ليبيا

وزير الخارجية الجزائري في بنغازي.. ومصاعب متزايدة أمام مسار جنيف

وصل إلى بنغازي اليوم، وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، في زيارة لافتة ومهمة، تؤكد على الإشارات الإيجابية التي بدأت في الظهور مؤخراً بين بنغازي والجزائر، خاصة بعد إستقبال الأخيرة لوزير الخارجية في الحكومة المؤقتة عبد الهادي الحويج، على هامش مؤتمر وزراء خارجية دول جوار ليبيا الأخير.

الجزائر تدشن دورها السياسي في الملف الليبي

عقد وزير الخارجية الجزائري بمجرد وصوله إلى بنغازي، عدة لقاءات مع كل من المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني، ورئيس وزراء الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، ووزير الخارجية عبد الهادي الحويج، وقد سلم الوزير الجزائري للمشير حفتر دعوة رسمية لزيارة الجزائر، ليتم بهذا تدشين الجهود الجزائرية التي تستهدف الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية، وهي جهود تتقاطع مع أدوار دول الجوار الليبي، التي توصلت في اجتماعها الأخير في الجزائر إلى مقاربة مشتركة في ما يتعلق بأفق الحل السياسي والاجتماعي للأزمة الليبية.

الجزائر في هذه المرحلة تعد هي وتونس الطرف الأقرب للعب دور سياسي في ليبيا على المستوى الأقليمي، نظراً لعدة عوامل، أهمها أحتفاظهما بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف الليبية دون استثناء، وكذلك قربهما الجغرافي من بؤرة الصراع الميداني الحالي غرب ليبيا، وما يتبع ذلك من تأثيرات أمنية وسياسية واجتماعية عليهما نتيجة لاستمرار هذه الأوضاع. كلا البلدين أيضاً تمكنتا من أستيعاب الضغوط الخارجية (التركية تحديداً)، والاحتفاظ بمواقفهما من الملف الليبي ثابتة دون أن تتأثر بهذه الضغوطات، ودون أن يتورطا في الإنضمام إلى أحلاف إقليمية معادية للمصالح العربية والأمن الأقليمي، ويتوقع في الأيام المقبلة بروز دور مغاربي اخر في الملف الليبي، وهو الدور المغربي. كذلك فإنه على المستوى الدولي، بدء الدور الأمريكي يتصاعد بصورة ملحوظة في ما يتعلق بالملف الليبي، فقد تلقى رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني، دعوة من الكونجرس الأمريكي لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي زيارة مهمة للغاية، خاصة أنها تأتي بعد أستقبال واشنطن وفداً من أعضاء البرلمان الليبي (المواز) في طرابلس.

مسار جنيف السياسي .. المصاعب تتزايد

الأطراف الليبية بشكل عام، تعول على الدور العربي ربما أكثر من الأدوار الدولية سواء كانت من دول أو مؤسسات، وذلك أصبح واضحاً بشكل أكثر في ظل المواقف الأخيرة التي أعلنتها الأجسام السياسية الليبية في طرابلس وبنغازي، من المشاركة في مسار جنيف السياسي المقبل، الذي يستهدف في هذه المرحلة تشكيل حكومة ليبية موحدة.

فمجلس النواب في طبرق، وافق من حيث المبدأ على المشاركة في مسار جنيف، لكنه وضع أمس خلال جلسته المنعقدة بمدينة بنغازي، خمسة محددات أساسية لطبيعة مشاركته في اجتماعات جنيف المقبلة، الشرط الأول هو أن يختار المجلس ممثليه في هذه الاجتماعات بعد مشاورات نوابه وتحت أشراف رئيسه، الشرط الثاني يتعلق بضرورة إحالة قائمة أسماء أعضاء اللجنة، التي أعلن مؤخراً المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، أنها ستمثله في اجتماعات جنيف القادمة، على مجلس النواب للنظر فيها. الشرط الثالث هو تحديد مهمة لجان الحوار التي ستلتئم في جنيف بشكل واضح، وكذا آليات عملها والمهل الزمنية الممنوحة لها، والشرط الرابع شدد على عدم إقرار أو اعتماد أية حكومة جديدة إلا بعد مصادقة مجلس النواب عليها. الشرط الخامس والأخير كان عدم مساواة عدد ممثلي المجلس الأعلى للدولة بممثلي مجلس النواب خلال مباحثات جنيف، خاصة وأن المجلس الأعلى للدولة يعتبر جهة (استشارية) وليست جهة تشريعية.

المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، بدوره وضع شروط لمشاركته في مسار جنيف السياسي، وذلك على الرغم من إعلان المجلس منذ أيام لأسماء أعضاء اللجنة التي ستمثله في مسار جنيف. هذه الشروط أوضحها الناطق باسم المجلس في تصريحات تلفزيونية، حيث قال أن المجلس الأعلى للدولة لديه ثوابت ومعايير، لتحديد إمكانية مشاركته في مسار جنيف، على رأسها عدم الدخول في أي مسار سياسي قبل (تصحيح) المسار العسكري من خلال اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وبالتالي سينتظر المجلس أتضاح مخرجات هذه اللجنة، كي يحدد موقفه النهائي من المشاركة في المسار السياسي. وهذا الموقف يصب في صالح مواقف لمحت إليها أطراف موالية لحكومة الوفاق، تؤكد أن مشاركة الحكومة في مسار جنيف مشروطة بعودة الجيش الوطني إلى مواقع ما قبل أبريل 2019.

أذن تنتظر كل الأطراف الليبية مخرجات اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة المنعقدة حالياً في جنيف، والتي حتى الآن لم يتضح منها سوى إتفاق الوفدين المشاركين فيه على مبدأ تحويل الهدنة القائمة حالياُ إلى وقف دائم لإطلاق النار، وجاري حالياً التفاوض حول شروط وضوابط تطبيق وقف إطلاق النار على الأرض، وآليات مراقبته.

الوضع الميداني … نيران تحت رماد الهدنة

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في أخر حصيلة نشرها حول أعداد المرتزقة الذين وصلوا إلى طرابلس قادمين من سوريا، الى أن عددهم وصل إلى نحو 4700 مرتزق، وجاري الإعداد لإرسال 1700 مرتزق آخرين من معسكرات التجميع شمالي سوريا وجنوبي تركيا إلى طرابلس. حتى الآن قُتل من هؤلاء المرتزقة في كافة المحاور القتالية نحو 80 مرتزق، يضاف إليهم أكثر من 60 مرتزق تمكنوا من العبور بحراً إلى جنوب أوروبا. اللافت هنا هو تصريحات لعدد من قادة الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس، لوكالة أسوشيتدبرس للأنباء، والتي أكدوا فيها عن أن قسم كبير من المرتزقة الذين قدموا من سوريا إلى طرابلس، قاتلوا سابقاً في سوريا ضمن تنظيمات إرهابية تكفيرية، مثل تنظيمي داعش وجبهة النصرة.

المحور الشرقي لمدينة مصراتة هو الأكثر نشاطاً خلال الأيام الماضية، حيث لقى ثلاثة عناصر تابعين لقوات حكومة الوفاق خلال معارك أمس في منطقة أبو قرين شرقي مصراتة، وقد صاحبت هذه الأشتباكات قصف مدفعي مركز من كلا الجانبين، وسط محاولات من جانب حكومة الوفاق إستعادة كامل المنطقة، دون أن تتمكن سوى من التمركز في مناطق تقع غربها. وقد استهدف سلاح الجو الليبي عربات تابعة لقوات الوفاق غرب أبو قرين، بجانب رتل تابع لميليشيا (الصمود)، حاول التقدم من منطقة السدادة في اتجاه وادي زمزم جنوبي أبو قرين، وتحديداً بإتجاه منطقة البغلة الواقعة جنوبي غرب المنطقة.

المحاور الجنوبية للعاصمة شهدت جولة من الضربات المدفعية من جانب وحدات حكومة الوفاق، استهدفت مناطق صلاح الدين وقصر بن غشير والسبعة ومحيط طريق الشوك ومشروع الهضبة، وقد حاولت وحدات تابعة لها التقدم جنوباً في اتجاه المناطق الشمالية لمشروع الهضبة، لكن تم التصدي لها وإجبارها على التراجع.
.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى