعار الشحنات، حيث بدا واضحًا ان من يمتلك المال نقدًا يمكن ان يحقق المعجزات.
وتُعد الصين، أكبر مُصنّع لأقنعة الوجه في العالم، حيث تصنع البلاد الآن حوالي 200مليون قناع وجه في اليوم، ولكن قلة من المنتجين الصينيين لديهم تراخيص للتصدير، والذين لا يملكون مثل هذه التراخيص يمرون عبر شركات تجارية لتصدير إنتاجهم، وهو ما يؤدي إلى وجود الكثير من الوسطاء.
مما دفع بلدان العالم العاجزة عن إنتاج الأقنعة بنفسها بكميات كافية إلى البحث عن مليارات الأقنعة، متوجهة بصورة رئيسية إلى آسيا بشكل عام والصين على وجه التحديد، لشراء احتياجاتهم من الاقنعة، وسقطت مع شدة المنافسة قواعد النزاهة التي يفترض أن تحكم المبادلات الاقتصادية العالميةk حيث تمارس الولايات المتحدة نفوذها في السوق للحصول على إمدادات طبية شحيحة، مع تنافس الدول ضد بعضها للحصول على اللوازم الطبية.
وفي هذا الاطار، صرح رئيس الوزراء السلوفاكي السابق “بيتر بيليغريني” لشبكة “TA3″، في 15 مارس الماضي، أن بلاده أوصت على ملايين الأقنعة الواقية من أوكرانيا بقيمة 1.2 مليون يورو كان من المقرر دفع ثمنها نقدًا عند الاستلام، لكن وسيطًا ألمانيًا وصل قبلهم وزايد على السعر واشتراها.
وروى النائب الأوكراني، “أندريي موتوفيلوفيتس”، الذي توجّه إلى الصين في مارس الماضي لمواكبة شحنة طبية، على صفحته على “فيسبوك”، أنه شهد منافسة مخيفة للحصول على معدات طبية، وكتب: «قناصلنا الذين يتوجهون إلى مصانع صينية يلتقون هناك زملاء لهم من دول أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، يريدون الاستحصال على طلباتنا، دفعنا ثمن طلباتنا مسبقاً عبر تحويل مالي ولدينا عقود موقعة، أما هم، فيملكون المزيد من المال نقدًا، إننا نتقاتل على كل شحنة”، وفقا لما نشره موقع “ فرانس24/ أ ف ب“
كما نقلت صحيفة «الجارديان» البريطانية، عن وزير الصحة البرازيلي “لويز هنريكي مانديتا”، قوله خلال مؤتمر صحفي عُقِد في البرازيل يوم الأربعاء الاول من ابريل الجاري، “إن المحاولات الأخيرة التي قامت بها برازيليا لشراء معدات الحماية، مثل القفازات والأقنعة من الصين، قد باءت بالفشل، حيث أرسلت الولايات المتحدة 23 من أكبر طائرات الشحن الخاصة بها إلى الصين لنقل المعدات الطبية، العديد من المشتريات التي كنا نأمل في الحصول عليها من أجل دعم نظامنا الصحي قد فشلت، العالم كله يريد هذه الأشياء أيضاً، هناك مشكلة كبيرة في زيادة الطلب عليها”.
عمليات قرصنة على شحنات لدول أخرى
كشفت أزمة تفشي وباء كورونا الأخير الوجه القبيح لعدد كبير من الدول، بعد أن تعمدوا السطو على شحنات اللوازم الطبية لمواجهة الفيروس القاتل، التي تمر عبر بلادهم، ولم تمنعهم الأعراف الدولية والشراكات والاحتياجات الانسانية عن مصادرة شحنات لوازم طبية موجهة لدول أكثر تضررا من جراء انتشار فيروس كورونا، وفيما يلي توضيح لآخر تلك الحالات:
– تركيا تستولي على شحنة لوازم طبية مرسلة لإسبانيا، واخرى لايطاليا
أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، أن السلطات التركية استولت على شحنة امدادات طبية تحتوي على 162 جهاز تنفس صناعي صنعتها شركة إسبانية في تركيا بمواد صينية، كانت موجهة لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد الخاصة بوحدات العناية المركزة، واحتجزتها الجمارك التركية، واستولت على أجهزة التنفس التى تحتاجها إسبانيا بشكل عاجل، ولم تسفر محادثات وزيرة الخارجية الإسبانية، “مارجريتا روبليس”، مع نظيرها التركي “مولود جاويش أوغلو”، إلى أي نتيجة، لأن تركيا ظلت متشبثة بالاستحواذ على الشحنة الطبية.
وقالت وسائل إعلام إسبانية أن أنقرة أكدت لهم أن شحنة الأجهزة التنفسية لن تغادر الأراضي التركية، ولكن فى غضون أسابيع ستعود تلك الأجهزة إلى إسبانيا ولكن بعد استخدامها.
فيما أفادت تقارير بأن تركيا تراجعت عن مبيعات لشحنة كمامات كانت متجهة الى ايطاليا بالرغم من استلامها لثمنها بالفعل، وهددت تركيا بتأميم الشركات المنتجة للكمامات المحلية للتأكد من توفيرها للدولة فقط، وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
الولايات المتحدة تستولي على شحنات أقنعة متجهة لفرنسا والمانيا
لم تكتف الولايات المتحدة بمنع التصدير وشراء اللوازم الطبية بأسعار أعلى لقطع الطريق على دول أخرى في السوق العالمية للحصول على معدات الحماية من فيروسات التاجية، بل قامت ايضًا بأعمال قرصنة على شحنة أقنعة موجهة للشرطة الألمانية، وشحنة أخرى موجهة لفرنسا وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
حيث تم تحويل مسار حوالي 200ألف قناع N95 إلى الولايات المتحدة أثناء نقلها بين الطائرات في تايلاند، وتداولت وسائل الاعلام ان الشحنة كانت من انتاج شركة 3M التي نفت ذلك، وأوضحت وزارة الداخلية في ولاية برلين، أن الشرطة لم تأمر بأقنعة واقية 40000 FFP2 من 3M ولكن من “شركة ألمانية تتعامل في المنتجات الطبية المتخصصة، وابلغت الشركة الألمانية الشرطة أن النصف الأول من الأمر، الذي يتكون من 200 ألف قناع، تمت “مصادرته” في بانكوك وتم تحويله إلى الولايات المتحدة، وفقا لما صرح به “مارتن بالجين”، المتحدث باسم وزارة الداخلية، لوكالة الأنباء الألمانية.
على جانب آخر، أعلن رؤساء مناطق فرنسية أن عملاء أمريكيين غير معروفي الهوية قاموا بشراء شحنة من الأقنعة الواقية طلبتها فرنسا من الصين مباشرة على مدرج مطارات صينية، وكانت الأقنعة على متن طائرة في مطار شنغهاي وكانت جاهزة للإقلاع عندما ظهر المشترون الأمريكيون وعرضوا ثلاث أضعاف المبلغ الذي كان يدفعه نظرائهم الفرنسيون.
اتهامات لفرنسا بمصادرة لوازم لصالح إيطاليا وإسبانيا
رغم توجيهها اتهامًا بالقرصنة للولايات المتحدة، فإن فرنسا هي الأخرى مارست القرصنة علي الأقنعة الطبية، عندما قامت بمصادرة ملايين الأقنعة الواقية والقفازات الطبية التي استوردتها إيطاليا وإسبانيا من الصين، بعد قرار فرنسا بمنع تصدير المنتجات الطبية، حسبما اتهمتها شركة “مولنليك” الطبية السويدية، فى بيان لها على موقعها بالإنترنت، وأشارت الشركة إلى أنّها سوف تستورد الدفعة المقبلة من المعدات الطبية من الصين عبر بلجيكا، وسترسلها فيما بعد إلى إيطاليا وإسبانيا.
التشيك تصادر شحنة مساعدات موجهة لإيطاليا
وكانت التشيك قد صادرت شحنة مساعدات تحتوي على 100ألف قناع طبي مرسلة من الصين إلى إيطاليا، وذلك ضمن 680 ألف قناع واقٍ للوجوه وآلاف أجهزة التنفس الاصطناعى التي صادرتها الحكومة التشيكية، وأدعت إن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج، وأعترفت السلطات التشكية في بيان صحفى أصدرته وزارة الداخلية، بأن هذه الأقنعة أتت بالفعل من شحنة الصليب الأحمر من مقاطعة تشجيانج الصينية المتجهة إلى إيطاليا، دون تحديد كيف انتهى بها الأمر في الإقليم.
فقدان شحنة أقنعة في كينيا كانت متحهة الى المانيا
ووقع حادث مماثل في كينيا، حيث اختفت بشكل غامض شحنة تصل إلى 6 ملايين قناع متجهة إلى ألمانيا أثناء مرورها عبر الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة مسؤولة عن هذا الأمر.
وأفادت مجلة “دير شبيجل” الألمانية بأن الكمامات المختفية كانت من طراز”FFP2″ اشترتها وزارة الدفاع من إحدى الجهات دون تحديدها، مشيرة إلى أن الشحنة التي كانت في طريقها إلى ألمانيا اختفت في أحد المطارات بكينيا، وجاري التحقيق في الأمر.
أوكرانيا تصادر شحنة كمامات كانت متجهة إلى الامارات وايطاليا
ذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية أن وزير الداخلية الأوكراني “أرسين أفاكوف” أعلن عن قيام بلاده بإيقاف محاولة تصدير شحنة تزن طن ونصف من الأقنعة الطبية في مدينة “بوريسبيل” شرقي كييف، والتي كان يتم إعدادها للشحن إلى الإمارات العربية المتحدة وروما رغم قرار الحكومة بحظر إخراج الأقنعة الطبية من البلاد، وتمت مصادرة الشحنة، وتطبيق جميع الإجراءات الجنائية.
إيطاليا تستولى على باخرة محملة بكحول كانت متجهة لتونس
وفقا لما أعلنته السلطات التونسية فى شهر مارس الماضى، فإن باخرة كانت متجهة إلى تونس محملة بشحنة كمامات ومواد معقمة ومطهرة ارسلتها الصين تعزيزًا للخطوات التي اتخذتها تونس لمكافحة العدوى والوقاية من تفشي كورونا، إلا ان أطراف ايطالية قامت بالإستيلاء عليها.
وهو ما اثار غضب وزير التجارة التونسى “محمد المسيلينى”، الذي شبه ما حدث للباخرة التونسية باستيلاء التشيك على شحنة الكمامات التي أرسلتها الصين إلى إيطاليا للمساعدة فى مكافحة فيروس كورونا، فما أشبه اليوم بالبارحة.
وأخيرا، تنبئ حوادث القرصنة المختلفة، أن كل دولة تحاول الخروج وحيدة من الأزمة دون أن تضع احتياجات الدول الأخرى في الأعتبار، المشكلة في ذلك، هي أنه بحلول الوقت الذي تكون فيه أزمة الصحة تحت السيطرة في الدول الأقوى التي تستطيع الفوز بأكبر قدر من احتياجاتها، سيكون الأوان قد فات في دول أخرى كانت في أشد الاحتياج للمساعدات الطبية ولم تأتي في موعدها، إلا أن الدول التي سوف تعتقد أنها سيطرت على الوباء، قد أغفلت شيئ هام، وهو أن الفيروس قد يعود اليها مرة أخرى طالما لم يتم القضاء عليه في كل الدول، فلا أحد ينجو وحيدًا من تلك الأزمة، وانما يحتاج الأمر إلى تنسيق استجابة دولية.
وفي الوقت الذي تختطف فيه الدول شحنات كمامات وتصادر أخرى وتزايد على الآخرين للإستحواذ على الرصيد العالمي منها، أرسلت مصر شحنة مستلزمات طبية وبدل واقية ومواد تطهير إلى ايطاليا، وشحنة قبلها كانت إلى الصين في عز أزمتها، لتخفيف الأزمة على شعوب الدول المصابة، لأن القيادة المصرية الحكيمة فطنت مبكرًا إلى ما غفلت عنه دول كُبرى، من انه لا أحد ينجو وحيدًا.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية