
السرقة والاحتيال.. آخر أسلحة أردوغان في مواجهة خصومه
صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من وتيرة حربه ضد رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب العدالة والتنمية السابق أحمد داود أوغلو، تزامنًا مع استعداد أوغلو لإطلاق حزبه الجديد الذي من المنتظر أن يكون منافسًا شرسًا للحزب الحاكم، إذ اتهم أردوغان أوغلو بالاحتيال على بنك خلق المملوك للدولة بعد أن حصلت جامعة “إسطنبول شهير” الذي يُعدُّ أوغلو أحد مؤسسيها، من البنك على قرض قيمته 417 مليون ليرة (72 مليون دولار).
الكشف عن الأصول المالية لأردوغان
الاتهامات التي أطلقها أردوغان في كلمة له أمس، لم تطل داود أوغلو فقط، بل طالت أيضًا نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد السابق وأحد مؤسسي الحزب الحاكم علي باباجان، ووزير الاقتصاد السابق أيضًا محمد شيمشك، إذ اتهمهما بالتوقيع على مرسوم مشبوه بتخصيص أراض مملوكة للدولة، لصالح جامعة “إسطنبول شهير”.
وردًا عليها، دعا رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، الرئيس التركي إلى الكشف عن أصوله وأصول أسرته المالية، مطالبًا كذلك جميع ورؤساء تركيا، ورؤساء وزرائها، بالكشف عن أصولهم المالية، معربًا عن استعداده للإجابة على كل التهم الموجهة إليه أمام البرلمان.
حلفاء الأمس خصوم اليوم
وتأتي هذه الاتهامات في الوقت الذي يسعى فيه داود أوغلو الذي استقال من الحزب الحاكم في سبتمبر الماضي، لإطلاق حزبه الجديد الذي من المنتظر أن يظهر للنور خلال أيام حسب بعض التقارير التي أشارت إلى أن الحزب سينطلق بـ 130 عضوًا مؤسسًا، جلهم من أحزاب عُرفت بنهجها المعارض لسياسات أردوغان، ومنها حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية، إضافة إلى ممثلين عن الأقليات، بجانب بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين انشقوا في الفترة الأخيرة اعتراضًا على سياسات أردوغان التي وصفها أوغلو بـ “غير المتزنة”.
وفي الوقت ذاته يسعى علي باباجان الذي استقال من “العدالة والتنمية” إثر “خلافات عميقة” في يوليو الماضي، إلى إطلاق حزب جديد بحلول نهاية العام الجاري، يكون منافسًا وبديلًا للحزب الحاكم الذي “لم يعد قادرًا على حل مشكلات تركيا”.
ويمكن اعتبار الاتهامات التي أطلقها الرئيس التركي تجاه الرجلين آخر الأسلحة التي يملكها لتقويض مساعيهما لإنشاء أحزاب مناوئة لحزبه الحاكم الذي أنشأه في عام 2001، وسيطر به على مقاليد الحكم في أنقرة لمدة 17 عامًا. وهو ما يشير إلى احتمالية احتدام المواجهات في الفترة المقبلة، في ظل سلسلة الانشقاقات التي يعاني منها “العدالة والتنمية” مؤخرًا، تزامنًا مع الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية التي تعاني منها تركيا.
الحزب الحاكم نحو المجهول
أزمة اقتصادية خانقة، وعلاقات خارجية في مهب الريح، جعلت أردوغان وحزبه الحاكم في مواجهة سيول من الانتقادات من السياسيين والمواطنين الأتراك على حد سواء، مما يشير إلى أن مستقبل حزب العدالة والتنمية سيتسم بالضبابية، وسط مساعي الرجلين المنشقين عن الحزب “داود أوغلو” و”علي باباجان” إلى تشكيل أحزاب مناوئة لسياسات أردوغان، وستكون بالطبع منافسًا شرسًا ضده في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
إضافة إلى الثائر الذي بات يتسم بشعبية طاغية في الأوساط التركية أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول التي انتزعها انتزاعًا بعد مواجهة انتخابية شرسة مع بن علي يلدرم مرشح الحزب الحاكم، في ضربة موجعة للحزب، فمن اسطنبول حيث بدأ نجم أردوغان السياسي في الظهور، بدأ إمام أوغلو مشوار معارضته لسياسات أردوغان وحزبه، طامحًا إلى ما هو أبعد من رئاسة البلدية.
وبالتالي بات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين مطرقة حلفائه القدامى الساعين لزلزلة عرشه، وسندان منافسه المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، والطامح إلى الوصول إلى سدة الحكم في أنقرة، خاصة وأنه من الواضح أن كل مناوئي أردوغان على استعداد للتحالف مع بعضهما البعض، ومع الأكراد الذين يراهم أردوغان إرهابيين؛ بهدف التخلص من سلطة الفرد التي كرّسها أردوغان.
باحث أول بالمرصد المصري



