
الصراع على المضايق البحرية في الشرق الأوسط وأساليب المعالجة المصرية
يعد إقليم الشرق الأوسط تاريخياً من أكثر المناطق تأثراً بتفاعلات وسياقات التنافس الدولي، ويظهر ذلك بوضوح حالياً في الانخراط المباشر للقوي الدولية في قضايا المنطقة، واستعداد الصين لانتهاج سياسة خارجية أكثر نشاطاً فيها، بالإضافة إلى إعادة تقييم الولايات المتحدة لمواقفها، واتجاهها لتسوية القضايا الساخنة في المنطقة، وعدم ترددها في استخدام القوة العسكرية النوعية في احتواء التهديدات الغير نمطية ولاسيما تلك المتعلقة بديناميات تدفق وامدادات الطاقة من الشرق الأوسط للعالم الغربي الصناعي. بيد أن هذا التنافس الدولي يأتي في سياق تنافس إقليمي حاد تشهده المنطقة، ويغيب عن هذا التنافس منطق الحرب الباردة، حيث كان كل من القطبين على استعداد لتحمل تكلفة اقتصادية أو عسكرية لاجتذاب وتحييد دول تنتمي إلى المعسكر الآخر، أو منعها من الانضمام إليه، فالتنافس الدولي الراهن يقوم على تحقيق المكاسب المباشرة التي تصب في صالح تعظيم القوة. وإن كانت هذه القوة تتجلى بشكل أكبر – حتى الآن – على المستويات الإقليمية منها على المستوى العالمي.
ومن المستويات الإقليمية التي تجلت فيها القوة بشكل صريح، كان مستوي الصراع علي المضايق البحرية الثلاثة في المنطقة (هرمز – باب المندب – جبل طارق) في المنطقة، ولاسيما بعد اندلاع موجات ما يُسمي بالربيع العربي، وما حفّز ذلك الصراع هو استحواذ الشرق الأوسط علي أكثر من نصف احتياطات الطاقة في العالم، ومن جهة أخري مثول تلك الاحتياطات أمام ما يُعرف بـ “ديكتاتورية الجغرافيا”، ورهنها تحت وقع التجاذبات الإقليمية ومشاريع التوسع وبسط النفوذ والتحول في مصفوفة الأدوار الإقليمية. فقبل الخوض في أسباب الصراع علي المضايق، وأنماطها، أين تكمن أهميتها في الاستراتيجية العسكرية الإقليمية والدولية؟
أهمية المضايق البحرية في الاستراتيجية العسكرية الإقليمية والدولية
المضيق عبارة عن ممر بحري يفصل بين مسطحين مائيين ويفصل جزئين من اليابس أو أكثر عن بعضهما، وقد يقل عرض المضيق ليصل إلي بضعة مئات من الأمتار مثل المضايق التركية بالقرب من إسطنبول، وقد يتسع عرضه ليصل إلى 32 كم أو أكثر مثل مضيق دوفر بين بريطانيا وفرنسا، ومضيق بهرنج بين روسيا والولايات المتحدة.
أ- الأهمية في الاستراتيجية الدولية
يقوم النظام الدولي علي أدبيات تأمين حرية الملاحة في المضائق البحرية، فقد ضم الباب الثالث من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بعض الأحكام والتعريفات العامة لها. حيث تنطبق أحكام هذا الباب على قرابة 250 موقع بحري حول العالم. لذا، كان من الضروري عسكريًا وإستراتيجيًا تصنيف هذه الممرات على فئات مختلفة حتى يمكن التعامل معها في إطار خطط الانتشار والاستجابة والتأمين البحري. إذ يمكن تصنيفها كالتالي:
- ممرات استراتيجية دولية strategic straits: كمضيق باب المندب وهرمز والبوسفور وملقا.
- ممرات قارية continental straits: وهو الذي تشترك فيه أكثر من دولة أو أن يقع بين جزيرة كبيرة وساحل قاري ويفوق عرضه 12 ميلا بحريًا) كمضيق تايوان الذي يفصلها عن الصين ومضيق بالك بين الهند وسريلانكا ومضايق فلوريدا وياكوتان بالبحر الكاريبي ومضيق دوفر الفاصل بين القنال الإنجليزي وبحر الشمال.
- ممرات إقليمية territorial straits: ويضم القنوات الملاحية والمضايق الطبيعية التي يقل عرضها عن 12 ميلا بحريًا.
تقع المضايق البحرية الثلاث في منطقة الشرق الأوسط ضمن تصنيف الممرات الدولية الاستراتيجية، ما جعل القوي الدولية تضعها في أولويات خططها للتأمين والانتشار البحري ولاسيما أن تلك المضايق تشرف على خطوط توريد أكثر من نصف نفط العالم.
وفقًا للتداخلات السابقة حول قضايا الأمن والطاقة والتجارة، فإن الممرات الاستراتيجية يتم إيلاؤها اهتمامًا كبيرًا في التأمين نظرًا لاعتبارها في عرف الأمن الدولي ومخططي الاستراتيجيات الجغرافية مخانق/ نقاط اختناق Chokepoints يسهل السيطرة الاستراتيجية عليها من كيانات معادية ومن ثم التأثير على خرائط التوزيع والانتشار الدولي في وقت قصير، وأزمة السويس 1956 والأزمة الكوبية 1962 كانتا في هذا الإطار.
وعليه، فإن مخططو الاستراتيجية والبحرية الأمريكية يهتمون بنظريتي “ألفريد ماهان” في السيطرة البحرية و“ألكسندر سيفيريسكي” في السيادة الجوية، حتي صاغوا أشكال وأنماط مبتكرة في أعمال بسط السيادة علي أعالي البحار وتأمين الممرات الاستراتيجية، منها التأمين النيو – كلاسيكي، وهي بشكل أساسي تقوم علي السيطرة والتحكم على ما يعرف في الفكر العسكري برؤوس الجسور (Beachheads) وهذا يعني أن السيطرة، في نظر الاستراتيجيين الأمريكيين، لم تكن لتحقق بدون وجود قواعد أرضية تكون منطلقًا لعملياتها.
وعليه فقد كرست قدرًا كبيرًا من سياساتها للتوسعة الرأسية والأفقية في القواعد البحرية والجوية بالمنطقة وبالقرب من المضايق خاصة. واعتمدت استراتيجية التطويق والتأمين الديناميكي متعدد المراحل في تأمين الممرات وذلك عن طريق تأمين الممرات الاستراتيجية من محيط 300 ميل بحري كمستوى أول ثم التأمين من مستويات أقرب وصولًا إلى النقطة صفر (عن طريق القواعد المطلة على الممرات كقاعدة كامب ليمونيير في جيبوتي المطلة رأسًا على باب المندب وقاعدة الظفرة الجوية المطلة رأسًا على مضيق هرمز) ثم الاستعانة بالقطع البحرية في الربط العملياتي الديناميكي بين القواعد المنتشرة على مسافات مختلفة من كل ممر.
ب – الأهمية في الاستراتيجية الإقليمية
تكمن أهمية المضايق البحرية الثلاث من المنظور الإقليمي، أنها علي قائمة الأهداف الاستراتيجية العظمي Grand strategy للقوي الإقليمية الفاعلة والمتنافسة علي الدولة المركز. حيث أن خطط بسط النفوذ والسيطرة في المشاريع التوسعية بالمنطقة، لن تكتمل إلا بالسيطرة على مفاصل المضايق البحرية والتواجد قبالة شواطئها. وفي هذا الصدد تولي إيران – تركيا – إسرائيل اهتماماً كبيراً في السيطرة والتواجد قبالة المضايق البحرية لاهداف استراتيجية ثابتة متعلقة بالمشاريع التوسعية وتكتيكية رهن للمستجدات الدولية وعمليات الردع المتبادل. يمكن توضيحها من الأكثر انخراطاً في استخدام القوة للأقل علي النحو التالي:
- إيران:
تولي إيران اهتماما بالغاً بمضيقي هرمز وباب المندب، فيما يأتي مضيق جبل طارق أخيراً نظراً للبعد الجغرافي ووقوعه تحت السيطرة التامة البريطانية.
مضيق هرمز:
هرمز ممر مائي يفصل بين إيران وسلطنة عمان، ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.يبلغ عرض المضيق 33 كيلومترا عند أضيق جزء منه، لكن الممر الملاحي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين. قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 18.5 مليون برميل من النفط المنقول بحرا يوميا مرت عبر المضيق في 2016. وشكل ذلك نحو 30 بالمئة من الخام وغيره من السوائل النفطية التي جرى شحنها بحرا في2016.قالت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية إن ما يقدر بنحو 17.2 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات جرى نقلها عبر المضيق في 2017، ونحو 17.4 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2018.
مع بلوغ الاستهلاك العالمي للنفط نحو 100 مليون برميل يوميا، فإن ذلك يعني أن قرابة خُمس تلك الكمية يمر عبر مضيق هرم. يمر عبر المضيق معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك. يمر من المضيق أيضا كل إنتاج قطر تقريبا من الغاز الطبيعي المسال. وقطر أكبر مُصدر له في العالم. تتشكل أدوات السيطرة والانخراط العسكري الإيراني في المضيق بصورة نظامية، إذ تتولي البحرية الإيرانية وقواتها الخاصة تنفيذ المهام والقرارات الاستراتيجية الموكلة إليها من طهران. وهو ما ظهر جليا في اسقاط الدفاعات الإيرانية للطائرة الأمريكية المسيرة في يونيو الماضي، وكذا، احتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية في يوليو الماضي.
مضيق باب المندب:
للمضيق أهمية استراتيجية حيث تمر به شحنات تبلغ نحو 4,8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة إلى أوروبا والولايات المتحدة. هذه الأرقام تعتبر صغيرة بالمقارنة بمضيق هرمز في الخليج العربي ولكن بسبب معركة النفوذ الحالية على هرمز تود الدول المجاورة له مثل إيران والسعودية والإمارات بسط نفوذها على باب المندب كبديل. تعتمد إيران علي “الوكيل الإقليمي” في هذا المضيق، وهي جماعة الحوثي التي ترتهن للقرار الاستراتيجي لطهران، كما تتمركز ايران بصورة نظامية قباله سواحله بقاعدة عسكرية في جيبوتي. وقد استهدفت جماعة الحوثي العديد من ناقلات النفط السعودية عبر هذا المضيق في سياق التصعيد الحاد بين السعودية وإيران.
- إسرائيل
تولي إسرائيل اهتماماً كبيراً بمضيق باب المندب، وتتواجد قبالته من خلال قاعدة عسكرية لها في إريتريا، تعمل على عمليات الاستخبار والامداد والتموين وأعمال المراقبة والإنذار المبكر. كما تقدم أعمال الصيانة والتأمين لغواصاتها النووية المكلفة بالانطلاق من تلك المنطقة لتنفيذ مهام الردع النووي لإيران.
- تركيا
ويعود الاهتمام التركي الجديد بالصومال لعام 2011 عندما كانت المجاعة تفتك بالبلاد، وزارها حينها رجب طيب أردوغان، الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء، ليصبح بذلك أول مسؤول رفيع غير إفريقي يزور البلاد الذي مزقتها الحرب الأهلية.
ومهّدت هذه الزيارة وما أعقبها من مشاريع إنسانية وتنموية نفذتها الهيئات التركية، لوجود تركي قوي في الصومال، تطور إلى تواجد عسكري تمثل في افتتاح أكبر قاعدة تركية في الخارج في أكتوبر من العام 2017، وتتولى هذه القاعدة، حسب الأهداف المعلنة لها، تدريب أفراد الجيش الصومالي، لكن مراقبين يرون أن هدف الوجود العسكري التركي في الصومال يتجاوز الأهداف المعلنة ويأتي في إطار سعي تركيا إلى تعزيز نفوذها العسكري حول طرق نقل النفط ومدخل البحر الأحمر كونه من أهم الممرات البحرية والمرتبط عضوياً بالأمن القومي العربي والمصري خصيصاً.
فيما تأتي كل من السعودية والإمارات كقوي عربية متمركزة في المنطقة وحول المضايق من خلال قواعد عسكرية لها في جيبوتي واريتريا والصومال علي التتابع. أفرز التدافع وتباين الأهداف والأجندات في تلك الممرات البحرية الهامة عن حالة من السيولة الأمنية والانكشاف يمكن تلخيص أنماطه في النقاط التالية:
- حرب الناقلات:
كإجراء مضاد علي تكتيكات محاصرة إدارة ترامب للنظام الإيراني سياساً واقتصادياً ولاسيما علي صعيد عقوبات النفط الصادرة مؤخراً. بدأت إرهاصات حرب الناقلات بصورة واضحة في مايو الماضي، حين تعرضت أربعة سفن منها ثلاث ناقلات نفط، لعمليات وُصِفت “بالتخريبية” قبالة سواحل الإمارات لم يكشف ملابساتها حتى الآن. كما تعرضت الخليج العربي لخمس عمليات استهداف لناقلات نفط تابعة لشركات ألمانية ونرويجية وهولندية، فضلاً عن احتجاز إيران لناقلة نفط تعود لبريطانيا رداً على احتجاز الأخيرة لناقلة إيرانية في مضيق جبل طارق في يوليو الماضي.
حفزت حرب الناقلات في الخليج احتمالات الصدام العسكري المباشرة ولاسيما بين الولايات المتحدة وإيران، كما نقلت الأخيرة الصراع بالبحر الأحمر عبر استهداف الحوثي لناقلات نفط سعودية فضلاً عن بعض القطع البحرية.
- تشكيل الأحلاف العسكرية المرنة
بعد ترقّب دام لأشهر، بدأ تحالف عسكري بحري بقيادة الولايات المتحدة في البحرين، في السابع من نوفمبر الجاري، لحماية الملاحة في منطقة الخليج من اعتداءات تعرضت لها سفن منذ مايو الماضي، واتُّهمت إيران بالوقوف خلفها. وتشارك في هذا التحالف ست دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا. وأطلق على المهمة البحرية اسم “سنتينال”، ومن المتوقع أن تشمل مياه الخليج، مرورا بمضيق هرمز نحو بحر عمان ووصولا إلى باب المندب في البحر الأحمر. وحضر قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط جيم مالوي حفل إعلان انطلاق عمل التحالف في مقر الأسطول الخامس بالمنامة، إلى جانب مسؤولين عسكريين من الدول المشاركة. وذكر مالوي أنّ الهدف هو “العمل معا للخروج برد بحري دولي مشترك” على الهجمات ضد السفن.
- تنفيذ الضربات الصاروخية النوعية
في الساعات الأولى من الـ14 من سبتمبر الماضي، وقع هجوم بالصواريخ الجوّالة على منشأتي نفط تابعتين لأرامكو السعودية، أدى إلى خسائر كبيرة في الشركة التي تجني أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية سنوياً. وعلى الرغم من تبني جماعة الحوثي في اليمن للهجوم، إلا أن الولايات المتحدة قد اتهمت ضلوع طهران في هذا الهجوم النوعي كون جماعة الحوثي لا تملك تلك التقنية والقدرة علي استهداف مثل تلك المنشآت الحيوية التي تتمتع بحماية فائقة. بيد أن هجمات أرامكو ارتفعت أسعار النفط بنسبة تقارب 20 في المئة، وهو أكبر ارتفاع وقع في يوم واحد منذ حرب الخليج في عام 1991 وتعطيل أكثر من 5% من الإنتاج النفطي اليومي العالمي.
- انتشار الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة برعاية المحور الإيراني التركي القطري
نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح أبو حليمة، قال إن الأهمية الاستراتيجية والسياسية بالصومال، للأمن القومي العربي، دفعت المحور السعودي المصري الإماراتي، إلى القيام بمشروعات إغاثية وتنموية في الدولة العربية التي أرهقها الإرهاب والحروب الأهلية منذ بداية التسعينيات، وهناك تعاون كبير بين الدول الثلاث هناك، ويظهر الوجود الإماراتي، من خلال مهمة تدريب للقوات الصومالية وفرق الإغاثة الإنسانية، في حين قابل ذلك محور آخر، يجمع تركيا وإيران وقطر إلى هذه المنطقة، للعمل على دعم المجموعات الانفصالية والجماعات المتشددة، حتى تظل الصومال مفككة ومتوترة، ويستطيع هذا المحور، تنفيذ مخططه ومصالحه الخاصة، باستهداف الأمن القومي العربي، لا سيما في الخليج واليمن والبحر الأحمر.
وفي هذا السياق يهدف المحور الإيراني التركي القطري، إلى إخراج أي قوى عربية من الصومال باستهدافها، حتى يسير في خطة إنشاء قواعد عسكرية بالصومال على ساحل البحر الأحمر، والتي انطلقت بقاعدة تركية تكلفت 150 مليون دولار، أموالها قطرية مباشرة، لتكون مواجهة مباشرة مع اليمن ومضيق باب المندب. الدور القطري في تلك المنطقة أظهرته على نحو مخجل تسريبات نيويورك تايمز الأخيرة، حيث كشفت أن قطر تقف خلف تفجيرات دامية في الصومال. وفي التفاصيل، نشرت الصحيفة الأميركية تسجيلاً صوتياً سرياً يكشف تنفيذ تنظيم متطرف في الصومال تفجيرات من أجل تعزيز مصالح الدوحة.
وذكرت الصحيفة أن التسجيل الصوتي يكشف إقرار رجل الأعمال القطري خليفة المهندي، المقرب من أمير قطر، خلال حديث مع سفير الدوحة في مقديشو، أن المتطرفين قاموا بتفجير في مدينة بوصاصو لتعزيز مصالح قطر. كذلك أفادت الصحيفة بأن المهندي قال لسفير الدوحة حسن بن حمزة بن هاشم بعد أسبوع من تفجير بوصاصو في 18 من مايو الماضي، إن قطر تعرف من يقف خلف التفجيرات والقتل.
تمثل تحركات المحور القطري الإيراني التركي في الصومال وقباله سواحل باب المندب، مع محصلة النقاط السابقة، جملة تهديدات للأمن القومي المصري خاصة، فكيف حضرت القاهرة في الصراع علي المضايق وتداعيات التمركز حولها؟
معالجة القاهرة لتداعيات الصراع علي المضايق البحرية
قبل احتدام معارك ناقلات النفط والاستهداف النوعي للمنشآت النفطية السعودية وتعاظم تهديدات الملاحة في البحر الأحمر، استبقت القيادة المصرية التطورات، وسارعت بإنشاء الأسطول الجنوبي المصري في يناير من العام 2017، بعد رفع العلم المصري علي حاملة مروحيات جمال عبد الناصر.
يأتي ذلك في ظل تزايد مناطق النفوذ والصراعات في الشواطئ المتقابلة على البحر الأحمر، وتدخل العديد من القوى الدولية للحفاظ على مناطق نفوذها، وإنشاء قواعد عسكرية ومناطق ارتكاز باتت ضرورية للعديد من الأطراف المتشاطئة مع سواحل البحر الأحمر أو المرتبطة بمناطق النفوذ في المنطقة. بيد أن منطقة عمليات الاسطول الجنوبي تبدأ من بورسعيد شمالاً حتي مضيق باب المندب جنوباً.
يتكون القوام التسليحي للأسطول من حاملة المروحيات وسفينة الهجوم والإنزال البرمائي “ميسترال” جمال عبد الناصر ولانشات الصواريخ الشبحية واحدث الغواصات الألمانية طراز تايب 209، فضلا عن العديد من قطع الامداد والدعم اللوجسيتي ولواء من الوحدات البحرية الخاصة.
نقلت حاملة المروحيات ميسترال البحرية المصرية من بحرية تأمين الشواطئ والسواحل إلى بحرية الـ blue navy water أي البحرية القادرة على ارتياد أعالي البحار، كما غيرت على نحو ثوري من الجانب التخطيطي والتسليحي والعملياتي للقوات البحرية، وأفضت إلى تعاظم في البنية التحتية العسكرية لمواكبة التقدم في الكم والكيف بالترسانة العسكرية.
وفي هذا الصدد، ستفتتح القاهرة الشهر القادم، قاعدة برنيس الجو-بحرية الاستراتيجية، وذلك بحضور من وزراء الدفاع العرب، مع تنفيذ مناورة كبرى برية وجوبة وبحرية في مسرح عمليات البحر الأحمر بقطاع قاعدة رأس بناس البحرية، جنوب شرقي مصر وقبالة مثلث حلايب وشلاتين، وذلك ضمن خطة الدولة لافتتاح عدد من القواعد الجوية والبحرية الكبرى، الجاري إنشاؤها و تطويرها، خلال الفترة المقبلة، يشارك في المناورة، حاملة المروحيات ميسترال والسفن القتالية والغواصات وقوات الإنزال البرمائي ومختلف أنواع المقاتلات متعددة المهام والمروحيات الهجومية بالقوات الجوية.
تهدف الاستراتيجية المصرية الرامية لتطوير سلاحها البحري إلي:
- خلق معادلة جديدة للردع البحري، تمكن القاهرة من الوقوف على محصلات التنافس الحاد على المضايق البحرية.
- عدم الانخراط في طاحون حرب العصابات فيما عدا توجيه الضربات الاستباقية في مناطق الجوار الجغرافي “ليبيا” بالتنسيق مع الجيش الوطني الليبي.
- انشاء تشكيلات بحرية قادرة على التعامل مع التهديدات غير النمطية ولاسيما التنظيمات الإرهابية وجماعات القرصنة.
- تفعيل الشراكات والتدريبات المشتركة مع كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول الخليج العربي وخاصة في منطقة البحر الأحمر.



