
قاسم سليماني..ذراع “خامنئي” القوية التي تم بترها

في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، الثالث من يناير 2020 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها نفذت ضربة جوية على مطار بغداد الدولي أدت إلى مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، وقالت “البنتاغون” في بيانها حول الحادث “اتخذ الجيش الأمريكي قرارا دفاعيا حاسما بقتل قاسم سليماني بتوجيه من الرئيس لحماية الأفراد الأمريكيين في الخارج”.
من هو قاسم سليماني؟
يعد قاسم سليماني أبرز القادة العسكريين في إيران، فهو قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني، والذي ساعد على تعزيز نفوذ إيران وتمددها في العديد من دول المنطقة مثل لبنان والعراق وسوريا، فقد عمل على تدعيم روابط إيران بحزب الله، وحكومة الأسد وكذلك الفصائل الشيعية في العراق.
سليماني هو ابن إحدي العائلات الفقيرة في جنوب شرق إيران، وقد انضم إلي الحرس الثوري في عام 1979، وفي الثمانينيات قاد سليماني، فيلق “41 ثار الله” وهو فيلق محافظة كرمان، في الحرب العراقية الإيرانية، وقد أدي نشاطه الميداني في مناطق الصراع في الشرق الأوسط إلى تعيينه قائداً لفيلق القدس – الوحدة المسئولة عن العمليات خارج الحدود الإقليمية الإيرانية – عام 1998، ثم إلى ترقيته من رتبة عقيد إلى رتبة لواء، أعلى رتبة في الحرس الثوري عام 2011.

كان سليماني مسؤلاً عن عمليات إيران السرية في الخارج، وقد زادت شهرته بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأصبح نفوذه داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جليا في 2019 ، عندما تم تكريمه ومنحه ميدالية وسام ذو الفقار وهو أعلى تكريم عسكري في إيران، وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذه الميدالية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
في عام 2017 ، أدرجت مجلة “تايمز” الأمريكية سليماني في قائمة الشخصيات الأكثر نفوذاً في العالم، وكتب كينيث بولاك المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية “للشيعة في الشرق الأوسط، إنه جيمس بوند وإروين روميل وليدي غاغا في شخص واحد”، واستدعت نجاحاته في الخارج الأمجاد السابقة للإمبراطورية الفارسية.
وتتهم واشنطن سليماني بالوقوف وراء مقتل العديد من مواطنيها في العراق، حيث جاء في بيان وزارة الدفاع الأمريكية إن سليماني وعناصر فيلق القدس “مسؤولون عن مقتل المئات من أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف”، مشيرة إلى أن “الميليشيات الإيرانية كانت شنت هجمات على قواعد التحالف في العراق على مدار الأشهر القليلة الماضية”.
الحرب الأمريكية في العراق وتأسيس الطائفية:

عندما اندلعت المقاومة المسلحة ضد الولايات المتحدة خلال حرب العراق، انضمت قوة القدس التابعة لسليماني إلى القتال، وقامت إيران بتمويل وتسليح الميليشيات التي قصفت القواعد الأمريكية والمنشآت الدبلوماسية ، وقدمت ما يسمى “بالمتفجرات المخترقة للدروع” والتي كانت مسؤولة عن مقتل ما لا يقل عن 250 جندي أمريكي في العراق.
عرف سليماني بتحديه للقادة والرموز الأمريكية، ففي عام 2008، بعث سليماني برسالة مكتوبة للجنرال ديفيد بترايوس – قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق آنذاك – ذكر فيها “يجب أن تدرك أنني ، قاسم سليماني ، أتحكم في سياسة إيران تجاه العراق وسوريا ولبنان وغزة وأفغانستان”.
بعد إنتهاء الحرب الأمريكية في العراق، كان سليماني هو ممثل النظام الإيراني الذي أصبح يتمتع بقوة هائلة في العراق، بعد أن أطاح بعدوه القديم صدام حسين، وعمل على دعم الأغلبية الشيعية خلال الإنتخابات التي أسست لقيام النظام السياسي في العراق على أسس طائفية.
بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق عملت إيران على تدعيم النظام الطائفي في العراق بدعم الفصائل الشيعية، وحتي الآن مازلت إيران هي القوة الأكبر نفوذاً في العراق، وقد كان آخر ما قام به “سليماني” في العراق هو العمل على مواجهة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام العراقي.
الحرب الأهلية في سوريا:

في عام 2013 قال سليماني، في كلمة له أمام مجلس الخبراء الإيراني “سوريا هي خط الدفاع الأول للمقاومة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك”، وقد عملت إيران على حشد الدعم للرئيس بشار الأسد منذ بداية الثورة السورية عام ٢٠١١، وبحسب تقارير استخباراتية أمريكية كان سليماني “يدير المعركة بنفسه” في سوريا، وقد إستفاد من النفوذ الإيراني في العراق لنقل الأسلحة والجنود إلى سوريا عبر الأراضي العراقية، وطوال 8 سنوات من الحرب، دعم فيلق القدس ميليشيات الأسد، وحزب الله اللبناني، والميليشيات الشيعية في العراق، الذين استطاعوا السيطرة على معظم المدن والمحافظات السورية التي كانت بيد المعارضة.
فيلق القدس وتنظيم داعش:

فور ظهور تنظيم داعش سارعت قوات فيلق القدس بقيادة “سليماني” إلى مواجهة هذا التنظيم الإرهابي مدركة ما يمثله التنظيم من تهديد للنفوذ الإيراني في العراق والمنطقة، عمل “سليماني” ورجاله على حشد ودعم الميليشيات الشيعية للقتال ضد داعش، فقد كانت إيران ترسل يوميًا طائرتين عسكريتين إلى ثلاثة محملة بالأسلحة إلى بغداد، وقد أكد جمال جعفر، الزعيم الشيعي السابق لميليشيات عراقية، أن قيمة المساعدات الإيرانية اليومية قد وصلت إلى أكثر من 10 ملايين دولار، كما ساعدت إيران في تنظيم قوات الأمن العراقية بعد أن عجزت في البدايةعن صد داعش، وعملت على دمجها مع الميليشيات الشيعية.
أدوار “سليماني” السياسية:
لم تقتصر أدوار سليماني على الجبهات والمعارك فقط، وإنما أسندت إليه كذلك أدوار سياسية أخرى، مثل سحق عدد من التظاهرات السلمية في إيران ، وتنفيذ اغتيالات ضد معارضين إيرانيين في الخارج.
وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر “المجرمين” الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليماني “يشعرنا بالمرارة” فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.



