
ماذا بعد رفض تصديق بنك الاستثمار الأوروبي على اتفاق الغاز ؟
في خطوات جريئة انطلقت قرارات بنك الاستثمار الأوروبي لتتبنى عددا من الاستراتيجيات التمويلية الجديدة، حيث اختار أن يُنهي المشروعات التي تمول الوقود الأحفوري، وبالأخص الغاز بداية من نهاية عام 2021، حيث يتبنى استراتيجية جديدة نحو بيئة أفضل لإنقاذ المُناخ من التغيرات المُدمرة التي تؤثر على كوكب الأرض.
ماذا حدث؟
على الرغم من أن هذه الخطوة تُنبئ بالأوضاع غير المستقرة للغاز إلا أنها تُثير سؤالا مهما للغاية حول طبيعة المشروعات التي كان بنك الاستثمار الأوروبي يمولها في مجال الغاز، وما أثر هذا القرار عليها؟

من المتوقع أن تُؤثر هذه الخطوة بشكل كبير على معظم دول الاتحاد الأوروبي والتي تلقت الجزء الأكبر من التمويلات المخصصة للمشروعات العاملة في مجال الغاز من بنك الاستثمار الأوروبي، فمنذ عام 2010 قدم بنك الاستثمار الأوروبي قروض بقيمة 19.4 مليار يورو لمشروعات الغاز، حيث ذهب 84 % منها إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وأكدت دراسة تحليلية ، قدمها الباحث في برنامج الطاقة والأمن القومي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، نيكوس تسافوس أن بنك الاستثمار الأوروبي خصص 890 مليون يورو لتمويل مشروعات الغاز الأوروبي، والتي شملت على سبيل المثال خطوط أنابيب الغاز عبر الأناضول وعبر الأدرياتيكي أو إلى دول الجوار.
قروض مُخصصة للغاز ومشروعات سابقة
وأشارت الدراسة إلى أنه على الجانب الآخر، وبالتحديد خارج الاتحاد الأوروبي، مول بنك الاستثمار الأوروبي معظم مشروعات الغاز في كل من: مصر وتونس لإنتاج الغاز والبنية التحتية المرتبطة به وتوليد الطاقة، مما يُنبئ بالتأثيرات التي ستلحق بمصر على وجه الخصوص، حيث تلقت مصر قروض بقيمة 1.1 مليار يورو منذ عام 2010.
بينما وظفت دول الاتحاد الأوروبي معظم هذه القروض لتمويل شبكات الغاز المحلية، حيث قام بنك الاستثمار الأوروبي بتخصيص 10.3 مليار يورو منذ عام 2010 لدول الاتحاد الأوروبي وبالتحديد في إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، حيث حصلت هذه الدول الثلاثة بالتحديد على 8.7 مليار يورو في تمويل شبكات الغاز المحلي بها. في حين خصص بنك الاستثمار الأوروبي مجموعة من القروض بقيمة 1.6 مليار يورو لتخزين الغاز، و1.4 مليار يورو لتوليد الطاقة، و1.3 مليار يورو لإنشاء خطوط الأنابيب عبر الحدود، و1 مليار يورو لإنتاج الغاز، و703 مليون يورو كذلك للغاز الطبيعي المسال. جميع هذه المشروعات التي تم تمويلها في الفترة التي تسبق عام 2021 ستتوقف بشكل جديّ بناء على قرارات بنك الاستثمار الأوروبي.
مستقبل الاستثمارات في مجال الغاز
وذكرت الدراسة أنه يتركز التأثير في الغاز على عدد قليل من الدول والأنشطة، ولكنه في الواقع هام جدًا؛ لكونه يُعتبر صناعة متداخلة، حيث تقوم على الغاز وحده عدد ضخم، بل هائل من الصناعات والاقتصادات، وهو ما يضعنا بدوره أمام سؤال أكثر عُمقًا، هل ستستمر استثمارات الغاز بعد تفعيل هذا القرار؟
من الصعب التكهن بإجابة واقعية لهذا السؤال، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن أربع من دول الاتحاد – إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا واليونان – تلقت بالفعل قروض تُقدر بـ 12.5 مليار يورو لمشروعات الغاز منذ عام 2010، بينما قُدر استخدامهم بـ 184 مليار متر مكعب من الغاز فقد في عام 2018، إلى جانب حصول ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا على قروض تُقدر بـ 840 مليون يورو فقط من بنك الاستثمار الأوروبي، على الرغم من ذلك فإنها استخدمت نفس القدر تقريبًا من الغاز في ذات العام.
الطاقة أم الغاز!
ويحضر هنا بالتحديد أن بنك الاستثمار الأوروبي قام بإعلان قائمة كبيرة من المشروعات التي يقوم بتمويلها والتي تشتمل على فئة “الطاقة” ولكنها وجد صعوبة على الأخص حينما قرر الانتقال من تمويل الطاقة إلى تمويل الغاز. فمنذ يونيو 2013 بدأت الدول الراغبة في الحصول على تمويلات بنك الاستثمار الأوروبي في تقديم مقترحات تفتقر في بياناتها وصف المشروع، مما يجعل من الصعب تقرير ما إذا كان هذا المشروع يندرج تحت تصنيف الطاقة أم الغاز، بل في الكثير من الأحيان ترتبط هذه المشروعات بتصنيفات فرعية مثل: شبكات الغاز، والكهرباء، والبينة التحتية.
على الجانب الآخر، قد تشتمل هذه المشروعات على بيانات غامضة، وتحتمل أكثر من معنى، حيث يتم إدراج مشروع إنشاء مصنع فحم مثلًا باعتباره مصنع للطاقة، ويتم إدراج مشروع إنتاج الغاز تحت بند تأمين عمليات التوريد واللوجستيات، في حين أننا نرى ظهور لتمويل قرض خاص بشركة نافتوجاز الأوكرانية وذلك لتمويل شراءها للغاز كسلعة أساسية لدعم التنمية الاقتصادية في أوكرانيا، إلى آخره من هذه النماذج التي قد يُفسرها آخرون بشكل مختلف، ولكن يبقى السؤال قائمًا: ما هو مستقبل الاستثمارات في مجال الغاز بعد هذا القرار؟