
“القصاص” يقترب من رقبة عشماوي
أحالت محكمة الجنايات، اليوم السبت، أوراق هشام عشماوي و36 آخرين لفضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم وذلك بقضية تنظيم “أنصار بيت المقدس”. هكذا كان قول الحق والقصاص لمئات القتلى من الأبرياء بمصر وحول العالم من قاتل وأحد خلايا سرطان الإرهاب، الذي بات ينهش في كيانات الدول لا يفرق بين دين أو جنس أو جنسية.
تشدد واضح … ونهاية جهادية

أثار القبض على هشام عشماوي ومعرفة جزء من سيرته مزيج من المشاعر المتضاربة داخل كل مواطن مصري، وبخاصة بعد تداول كونه أحد أفراد دفعة الشهيد المنسي، ولكن شتان أن يجتمعان او يتم مقارنتهما.
فالمفارقة أن هشام عشماوي، التحق بالقوات المسلحة عام 1994 كفرد صاعقة، لكن سرعان ما ظهرت ميوله المتشددة، عند توبيخه قارئ قرآن في أحد المساجد لخطأ في التلاوة، وهو ما أثار حوله الشبهات وتقرر نقله للأعمال الإدارية عام 2000. وتقرر فصله في 2009 بعد محاكمة عسكرية في 2007 لتحريضه ضد الجيش.
وكانت بداية النهاية في 2012، باندماجه بمجموعة من معتنقي «الفكر الجهادي» في أحد المساجد بحي المطرية، ثم نقل نشاطه لمدينة نصر، وشكَّل خلية لتنظيم أنصار بيت المقدس، ووفقًا لاعترافه قال: “الجماعة واخدين إننا هنشتغل في قتال الجيش والشرطة”.
ثم سافر إلى تركيا في أبريل 2013، وتسلل منها إلى سوريا، وهناك انضم لمجموعات تقاتل ضد نظام بشار الأسد، وسرعان ما عاد إلى مصر، مع عزل محمد مرسي، ليشارك في اعتصام رابعة، وبعدها بدأت عملياته النوعية داخل مصر.
سلسلة من الجرائم الدموية

وكانت البداية بالتخطيط لقتل الرأس الأول “وزير الداخلية” على حد وصفه، برصد موكبه وتصويره لمدة 10 أيام، ثم محاولة اغتيال فاشلة للواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق في سبتمبر عام 2013، وأسفر الحادث عن إصابة 21 شخصًا بينهم شرطيان من حراسة الوزير.
كما اتهم عشماوي بالمشاركة في عدة عمليات إرهابية أخرى، كخلية “عرب شركس” والتي استهدفت حافلة جنود بمنطقة الأميرية وكمين مسطرد، وقتل ضابطي الهيئة الهندسية بمنطقة عرب شركس في محافظة القليوبية أثناء مداهمة تلك المنازل ومداهمة البؤرة الإرهابية لجماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية.
كما اتُّهم بالتخطيط والمشاركة في تنفيذ مذبحة كمين الفرافرة في يوليو 2014. وسبق أن أصدرت المحكمة العسكرية ضده حكم بالإعدام بهذه القضية.
وفي يوليو 2015، أعلن “عشماوي” المعروف بـ”أبو عمر المهاجر” انشقاقه عن تنظيم “داعش”، وتأسيس تنظيم “المرابطون” في ليبيا، الموالي لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي ونصب عشماوي نفسه أميرا لتنظيم المرابطين الإرهابي.
وفي مايو 2016 شارك هشام العشماوى فى استهداف الكتيبة 101، مما أسفر عن استشهاد 29 من القوات وإصابة 60 آخرين، وإصابته هو بطلق ناري في الساق قبل تمكنه من الهروب.
كما شارك في حادث الهجوم على حافلات تقل مجموعة من الأقباط إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا عام 2017، مما أسفر على مقتل 29 شخصاً، بينهم أطفال، وأصيب 24 آخرون.
الصيد السمين يؤتي ثماره

وهو ما أكده العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، في 2017، “إن ضابطًا مصريًا سابقًا يقود حاليًا جماعة متشددة في مدينة درنة شمال شرقي ليبيا، ضالع فى الهجوم الإرهابي بالمنيا في مصر، والذي أسفر عن مقتل 29 قبطيًا”.
وقد ألقت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، القبض على عشماوي في 8 أكتوبر 2018، خلال عملية أمنية في مدينة درنة. فيما تسلمته مصر في 29 مايو 2019، بعد زيارة أجراها اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة، إلى دولة ليبيا، التقى خلالها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، في واحدة من أقوى العمليات الاستخباراتية والأمنية خلال السنوات الأخيرة.
ولم يكن استلام عشماوي هو المُبتغى، فكانت التحقيقات معه هي بمثابة الصيد الثمين، فهو يمثل مفتاح الصندوق الأسود للكثير من الجماعات والخلايا الإرهابية، والتي يعرف عنها الكثير بحكم تنقله بين أكثر من جماعة إلى درجة إمارته لاحد هذه الخلايا.
وبالفعل أتى الصيد بثماره بالكشف عن خلية الكويت، والتي أكدت التحقيقات والتقارير إنها نتاج تعاون أمني مكثف بين مصر ودول الخليج في مكافحة الإرهاب، يشمل تبادل المعلومات، في إشارة بتقارير كويتية عن علاقة التحقيقات مع الإرهابي هشام عشماوي في مصر وليبيا، بالقبض على هذه الخلية الإخوانية في الكويت.
وظهر هذا الجهد جليًا داخليًا، في تساقط عدة خلايا إرهابية بمصر، فضلا عن العمليات الاستباقية لوزارة الداخلية في الآونة الأخيرة. وما يمكننا قوله الآن، أن خيوط الإرهاب أضعف كثيرًا من خيوط العنكبوت وسيأتي يومًا تتهاوى فيه كل الخيوط خاصة في ظل تكاتف دولي ضد سرطان الإرهاب.
باحث أول بالمرصد المصري



