
رحلة البحث عن “الكاشف” و”أجهزة التنفس” و”العلاج” لـ”كوفيد 19″
تحاول جميع الدول ان تصل لحل سريع لمنع انتشار جائحة فيروس كوفيد 19 إلى مراحل قد لا تستطيع كل دولة أن تتحملها وأصبح الأمر تسابق على كشف حل لهذا الفيروس القاتل، ولكن وسط هذا التسابق الذي نراه محمودا الآن للوصول لعلاج أمن وفعال، نرى ان هناك تسابق أخر لتوقف نسب الإصابة العالية التي تعاني منها الكثير من الدول وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية التي أصبحت المتصدرة في عدد الإصابات جراء كورونا عالميًا. نرى تسابق في إنتاج أجهزة سريعة للكشف عن الإصابات دون انتظار نتائج تحاليل طبية وأيضا السباق في تصنيع وتوريد أجهزة التنفس الصناعي وأيضا الوصول لعلاج فعال للتقليل من خطر الإصابة، في الوقت نفسه صرح رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في العالم ستصل لأكثر من مليون حالة و 50 ألف حالة وفاة خلال الأيام المقبلة
وفقال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة الأربعاء 1 أبريل خلال لقائه بوسائل الإعلام العالمية قبل إطلاق المنظمة تقريرها عن الأثار الاقتصادية لفيروس كوفيد 19، أن المرض يمثل تهديدًا للجميع حول العالم، والتأثير الاقتصادي من شأنه أن يقود العالم إلى ركود، ربما لا مثيل له في الماضي القريب الجمع بين هاتين الواقعتين وخطر مساهمتها في زيادة عدم الاستقرار، وتفاقم الاضطرابات والنزاعات، أمور تجعلنا نعتقد أن هذه هي أصعب أزمة وجهناها منذ الحرب العالمية الثانية، كوفيد 19 يهاجم المجتمعات في جوهرها، ويودي بحياة الناس وسبل عيشهم، إنه أعظم اختبار واجهنا معًا منذ تشكيل الأمم المتحدة”.
جهاز يكشف فيروس كورونا سريعا ولا ننتظر تحليل دم
بعد أن تحولت جائحة كورونا خطر يهدد استقرار ووضع الدول في خسارة شعوبها واقتصادها، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الاثنين 30 مارس عن وسيلة جديدة قد تقلل وقت تشخيص المرض القاتل، فأكد عن إنتاج جهاز قادر على تشخيص فيروس كوفيد 19 في 5 دقائق، وأعلن مفوض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية “ستيفين هان” أن الجهاز سيكون متواجد في أقرب وقت في جميع العيادات وغرف الطوارئ ومواقع القيادة في الولايات الأمريكية، مؤكدا أن الجهاز يعطي النتيجة خلال دقائق مثل جميع الاختبارات الخاصة بالإنفلونزا أو البكتيريا، وبهذا التطور في كشف الفيروس تبدأ الولايات المتحدة أولى خطواتها الجدية محاولة السيطرة على الانتشار السريع للفيروس، وكانت شركة أمريكية قد كشفت عن جهاز الكشف عن كورونا وأكدت انه قادر على تحديد وكشف الإصابة الإيجابية خلال خمس دقائق من عملية إجراء الفحص، وانها قد أطلقت عليه اسم ID Now وانه صغير وسهل الاستخدام.
في الوقت نفسه كانت ألمانيا هي الأخرى تعلن عن طريق شركتها وكانت بوش للتكنولوجيا والصناعات الهندسية، عن تطوير جهاز جديد يستطيع الكشف عن فيروس كورونا خلال أقل من ساعتين ونصف الساعة، وذكرت أن الجهاز يعمل بصورة آلية تماما، وأن تجربة الجهاز حققت دقة بنسبة تزيد على 95 % وأكدت برلين على طرح الجهاز الجديد خلال شهر أبريل الحالي ومن بعدها يتم طرحه في العديد من الدول الأخرى .
سباق توريد أجهزة التنفس الصناعي
أجهزة التنفس الصناعي السؤال الذي يحير العالم .. لماذا لا يوجد هناك أجهزة تنفس كافية للحالات المرضية؟ وهل بالفعل تساعد أجهزة التنفس مريض كورونا على قيد الحياة ؟
بداية الأمر يعتبر جهاز التنفس الصناعي ليس علاجا لأي مرض ولكنه أحد وسائل العلاج لتثبيت استقرار الحالة الصحية لأي مريض ويسمح له عند تراجع استطاعته بالتنفس أن يظل على قيد الحياة حتى يتعافى جسمه من المرض بالعلاج سواء كان فيروس كوفيد 19 أو غيره من الأمراض.
لهذا بدأ السباق العالمي في تصنيع أجهزة التنفس للحد من وصول المصابين لحالة مرضية متأخرة، فقد أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 31 مارس أن الولايات المتحدة ستمر بأسبوعين عصيبين للغاية وقال إنه على كل أمريكي أن يستعد لهذه الأيام ولكن سنرى الضوء في نهاية النفق، وأن على الولايات المتحدة الاحتفاظ بعشرة آلاف من أجهزة تنفس للتعامل مع الإصابات القادمة.
ومع الصعوبات التي تواجهها معظم الدول في الحصول على حاجتها الحالية، أكد الرئيس الأمريكي ان واشنطن تحتاج لا يقل عن 100 ألف جهاز تنفس خلال 100 يوم وهو ما يعني أن ينتج 1000 جهاز باليوم الواحد ، لهذا طلب ترامب من شركتي تصنيع السيارات “فورد” و”جنرال موتورز” بالبدء في تصنيع أجهزة تنفس اصطناعي، للمساعدة في تخفيف الضغط على المستشفيات بسبب وضع المصابين بفيروس كورونا، ولكن مع تباطؤ جنرال موتورز في المفاوضات فعل ترامب صلاحياته الرئاسية في استخدام قانون الإنتاج الدفاعي لإجبار شركة جنرال موتورز بإنتاج المزيد من أجهزة التنفس، وذكر البيت الأبيض إن المفاوضات مع جنرال موتورز بشأن قدرتها على توريد أجهزة التنفس الصناعي مثمرة، لكن معركتنا ضد الفيروس ملحة للغاية بحيث لا تسمح عملية الأخذ والعطاء بمواصلة عملية التعاقد سيرها الطبيعي، وأكد البيان أن جنرال موتورز تضيع الوقت ولكن بتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي سوف تضمن الولايات المتحدة الإنتاج السريع، أما شركة فورد ردت على طلب ترامب عن استعدادها إنتاج 50 ألف جهاز للتنفس في حدود 100 يوم، وأنها سوف تخصص وقتها لمواصلة إنتاج 30 ألف جهاز شهريًا من خلال مصنعها بولاية ميشيغان وان المشروع سيعمل به 500 فرد من أعضاء نقابة عمال السيارات الذين تطوعوا للعمل في المشروع وأكدت فورد إن أجهزة الذي تنوي إنتاجها تعمل بضغط الهواء فقط ولا يستدعي وجود كهرباء وان مصنعها سينتج الأجهزة على مدار الساعة بثلاث نوبات من العمال، وسوف يصنع 7200 جهاز في الأسبوع.
وفي نفس السياق كان هناك تضحية تجارية أخرى بعد أن تنازلت شركة «ميدترونيك» العالمية، أشهر مصنع لأجهزة التنفس الصناعي، عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأجهزة التنفس التي تمتلكها، وقالت الشركة في حسابها على «تويتر»: “نشارك علنًا مواصفات تصميم جهاز التنفس الصناعي PB560، ما يتيح للجميع القدرة على التصنيع السريع لمساعدة الأطباء والمرضى الذين يتعاملون مع كورونا”.
وكتب رئيس مجلس إدارة الشركة، عمر إشراق، على «تويتر»: “الجهاز بات مصدر مفتوح، التصميم والمواصفات ستكون متاحة لتصنيعها من قبل أي شخص، يتطلب التحدي غير المسبوق الذى تتعرض له البشرية استجابة غير مسبوقة” ، والجهاز الذي تنتجه شركة «ميدترونيك» هو «PB 560» وهو جهاز صغير الحجم وخفيف الوزن ويسهل حمله، ويوفر دعم تنفسي لكل الأعمار يمكن استخدامه في المستشفيات والمنازل.
وقد أعلن عمدة ولاية نيويورك، ايندريو كومو، أن سلطات الولاية الأمريكية طلبت 17 ألف جهاز تنفس من الصين، وأن الولاية مستعدة لدفع نحو 25 ألف دولار ثمن كل جهاز، أما رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فأكد من جانبه أن بلاده سوف تخصص 1.4 مليار دولار لشراء معدات طبية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، أما عن الوضع في أوربا والتي تواجه واقعًا صعبًا مع تفشي الفيروس وارتفاع عدد الضحايا جراء الإصابة، فقد أعلن تحالف صناعي فرنسي يتكون من أربع مجموعات صناعية أنه سوف ينتج 10 ألاف جهاز تنفس صناعي بحلول منتصف شهر مايو لدعم المستشفيات الفرنسية، وقالت مجموعة العمل عن التنسيق بين (مجموعة بي إس إيه) المصنعة لسيارات بيجو وستروين و(شنايدر إلكتريك) المصنعة للأجهزة الكهربائية و(فاليو) المصنعة للبرمجيات، لتوفير طلبات الحكومة الفرنسية من توريد 10 آلاف جهاز تنفس صناعي خلال 50 يوما، وكانت المستشفيات الفرنسية بها نحو 5 آلاف من أسرة الرعاية المركزة. وعن طريق إعادة التنظيم ، أتيح نحو 5 آلاف سرير آخر وتعهدت الحكومة بزيادة هذا العدد إلى 14 ألف سرير بحلول شهر أبريل.
وأيضا كانت شركة “مرسيدس فورمولا ون” قد كشف أنها هي الأخرى سوف تقدم نسخة جديدة من جهاز المساعدة على التنفس، وان هناك دول مثل بريطانيا وإيطاليا والصين قد بدأوا بالفعل استخدام جهاز الشركة الألمانية، وبعد موافقة الجهات الطبية في المملكة المتحدة على استخدام الجهاز بدأت مرسيدس في تسليم 100 جهاز إلى مستشفى يونيفرسيتي كوليدج لندن للتجارب، قبل إدخالها للخدمة في مستشفيات أخرى.
هل يكون الكلوروكين الطريق للوصول لعلاج أمن؟
تبحث دول العالم الآن عن علاج فعال لفيروس كوفيد 19، في الوقت الذي أعلنت فيه الكثير من الدول أنها تعمل على تجارب سريرية للوصول الى علاج سريع. وظهرت كثير من التقارير تؤكد أن سباق الوصول لعلاج بين الدول هو تسابق سياسي للانتصار على الفيروس القاتل، وما بين تجارب أمريكية وصينية وأوروبية وروسية ينتظر العالم أن يكون هناك دواء فعال، بعد أن تأكد للجميع أن مرحلة الوصول للقاح أصبح أمرا صعبا الآن.
ومع البحث عن علاج حقيقي لفيروس كورونا، أكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك 47 دولة التحقت بمسار التجارب، لإيجاد علاج جديد للفيروس، في حين ان وجود لقاح لفيروس كورونا يحتاج ما بين 12 – 18 شهر للوصول إليه .
وتعمل الكثير من التجارب للوصول لعلاج، فقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن مصر من بين الدول التي وافقت على إجراء اختبارات سريرية لتقييم فعالية الأدوية المطروحة كعلاج لفيروس كورونا المستجد، وأوضحت المنظمة أن الوضع الوبائي في مصر يشير إلى قوة الاستجابة العامة للشفاء.
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موافقة بلاده على استخدام دواء الكلوروكين الخاص لمرض الملاريا في علاج الأشخاص المصابين بفيروس كورونا بالوقت الحالي، وقد أعطت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA الموافقة لاستخدام كلوروكين وهيدروكسي كلوروكين كعلاج لفيروس كورونا لكن في المستشفيات فقط.
وأعتمد دواء الكلوروكين 1949 لتقوية الجهاز المناعي للإنسان للتصدي لـ أمراض وأوبئة مثل الملاريا والحمى والالتهابات، أقرته منظمة الصحة العالمية لعلاج المصابين بوباء الملاريا في كثير من مناطق العالم، وتعد الصين الدولة الأولى التي اختبرت الكلوروكين لمعالجة المصابين بفيروس كورونا في بداية فبراير الماضي.
وقال غزو نانبينغ، نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني أن عملية اختبار مادة الكلوروكين على 135 مصابا بفيروس كوفيد 19 كانت نتائجها جيدة جدا، مظهرة أن الحالة المرضية للمصابين لم تتدهور أكثر بعد تناول هذا العقار.
ولكن مع تصريح الرئيس الأمريكي دخل العالم في جدل العلمي عن فائدة هذا الدواء وهل بالفعل هو الطريق الوحيد في العلاج الان؟
فقد أكدت ثلاث دراسات علمية إحداهما صينية والأخريات فرنسيتان، عن نتائج إيجابية على مرضى مصابين بفيروس كورونا المستجدّ وقد شملت التجارب الصينية 134 شخصا في مستشفيات مختلفة، واستنتجت أن للكلوروكين مفعولا إيجابيا.
وفي فرنسا، يُجري تجارب سريرية على المرضى، وصرح البروفسور ديدييه راؤول أن الدراسة الأولى شملت عشرين مريضا والثانية أجريت على ثمانين مريضا، تلقوا جميعهم علاجا يتضمن مزيجا من الهيدروكسي كلوروكين وعقار أزيثرومايسين، وهو مضاد حيوي معروف يستخدم في القضاء على التهابات بكتيرية ثانوية وأكد البروفسير الفرنسي فاعلية استخدام الهيدروكسي كلوروكين بالتزامن من أزيثرومايسين في معالجة كوفيد-19″.
لكن في الوقت نفسه قالت منظمة الصحة العالمية وبعض الأطباء ان التجارب المعمول بها حتى الآن لم تراعي الأصول العلمية المتبعة، مثل اختيار المرضى بالقرعة، وإجراء التجارب من غير أن يعرف لا المشاركين ولا الأطباء من الذي يتلقى فعلا العلاج، ونشر النتائج في مجلة علمية ذات لجنة مراجعة مستقلة، وغيرها وان هناك دراسات أخرى تؤكد عدم وجود فاعلية خاصة للعقار وان تم اجرائها على 30 مريضا.
في نفس الوقت كانت روسيا هي أيضا لها رأي يخص دواء الكلوروكين حيث قال الدكتور زاخار ليكين، المدير الطبي لشركة “NovaMedika” الروسية للأدوية، إن العقار فعال جدا في علاج فيروس كورونا وأن هناك احتمالات لوجود روابط مشتركة بين الفيروس كورونا والملاريا وأكدت نائبة رئيس الوزراء الروسي، تاتيانا غوليكوفا، خلال اجتماع الحكومة الروسية إنه يجري فحص ثمانية أدوية مسجلة في روسيا، لإمكانية علاج الفيروس إلى جانب اختبار 22 دواء جديدا، وستكون النتائج جاهزة بحلول 10 أبريل.