
قرارات رئاسية لتأمين احتياجات المواطن المصري خلال أزمة كورونا
المواطن المصري هو كلمة السر في ظل الازمة الحالية لانتشار فيروس كورونا، وانطلاقا من هذا اتخذت القيادة السياسية المصرية والحكومة حزمة واسعة من الإجراءات بهدف واحد وهو الحرص على صحة المواطن المصري، بغض النظر عن حجم الخسائر المتكبدة عن هذه القرارات. لذا كانت المطالبة الوحيدة للدولة من المواطن هو عدم الاستخفاف والتهوين من خطورة الفيروس، والالتزام بالتعليمات وكافة الإجراءات الوقائية التي من شأنها تقلل وتحد من الاختلاط في التجمعات وممارساتنا وسلوكياتنا السيئة التي تم ملاحظاتها مؤخرا في الأسواق والشوارع.
على كلٍ تحمل مسؤوليته
“جرس إنذار” هكذا وصف رئيس الوزراء تزايد أعداد المرضى في العالم، لذا ناشد رئيس الوزراء المواطنين بتحمل مسؤولياتهم وعدم الاستهتار أو الاستخفاف بهذا الموضوع وأن يكون كل مواطن ورب أسرة مسؤول عن أسرته، بأن يتخذ كافة الإجراءات الوقائية التي تقلل من انتشار الفيروس، مؤكدًا أن أمامنا أسبوعين نكون خلالها على قدر من المسئولية والالتزام لكي نتمكن من الحد من المرض. ولا نصل إلى مناحٍ سيئة كما هو الحال في عدد من دول العالم.
وقد وصل عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد حتى (مساء الاثنين 16 مارس) 150 حالة منهم 80 حالة مصرية، من بينهم 26 حالة تم شفاؤها. وقد اتخذت الدولة عدد من الإجراءات الاحترازية أخرها قرار تعليق حركة الطيران، وتخفيض عدد العاملين في أجهزة الدولة والمصالح الحكومية بأسلوب يضمن التقليل من الاختلاط بين المواطنين على أن يستثنى من القرار المصالح الحكومية الخاصة بالخدمات الاستراتيجية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في الدولة.
سلسلة من الإجراءات الاحترازية
اتخذت الدولة المصرية خلال الآونة الأخيرة، عدة إجراءات حاسمة بالتعاون بين أجهزة الدولة المعنية، من شأنها التقليل من انتشار المرض. وكان أول هذه الإجراءات اعلان الرئيس السيسي تخصيص ١٠٠ مليار جنيه لتمويل الخطة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد. فضلًا عن التوجيه بتعليق الدراسة في الجامعات والمدارس لمدة اسبوعين اعتبارًا من يوم الأحد الموافق ١٥ مارس ٢٠٢٠.
استتبع هذا القرار عدة إجراءات صعبة من قبل رئاسة مجلس الوزراء، أخرها تعليق الطيران من الخميس المقبل، والذي يكبد الشركات الوطنية بقطاع الطيران خسائر تتجاوز 2,4 مليار جنيه ولكن الدولة ستتحمل أية خسائر ناجمة عن هذه القرارات، وذلك في سبيل حماية المواطنين المصريين من هذا الوباء.
فضلًا عن التوجيه بمنع التجمعات، وغلق مراكز الدروس الخصوصية والتعليمية (السناتر) خلال فترة تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وذلك بالتوازي مع قرار تعليق الدراسة لمدة أسبوعين، وهو ما أسفر عن غلق وتشميع مئات من هذه (السناتر) بالتعاون مع وزارة الداخلية لتنفيذ القرار. بالإضافة إلى قرار السيدة وزيرة التضامن الاجتماعي بتعليق كافة الانشطة المتعلقة بالحضانات لمدة أسبوعين.
وهو ما تم مواجهته من قبل قلة مندسة من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بعدد من الشائعات والاخبار الكاذبة، وتصدت له غرفة عمليات مجلس الوزراء بتكذيب تلك الشائعات بالشكل والوقت المناسبين، والشفافية في اصدار البيانات المختلفة من كافة الجهات المعنية بما يتم تنفيذه من إجراءات لمواجهة انتشار الفيروس وتبعاته. فضلا عن تكليف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، باتخاذ جميع الإجراءات القانونية، حيال كل من أذاع أخبارًا، أو بيانات كاذبة، أو شائعات، تتعلق بفيروس “كورونا المستجد”، أو غيره، بهدف تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين المواطنين، أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
سيناريوهات وإجراءات بديلة
على الرغم من محاولة أجهزة الدولة منع التجمعات بأكبر قدر ممكن، إلا أنها عملت على اتخاذ إجراءات من شأنها تسيير الأمور بشكل شبه طبيعي، وانطلاقا من هذا عكفت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، على وضع سيناريوهات بديلة لإتاحة التعليم عن بُعد اثناء فترة تعليق الدراسة، من خلال الاستعانة بالمعلمين والاداريين، في الدروس الإلكترونية والتعلم الرقمي وإعداد الامتحانات وغيرها.
فقد أكد الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم أن طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي ليس لديهم مشكلة في المذاكرة، ولديهم أجهزة تابلت ويمكن امتحانهم إلكترونيا. أما الصفوف من الثالث الابتدائي وحتى الثاني الإعدادي سيتم الشرح لهم عبر القنوات التعليمية مع إطلاق موقع خاص للتعلم الإلكتروني ومنحهم دليلًا للمذاكرة خلال ٤٨ ساعة. وأن امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة والفنية في موعدها المحدد سابقًا ولا تغيير فيها.
وأضاف شوقي أنه سوف يتم تأجيل امتحانات أبناؤنا في الخارج بالبلاد التي تم تعليق الدراسة بها لحين قيام كل دولة بإنهاء التعليق. وسريان امتحانات أبناؤنا في الخارج بالبلاد التي لم تعلق الدراسة، في موعدها كما هو محدد من قبل.
أما عن تبعات الموقف بين طلاب الجامعات، فقد توقع الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن يتم مد الدراسة في الجامعات لمدة أسبوع أو أسبوعين، بعد تعليق الدراسة لمدة أسبوعين. وتوفير المحتوى العلمي للطلاب من خلال المواقع الكترونية للجامعات المصرية، على أن يتم التواصل والتفاعل مع الطلبة بشكل فوري ودائم. وتقليل الأثر السلبي على الطلاب.
وفي سبيل ذلك، أجرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اجتماعًا مع رؤساء الشركات الأربعة مقدمي خدمات الاتصالات بمصر لدعم العملية التعليمية خلال فترة تعليق الدراسة. وتم الاتفاق على توفير الإتاحة المجانية للمواقع الإلكترونية الخاصة بوزارة التربية التعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمجهزة لتقديم المحتوى التعليمي اللازم لاستكمال وتيسير العملية التعليمية عن بعد بهدف عدم تحميل أولياء الأمور أو الطلبة أي أعباء مادية إضافية.
كذلك توفير وزيادة سعات التحميل الشهرية الخاصة باشتراكات الانترنت المنزلي للأفراد بنسبة 20 % بتكلفة 200 مليون جنيه تتحملها الدولة وذلك لكافة شرائح المستخدمين بالتنسيق مع شركات مقدمي خدمات الإنترنت بهدف دعم إتاحة التعليم عن بعد والخدمات الأساسية.
هذا فضلا عن توفير منصات رقمية مجانا لاستضافة المواد العلمية والمحاضرات لطلاب المدارس والجامعات من خلال التعاون بين وزارتي التربية التعليم، والتعليم العالي مع مشغلي التليفون المحمول بمصر بهدف دعم تيسير عملية التعليم عن بعد لحين تجاوز الازمة.
مجلس الوزراء يؤكد توافر مخزون كافٍ من السلع الاستراتيجية
وكان لأنباء انتشار الفيروس بمصر، والتشديد على تقليل التجمعات، سلوك مضاد من قبل المواطنين حيال السياسة الشرائية. فقدت شهدت الآونة الأخيرة تكالب من المواطنين على شراء وتخزين كميات كبيرة من السلع الاستراتيجية وأدوات التعقيم والتطهير، فضلا عن قيام بعض الباعة بإخفاء بعض السلع عن المواطنين بهدف التلاعب في أسعارها.
وفي سبيل ذلك، تم اتخاذ بعض الإجراءات من قبل وزارة التنمية المحلية، فقد تم توجيه المحافظين بالتصدي بحزم لمحاولات التلاعب في أسعار السلع الأساسية أو استغلال المواطنين. كذلك تشديد الرقابة على أماكن تخزين السلع والمنظفات والمطهرات. كذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع “الشيشة” وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وذلك بالتزامن مع تأكيد وزارة التموين والتجارة الداخلية بأن مخزون السلع الاستراتيجية يكفي الاستهلاك المحلي وبعض السلع رصيدها يكفي لمدة 29 شهرًا. فضلا عن تشديد الرقابة على أسعار وجودة المنتجات المباعة للمواطنين وخاصة السلع المتعلقة بالمنظفات والمطهرات ومستلزمات الوقاية والنظافة للحد من التلاعب بالأسعار أو حالات الغش التجاري. مع التكليف بمصادرة المنتجات وسحب ترخيص المكان المخالف وتوقيع اشد العقوبات على المخالفين وتحويل مرتكبيها إلى نيابة أمن الدولة العليا طوارئ حال ثبوت المخالفة.
وهو ما أكده أيضًا الدكتور مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحفي اليوم، موضحًا مدى تضافر وتعاون مؤسسات الدولة المختلفة. وهو ما عكسه استعدادات إدارة التعيينات بالقوات المسلحة، بالاحتفاظ باحتياطيات عاجلة من المواد الغذائية الاحتياطي الواحد يكفي لقوة (20 ألف) فرد جاهزة للدفع في أي من الاتجاهات الاستراتيجية.
خطة تطهير وتعقيم موسعة
بالتوازي مع الإجراءات الاحترازية المتخذة حيال تقليل التجمعات للحد من انتشار الفيروس، والتي طالت أيضًا القطاع الرياضي والديني بمصر، فقد أعلنت وزارة الشباب والرياضة وقف جميع الأنشطة الشبابية والرياضية خلال فترة تعليق الدراسة. فيما قررت وزارة الأوقاف تعليق العمل بجميع دور المناسبات التابعة للوزارة وحظر إقامة العزاء أو عقد القران بالمساجد لحين إشعار آخر. وقصر العمل بالمساجد على الصلاة وخطبة الجمعة وبما لا يزيد عن خمس عشرة دقيقة في وقت الخطبة.
كما اتخذت كافة الوزارات والهيئات الحكومية إجراءات وقائية مشددة وتوفير مطهرات الأيدي بكل اماكن الوزارات وكذلك للمترددين على الأبنية التابعة لها. فضلا عن اجراء فحص طبي مبدئي (على رأسها قياس درجة الحرارة) لكافة العاملين بالهيئات الحكومية قبل الدخول اليها الكترونيا للكشف المبكر عن الفيروس.
فيما اخذت القوات المسلحة على عاتقها مهمة تطهير وتعقيم المؤسسات الحكومية من خلال سلاح الحرب الكيميائية، وتوفير المياه اللازمة لتحضير محاليل التعقيم والتطهير. فضلا عن تطويع 24 عربة إطفاء بطاقة (12) طن للعربة وتزويدها بقواذف الأكرون وتعبئتها مسبقاً بالمحاليل المطهرة لاستخدامها مباشرة في أعمال تطهير وتعقيم الأماكن المفتوحة. كذلك تطويع وحدة طرد الهواء العملاقة للعمل كوحدة تطهير مسطحات ومباني.
إجراءات مالية واقتصادية
يصاحب انتشار أي وباء، عدة تداعيات اقتصادية وتأثر عدة قطاعات بهذه الازمة، وقد تم رصد 100 مليار جنيه، لتنفيذ خطة الدولة الشاملة في التعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسي.
وبالفعل اتاحت وزارة المالية مبلغ ١٨٧,٦ مليون جنيه فورًا بصفة مبدئية لوزارة الصحة من الاعتمادات المالية المقررة، مقسمة إلى:
- ١٥٣,٥ مليون جنيه لشراء مواد خام ومستلزمات لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
- ٣٤,١ مليون جنيه مكافآت تشجيعية للعاملين بالحجر الصحي ومستشفيات العزل.
ولمواجهة حالة الانكماش الاقتصادي المتوقع حدوثها على إثر أزمة فيروس كورونا. تم اتخاذ عدة إجراءات لتحسين أجور العاملين بالدولة في الموازنة الجديدة، أبرزها:
- منح حافز إضافي لكل العاملين والموظفين بفئات مالية مقطوعة تتراوح بين ١٥٠ إلى ٣٧٥ جنيهًا شهريًا لتحسين مستوى معيشتهم.
- علاوة دورية ٧٪ من الأجر الوظيفي للمخاطبين بالخدمة المدنية و١٢٪ من المرتب الأساسي لغير المخاطبين وبحد أدنى ٧٥ جنيهًا ودون حد أقصى.
- زيادة حد الإعفاء الضريبي من ٨ آلاف جنيه إلى ١٥ ألف جنيه، بالإضافة إلى حد الإعفاء الشخصي والبالغ سبعة آلاف جنيه وبالتالي ستكون الضريبة حتى ٢٤٠٠٠ (التي يكون صافيها بعد خصم التأمينات ٢٢٠٠٠) معفاة من الضرائب، وتقديم شريحة ضريبية جديدة بـ ٢,٥ ٪ بدلاً من ١٠٪؛ بما ينعكس إيجابيًا فى زيادة صافي دخول الموظفين.
كما اتخذ البنك المركزي 22 إجراء ملزم للبنوك لمواجهة كورونا، أبرزها:
– تعزيز سبل استخدام التكنولوجيا كبديل للاجتماعات (الفيديو أو المكالمات الهاتفية … الخ).
– إلزام العاملين بالإفصاح عن أماكن تواجدهم حال السفر خارج البلاد، والحصول على إجازة إجبارية فور العودة.
– إتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات
– تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية لمدة 6 أشهر، وعدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخر في السداد
– إلغاء الرسوم والعمولات المطبقة على رسوم نقاط البيع والسحب من الصرافات الآلية والمحافظ الإلكترونية لمدة 6 أشهر
– زيادة الحدود اليومية للتعامل ببطاقات الخصم والإئتمان
– حث العملاء على تنفيذ المعاملات البنكية من خلال القنوات الإلكترونية والبطاقات بدلا من التعاملات النقدية.
باحث أول بالمرصد المصري



