
الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2019(2)
صدرت النسخة السابعة من مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2019، إذ ركز التقرير الصادر عن “معهد الاقتصاد والسلام” علي تقديم تصور شامل عن الاتجاهات والأنماط الرئيسية عن حالة الإرهاب في العالم خلال العام. مستهدفًا استعراض نشاط الجماعات الإرهابية الأكثر تأثيرًا، وملقيًا الضوء على أبرز الدول التي تأثرت بالعمليات الإرهابية. وترتيبًا على ما سبق سنقوم باستعراض الدول الأكثر تأثرًا بالظاهرة الإرهابية في عام 2018 طبقا لما جاء في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2019.
أفغانستان
احتلت أفغانستان المرتبة الأولى ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، إذ شهدت أفغانستان تصاعدًا كبيرًا في أعمال العنف بسبب ارتفاع نشاط حركة “طالبان” وزيادة حضور فرع “ولاية خراسان”، مع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي. وفي عام 2018 سجلت أفغانستان أكبر عدد من الوفيات والحوادث المرتبطة بالإرهاب؛ حيث تعرضت في ذلك العام لحوالي 1143 حادثة إرهابية، أسفرت عن 7379 قتيلاً، كانت حركة “طالبان” مسئولة عن حوالي 83 % هذه من الوفيات.
وقد شهدت مقاطعة “غزنة” أكبر عدد من الوفيات بسبب الإرهاب في عام 2018؛ حيث سجلت حوالي 1055 حالة وفاة، وذلك بزيادة 225% عن عام 2017. وعلى صعيد متصل، كانت مقاطعات “فرح” و”كابول” و”قندهار” هي أكثر المقاطعات دموية، وقد سجلت على التوالي 1039 و693 و570 حالة وفاة، ما يشير إلى وقوع 45 % من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب في أفغانستان في هذه المقاطعات الأربع.
كما ارتفعت أعداد الوفيات المنسوبة لحركة “طالبان منذ عام 2015. وقد أعلنت مسئوليتها عن الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في 2018 عندما استولى المهاجمون على مدينة “غزنة” في أغسطس 2018، ما أسفر عن 466 حالة وفاة. ومع تحول الاهتمام الدولي نحو تسوية سياسية محتملة بين الولايات المتحدة وحركة “طالبان”، عززت الحركة من موقفها التفاوضي، وذلك بنجاحها في اخضاع مساحات من الأراضي الأفغانية تحت سيطرتها في عام 2018. وقد ركزت الحركة على استهداف أفراد من قوات الشرطة والجيش، مع زيادة طفيفة في الهجمات ضد المدنيين والممتلكات. ويمكن القول إن ما يزيد عن 60 % من جميع الوفيات المنسوبة لها في عام 2018 ناتجة عن هجمات ضد الشرطة والجيش. كذلك مثلت الهجمات على المدنيين حوالي 18 % من إجمالي الوفيات المنسوبة إليها.
وباستعراض نشاط “ولاية خراسان” في أفغانستان، نجد أنها مسؤولة عن 11 % من الوفيات في أفغانستان في عام 2018، أي بانخفاض قدره 3 % عن عام 2017. فقد ركزت أغلب هجماتها على استهداف قوات الشرطة والأمن، وكانت غالبية الوفيات في مقاطعة “كابول”؛ حيث بلغت 420 حالة وفاة. وفي عام 2018، كانت حركة “طالبان” مسؤولة عن الهجمات الإرهابية في 34 مقاطعة، بينما “ولاية خراسان” كانت نشطة في 7 مقاطعات فقط. وقد حدث صدام بينها في حوالي 14 مقاطعة من أصل 34 مقاطعة في أفغانستان.
العراق
احتلت العراق المرتبة الثانية ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، بالرغم من تسجيلها أكبر انخفاض في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في عام 2018. إذ انخفض عدد الوفيات من 4271 في عام 2017 إلى 1054 في عام 2018، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 75 %. كذلك كان هناك انخفاض في الحوادث المرتبطة بالإرهاب، حيث انخفضت من 1956 حادثة في عام 2017 إلى 1131 حادثة في عام 2018.
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم “داعش” كان مسؤول عن 801 حالة وفاة نتيجة للإرهاب في عام 2018 في العراق بما يعادل 76% من إجمالي الوفيات، مع وجود 24 % من الجناة غير المعروفين. وعلى الرغم انخفض عدد الهجمات تنظيم “داعش” على المدنيين، تضاعفت هجماته على أهداف حكومية بين عامي 2017 و2018.وقد حدث تراجع في تكتيك العمليات الانتحارية من قبل “داعش” في عام 2018، فمن بين 506 هجوما ارتكبها في العراق، كان 33 هجوما انتحاريًا بما يعادل 7 % من عمليات التنظيم. وبصفة عامة، انخفضت التفجيرات الانتحارية بنسبة 85 % منذ بلوغها ذروتها في عام 2016.
ففي عام 2018، نفذ “داعش” هجمات في ثماني محافظات في جميع أنحاء العراق. وعلى الرغم من أن معظم المحافظات في جميع أنحاء العراق سجلت انخفاضًا في الهجمات، فقد سجلت “كركوك” زيادة بنسبة 127 % في الحوادث المتعلقة بالإرهاب التي ارتكبتها داعش بين عامي 2017 و2018. وعلى الرغم من انخفاض عدد القتلى بسبب الإرهاب في عام 2018، لا يزال “داعش” يشكل تهديدًا كبيرًا في العراق، إذ يواصل تنظيم العمل في المناطق الريفية، بما في ذلك محافظتي “الأنبار” و”نينوى”، حيث ينفذ عمليات خطف واغتيالات وهجمات على المرافق العامة.
نيجيريا
احتلت نيجيريا المرتبة الثالثة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، إذ وصلت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في نيجيريا إلى 2040 في عام 2018، فقد زادت الحوادث المرتبطة بالإرهاب بنسبة 37 %، من 411 في عام 2017 إلى 562 في عام 2018، نتيجة تصاعد أعمال العنف من قبل المتطرفين من أبناء قبيلة “الفولاني”؛ إذ هيمن المتطرفون من أبناء قبيلة “الفولاني” و “بوكو حرام” على النشاط الإرهابي في نيجيريا، وتسببوا مجتمعين نسبة 78 % من الحوادث المتصلة بالإرهاب و86 % من الوفيات الناجمة عن الإرهاب.
وفي عام 2018، كان متطرفو “الفولاني” مسؤولين عن غالبية الوفيات المرتبطة بالإرهاب في نيجيريا؛ حيث بلغت الأعداد الناتجة عن إرهابهم 1158 حالة وفاة. وعلى صعيد متصل، كانت “بوكو حرام” أقل نشاطًا في عام 2018 مقارنة بالسنوات السابقة. إذ تسبب “بوكو حرام” في 589 حالة وفاة بسبب الإرهاب، أي بانخفاض قدره 42 % عن عام 2017. كذلك انخفضت الحوادث المتعلقة بإرهاب تلك الجماعة بنسبة 35 %، من 222 حادثة في عام 2017 إلى حادثة 144 في عام 2018. ويشارك كلا الفصيلين الرئيسيين لبوكو حرام، سواء “فرع غرب أفريقيا” التابع لداعش أو أتباع “أبو بكر شكاو” في حملة تمرد ضد الحكومة النيجيرية.
سوريا
بعد تراجع حدة الصراع في سوريا، جاءت في المرتبة الرابعة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب؛ إذ انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في سوريا إلى 662 وفاه في عام 2018، أي بانخفاض قدرة 40% عن عام 2017. وانخفضت الحوادث المتصلة بالإرهاب إلى 131 في عام 2018، أي بانخفاض قدره 9 % عن عام 2017.
وقد ظل تنظيم “داعش” التنظيم الأكثر دموية في سوريا للعام الخامس على التوالي، بالرغم من انخفاض عدد الوفيات المنسوبة إليه. إذ كان التنظيم مسؤولاً عن 73 % من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في سوريا في عام 2018. وعلى صعيد متصل كان “حزب العمال الكردستاني” و “هيئة تحرير الشام” من أكثر المجموعات دموية في سوريا، وشكلت هذه المجموعات الثلاث مجتمعة 77 %من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في سوريا في عام 2018. وقد وقعت حوادث مرتبطة بالإرهاب في 11 من 14 محافظة سورية، ما يبرز التأثير الواسع النطاق للإرهاب في البلاد. وجاءت غالبية الهجمات في “حلب”، بنسبة 36 % من الحوادث الإرهابية، وجاء بعدها بالترتيب” إدلب” و”دمشق” و”دير الزور”.
وفي أكتوبر 2017، استعادت قوات سوريا الديمقراطية مدينة “الرقة” من سيطرة “داعش” الأمر الذي تسبب في تراجع هجمات التنظيم هناك في عام 2018. وعلى صعيد أخر مازال هناك انتشار واسع للتنظيم في بعض المحافظات مثل “السويداء” التي شهدت أكبر زيادة في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب وسجلت 309 حالة وفاة في عام 2018، مقارنة بموت واحد فقط في عام 2017. وكانت معظم الوفيات ناجمة عن 11 هجومًا لداعش، بالرغم من تنامي تدابير مكافحة الإرهاب، وزيادة الضغط العسكري الذي حدا من قدرة التنظيم على شن هجمات في أنحاء كثيرة من سوريا، غير أن التنظيم يظل أكبر تهديد إرهابي في المنطقة.
باكستان
جاءت باكستان في المرتبة الخامسة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب؛ حيث شهدت انخفاض في النشاط الإرهابي في عام 2018، وذلك في العام الخامس على التوالي. فقد انخفضت أعداد الوفيات إلى 537 حالة وفاه، علاوة على انخفاض أعداد الحوادث إلى366 حادثة. وقد كان فرع “ولاية خراسان” هو الجماعة الإرهابية الأكثر دموية في باكستان في عام 2018؛ إذ قتلت 251 شخصًا بما يعادل 36 % من إجمالي القتلى في باكستان، تلاها في النشاط حركة “طالبان باكستان” التي كانت مسؤولة عن 151 حالة وفاة. كذلك شهد عام 2018 انخفاضًا تاريخيًا في نشاط حركة “عسكر جنجوي” التي قامت بتنفيذ هجومين فقط، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص.
وقد شهد عام 2018 استمرار انخفاض نشاط حركة” طالبان الباكستانية”، التي تعد أكثر الجماعات الإرهابية دموية في باكستان خلال العقد الماضي، إذ انخفضت الوفيات المنسوبة إليها بنسبة 56 % عن عام 2017. وعلى النقيض من ذلك كان هناك ارتفاع لنشاط “ولاية خراسان” في باكستان، وهذا يتماشى مع الوجود الداعشي المتزايد في جنوب آسيا، بعد هزائم التنظيم العسكرية في العراق وسوريا، ويتسق مع استراتيجية “ولاية خراسان” في تعزيز الشراكات مع الجماعات المسلحة الإقليمية. وبالتالي يمكن القول إنه بالرغم من التراجع النسبي للنشاط الإرهابي في باكستان في 2018، إلا أن الإرهاب لازال يمثل تهديدًا كبيرًا في باكستان.
الصومال
بعد أن عُدّ عام 2017 أكثر الأعوام دموية على الإطلاق بالنسبة إلى الصومال، سجلت الصومال ثاني أكبر انخفاض في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في عام 2018. إذ جاءت في المرتبة السادسة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، نتيجة لانخفاض الوفيات الناجمة عن الإرهاب من 1470 في عام 2017 إلى 646 في عام 2018 بما يمثل انخفاض بنسبة 56 %عن عام 2017. كذلك شهد عام 2018 انخفاض عدد الهجمات الإرهابية إلى 286 هجمة، بعد ما وصلت أعداد الهجمات إلى 372 في عام 2017. وجاء الانخفاض في الهجمات بعد زيادة في الغارات الجوية الأمريكية ضد “حركة الشباب الصومالية”، إذ تم تنفيذ 47 غارة جوية في عام 2018.
وكانت الجماعة الإرهابية الأكثر نشاطًا في الصومال هي “حركة الشباب” التابعة لتنظيم “القاعدة”، التي كانت مسؤولة عن وفاة 586 شخصًا بما يعادل 91% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في الصومال في عام 2018. ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 57 % بين عامي 2017 و2018. ومن بين 286 هجومًا إرهابيًا ارتكبتها “حركة الشباب” في عام 2018، وقع ما يقرب من 98 هجومًا في العاصمة “مقديشو”.
لطالما كانت “حركة الشباب” تستخدم التفجيرات والهجمات المسلحة والاغتيالات كطريقة رئيسية للهجوم. كانت غالبية الهجمات التي نفذت في “مقديشو” هي تفجيرات بسيارات مفخخة؛ حيث تسببت 17 حادثة في مقتل 218 شخصًا، بما يعادل 38 %من إجمالي الوفيات المنسوبة إلى الجماعة. وقد حدث تراجع في الهجمات على المدنيين مقابل التركيز على استهداف العسكريين. لذا فقد عملت الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي على دعم عمليات مكافحة الإرهاب بقيادة الجيش الوطني الصومالي، بالرغم من أن هذه الجهود قللت من النشاط الإرهابي بشكل كبير في الصومال، إلا أن الجماعة تحتفظ بملذات آمنة في جميع أنحاء وسط وجنوب الصومال
الهند
جاءت الهند في المرتبة السابعة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، إذ شهدت الهند في عام 2018 حوالي 748 هجومًا و350 حالة وفاة نتيجة للإرهاب، ويمثل هذا انخفاضًا في عدد القتلى والهجمات بحوالي 10 % عن عام 2017. بالرغم من انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 53 % عن عام 2017، فقد زاد عدد الهجمات الإرهابية بنسبة 14 % خلال الفترة نفسها، وذلك بعد أن بلغ ذروته في عام 2016 بأكثر من 900 هجمة.
في عام 2018، استمرت الهند في مواجهة مجموعة متنوعة من تهديدات الإرهاب، تشمل هذه التهديدات الإرهاب المتصل بالنزاعات الإقليمية المستمرة في “كشمير”، وحركة الانفصالين “السيخ” في ولاية “بنجاب” الشمالية، وحركة انفصالية في ولاية “آسام” الشمالية الشرقية. وقد ظلت “جامو” و”كشمير” أكثر المناطق تأثراً بالإرهاب في عام 2018؛ إذ وقعت 321 هجومًا، أسفر عن 123 قتيلًا. وكانت المجموعات الثلاث الأكثر نشاطًا هي “حزب المجاهدين”، و”جيش محمد”، وجماعة “عسكر طيبة”.
اليمن
جاءت اليمن في المرتبة الثامنة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب، فقد شهدت حوالي 227 هجومًا و301 حالة وفاة نتيجة للإرهاب، بالرغم من الانخفاض الكبير في تأثير الإرهاب في السنوات الأخيرة، إلا أن اليمن لا يزال واقعًا في حرب أهلية طويلة. أسفرت عن مقتل أكثر من 91000 قتيل منذ يناير 2015. وتقدر مصادر الأمم المتحدة أن مليوني يمني قد نزحوا وأن البلاد دُفعت إلى حافة المجاعة، ووصفت الوضع بأنه ” أسوأ مأساة إنسانية في العالم “.
يرتبط الإرهاب في اليمن ارتباطًا وثيقًا بالصراع المسلح؛ إذ تصاعدت حدة العنف في عام 2015 في أعقاب التدخل متعدد الجنسيات لدعم الرئيس المخلوع “عبد الربه هادي” بعد استيلاء المتمردين الحوثيين على صنعاء. وقد أصبحت جماعة “أنصار الله “أكثر الجماعات الإرهابية فتكًا في اليمن، وكانت مسؤولة عن أكثر من 1500 قتيل منذ عام 2015.
وفي هذا الإطار؛ شهد عام 2018 انخفاضًا مستمرًا في نشاط تنظيم “داعش” في اليمن، إذ كان التنظيم مسؤول عن هجومين إرهابيين فقط، وكلاهما في محافظة “عدن” الجنوبية. هذا بجانب استمر النشاط الإرهابي لتنظيم القاعدة” في عام 2018، إذ كانت مسؤول عن 19 حالة وفاة، ما يُشير إلى انخفض نشاط “القاعدة” في اليمن منذ أن بلغ ذروته في عام 2015، الأمر الذي ساهم في الانخفاض الأخير في إجمالي الإرهاب في اليمن.
الفلبين
احتلت الفلبين المرتبة التاسعة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب؛ حيث شهدت الفلبين انخفاض في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في عام 2018، فقد انخفضت الأعداد إلى 297 حالة وفاة، بما يعادل تراجع بنسبة 9% عن عام 2017. كما انخفضت الحوادث المتعلقة بالإرهاب من 486 حادثة في عام 2017 إلى 424 في عام 2018 بنسبة 13 %. وعلى الرغم من الانخفاض الطفيف في النشاط الإرهابي، تظل الفلبين الدولة الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي تصنف في الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب.
وقد سيطر “الجيش الشعبي الشيوعي” على النشاط الإرهابي في الفلبين. وفي عام 2018، شَن هجمات في 39 مقاطعة، ما تسبب في 36 وفاة جماعية. وقد زادت هجماته على جزيرة “نيجروس” بنسبة 111 %منذ عام 2017، ومع توجيه حوالي 53 % من الهجمات ضد أهداف الشرطة والجيش والحكومة. وفي السياق ذاته، كانت المجموعة الثانية الأكثر دموية هي حركة “بانجسامورو من أجل الحرية“، التي تُعد منظمة انفصالية مقرها في جنوب الفلبين.
كما يقوم تنظيم “داعش” بعمليات إرهابية في الفلبين من خلال المجموعات التابعة له سواء جماعة “أبوسياف” وجماعة “ماوتي“، التي تعهدت بالولاء لتنظيم منذ عام 2014. وعليه يمَثل تنظيم “داعش” ثالث أخطر جماعة إرهابية في الفلبين، تسببت في مقتل 18 شخصًا في ثلاث هجمات في عام 2018.
وقد زادت الهجمات الإرهابية على الأهداف الحكومة بنسبة 45 % بين عامي 2017 و2018، ما تسبب في 139 وفاة. وكان الدافع وراء ذلك في الأساس هو زيادة في هجمات “الجيش الشعبي الشيوعي” على أهداف حكومية. ومع ذلك، انخفضت الهجمات على المدنيين انخفاضًا طفيفًا من 103 حالة وفاة في عام 2017 إلى 92 حالة وفاة في عام 2018.
جمهورية الكونغو الديمقراطية
جاءت الكونغو في المرتبة العاشرة ضمن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب؛ إذ شهدت حوالي 135 هجوما و401 حالة وفاة نتيجة للإرهاب. وعُدّ نشاط كل من “قوات الحلفاء الديمقراطية”، و”الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا”، وجماعات “ماى ماى” عاملًا محفزًا في زيادة تأثير الإرهاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ففي عام 2018، ارتفع عدد الهجمات الإرهابية بنسبة 18 %عن عام 2017، إذ ارتكب كل من “قوات الحلفاء الديمقراطية” و”القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” ضعف عدد الهجمات الإرهابية وقتلوا أكثر من ضعف عدد الأشخاص في عام 2018 مقارنة عام 2017.
وكانت “قوات الحلفاء الديمقراطية” مسؤولة عن 205 حالات وفاة بسبب الإرهاب في عام 2018، بزيادة 136 % عن عام 2017. كما ارتبطت عديد من الهجمات بالصراع المسلح الداخلي المستمر بين “قوات الحلفاء الديمقراطية” والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
كذلك شهد عام 2018 أيضًا زيادة في النشاط الإرهابي لمجموعات “ماي ماي” وهي مجموعة من الميليشيات المحلية المتمركزة في مناطق” كيفو”، بعضها متورط في الإرهاب. وظل شمال “كيفو” أكثر المناطق تضررًا من جراء الإرهاب؛ إذ تعرض لأكثر من نصف الهجمات و69 %من القتلى في عام 2018. وشمل ذلك الهجوم الأكثر دموية، الذي قتل فيه ما لا يقل عن 19 مدنيًا وثمانية مهاجمين. وقد كانت أكثر أشكال الإرهاب شيوعًا في عام 2018 هي عمليات الاستيلاء على الرهائن والاعتداءات المسلحة، والتي شكلت مجتمعة 84 % من الهجمات.
وختامًا، يلاحظ من قراءة حالة الإرهاب في هذه الدول العشر ما يلي:
- الملاحظة الأولى: هناك اختلاف نسبي في ترتيب الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب مقارنة بعام 2017؛ إذ كانت العراق تحتل المركز الأولي عام 2017، وقد تراجعت في المركز الثاني في عام 2018 مقابل صعود أفغانستان في صدارة الدول الأثر تأثرًا بالإرهاب. فيما ظلت معظم الدول محتفظة بترتيبها خلال عامي 2017 و2018. غير أن الدولة المصرية في عام 2018 شهدت تقدما ملحوظا في مكافحة الإرهاب طبقًا للمؤشر، إذ خرجت من نطاق أكثر عشرة دول متأثرة بالنشاط الإرهاب، وقد أرجع المؤشر انخفاض معدلات الوفيات في مصر جراء الحوادث الإرهابية إلى الجهود الكبيرة للقوات المسلحة في مواجهة الإرهاب، إذ أن الأجهزة الأمنية المعنية نجحت في خفض عدد الوفيات خلال عام 2018 بنسبة وصلت إلى 90% مقارنة بمعدل الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية في عام 2017.
- الملاحظة الثانية: أغلب هذه الدول تنتمي لأفريقيا وآسيا وترتبط بالمسارات الجديدة للتنظيمات الإرهابية، ولا سما تنظيم “داعش”، الذي سعى إلى البحث عن مناطق نفوذ جديدة، وساحات بديلة بعد فقدانه معاقله الرئيسة في سوريا والعراق، لذلك كان الانتقال الاستراتيجي للتنظيم إلى آسيا، ومنطقة غرب أفريقيا، لما تتمتع به تلك المناطق من عوامل محفزة للإرهاب والتطرف، فالساحة الآسيوية يتوافر بها عدد من مقومات البيئة الحاضنة للإرهاب، مثل الصراعات الطائفية، والانقسامات العرقية، والتباينات الدينية. وعلى صعيد متصل، تعد منطقة غرب افريقيا (منطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص)، نموذجًا مثاليًا لإعادة التموضع الداعشي، وذلك بسبب ضعف قبضة الدولة المركزية هناك بالإضافة إلى وعورة تضاريسها، وانتشار النزاعات القبيلة، وتغلغل جرائم الاتجار بالبشر.
- الملاحظة الثالثة: ركز التقرير على نشاط تنظيمات بعينها داخل تلك الدول، غير أنه أغفل تسليط الضوء على نشاط “شبكة حقاني” تلك الجماعة المسلحة المتحالفة مع حركة “طالبان”، التي تنشط في أفغانستان وباكستان، وكانت مسؤولة عن عديد من التفجيرات التي شهدتها أفغانستان منذ الاجتياح الامريكي. وكذلك الإشارة إلى نشاط تنظيم “حراس الدين” الذي يعد الفصيل الجهادي الأهم في الشمال الغربي السوري.
الملاحظة الرابعة: هناك انعكاس واضح للأوضاع السياسية على تصاعد النشاط الإرهابي في هذه الدول. فعلى سبيل المثال، نجد أن أفغانستان تتموضع في ترتيب متقدم بين الدول الفاشلة، ما يخلق بيئة مناسبة لانتشار التنظيمات الإرهابية بشكل عام، على خلفية ضعف الحكومة المركزية، وعدم قدرتها على القيام بوظائفها التقليدية، وعلى رأسها الوظيفة الأمنية. أضف إلى ذلك حالة عدم الاستقرار السياسي، وانتشار تجارة السلاح، والانقسامات الدينية والعرقية. وفي السياق ذاته نجد أن العراق لازال يمثل بيئةً مُثلى لاحتضان نشاط التنظيمات الإرهابية، نتيجة التعقيدات السياسية وتباينات الطائفية، إذ يشهد العراق صراعًا بين الأحزاب والقوى السياسية، وغيابًا للتوزيع المتوازن للموارد الاقتصادية والخدمات الاجتماعية بين مناطقه الجغرافية، ما أنتج حالة من شعور بعض المكونات كالسنة والأكراد بالانفصال والتهميش. الأمر الذي يلقي بظلاله على تصاعد النشاط الإرهابي داخل أراضيه. كذا نجد أن الحالة السورية بما تشهده من سيولة سياسية، وتعدد الفاعلون الدوليون، حفز بعض القوى النشطة في المشهد السوري على توظيف الإرهاب كأداة لتحقيق مصالحهم سياسية.
باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع