الصحافة الدولية

بالوثائق: بعد أيام من محاولة انقلاب 2016: حكومة أردوغان لفقت اتهامات للصحفيين

في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أصبحت تركيا رائدة على مستوى العالم في سجن الصحفيين ووفقًا لمجموعة الدفاع عن حقوق الإنسان في مركز ستوكهولم للحرية ، الذي يراقب حرية الصحافة في تركيا ، يوجد 165 صحفياً حاليًا خلف القضبان في السجون التركية. كما تبين بيانات المؤسسة أن 167 صحفياً أجبروا على العيش في المنفى. وعقب محاولة انقلاب 2016 تعرض العشرات من أبرز الصحفيين والأكاديميين في تركيا للتحقيق الجنائي على خلفية مزاعم تتعلق بضلوعهم في أعمال إرهابية ،وذلك حسب الوثائق التي حصل عليها موقع الأبحاث السويدي”نورديك مونيتور” الذي وصف تلك التهم بالـ” ملفقة”.

أكاديمي قام بتلفيق التهم

بدأت الواقعة بعد تقديم شكوى جنائية من ” عيسى أكالين” وهو أكاديمي محسوب على التيار الإسلامي ويناهز الخمسين عامًا. كما أنه عضو نشط في الحزب الحاكم في تركيا. وقد سبق لأكالين أن خاض انتخابات فاشلة للبرلمان على مقعد حزب العدالة والتنمية في مسقط رأسه في ديار بكر. وقد شارك في جماعات خيرية إسلامية مثيرة للجدل مثل مؤسستي إنصار وحكيول اللتين تدعمهما حكومة أردوغان.
وفي الشكوى التي تقدم بها ” أكالين” لمكتب المدعي العام التركي قام بحصر 66 اسمًا جميعهم من الصحفيين واتهمهم بالتحضير لأعمال عنف وأعمال تحريضية ضد الدولة التركية، وهي الواقعة التي تعود ليوليو من العام 2016. وتذرعت الشكوى بالمادة 304 من قانون العقوبات التركي، والتي تنص على أن “أي شخص يحرض سلطات دولة أجنبية على شن حرب أو القيام بحركات معادية ضد دولة جمهورية تركيا أو يتعاون مع جهات تابعة لأي دولة أجنبية لهذا الغرض فإنه يواجه عقوبة السجن لمدة تتراوح من عشرة إلى عشرين سنة “.

وفي شكواه، ادعى أكالين أن الصحفيين اتهموا حكومة أردوغان بدعمها لجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة وجبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) ونتيجة لذلك ، تم تحريض الحكومات الأجنبية على تبني مواقف عدائية تجاه تركيا. وذلك دون تقديم أي دليل لدعم اتهامات التي لا أساس لها.
واللافت للنظر أنه قد تم تقديم الشكوى بعد ثلاثة أيام فقط من محاولة الانقلاب في تركيا في يوليو 2016 ، وهو ما يشير إلى أن هؤلاء الصحفيين تم الاتخاذ القرار بشأنهم قبل ذلك بكثير.

صحفيون في المنفى وخلف القضبان

و بالعودة إلى ملف الصحفيين فقد أخذ المدعي العام في مقاطعة مانيسا الشكوى التي لا أساس لها ضد الصحفيين على محمل الجد ، وأرسلها إلى مكتب المدعي العام في أنقرة. وفي أعقاب ذلك تولى المدعي العام التركي آدم أكينكي الشكوى وقرر إطلاق تحقيق سري في جميع الأسماء المذكورة في الشكوى بموجب ملف قضية التحقيق رقم 2016/109228 وتم توجيه طلب رسمي لجهات التحقيق بالشروع في إجراءات القضية في أغسطس 2016.
وفي يونيو 2017 أرسل إبراهيم بوزكورت ، قائد شرطة مكافحة الإرهاب في قسم شرطة أنقرة ، ملف تحقيق أولي سري من سبع صفحات إلى مكتب المدعي العام وقد تضمن التحقيق معلومات شخصية عن الصحفيين وعناوينهم المسجلة سواء في تركيا أو في الخارج.
وعلى خلفية تلك الشكوى تم سجن بعض الصحفيين لعدة سنوات في تركيا ، واضطر آخرون إلى المغادرة هربًا من قمع حرية الصحافة وحرية التعبير وقلة منهم لا يزالون يعيشون في تركيا حتى أن أحدهم تحول إلى نائب في البرلمان عن حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

التهمة الجاهزة: الانتماء لجماعة جولن

وبالطبع فقد زُعم أن جميع الصحفيين الذين تم تسميتهم وغيرهم ينتمون إلى حركة جولن ، بقيادة العالم المسلم التركي المقيم في الولايات المتحدة ، فتح الله جولن ، والذي كان ناقدًا صريحًا لحكومة أردوغان.
وفي أعقاب تحقيقات الفساد الكبرى التي تم الكشف عنها في ديسمبر 2013 والتي أدانت أردوغان وأفراد أسرته وشركائه في العمل والسياسة ، انقلب أردوغان على الحركة واتهم جولن بالتحريض على التحقيقات ، وهو ادعاء رفضه جولن نفسه. ولكي ينتقم الرئيس التركي فقد قام بالتخلص من المدعين العامين وقادة الشرطة والقضاة الذين شاركوا في الكشف عن فضيحة الكسب غير المشروع التي امتد صداها إلى مواطنين إيرانيين وتم إعلان الحركة كيان إرهابي .
وعلاوة على ذلك اتُهمت الحركة بتنظيم الانقلاب الفاشل لعام 2016 ، والذي فشلت حكومة أردوغان مرة أخرى في تقديم أي دليل موثوق به لدعم مزاعمها. ولذلك نفى جولن مرارًا أي تورط في محاولة الانقلاب ودعا إلى إجراء تحقيق دولي في الأحداث.حيث يعتقد الكثيرون أن الانقلاب الفاشل كان عملية زائفة قام بتنظيمها أردوغان نفسه لتعزيز سلطته وقمع جماعات المعارضة.

أكالين ومزاعم كاذبة

قدم أكالين أيضًا شكوى ضد فتح الله جولن بسبب تصريحات رجل الدين التي تنتقد حكومة أردوغان ودعمها لداعش ، خلال مقابلة في يوليو 2016 مع مراسلين من وسائل إعلامية مثل New York Times و The Financial Times و Sky News و CNN و The الجارديان و رويترز.
وفي ذلك الوقت قام المدعي العام التركي أيتكين كانيكلي ، بتحويل شكوى الأكاديمي المتطرف إلى لائحة اتهام في فبراير 2017 حيث ادعى أكالين أن جولن وضع تركيا في خطر الحرب بسبب مزاعمه وأيضًا بمحاولة تصوير حكومة أردوغان على أنها راعية للإرهاب.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى