
وفيات وإجراءات احترازية.. فيروس “كورونا” الجديد يثير ذعر العالم
ارتفعت أعداد الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس “كورونا” الجديد في مدينة ووهان الصينية، وفقًا لأحدث البيانات الرسمية الصادرة اليوم الخميس 23 يناير، لتصل الي 17 شخصًا، إضافة إلى تأكيد إصابة أكثر من 547 آخرين بالفيروس في شتي انحاء الصين، فضلًا عن ظهور بعض الحالات المصابة في الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وتايوان. فيما قدر الباحثون في جامعة نورث إيسترن وجامعة إمبريال كوليدج في لندن أن عدد الحالات قد يكون خمسة أو عشرة أضعاف ما تم الإعلان عنه؛ أي حوالي 4000 حالة، وفقًا للتقديرات، والتي ستتغير مع معرفة المزيد من المعلومات حول الفيروس.
وأعلنت السلطات الصينية إغلاق وسائل النقل الداخلية والخارجية (المطارات، محطات القطار، وسائل النقل العام) بشكل مؤقت بدءًا من اليوم وحتى إشعار آخر في مدينة ووهان، والتي تعد أحد المدن الرئيسية في وسط الصين، ويعيش فيها نحو 9 ملايين مواطن، لكونها مصدر ظهور وانتشار فيروس كورونا الجديد، وناشدت مواطنيها بعدم السفر خارج المدينة في محاولة لوقف تفشي الفيروس واحتوائه، كما ألغت الاحتفالات الشعبية التي كانت ستقام بمناسبة رأس السنة الصينية في العاصمة بكين.
مصدر الفيروس الجديد
تُرجح السلطات الصينية أن نقطة انطلاق الفيروس الجديد كانت في سوقٍ محليٍ للمأكولات البحرية والحيوانات البرية الحية والدواجن في مدينة ووهان، حيث إن أوائل المصابين بالفيروس كانوا من العمال أو من العملاء في هذا السوق. ولكن حتى الآن لم يتم تأكيد إصابة الكائنات البحرية بالفيروس، لذا من الممكن أن يكون فيروس “كورونا” قد نشأ من حيوانات أخرى تُباع في هذا السوق.
وعندما أجرى الباحثون تحليلًا أكثر تفصيلًا للتسلسل الجيني لفيروس “كورونا” الجديد باستخدام عينات من الفيروس المعزولة عن المرضى، والذي أطلق عليه اسم ((Novel Coronavirus-2019 واختصارًا (2019-nCoV)، فإنه يشير إلى أن فيروس “كورونا” الجديد قد يكون انتقل للإنسان من الثعابين، وبالأخص ثعبان “الكرايت” الصيني أو “الكوبرا” الصينية. كما ستسهم دراسة التسلسل الجيني في تطوير اختبارات تشخيصية للكشف عن المصابين بشكل أدق وأسرع، والمساعدة في تطوير لقاح مضاد للفيروس.
إعلان تفشي الفيروس كحالة طوارئ صحية دولية
أشادت منظمة الصحة العالمية بالمجهودات التي قامت بها السلطات الصينية في التعامل مع الفيروس حتى الآن، خاصة وأن اللجنة الوطنية الصينية للصحة أعلنت كافة البيانات حول تفشي المرض بشكل مفصل، كما اتسمت البيانات بالوضوح والشفافية حول الأدلة على انتقال العدوى من شخص إلى آخر، وأعداد المصابين الذين تم اكتشاف إصابتهم بالفيروس، وأيضًا حظر خروج المواطنين لكبح مخاطر تفشي الفيروس عالميًا. وأعلنت المنظمة أنها ستقرر اليوم الخميس، ما إذا كانت ستعلن حالة طوارئ عالمية بسبب تفشي الفيروس الجديد، وذلك في أعقاب الاجتماع الذي قام به فريق خبراء المنظمة في جنيف بالأمس. وأطلقت منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي مجموعةً من المنشورات التي تتضمن إرشادات للمواطنين للحد من انتشار الفيروس ونصحت بعدم فرض أي قيودٍ على التجارة أو السفر مع الصين.
تشديد إجراءات الحجر الصحي عالميًا
عقب إعلان السلطات الصحية الأمريكية أول أمس تسجيل أول حالة إصابة داخل البلاد بفيروس “كورونا” الجديد، بدأت الدول في تشديد الإجراءات الرقابية الصحية في المطارات. فخصص مطار هيثرو في إنجلترا صالات منفصلة لاستقبال المسافرين القادمين من المدن التي تفشي فيها الفيروس، وكذلك تطبيق إجراءات الحجر الصحي كقياس درجة حرارة الجسم عن بعد، وعمل استبيانات للركاب وتوعيتهم بالفيروس الجديد وأعراضه، وضرورة الإبلاغ عن أي اعراض قد تظهر عليهم بعد الوصول. فيما أعلن قسم مراقبة الأوبئة في روسيا عن تشديد الرقابة الصحية والحجر الصحي في جميع نقاط العبور الحدودية لروسيا، وليس فقط حدودها المشتركة مع الصين.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع أقسام الحجر الصحي بمنافذ الدخول المختلفة للبلاد (الجوية، البحرية، البرية)، للكشف عن أي مصابين محتملين قبل دخولهم البلاد. وأكدت أنه يتم مناظرة جميع المسافرين القادمين من المناطق التي ظهر بها المرض، ويعزل بشكل فوري أي حالة يشتبه إصابتها بالمرض، كما تم تعميم منشور على جميع المنشآت الصحية على مستوى الجمهورية يتضمن تعريف الحالات والتعامل معها، والإجراءات الوقائية لمقدمي الخدمات الطبية.
كما تم رفع درجة الاستعداد وإجراءات مكافحة العدوى، وتجهيز أقسام العزل بمستشفيات الحميات، وتنشيط إجراءات ترصد أمراض الجهاز التنفسي، بجانب متابعة التقارير العالمية التي تصدر عن فيروس كورونا لحظة بلحظة.
إجراءات احترازية في الدول العربية والخليج
دفعت تحذيرات منظمة الصحة العالمية الدول العربية إلى الإعلان عن بدء تطبيق إجراءات احترازية أكثر شدة لسرعة الكشف عن أي إصاباتٍ بالفيروس، مع الأخذ بكافة التدابير اللازمة للحد من انتشاره. وأصدرت دول الخليج وفي مقدمتها سلطنة عمان بيانًا اوضحت فيه أن هناك متابعة مستمرة للوضع الوبائي لفيروس “كورونا” الجديد وأعداد المصابين، كمان نصحت السعودية مواطنيها بضرورة توخي الحذر في حال السفر إلى مناطق ظهر فيها الفيروس.
تأثيرات الفيروس على الأسواق الصينية والعالمية
تُعدُّ الصين أحد أهم المراكز الاقتصادية العالمية، وتشهد حركة هائلة للمسافرين والبضائع، وهو ما يجعلها أكثر عرضة من غيرها لتفشي الأمراض والأوبئة. وصرّح كبار المستثمرين والخبراء في بورصة “وول ستريت” بأن الفيروس تسبب في خلق مستوى جديد من عدم اليقين بالنسبة للأسواق العالمية، في الوقت الذي يشعر فيه بعض المستثمرين بالقلق إزاء التقييمات العالية. وقورن تأثير الفيروس الجديد مع فيروس متلازمة التنفسية الحادّة “SARS”، والذي ظهر لأول مرة في أواخر عام 2002 في الصين، للحصول على أدلة على كيفية تأثيره على الاقتصاد والأسواق. فمقارنة بما حدث في عام 2003، تراوحت التقديرات بخسارة ما بين 0.5٪ و2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، و0.5% لجنوب شرق آسيا.
ما هو فيروس “كورونا”؟

جاءت تسمية الفيروس التاجي “كورونا” من اللغة الإنجليزية Coronavirus، وهي من الكلمة اللاتينية corona بمعنى تاج أو هالة، وذلك لأنها تحت المجهر الإلكتروني تبدو فيه نتوءات كبيرة بصلية الشكل تعطيها شبهًا بهالة الشمس او كزوائد التاج.
ويُعدُّ هذا الفيروس من الفيروسات حيوانية المنشأ؛ أي أنه فيروس ينتقل بين الحيوانات والبشر. وقد أظهرت بعض الدراسات أنّ الإصابة بالفيروس بدأت من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر مع الإبل المصابة بهذا الفيروس، ويعتقد البعض أنّ الفيروس قد نشأ بدايةً في الخفافيش، وانتقل فيما بعد إلى الجمال، ثم من الجِمال إلى الإنسان. وتهاجم هذه الفيروسات الجهاز التنفسي بشكل عام، وفي معظم الحالات لا تكون الإصابة به خطيرة باستثناء الإصابة بنوعَيه المعروفين بالمتلازمة التنفسية الحادّة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) والتي ظهرت لأول مرة في السعودية عام 2012.
أعراض الإصابة بالفيروس وكيفية انتقاله
يتسبب فيروس “كورونا” في ظهور أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، وتتراوح الأعراض من خفيفة إلى متوسطة الشدة، وغالبًا ما تتمثل بأعراض الجهاز التنفسيّ العلويّ مثل الزكام، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى، والصداع، وتستمر هذه الأعراض في معظم الأحيان لفترة قصيرة من الزمن، وهذا لا يمنع احتمالية تسبّب فيروس كورونا في بعض الأحيان بظهور أمراض الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية، وهذه الالتهابات تكون أكثر شيوعًا في الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والرئة، وكذلك الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والرضع، وكبار السن.
يمكن أن ينتقل فيروس “كورونا” من مصاب إلى آخر عبر الهواء عن طريق السعال والعطس، أو الاتصال الشخصي مثل اللمس أو المصافحة، وكذلك لمس الأسطح الملوثة بالجراثيم ثم لمس الفم، أو الأنف، أو العيون قبل غسل اليدين.
علاج فيروس كورونا
لا توجد علاجات محددة للأمراض الناجمة عن فيروس “كورونا”، وقد يستغرق تطوير لقاح ضد الفيروس الجديد عامًا على الأقل، وفقًا لتصريحات الاتحاد العالمي للقاحات والتحصين. ولكن معظم الناس الذين يعانون من العدوى بفيروس “كورونا” يتعافون بشكل تلقائي، وقد تساعد العلاجات التالية، والتي نشرها مركز المراقبة والسيطرة على الأمراض الأمريكي، في تخفيف الأعراض كاستخدام مرطب للغرفة أو الاستحمام بالماء الساخن للمساعدة على تخفيف التهاب الحلق والسعال، وتناول أدوية تخفيف الألم والحمى، وشرب الكثير من السوائل، بجانب البقاء في المنزل والراحة.



