
كيف كانت مشاركة “المركز المصري للفكر” في ورش منتدى شباب العالم 2019
“رؤى شبابية للتعامل مع التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين”، كان عنوان ورشة العمل التي انطلقت على هامش أعمال منتدى شباب العالم 2019، وذلك قبل انطلاق فعالياته على مدار يوم كامل، وهدفت الورشة إلى العمل على إشراك الشباب في وضع رؤى وأفكار حول سبل مواجهة أبرز التحديات التي تؤثر على السلم والأمن الدوليين، وذلك باعتبارهم القادة المستقبليين من أجل الوصول لعالمٍ يسوده الأمن والاستقرار.
تضمنت أعمال الورشة ثلاث جلسات رئيسية، تخللها العديد من المشاركات التي جمعت الخبراء بالشباب للوصول إلى توصيات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، في إطار تنفيذ رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشارك المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في صياغة تلك التوصيات، واشتملت الورشة على ثلاث محاور رئيسية لضمان تكامل النتائج التي تخرج بها أعمال الورشة؛ فجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان “التحديات الأمنية والاقتصادية العالمية”، وعنوان الجلسة الثانية الجلسة الثانية “التحديات الاجتماعية أمام تمكين المرأة والاستقرار العالمي”، والجلسة الأخيرة بعنوان “الشباب والتوعية بشأن تحديات الأمن والسلم الدوليين”.
التحديات الأمنية والاقتصادية العالمية
بهذا العنوان جاءت صياغة الجلسة الأولى والتي أدارها دكتور خالد حنفي الباحث في الشئون الإفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، وتحدث خلالها عن مفهوم الأمن وتطوراته بدايةً من ظهور الأمن القومي، ثم الأمن الإقليمي وانتهاءً بالأمن العالمي، إلى جانب ما أحدثه ظهور مفهوم العولمة في صياغة مفهوم الأمن الذي يبدأ من الفرد، ثم الدولة والمجتمع، ثم المحيط الإقليمي والدولي، في إطار حماية الفرد باعتباره حق مؤصل له.
وشارك في الجلسة دكتور محمد شادي، باحث اقتصادي بالمركز المصري للفكر والدراسات ومتخصص في المالية العامة، وبدوره قام بتعريف الجريمة المنظمة، وما آل إليه ظهور التكنولوجيا في بروز أشكال جديدة للجريمة المنظمة، والتي تهدف الحصول على منافع مادية أو معنوية بطرقٍ غير شرعية، مثل تجارة الأسلحة، والمخدرات، فقد بلغ أعداد المهاجرين غير النظاميين نحو 285 مليون خلال عام 2017، من بينهم نحو 50 مليون من الشباب غير القادرين، وتطرق إلى التجربة المصرية في مواجهة الهجرة غير النظامية، من خلال الوقوف على السياسات المصرية لمواجهة تنامي ارتفاع أعداد المهاجرين، فضلًا عن التعاون مع الجانب الأوروبي في هذا الشأن؛ حيث انتهجت السلطات المصرية جملةً من الإجراءات، من بينها إدخال تعديلاتٍ على قانون الهجرة، وإطلاق مؤتمراتٍ وطنيةٍ ومنتديات شباب العالم فضلًا عن برامج التوعية، وتوفير فرص العمل، الأمر الذي ساهم في خفض معدل البطالة من 12% إلى 7.5%، فضلاً عن تناول تجربة ودور منظمة ” LA Strada” (وهي منظمة تعمل في مجال مكافحة تهريب البشر) التي ساهمت في تعديل عددٍ من القوانين بشأن الظاهرة، سواء فيما يتعلق بمعاقبة المجرمين أو حماية الشهود.
وتحدثت كارينا رادشينكو Karina Radchenko، عضو المجلس الأوروبي للشباب عن مساهمتها في تشكيل المجلس الأوروبي للشباب، والذي يتكون من 44 شابًا، ويهدف المجلس إلى وضع السبل والآليات لتغيير الأوضاع المُتعلقة بالنزاعات، مثل التعامل مع المشردين داخليًا، خاصة وأن هناك أكثر من مليون مشرد في أوكرانيا في ظل تعقيد النزاع المُسلح في بلادها والذي تجدد عام 2014، وتبنى المجلس مبادرةً قائمةً على استقبال رسائل تحتوي على 100 كلمة عن معنى السلام. وقد تفاعل مع المبادرة نحو 250 شخص حول العالم من 50 دولة، ودعت المتحدثة الحضور لكتابة 100 كلمة عن السلام بهدف إحلال السلام الدائم بين الشعوب.
وركزت الباحثة جوليا كاتشينكو Yulia Katsenko، الباحثة بالجامعة الوطنية للبحوث النووية الروسية، على مبدأ الشراكة من أجل الأمن، حيث تعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تعزيز الثقة في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، من خلال القيام بعددٍ من الأبحاث وعقد ورش عمل، فضلًا عن تنظيم منتدى للشباب الصغار كل 6 أشهر، وتدشين نادي الدبلوماسية العلمية، والذي يهدف إلى تنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بالطاقة النووية؛ باعتبارها مقدمة للوصول إلى الدبلوماسية العلمية، واختتمت كلمتها بالمطالبة بضرورة تقديم الدعم المادي للجهات العاملة في البحث العلمي.
التحديات الاجتماعية الدولية أمام تمكين المرأة والاستقرار العالمي
تهدف الجلسة الثانية التعرف على التحديات الاجتماعية التي قد تحول دون تمكين المرأة ووضع حلولٍ لها، وما لها من دور نحو تحقيق مزيدٍ من الاستقرار العالمي.
وتحدثت ديانا خوميركي Diana Khomeriki، باحثة متخصصة في العلاقات الدولية وإدارة الأعمال بالغرفة التجارية والصناعية بجورجيا، حول التمكين الاقتصادي للمرأة والمشاركة في سوق العمل، لزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتزايد أعداد القوى العاملة، وعن وضع المرأة في جورجيا أكدت على وجود ما يسمى بالإجهاض على أساس النوع، وارتفاع نسبة الزواج المُبكر في جورجيا، إلى جانب التمييز على أساس النوع الاجتماعي والذي ينعكس على الأجور والمرتبات بنسبة 34% لصالح النساء، ناهيك عن أن إجازات الرعاية غير مدفوعة الأجر، إلى جانب التمييز في الترقي الوظيفي والوصول للمناصب القيادية، وتطرقت لدور حكومة جورجيا نحو العمل على دمج المرأة في المجتمع بشكلٍ أكثر فاعلية، ونادت بضرورة اعتماد نهجٍ متعددٍ الأطراف في قضية تمكين المرأة على أن يكون الشباب هم المحرك الأساسي له.
وناقشت كاميليا بينتو Camila Batista Pinto، رائدة اجتماعية مهتمة بالنوع الاجتماعي، التحديات التي تواجه المرأة في البرازيل، وما تتعرض له من عنف وعنصرية والتي تصل لتعرض المرأة الملونة للقتل بمعدلٍ أكبرٍ من غيرها، والتهميش والإقصاء الذي تتعرض له المهاجرات واللاجئات، نظرًا لعدم استطاعتهن التعرف على القوانين المحلية، فضلاً عن عدم قدرتهن على الوصول للموارد المالية، ونوهت إلى أهمية دمج المرأة في المجتمع من خلال العمل على توفير فرص اقتصادية، وتعزيز فرص وصولها لحقوقها، مع إعطائها فرصة العمل بريادة الأعمال، وإيجاد فرصٍ لتحقيق استقلالها الاقتصادي.
وأكدت يونس أرياس Eunice Arias، على دور المرأة في قطاع الصحة حول العالم، وأضافت أن المرأة في المكسيك تواجه عدة تحديات بداية من عدم المساواة بين المرأة والرجل حيث أن البرامج الصحية يقودها الرجال وتراجع تمثيل النساء بالقطاع الصحي الرسمي، مؤكدةً على ضرورة الاعتراف بدور المرأة وتمكينها.، وطالبت بضرورة تقاضي النساء أجرًا على رعاية الأسرة.
وعن دور المرأة في الاستدامة البيئية تطرقت تشينيونا أوكورو Chineyenwa Okoro Onu، رائدة أعمال مجتمعية متهمة بمجال البيئة، إلى اعتبار المرأة الأكثر تضررًا بالكوارث البيئية، لأنها مسؤولة عن الرعاية والأزمات الحرجة، وسعت من خلال عملها إلى تدريب المرأة بهدف توجيه الرعاية، لضمان إكساب المرأة مهاراتٍ عملية، ونوهت إلى أهمية الابتكار في المجال البيئي؛ مؤكدةً على قدرة النساء على التعامل مع تلك المواقف نظرًا لما تملكه من معارف ومهارات عملية، وأشارت إلى وجود عددٍ من التحديات التي تواجه المرأة بشكلٍ عام؛ من بينها غياب التمويل والتكنولوجيا، والتهميش، وغياب التقدير داخل مجتمعاتهن، وتقييد قدراتهن على الابتكار، وأوصت بضرورة وضع التعليم كأولويةٍ للفتيات، بجانب دعم حاضنات الأعمال النسائية، ودعم وبناء قدرات المرأة العملية، بالإضافة إلى دعم مبادرة الاستدامة البيئية التي ترتكز بالأساس على المرأة.
وأشارت هالة فودة، باحثة متخصصة في شئون المرأة والسياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى إستراتيجية الدولة المصرية في تمكين المرأة 2030 انطلاقًا من إستراتيجية التنمية المستدامة للدولة والتي ارتكزت على التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة والتمكين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى برامج الحماية الاجتماعية، والوصول للمناصب القيادية والسياسية والتي وصلت إلى 8 وزيرات وتولت 13 سيدة منصب نائب محافظ. كما أقرت التعديلات الدستورية في عام 2019 زيادة تمثيل المرأة المصرية بالبرلمان بنسبة 25%، هذا إلى جانب دور الدولة المصرية في التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال تنمية قدراتها وتوسيع خيارات العمل أمامها، وإطلاق عددٍ من البرامج والمشروعات منها مشروع “منتج واحد وقرية واحدة“، وبرنامج الشمول المالي للمرأة، إلى جانب إتاحة خدمات التأهيل والتدريب للمرأة ذات الاحتياجات الخاصة في إطار مبادرةٍ بعنوان “حياة متاحة للجميع“.، وفي إطار التمكين الاجتماعي للمرأة؛ تم إطلاق برامج دعم نقدي، كبرنامج تكافل وكرامة ومنظومة التأمين الصحي الشامل، بالإضافة إلى إطلاق برنامج “سكن كريم” وبرامج أخرى تستهدف حماية المرأة والطفل كبرنامج “2 كفاية ومستورة“، فضلًا عن المبادرة الرئاسية المعروفة باسم “الست المصرية هي صحة مصر“.
الشباب والتوعية بشأن تحديات الأمن والسلم الدوليين
اهتمت الجلسة بمحاكاة لقضية الهجرة غير الشرعية من خلال عمل سيناريو يرتبط بوجود عددٍ من المهاجرين غير الشرعيين العالقين في البحر، ومن بينهم عدد من الأطفال والنساء، وتقسيم الحضور لعددٍ من المجموعات للتفكير في طريقة التعامل مع هذا الحدث، للوصول لحلول جذرية مثلى، فعرضت المجموعة الممثلة للمهاجرين الدوافع الذاتية التي دفعتهم للهجرة والأسباب المنطقية من وجهة نظرهم للقيام بمثل هذه الخطوات، بينما أكدت المجموعة الممثلة للحكومة على ضرورة البدء في تحريك القوات البحرية لإنقاذ المركب وتكوين فريق إدارة أزمات للتعامل مع الأمر مع مراعاة القوانين الدولية، يليها خطوة الاتصال بالحكومات التابع لها هؤلاء المهاجرين إلى جانب تغطية وسائل الإعلام لهذه الأزمة، وخلصوا إلى ضرورة القيام بحوارٍ بنّاءٍ مع المهاجرين لمعرفة الأسباب والبحث عن إمكانية دمجهم في المجتمع، والعمل على إتباع سياسات للمنع أو الوقاية من خلال التعليم، ورفع الوعي، وإجراء دراساتٍ حول الظاهرة. وعلى المستوى الدولي، من المقترح مراجعة الميثاق واللائحة التنفيذية لشؤون اللاجئين، وتعديل ميثاق الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ أما عن المجموعة الممثلة للمجتمع المدني، فقد أكدت على ضرورة التعرف على المشكلة والأسباب الدافعة إلى هجرة هؤلاء الشباب، والتواصل مع المنظمات المناظرة في دولتي المصدر والمقصد، إلى جانب إرساء تلك المنظمات لأسسٍ للتواصل مع حكومات المقصد بغرض كفالة حقوق اللاجئين والمهاجرين.
وأشار جون يوهانس John Youhanes Magok، مؤسس ومدير خطة عمل شباب النيل، إلى أهمية دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية، خاصة في القارة الإفريقية، وطالب بضرورة دمج الشباب في برامج إعادة الإعمار بعد الحروب والنزاعات، بالإضافة إلى دمج المجتمع المدني في بناء المجتمعات، والتأكيد على أهمية الحوار بين الأجيال من أجل التوصل لسياساتٍ تسهم في توسيع مشاركة الشباب وتمكينهم مجتمعيًا، وأهمية تعزيز الشراكات بين المجتمعات، من خلال المنتديات كمنتدى شباب العالم، والبرنامج الإفريقي لتأهيل وتدريب الشباب الأفريقي للقيادة، والتأكيد على إشراك الشباب في آلية الإنذار المبكر بشأن الهجرة غير الشرعية والنزاعات والبيئة، وذلك عبر برامج رفع الوعي الدبلوماسي ومحاولة تقليل الصراعات القائمة.
وتناول أحمد صبري، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، ظاهرة الإرهاب باعتبارها أبرز التحديات التي تواجه السلم والأمن الدوليين، مشيرًا إلى ضرورة تكاتف المجتمعات في مواجهة الإرهاب موضحًا أن المواجهة ليست أمنية فقط، وأن تمكين الشباب سياسيًا يُعد أحد الوسائل الفاعلة في المواجهة، واستعرض التجربة المصرية في مجال مكافحة الإرهاب على المستوى الداخلي والدولي، من خلال تبني عدة مبادرات مثل “البرنامج الرئاسي لتأهيل وتدريب الشباب الإفريقي للقيادة ” APLP، واستضافة “منتدى السلام والتنمية”، فضلاً عن تأكيدها على أهمية تفعيل مبادرة “إسكات البنادق“.
انتهت أعمال الورشة بعدة توصيات من خلال المشاركات الفعالة للحضور والمتحدثين بأعمال الجلسات الثلاث، وتضمنت أهمية المشاركة في حملة 100 كلمة حول السلام بغرض تعزيز ودعم قيم السلام حول العالم، والمناداة نحو ضرورة تطوير منتديات الدبلوماسية العلمية من خلال فعاليات المنتدى، والعمل على بذل مزيدٍ من الجهد الدولي لتمكين المرأة من خلال بناء قدراتها، ودعم حاضنات الأعمال النسائية، ومبادرة الاستدامة البيئية، بغرض التأكيد على فكرة تمكين المرأة، وأن يكون المنتدى هو بمثابة نقطة البداية نحو تبني عالمي لتلك القضية، ومعالجة الخطاب الثقافي بين الهويات المختلفة في أوروبا وذلك لتضرره الشديد جرّاء الإرهاب، وهو الدور الذي يجب أن يقوم به الشباب، إلى جانب الدعوة إلى دمج الشباب في برامج إعادة الإعمار بعد الحروب والنزاعات، بالإضافة إلى دمج المجتمع المدني في بناء المجتمعات، والتأكيد على أهمية الحوار بين الأجيال من أجل التوصل لسياساتٍ تساهم في توسيع مشاركة الشباب وتمكينهم مجتمعيًا.