
في تحقيق جديد لها.. بي بي سي تثبت وقائع إرسال تركيا شحنات سلاح إلى ليبيا عبر سفن تجارية
مرهقة، تلك الجلسات التي يقضيها فريق المرصد المصري لمتابعة ومراقبة حركتي الطيران والملاحة من وإلى (تركيا – ليبيا) منذ خمسة أشهر. فمع دخول الانخراط التركي المباشر في ليبيا لمرحلة الذروة وتغذيته الصراع والاقتتال المسلح على نطاق واسع، تتزايد حركتي الطيران والملاحة بين موانئ تركيا وطرابلس ومصراته وتونس. الزيادة في الحركة دفع بانتهاجها تكتيكات مغايرة كالتخفي عن شاشات الرادار في منتصف الرحلات وفوق الأجواء، وتعديل الوجهات النهائية، واستخدام شركات النقل المدنية كغطاء للعمليات الاستخباراتية التركية، ما دفع بتوسيع دائرة مراقبة ومتابعة المرصد المصري، الذي نشر ورقات عديدة أوضح فيها بشكل تفصيلي ركائز الاستراتيجية التركية في نقل الصراع من الشمال السوري للغرب الليبي ودول الساحل والصحراء، وما تبع ذلك من تجنيد وإرسال المرتزقة السوريين ونقل السلاح النوعي لميليشيات حكومة الوفاق.
فصدر عن المرصد المصري ورقات؛ أجنحة ليبيا، واجهة الاستخبارات التركية لنقل المرتزقة السوريين، الطوارق ونشاط الاستخبارات التركية في الصحراء الكبري، سفن تركية على الساحل الليبي، الجسر الجوي التركي لطرابلس.
وبدا جلياً منذ بداية العام الجاري إصرار تركيا على تغذية الصراع الليبي، وتثبيت وجود ميليشيات حكومة الوفاق كطرف في معادلة التسوية السياسية ومشاريعها المستقبلية، رغم تولي أفراد مدرجين على قوائم الإرهاب الدولي إدارة وقيادة هذه الميليشيات حتى اللحظة، وذلك للاشتباك التركي العنيف مع الجغرافيا السياسية، وارتباط مصير معركتي طرابلس ومصراته بالأوضاع في شرق المتوسط التي باتت تؤرق مضجع أنقرة، وتدفعها للتموضع الأحادي بالمنطقة رغمًا عن الشرعية والقانون الدوليين.
وفي هذا الصدد، وبعد مؤتمر برلين الذي شاركت فيه تركيا عبر وفد رفيع المستوي ضم الرئيس رجب طيب أردوغان ومدير جهاز استخباراته ووزير خارجيته، وفي كسر لبروتوكولات المؤتمر بعدة أيام، أي في الثامن والعشرين من يناير أرسلت تركيا لميليشيات حكومة الوفاق سفينة تجارية محملة بشحنات سلاح نوعية ضمت آليات مدرعة ومدفعية ثقيلة ومنظومات دفاع جوي متقدم. السفينة التي انطلقت من ميناء ميرسين التركي، رصدها المرصد المصري فور انطلاقها وتتبعها ليومين في عرض البحر، إلى أن رست في ميناء طرابلس وأفرغت حمولتها وانطلقت بعدها صوب ميناء جنوة الإيطالي.
وفي تقرير: ” تفاصيل شحنة عسكرية جديدة في طرابلس “، تناول المرصد المصري تفاصيل هذه الشحنة التي تعتبر حتي الآن أكبر ما وصل للميدان الليبي وميليشيات الوفاق من دفعات سلاح.
اللافت في هذه الشحنة، أنها جاءت ضمن سفينة ترفع العلم اللبناني، واسمها التجاري “بانا”، وقد رافقت “بانا” فرقاطة تركية كانت تعمل قبالة المياه الإقليمية الليبية ضمن مهام المجموعة الثانية لقوة بحرية حلف شمال الأطلسي. أي أن تركيا استغلت وجود فرقاطاتها ضمن عمليات الحلف الدورية ووفرت تأمينًا للسفينة “بانا” بعدما تعاظمت أخطار نقل العتاد والمرتزقة جوًا. وهو ما نقلته البي بي سي في تقريرها الأخير.
وتابع تقرير البي بي سي، في نشر مسار تحرك السفينة التجارية المحملة بالسلاح من تركيا لطرابلس وصولاً لميناء جنوة الإيطالي.
حيث تحفظت السلطات الإيطالية على طاقم السفينة وقامت باستجوابهم، وحصلت على اعترافات من ربان السفينة تفيد بثبوت نقل “بانا” للسلاح التركي لليبيا تحت إشراف ضباط أتراك.
تجدر الإشارة، إلى أن تدفقات شحنات السلاح التركية لم تتوقف حتى اللحظة، حيث اعترضت البحرية الفرنسية “الفرقاطة بروفانس”، بالأمس، سفينة شحن تركية وأجبرتها على تغيير مسارها بعد إثارتها لريبة قوة البحرية الفرنسية المتواجدة قرابة المياه الإقليمية الليبية، وذلك بعد إطفائها نظام التتبع على الرادار.
السفينة التي اعترضتها البحرية الفرنسية، تعتبر الناجي الوحيد من واقعة قصف ميناء طرابلس في 19 فبراير الفائت. إذ كان القصف دقيقًا، واستهدف نقطة تفريغ شحنة سلاح قادمة من تركيا ما أسفر عن مقتل ثلاثة ضباط أتراك أُنيط بهم الإشراف على إتمام هذه العملية. السفينة تحمل اسم “آنا”، وترفع علم ألبانيا، ورصدتها قوة بحرية فرنسية بعدما نجت من القصف وتوجهت مرة أخري لسواحل تركيا. وهناك غيرت الشركة المالكة اسمها لـ “باري” وتوجهت مرة أخري لغرب ليبيا رافعة علم سيراليون إلى أن تم اعتراضها بواسطة الفرقاطة “بروفانس” الفرنسية.