
“ترك ستريم”.. تقارب روسي تركي يقوم على الغاز
في ظل توترات سياسية تشهدها المنطقة، وتجاذب وتعارض في وجهات النظر بين موسكو وإسطنبول. وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا – الثلاثاء 7 يناير- عشية عيد الميلاد المجيد. بعد أن انتهى لتوه من زيارة مفاجئة إلى سوريا التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد.
حيث قام بوتين جنبًا الى جنب مع نظيره التركي رجب أردوغان، بتدشين خط انابيب الغاز “تورك ستريم”، خلال الحفل الذي أقيم في مركز هاليش للمؤتمرات في إسطنبول، وبحضور رئيس جمهورية صربيا ألكساندر فوتشيتش، ورئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف، ووزير الطاقة لدى روسيا الاتحادية ألكسندر نوفاك، ونظيره لدى الجمهورية التركية فاتح دنيمز. ويأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات على كلاً من الساحة السورية والليبية على حد سواء.
تورك ستريم
يمتد خط الغاز “تورك ستريم” على طول البحر الأسود، حيث يربط الخط بين بلدة أنابا في روسيا بكييكوي في شمال شرق تركيا. ويتكون المشروع من خطين أنابيب متوازيين يمتدان لأكثر من 900 كم، بطاقة اجمالية تبلغ 31,5 مليار متر مكعب. الخط الأول مخصص لمد تركيا بالغاز، والثاني إلى دول جنوب أوروبا وجنوب شرق أوروبا التي تمر عبر الأراضي التركية.
واستغرق العمل على مد خط الغاز البحري مدة 15 شهرًا، فيما تم الانتهاء منه قبل الموعد المحدد في 2018. وفي عام 2019 تم الانتهاء من بناء محطة استقبال بالقرب من قرية بكييكوي في تركيا. وتُعد محطة الضغط “KS” الروسية هي نقطة الانطلاق لضخ وامداد الغاز لـ “تورك ستريم”، والتي تقع في منطقة أنابا وتعتبر جزء من نظام التزويد الموحد للغاز في روسيا، وتبلغ قوتها 224 ميجاوات. وتعمل على توفير الضغط اللازم لأجل نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب لمسافة تزيد عن 930 كم وصولاً الى الساحل التركي حيث يستمر الغاز في التدفق وصولاً الى محطة الاستقبال.
ويعد مشروع “تورك ستريم” – بمثابة مشروع فريد من الناحية التكنولوجية، إذ أنه ولأول مرة في العالم يتم وضع أنبوب يبلغ قطره 813 ملم على عمق 2200 متر. كما وجب التنويه إلى أنه وفي جميع مراحل مشروع “تورك ستريم” يتم الالتزام بمعايير السلامة والحفاظ على البيئة المحيطة.
مراحل الإنشاء
7 مايو 2017 – بدأ انشاء الشق البحري قبالة السواحل الروسية.
22 يوليو 2018– بدأ انشاء خط أنابيب الغاز في المنطقة الساحلية التركية، بما يشمل انشاء خنادق طولها 2,4 كيلو متر، بدءً من الساحل باتجاه البحر لأجل تعميق خط الأنابيب بغرض توفير الحماية من آثار الأمواج.
19 نوفمبر 2018– استكملت شركة غازبروم الروسية بناء الجزء البحري من الأنبوب التركي.
30 نوفمبر 2019– قام الجانب التركي بصناعة خط لحام يربط التيار التركي بخط أنابيب الغاز في البلقان، والذي يمتد عبر الأراضي البلغارية.
25 ديسمبر 2019– تم الانتهاء من بناء الجزء الصربي لخط أنابيب الغاز التركي، كما تم بناء 403 كيلو متر من خط الأنابيب الممتد من الحدود مع بلغاريا الى المجر.
موسكو وإسطنبول- تقارب اقتصادي يقوم على الغاز
بيد أن مشروع خط الغاز “تورك ستريم” ينقل مستقبل العلاقات الاقتصادية ين البلدين الى مرحلة مشهودة، إذ أنه يسمح بنقل أي كمية مرغوبة من الغاز الروسي الى تركيا، حيث سيبقى 15,7 مليار متر مكعب من الغاز في تركيا، فيما يذهب 15,7 مليار آخر الى أوروبا.
وفي كلمته التي قوبلت بالتصفيق الحار خلال حفل التدشين، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “الآن يذهب الغاز الروسي الى تركيا من خلال طريق جديد، وهو أمر فريد من نوعه وغير مسبوق في نظام نقل الغاز عبر أعماق البحار.” كما شكر بوتين نظيره التركي بسبب ارادته السياسية في تنفيذ هذا المشروع المشترك، وأضاف ” نعيش في منطقة تشهد توجه عام يوحي بتفاقم الأوضاع، إلا أن تركيا وروسيا تظهران مثالاً مغاير تماماً من التفاعل والتعاون الذي يصب في مصلحة شعوبنا وشعوب أوروبا بالكامل”.
فيما صرح الرئيس التركي أردوغان من جانبه، خلال الحفل، ” أن روسيا سوف تظل هي المورد الرئيسي للغاز في تركيا وسوف تقوم الدولتان بتنفيذ مشروعات مشتركة جديدة في مجال الطاقة”. كما أضاف موضحًا أن ” إننا قد تلقينا 400 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا، وهناك تزايد في معدل الطلب التركي على الغاز الروسي”، مشيرًا إلى أن التعاون التركي الروسي في مجال الطاقة ناجح للغاية وأن هناك المزيد من المشروعات الجديدة في طريقها للتنفيذ بين البلدان.
باحث أول بالمرصد المصري



