السد الإثيوبي

اجتماع واشنطن… تقارب في وجهات النظر حول “السد الإثيوبي” وترقب حذر

اختتم أمس الإثنين في واشنطن الاجتماع التقييمي الأول حول مفاوضات ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي بحضور وزراء الخارجية ووزراء الموارد المائية لدول مصر والسودان وإثيوبيا، ووزير الخزانة الأمريكي، ورئيس البنك الدولي، وتضمنت الاجتماعات عقد لقاءات ثنائية بين وزير الخزانة الأمريكي ووزراء الخارجية والموارد المائية للدول الثلاث، ثم أعقب ذلك اجتماع موسع عرض فيه جميع الأطراف رؤيتهم حول الخطوات المطلوبة من أجل الوصول إلى اتفاق بحلول منتصف يناير 2020 كما هو مخطط.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وفقاً للمخطط الزمني الذي أُعلن عقب اجتماع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا في واشنطن في التاسع من نوفمبر المنصرم، لابد من الوصول إلى اتفاق بحلول منتصف يناير 2020 بعد أربعة اجتماعات فنية يتخللها اجتماعان تقييميان في واشنطن للوقوف على مدى التقدم المحرز في المفاوضات بين الدول الثلاث؛ ويأتي اجتماع واشنطن بعد اجتماعين في كلٍ من أديس أبابا، منتصف نوفمبر، والقاهرة، مطلع الشهر الجاري، للتشاور حول آليات ملء وتشغيل السد الإثيوبي، وقد انتهى الاجتماعان بالاتفاق على استمرار المشاورات حول كافة المسائل العالقة بشأن ملء وتشغيل السد بما يعود بالفائدة على إثيوبيا ولا يضر بأمن مصر المائي.

وانتهت اجتماعات أمس ببيان مشترك يحدد الخطوات الإرشادية للاجتماعات الفنية المقبلة، والمقرر لها أن تكون في الخرطوم أولاً يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، ثم أديس أبابا قبل عقد الاجتماع التقييمي الثاني في واشنطن في الثالث عشر من يناير المقبل؛ وتضمن الإعلان تقدير وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان دور الولايات المتحدة والبنك الدولي في مراقبة التقدم المحرز في الاجتماعات الفنية بين وزراء الموارد المائية في أديس أبابا والقاهرة.

واتفق الوزراء على أن الاتجاه الاستراتيجي للاجتماعين التقنيين المقبلين يجب أن يكون تطوير قواعد وإرشادات تقنية لملء وتشغيل السد الإثيوبي، وتحديد ظروف الجفاف، وتدابير تخفيف آثار الجفاف، حيث يدرك الوزراء أن هناك فوائد كبيرة للدول الثلاث في وضع قواعد ومبادئ إرشادية لمواجهة آثار الجفاف، وستشمل القواعد والمبادئ الإرشادية تدابير تخفيف آثار الجفاف بناءً على التدفق الطبيعي في سنة معينة ومعدلات إطلاق المياه من السد، كما ستنفذ إثيوبيا القواعد والمبادئ الإرشادية الفنية لملء وتشغيل السد، ويمكن تعديلها من قبل البلدان الثلاثة وفقًا للظروف الهيدرولوجية في سنة معينة.

وفي نهاية البيان المشترك أعلن وزراء الخارجية تطلعهم إلى الاجتماع في واشنطن في الثالث عشر من يناير 2020 لمراجعة نتائج الاجتماعات الفنية القادمة في الخرطوم وأديس أبابا بهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يرضي جميع الأطراف ولا يتعارض مع اتفاق اعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في 2015.

يتضح من البيان أن موقف إثيوبيا أصبح يتسم بالمرونة من أجل الوصول إلى اتفاق بعد أن كانت تتبنى موقفاً متعنتاً فيما يخص سنوات ملء السد وقواعد التشغيل، وعدم مراعاة فترات الجفاف بما لها من آثار سلبية على دولتي المصب مصر والسودان بتقليل كميات المياه المتدفقة سنوياً، وهو ما دفع مصر للمطالبة بتخصيص 40 مليار متر مكعب من المياه سنويًا خلال سنوات الملء، والحفاظ على منسوب المياه ببحيرة ناصر عند 165 متراً لضمان تشغيل السد العالي وتوليد الكهرباء وتلبية احتياجاتها المائية في سنوات الجفاف، ولكن إثيوبيا كانت تتجاهل هذه المطالب وتصر على رفضها لها وعلى عدم أحقية مصر بالمطالبة بها.

وبموافقة إثيوبيا على وضع قواعد إرشادية لملء وتشغيل السد، والاشتراك مع مصر والسودان في تعديل قواعد تدفق المياه أثناء فترات الجفاف، تصبح ملتزمة أمام الولايات المتحدة والبنك الدولي بصفتهما مراقبين للمفاوضات بمراعاة المصالح المصرية والسودانية والتعاون معهما لتشغيل السد، وهو ما يؤكد مبدأ عدم الإضرار بأمن مصر المائي.

بناءً على ما سبق، يتضح أن هناك توافق بين الدول الثلاث وتقارب في وجهات النظر حول فترة ملء خزان السد وقواعد تشغيله وكمية المياه المسموح بتدفقها سنوياً إلى مصر والسودان ومراعاة آثار الجفاف على دولتي المصب، بالرغم من عدم الإعلان عن نتائج الاجتماعات الثانية التي عُقدت بين وزير الخزانة الأمريكي ووزراء الخارجية والري للدول الثلاث، والتي يمكن أن تكون قد تضمنت اتفاقات من شأنها أن تسهم في الخروج باتفاق نهائي يخدم جميع المصالح، وهذا هو ما ستكشف عنه الاجتماعات الفنية المقبلة في السودان وإثيوبيا.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

محمود سلامة

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى