
كل في موقعه: إدارة مؤسسية بقيادة السيسي لمشهد كورونا في مصر
تناغم، الوصف الأدق للكيفية التي تعاملت بها مؤسسات الدولة المصرية في إدارة ” ملف كورونا” في البلاد، من مواقعها أدارت الأجهزة المعنية استراتيجية المكافحة على كافة الأصعدة.
خطط جاهزة وأخرى بديلة في ديناميكية تسيطر على المشهد حيث لا مجال للجمود أو التعنت، عمل على مدار الساعة لمواكبة التطورات والتغيرات لحظة بلحظة في تسارع مخيف للأحداث.
وفي وسط هذا الزخم والتزاحم في الأحداث جاء ظهور فريد للرئيس عبد الفتاح السيسي على رأس الجهات التنفيذية ليؤكد سلامة الإجراءات التي تتبعها الدولة وأن إخفاء أي شيء ليس مطروحا من الأساس مشيرا إلى أن أقل تداعي نتمناه هو أن نخرج من هذه الأزمة بأقل الأضرار.. أكد السيسي أن خسائر الأرواح هي أقصى الخسائر التي نريد التقليل منها ، وأعلى قيمة الإنسانية مؤكدا أن الالتزام نحو الشعب المصري هو إنساني وديني وأخلاقي بالدرجة الأولى.
اختلاف الظهور
كان الظهور مطمئنًا للكثيرين لأنه أعقب تساؤلات كثيرة وتكهنات أكثر حول تأخر ظهور السيسي على الشاشات، ووضعت أطرا مختلفة للتفسير إلا أن الحقيقي منها وأكثرها قربًا للواقعية أنه ليست هناك محاولة لتصدر المشهد، فالمؤسسات حاضرة في مواقعها وتم تجهيزها وإمدادها وبالتالي فهي تسير وفق خطة مرسومة حيث يعمل كل شخص من موقعه، ظهور الرئيس كان ظهورًا التزم بالخطاب العقلاني البعيد عن استدعاء الدراما غير المطلوبة في المرحلة التي فيها مصر حاليا، لم نسمع حديثًا عن فقدان الأحبة أو استدعاء أرقام وتوقعات تثير الذعر وجاءت تأكيدات السيسي على الالتزام بقرارات مجلس الوزراء والمحاسبة لكل من يحاول خرقها لتكلل جهود الحكومة والحلول البشرية المطروحة حاليا حتى لا نضطر لانتظار حلول السماء.

وأعقب ذلك تحرك السيسي لمتابعة تجهيزات ومعدات عمليات التعقيم التي انطلقت لتعقيم الشوارع والمنشآت، إضافة للظهور عبر الصفحات الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي.
تعاملت القيادة السياسية مع الأزمة بحنكة سياسية ووضعت الحفاظ على صحة المواطن في المقام الأول بدءا من التحركات التي قامت بها من قرارات بغلق المحالات والمقاهي وتحرك القوات المسلحة وتوفير الأدوات والمواد المطهرة في منافذ البيع.
مسئولية الفرد نحو الجماعة
القيادة السياسية واجهت منذ البداية احتمالات تفشي فيروس كورونا المستجد بإجراءات احترازية صارمة وسنت حلولا وبدائل راعت فيها خصوصية وعواقب قراراتها على معيشة وحياة المصريين، خصوصا الفئات والشرائح الاجتماعية والمهنية الأكثر تضررا ، وعلى ذلك تم إطلاق حزمة من القرارات الاقتصادية لتعويض تلك الفئات المتضررة ، وكان هناك إصرار من القيادة السياسية على إعلاء دور الفرد للقيام بمسؤوليته تجاه المجتمع لأن إلقاء الكرة في ملعب المواطن مع توفر البدائل للتدخل السريع لدى الأجهزة المعنية مثلما حدث في شواطئ الإسكندرية بالأمس مكتسب أساسي لهذه المرحلة، يشير بوضوح إلى أن عصور مسئولية الدولة المطلقة قد انقضت وأن للمجتمع الأهلي دور كبير في أي مشهد.

دبلوماسية فاعلة
استطاعت مصر بتوجيهات سياسية في المقام الأول وفي ظل التحديات التي تشهدها الساحة الدولية في مواجهة فيروس كورونا المستجد “كوفيد- 19”- أن تدير هذا الملف داخليًا وخارجيًا بكفاءة، فعلى الصعيد الداخلي وضعت الدولة صحة المواطن في المقام الأول، وخارجيًا فقد ترجمت سياستها في مساندة المجتمع الدولي ودعم الدول الصديقة تأكيدا وتعزيزا لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية معها.
وفي سياق متصل.. لم تفت مصر منذ ظهور وتفشي فيروس كورونا المستجد في العالم الفرصة لمساندة المجتمع الدولي تنفيذًا لسياستها في إقامة السلام وحماية الإنسانية من المخاطر، فقد تضامنت مصر مع الصين وقت أن أحاطت بها جدران العزلة فكانت أول الواصلين والمطبقين لمعاني الإنسانية وتضامن الشعوب والقيادات.
رسالة محبة وعطاء حملتها وزيرة الصحة إلى بكين حيث أكدت مصر ثقتها في قدرة الصين وشعبها على التغلب على الفيروس والانتصار عليه وجاء الرد سريعا حين أكد سفير بكين بالقاهرة “لياو تشيانج” أهمية التواصل بين الرئيسين المصري والصيني.
وأوضح أن الجانبين بحثا سبل تنسيق الجهود الإقليمية متعددة الأطراف من أجل الحفاظ على الصحة العامة للمنطقة والعالم، مشيدًا بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مصر وكونها من أولى الدول التي نفذت خطط استباقية لمنع انتشار الفيروس.
وأشار إلى حرص بكين على تقديم الدعم والمساعدة لاحتواء هذا الفيروس من خلال تقديم المعلومات والخبرات والأبحاث والمستلزمات الطبية بما يجسد الصداقة الحقيقة والتاريخية.

وللمرة الثانية تثبت مصر أن سياستها الخارجية وقواها الناعمة حاضرة في كل الأوقات وفي الوقت الذي تخاذل فيه أعضاء النادي الأوروبي عن مد يد العون لإيطاليا ووقف العالم متفرجا في ظل الأوقات الحرجة التي تشهدها روما تؤكد مصر مرة أخرى أنها حاضرة وتقدم مساندة لروما المحاصرة – في إطار العلاقات التاريخية- وترسيخًا لعلاقات التعاون الثنائية التي تربط بين الجانبين في شتي المجالات، علاوة على أن الرئيس أجرى اتصالًا هاتفيا برئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” معربا عن خالص التعازي في ضحايا فيروس كورونا في إيطاليا، ومؤكدًا دعم وتضامن مصر حكومة وشعبًا مع حكومة وشعب إيطاليا الصديق، والاستعداد التام لتقديم ما يمكن من دعم لتجاوز هذه المحنة، فما كان من وزير الخارجية الإيطالية “لويجى دى مايو” إلا أن وجه الشكر على صفحته الرسمية على تويتر إلى الحكومة المصرية على إرسالها طائرة محملة بالمستلزمات الطبية الوقائية للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا، وقد أبرزت وسائل الإعلام الإيطالية موقف الحكومة المصرية الداعم لبلادها بما يعكس حجم ومتانة العلاقات بين الدولتين.
ثم جاء اتصال الرئيس الهاتفي بالمستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، والذي أعرب خلاله عن التطلع لتبادل الخبرات والتنسيق بين جميع الجهات لتقديم الرعاية الصحية بالبلدين، في إطار الجهود الدولية لاحتواء انتشار الفيروس، ومن جانبها.. أعربت المستشارة “ميركل” عن تقديرها للموقف المصري الداعم لألمانيا في هذه الظروف. ولم تغفل القيادة السياسية بأدواتها الخارجية دورها العربي والإقليمي فتم التأكيد مرة أخرى بعد مرات عديدة على أن فلسطين طالما كانت في قلب اهتمامات الدولة المصرية، فقامت جمعية الهلال الأحمر المصري بتقديم بعض المستلزمات الطبية والإنسانية للمواطنين الفلسطينيين بقطاع غزة بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني

وعربيا أيضًا تلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من الرئيس التونسي قيس سعيد حيث تم بحث جهود مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، والتوافق حول التنسيق بين مصر وتونس بخصوص إجراءات المكافحة من خلال تبادل الخبرات والتواصل بين الأجهزة المعنية بالبلدين، كما بحث الرئيس السيسي مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، تطورات انتشار فيروس كورونا المستجد والجهود المبذولة لوقف انتشاره واحتواء تداعياته. لتتجسد بذلك قدرة مصر ونجاحها في إدارة ملف الأزمة ومواجهة فيروس كورونا في الداخل ومساندة المجتمع الدولي.
باحث أول بالمرصد المصري