كورونا

جامعة ييل “وباء كورونا بين الأزمات الشرائية والتغير ات السلوكية والمسئولية المجتمعية للشركات”

تناول ناثان نوفمسكي أستاذ التسويق وخبير علم النفس بجامعة ييل الأمريكية، تغير السلوك الشرائي للجمهور وإحداث ما يسمى بظاهرة الشره أو الذعر الشرائي الناتج عن الأوبئة، وذلك عقب ما أسفر عنه التغير في سلوك الجمهور مع انتشار فيروس كورونا، من خلال قيام العديد من الأشخاص حول العالم من القيام بعمليات الشراء الشره لأكثر من احتياجاتهم للدرجة التي جعلت أرفف المحلات فارغة، واعتبارها معركة من أجل البقاء، والتي ظهرت بوضوح في شراء أدوات النظافة، هذا إلى جانب تناول كيف يمكن للبائعين التصرف أثناء تلك الأزمة وكيف سيحدث هذا تأثير طويل المدى على سلوك المستهلكين، والتي أجاب عليها في ثلاث محاور منفصلة.

العوامل النفسية وراء الأرفف الفارغة

أرجع ناثان الأمر إلى عدة عوامل من القوى النفسية التي آثرت على ظهور هذا السلوك الاستهلاكي الشره، ولعل أولها هي “الندرة” باعتبارها الأمر الذي يضفي قيمة على الأشياء، فيتزايد الطلب وسط ندرة السلع والمنتجات، وهو ما ظهر في فراغ المتاجر من بعض المنتجات دون غيرها، وأعطى مثال على ذلك “الماس”.

وجاء العامل الثاني ليكون “السيطرة” فعادة ما يشعر الأفراد في فترات الأوبئة بعدم القدرة على السيطرة على هذه الظواهر، فيخضع الأفراد لعوامل نفسية جديدة لتعميق شعور السيطرة الداخلي لديهم حتى يشعرون بالتحسن حول الوضع القائم الفعلي غير المسيطر.

هناك أيضاً “عدم اليقين أو عدم التأكد” والتي تتمثل في الشعور بالقلق لدى كثيرون الناتج من الندم على عدم شراء شئ ما، عكس عدم القلق الناتج من شراء أشياءً كثيرة مقارنةً بالأسف على عدم الشراء أو شراء أقل من احتياجاتهم. 

وأرجع ناثان هذا السلوك الذي قد يتسم بالأنانية للبعض بأنه محاولة من الأفراد للتعبير عن قلقهم من خلال توفير كافة وسائل الاهتمام لعائلاتهم ولأنفسهم، وكأنها الوسيلة للحفاظ على أمان الأسر، وهو ما يمكن مواجهته والتقليل من عملية الذعر التي تصيب المواطنين عند الشراء أوقات الأزمات من خلال إظهار مدى تأثير عمليات الشراء الزائدة عن الحاجة الفردية وسلبياتها، مثل حاجة الآخرين لتلك الأشياء أكثر من عملية الاحتفاظ بها، مما قد يوفر سببًا لاعتدال السلوك الشرائي، باعتباره احتمالاً قليلاً ما يتبادر إلى الذهن بشكل تلقائي حيث يفكر المستهلكون أقل في التأثيرات المضافة لكل شخص يكتنزون منه، ويفكرون فقط في الآثار الفورية لامتلاك المزيد من الأشياء لعائلتهم.

تصرف الشركات خلال تلك الأزمة

تحدد تصرفات الشركات اتجاه الأفراد نحوها في الأوقات التي تتزايد فيه العاطفة، حيث يتذكر الفرد كافة الخطوات الايجابية أو السلبية التي تقوم بها الشركات أوقات الأزمات أكثر من تصرفات تلك الشركات نفسها في الأوقات الطبيعية.

وعليه يجب على الشركات القيام بتوعية المستهلكين، على أن تقوم بذلك خلال الأزمة نفسها وليس بعد انتهائها، باعتباره الوقت المثالي للتأثير والذي بدوره قد يدفع إلى إحداث تأثير طويل الأمد في انفس المستهلكين، من خلال قيام الشركات بالتعبير عن قيم الشركة بالتركيز على احتياجات المستهلك فقط مثل قيام الشركات بتوزيع مطهرات وتعقيم اليدين على الأفراد.

وأخيرا، تأثير هذه التجربة على تغير سلوك المستهلك على المدى الطويل

يرى ناثان أنه من المتوقع أن تؤثر تلك العملية على سلوك المستهلكين المستقبلي، لكنه من الصعب التكهن بكيفية ذلك، وقد يشبه أحد التغييرات المحتملة طويلة المدى ما حدث من تفاعل جيل الألفية مع الركود الاقتصادي في عام 2008-2009، والذي ظهر في إحداث ظواهر طويلة الأمد من إحداث نوع من عدم الثقة في البنوك، إلى جانب التشكيك في الأدوات والمؤسسات المالية.

وأضاف أنها سينتج عنها تغييرات دائمة لكن لن يمكن التنبؤ عنها الآن دون معرفة ما سيتبناه الناس بعد الأزمة عند الحديث عنها، وأوضح أنها ربما قد تنحصر في الروايات المتعلقة بالصين والمتمثلة في أكل الحيوانات غير العادية وما ينتج عنها من أوبئة، هذا إلى جانب أن تشمل أيضاً الاجراءات الصحية المتخذة وعمليات الغلق المتبعة والتي ستتحدد وفقاً لفاعليتها، ونظرة الناس لتلك الفعالية.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى