دول المغرب العربيمكافحة الإرهاب

ضربات استباقية.. المغرب تنجح في تفكيك خلايا تابعة لـ “داعش” تنشط في ثلاث مدن

أعلنت السلطات المغربية تفكيك خلية إرهابية من ستة أفراد يشتبه في موالاتهم لتنظيم “داعش” الإرهابي، وتخطيطهم لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة.

أوضح بيان وزارة الداخلية المغربية بأن الموقوفين خططوا لإعلان ولاية تابعة للتنظيم الإرهابي داخل المملكة. وكانوا ينشطون بين مدن الدار البيضاء والمحمدية و أزيلال. 

تجدر الإشارة أن المغرب قام بتفكيك 15 خلية إرهابية منذ بداية العام الماضي حتى الآن. منها خلية داعشية كانت تنشط بين المغرب وإسبانيا، وتم تفكيكها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسبانية.

وفي عام 2016 وحده، فككت المغرب 40 خلية إرهابية.

تؤشر الأرقام السابقة للخلايا الإرهابية التي نجحت الأجهزة الأمنية المغربية في تفكيكها قبل ضلوعها في تنفيذ العمليات الإرهابية؛ إلى نسق “استباقي” في خطط وتكتيكات المعالجة الأمنية للنشاط الإرهابي، فكيف تبدوا أبعاد استراتيجية المغرب، وما هي أبرز أدواتها. 

المتطرفين بين شقي رحي ” الديستي ” و “لادجيد”

لطالما كان المغرب في منأى عن النشاط الإرهابي الموسع ولاسيما في الفترة التي تلت إعلان تنظيم “داعش” لخلافته المزعومة في 29 يونيو 2014، بالرغم أن عدد المغاربة الذين التحقوا بمناطق التوتر في كل من سوريا والعراق بلغ 1659، من بينهم 1060 التحقوا بتنظيم داعش الإرهابي، حسب إعلان السلطات المغربية.

ومع التراجع الميداني للتنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، بعد تحرير مدينتي “تدمر” السورية ، و”الرمادي” العراقية، منتصف العام 2016، بدأت أولي محاولات عودة منتسبي تنظيم “داعش” المغاربة مرة أخري لموطنهم. ما شكل تهديداً كبيراً للحكومة المغربية ودفعها لتبني استراتيجية لحماية الأمن القومي و بتكثيف جهودها الاستخباراتية لمتابعة العائدين، ومن جهة أخري، لإحباط مخططات العناصر المتطرفة المحسوبة على التنظيم داخلياً من تنفيذ هجمات إرهابية رداً علي النهج المغربي في التنسيق الأمني والاستخباراتي مع عدة أجهزة أمنية أوروبية لمواجهة خلايا التنظيم.

يلعب جهازي ” الديستي “، و ” لادجيد “، دوراً محورياً في الاستراتيجية المغربية المتبعة لاحتواء ومعالجة التهديدات الإرهابية.

“الديستي”: يعني المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو جهاز يشتغل لضمان الأمن الداخلي بتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية التي توفر لهذا الجهاز المعطيات الأسياسية التي يستخلصها أعوان السلطة حول المواطنين المغاربة. ويترأس الجهاز ” عبداللطيف الحموشي “، له صلات وثيقة بالملك.

لادجيد“: وتعني اختصارا “مديرية الدراسات وحفظ المستندات”، وهو جهاز مهمته مكافحة التجسس في المغرب وخارجه واستباق الأحداث أو المخاطر التي قد تهدد أمن الدولة عبر أجهزته وعملائه السريين. ويترأس الجهاز ” ياسين المنصوري “، يُعرف بأنه صديق للملك

تضافرت جهود الثنائي، لدرجة حققت التكامل في العديد من المحطات ولاسيما تلك المتعلقة برصد واستهداف الخلايا الإرهابية وتحذير الأجهزة الأمنية الأوروبية من عدة هجمات وشيكة قبل حدوثها بفترة. ومنها:

  • هجمات برلين:

في 19 ديسمبر من العام 2016، كانت برلين علي موعد مع نصيبها من الرعب الذي اجتاح أوروبا عشية تصاعد الضربات التي تعرض لها من خلال مقاتلات وقاذفات التحالف الدولي. حيث اقتحمت شاحنة سوقا لاحتفالات رأس السنة وشرعت في دهس الناس متسببة في مقتل 12 منهم وإصابة العشرات.

لتطفي العديد من التساؤلات علي السطح حول مدي فعالية الأجهزة الأمنية الألمانية في مثل هذه التهديدات الخطرة. وفي مارس من العام الماضي، كشف وكالة الأنباء الألمانية أن أجهزة المخابرات المغربية” كانت على علم بتلك التهديدات وأنها أخبرت نظيرتها في برلين بمعلومات تفصيلية حول منفذ الهجوم التونسي أنيس عمري، حيث كشفت لها أنه كان على علاقة بـ”متطرفين مغاربة في ألمانيا”.

وفي تفاصيل الوثيقة التي كشفت عنها الوكالة، حذرت المخابرات المغربية نظيرتها الألمانية من عمري ومن شخصين آخرين أحدهما مغربي والثاني فرنسي من أصل مغربي، والذين كانوا يتواصلون مع جهاديين تابعين لتنظيم “داعش” في سوريا والعراق وليبيا.

  • تفجيرات بروكسل

بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، كانت بدورها علي موعد مع موجات الرعب تلك. إذ تعرضت في في مارس 2016، لتفجيرين كبيرين هزا مطارها الدولي، ومحطة مترو “مالبيك”، وخلفا 34 قتيلاً. 

بعدها بيومين فقط، فجرت صحيفة “ليبيرو كوتيديان” الصادرة من ميلانو الإيطالية مفاجأة من العيار الثقيل، عندما كشفت أن مصالح الأمن المغربية حذرت نظيرتها في بلجيكا من وقوع هذه الهجمات، وأخبرتها أن معلوماتها الاستخباراتية تفيد بأن مواقع حساسة في بروكسيل مستهدفة ومن بينها مواقع للنشاط النووي، لكن السلطات البلجيكية لم تحسن التعامل مع تلك المعطيات.

  • إسبانيا

يعد التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا أمراً ليس بالجديد، ولاسيما بعد تعرض الدار البيضاء لتفجيرات دامية بعام 2003، تلتها هجمات مدريد. لكن للأمر خصوصية بعض الشئ، حيث حصل عبداللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني وعلي وسام “الصليب الأكبر للحرس المدني”، بتوصية من وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، بعدما كان قد حصل مسبقا علي وسام “الصليب الشرفي للاستحقاق الأمني” الذي يعد أعلى التوشيحات الشرفية التي يتم منحها لشخصيات أجنبية، ولهذا مدلول على اعتراف إسبانيا بالدور المغربي في مساعدتها للتغلب علي مخاطر وتهديدات أمنية.

خاتمة

أظهرت أجهزة الأمن المغربية معالجة مع التهديدات الإرهابية والغير نمطية، كما مثل التموضع الإقليمي للمغرب، وتبنيها أنساق المدارس الغربية الاستخباراتية؛ لبزوغ تعاطي استباقي، يولي اهتماماً كبيراً بالمعلومات الكمية، دوناً عن الانخراط الميداني العسكري، ولاسيما في مسرح عملياتي يشمل مدن وعواصم أوروبية مؤثرة في القرار الدولي والأممي، كما نص دستور المغرب في عام 2011 علي مؤسسة جديدة تم إدخالها لأول مرة ضمن الهياكل التنظيمية في الحكومة، وهو المجلس الأعلى للأمن القومي. في محاولة دستورية لمأسسة إنتاج السياسات الأمنية للمملكة مع تعاظم الاخطار والتحديات.

واكبت الأجهزة السابقة ومجلس الأمن القومي، أحد أكبر التحديات الأمنية المتمثلة في عودة منتسبي تنظيم “داعش” من المغاربة لأراضيهم. حيث كشفت السلطات المغربية عن إلقاء القبض على 260 من “الداعشيين” المغاربة في أعقاب عودتهم إلى الأراضي المغربية. فيما لقي 742 من المتطرفين المغاربة الموالين لتنظيم داعش الإرهابي مصرعهم في سوريا والعراق.

لتبق القدرة الاستخباراتية المغربية أمام تحدِ آخر يرتبط باستراتيجية التنظيم الإرهابي إعادة تموضعه وانتشاره في دول الساحل والصحراء والغرب الإفريقي بعد هزائمه في سوريا والعراق، ومدي قدرة المغرب علي إحباط محاولات الرعاية الإقليمية للإرهاب من الضغط عليه بورقة داعش وخلاياه النائمة وخاصة بعد ورود العديد من المؤشرات الرامية لامتعاض المغرب من التدخل العسكري الأجنبي السافر لبعض القوي الإقليمية في الميدان الليبي. 

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى