
رؤية من الداخل … إلى أين تتجه إثيوبيا في ظل الاضطرابات الغاضبة؟
على وقع احتجاجات غاضبة، توسعت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في إثيوبيا، إثر خروج مظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد”، تحديدا من قومية “الأورومو”، التي ينتمي إليها. التظاهرات الصاخبة التي أحرق فيها أبناء قوميته صوره وكتابه، الذي يحمل اسم “Medemer”، كانت علامة فارقة على مدى تقلب السياسات العرقية الهشة في البلاد، والتي ستؤثر حتما على المشروع الإصلاحي بشقيه السياسي والاقتصادي الذي ينشده رئيس الوزراء.
قراءة هذه الاحتجاجات وأسبابها مهمة بالغة التعقيد، في بلداً يضم حوالي 108 ملايين نسمة، ينتمون إلى ما يزيد عن 80 قومية مختلفة، يتحدثون العديد من اللغات، ويخوضون صراعاً دموياً على مناطق النفوذ والسلطة. تعد مجموعة الأورومو أكبر الإثنيات الإثيوبية، حيث تقدر بحوالي 34% من إجمالي عدد السكان، تليها الأمهرة التي تقدر نسبتها 27%، يليهم ذوو الأصول الصومالية، ثم قومية التيجراي بحوالي 6%، فيما يوجد في إقليم شعوب الجنوب (الإثيوبي)، ما يقدر بـ46-56 قومية، تأتي في مقدمة تلك القوميات من حيث عدد السكان: السيداما والقراجي، والولايتا، والهديا.
لذا فإن الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات كانت دوماً حاضرة في المشهد السياسي الإثيوبي، إلا إن استمرار الاضطرابات وانتشار التوترات العرقية يثير تساؤلات حول طبيعة التغيرات السياسية التي تشهدها إثيوبيا ومستقبل التحول الديمقراطي فيها، وهو ما سيتناوله هذا التقرير، انطلاقاً من محاولة فهم التنوع العرقي المتحكم في تشكيل الواقع السياسي الإثيوبي لكي يمكن في ضوئه فهم التحديات التي تمر بها إثيوبيا في الوقت الحالي، واستشراف ما يمكن أن تؤول إليه هذه التحديات في المستقبل.
أولاً: إثيوبيا.. ما بين التنوع العرقي والحروب الأهلية
إثيوبيا، واحدة من الدول الإفريقية القليلة التي لم تتعرض لإي احتلال أجنبي، باستثناء السنوات الخمس التي خضعت فيها للسيطرة الإيطالية 1936-1941، مر تاريخها بمراحل متمايزة، جعل منها دولة متعددة الأعراق واللغات. بداية من الإمبراطور “مينليك الثاني”، مروراً بفترة حكم “هيلا سيلاسي”، الذي تم الإطاحة به في عام 1974، ليحل محله نظام حكم اشتراكي ماركسي عرف بنظام “الدرج” بقيادة “مانجيستو هيلا مريام” الذي استمر حتى عام 1991.
بعد الإطاحة بمانجيستو، تم تبني الفيدرالية العرقية من قبل المجموعات التي شعرت بالاضطهاد في ظل النظام القديم، وقامت النخبة الجديدة بزعامة “ميليس زيناوي” بوضع نظام يقوم على أساس الفيدرالية التي تعترف لكل جماعة عرقية بالحكم الذاتي، وتم إقرار الدستور الإثيوبي عام 1994، لمعالجة التعددية الإثنية في إطار دولة فيدرالية لها القدرة على الاستمرارية والبقاء، وجاءت مواد الدستور معبرة بوضوح عن أسس النظام السياسي الذي يقوم على حكومة فيدرالية ذات نظام ديمقراطي برلماني، ومؤكدًا على حق الجماعات العرقية في تقرير مصيرها، بما في ذلك الانفصال. وهو ما نصت عليه المادة “39” من الدستور الإثيوبي.
استهدف النموذج الفيدرالي الحد من سيطرة جماعة إثنية واحدة على المفاصل السياسية والاقتصادية للدولة، وإشراك كافة الجماعات الإثنية في الحكم. لكن كانت فترة رئيس الوزراء الأسبق “ميليس زيناوي” 1991- 2012، بداية لأعنف تصدع مر به الائتلاف الحاكم المعروف باسم (الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية EPRDF) المكون من أربع جبهات عرقية هي: المنظمة الديمقراطية لشعب الأورومو (OPDO)، وحركة أمهرة الوطنية الديمقراطية (ANDM)، والحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا (SEPDM)، وجبهة تحرير شعب التيجراي (TPLF).
حيث ابتعدت الجبهة الثورية عن مبادئ الفيدرالية، وعملت كأسلافها على تمكين جماعة إثنية واحدة هي جماعة التيجراي (6% من السكان) دون غيرها. كما اعتمدت الجبهة الثورية على نموذج من الديمقراطية الشكلية الذي تظهر خلاله مشاركة مجموعة من الأحزاب المعبرة عن الجماعات الإثنية الأخرى في الائتلاف الحاكم، إلا أن هذه الجماعات تدين بولائها للجبهة الثورية الحاكمة، ولا تعبر بالضرورة عن مطالب القوميات الممثلة لها.
وعلى الرغم من ذلك قاد “زيناوي” بلاده نحو نهضة اقتصادية واستقرار سياسي جعل لها دورًا إقليميًا مميزًا. إلا أن تلك النهضة تمت بسيطرة قبيلة التيجراي على السياسة والاقتصاد والجيش والاستخبارات. وأدى ذلك إلى ثورات قبائل الأورمو والأوجادين، واستطاع زيناوي قمع تلك الثورات أو محاولات التمرد. واستمرت عمليات القمع حتى حكم “زيناوي” إثيوبيا بلا معارضة. وفي عام 2010 حصلت المعارضة على مقعد وحيد في الانتخابات البرلمانية، وجاءت إثيوبيا في المرتبة 118 من أصل 167 على مؤشر الديموقراطية.
في 2015 توفى زيناوي وخلفه “هايلي ماريام ديسالين”، وارتفعت وتيرة احتجاجات الأورومو التي استمرت لما يقارب ثلاث سنوات، فكانت سبباً في استقالة رئيس الوزراء السابق “هيلا مريام ديسالن”. وذلك إثر شروع الحكومة في إجراء توسعات تشمل إقامة منطقة اقتصادية بإقليمي أوروميا وأمهرة، مما أدى لزيادة المخاوف من أن تأتي تلك التوسعات على حساب تهجير الآلاف من المزارعين في الإقليمين. الأمر الذي أدى بالنهاية إلى تراجع الحكومة عن خطتها بعدما فشلت وسائل القمع التي اتبعتها ضد المحتجين
ثانياً: إثيوبيا.. ما بين تحديات الإصلاح والسقوط
تولى “آبي أحمد” السلطة في إبريل 2018، خلفاً لرئيس الوزراء السابق “هايلي ماريام ديسالين”، ليصبح ثالث رئيس وزراء في عهد الائتلاف الحاكم، وأول أورومي يشغل هذا المنصب على الإطلاق. ودفع رئيس الوزراء بتحرير اقتصاد دولته، وتغيير المشهد السياسي، إلا أن ذلك لا يعني غض الطرف عن حجم التحديات التي تواجهه في الداخل، وتأثيراتها على شعبيته واستقرار الدولة الإثيوبية، خاصة أن بعض هذه التحديات عميقة الجذور، ولعل من أبرزها:
المنافسين الجدد: يعد “جوهر محمد”، السياسي المحنك، الذي يتمتع بصلات قوية مع قادة الأحزاب السياسية، وبالأخص الكيانات السياسية الأورومية الكبيرة، أحد أهم التحديات التي تواجه رئيس الوزراء الإثيوبي، واحد أهم أسباب خروج المظاهرات المناهضة لـ”آبي”، إثر إعلان جوهر أن الشرطة أرادت إزالة الحراسة الأمنية الخاصة المكلفة بحمايته، ودعا أنصاره عبر فيسبوك لحمايته، حيث يتابعه نحو 1.75 مليون شخص مما يبرز قدرته على الحشد السريع للمظاهرات. ويحاول آبي احتواء غضب جوهر ومناصريه، تخوفاً من سلطاته وحضوره الشعبي حال التعرض له، خصوصاً مع إدراك الجميع أن أي مساس بجوهر سيكون بداية النهاية لرئيس الوزراء. كما لا يستبعد جوهر منافسة حليفه السابق آبي أحمد على منصب رئيس الوزراء في انتخابات العام المقبل.
عدم الاستقرار السياسي: شهد إقليم أمهرة في إثيوبيا محاولة انقلابية في 23 يونيو 2019، استهدفت الإطاحة برئيس الوزراء “آبي أحمد”، تكمن دوافع المحاولة الانقلابية في رغبة القائمين عليها في التصدي لسياسات رئيس الوزراء الإثيوبي، التي يعتقدون أنها لم تحل مشكلة الاندماج القومي بالبلاد، وتزامنت المحاولة الانقلابية مع ذكرى محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها “آبي” في 23 يونيو 2018، وهو ما يحمل معه رسالة بالغة الدلالة تؤكد عدم الاستقرار السياسي، واستمرار نمو التيار المعارض للمشروع الإصلاحي لرئيس الوزراء بشقيه السياسي والاقتصادي.
تنامي التوترات العرقية: على الرغم من الإصلاحات التي حققها آبي أحمد خلال الفترة الماضية، وتسوية بعض الملفات الشائكة داخليا، إلا أن مشاعر الغضب تحاصره من قومية “الأورومو”، التي ترى أنه لم يتمكن حتى الآن من معالجة مشكلاتها، ومن قومية “تيجراي” التي ترفض سياساته، وتسعى لإفشال مشروعه الإصلاحي الداخلي بهدف إسقاطه وعودة التيجراي إلى الحكم مرة أخرى. من خلال تغذية المطالب الانفصالية في البلاد وتوريط النظام الحاكم في أزمات متعددة.
تنامي النعرات الانفصالية: تطالب قومية “السيداما” بالانفصال وإقامة إقليم خاص بها، وهو حق يكفله الدستور الإثيوبي. ومطالب “السيداما” بالانفصال ليست بالجديدة، فقد طرحت هذه الفكرة في عام 1995 لكن لم يقر المجلس الفيدرالي الإثيوبي أحقية القومية في إقليم خاص بها. ومع انفصال السيداما عبر استفتاء من المقرر أن يتم في 13 نوفمبر الجاري، من المتوقع أن تتسع رقعة مطالب القوميات في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا خاصة وأن قومية “الولايتا” أعلنت في يوليو الماضي الاستعداد إلى تأسيس إقليم خاص مستقل. وفكرة إقامة إقليم عاشر في إثيوبيا، لا تجد القبول ولا الحماس لدى الحكومة الإثيوبية، لأنها ستفتح الباب أمام المزيد من دعوات الانفصال، مما قد يتسبب في مزيد من الفوضى. ورفض مطالبهم قد يتسبب في احتجاجات حاشدة قد تتحول إلى عنف في ظل الأجواء المضطربة في البلاد.
تنامي نشاط الجماعات الإرهابية: في سياق استراتيجية داعش للتوسع نحو إفريقيا، بعد مقتل زعيمها “أبو بكر البغدادي”، ترى داعش في إثيوبيا فرصة للمجندين المحتملين، وتجنيد الإثيوبيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبحث الجماعات المتطرفة عن موطئ قدم لها خاصة في ظل وجود استقطاب بين القوميات. ونشر داعش مقطع فيديو مدته 3 دقائق، يعلن فيه أنه يعتزم إصدار منشورات ومواد باللغة الأمهرية، لترويج فكر داعش ودعوة الإثيوبيين بشكل خاص للالتحاق به. كما تشكل استهداف حركة شباب المجاهدين للقوات الإثيوبية الموجودة في الصومال والمنضوية تحت لواء القوات الإفريقية “أميصوم” ضغطًا على الحكومة الإثيوبية أمام الرأي العام الداخلي، وهو ما يدفعها نحو توجيه ضربات جوية ضد معاقل الحركة.
الاضطهاد الديني: ينص الدستور الإثيوبي على علمانية الدولة بهدف الحياد تجاه قضية الدين إلا أن المسلمين الذين يشكلون حوالي 33% من السكان يشتكون من تدخل الحكومة في شؤونهم الدينية وينظمون احتجاجات منذ ما يقرب من عامين نتيجة التشويه في برامج الإعلام وربط الإسلام بالإرهاب في خضم صراع الدولة ضد حركات التمرد الإسلامية في الداخل (مناطق الأورومو وأوجادين. على جانب آخر توجد انقسامات في الكنيسة الإثيوبية التي تسيطر عليها تقليدياً قومية الأمهرة، إذ يطالب المسيحيون الأوروميون بإنهاء هذه السيطرة.
أورمة الدولة: تزداد مخاوف بعض الأطراف السياسية في البلاد من “أورمة” الدولة الإثيوبية، خاصة في ظل صعود آبي أحمد الذي ينتمي لقومية الأورومو للسلطة، والتغييرات التي أجراها، وإطاحته ببعض القيادات الحكومية والعسكرية من قومية التيجراي في مقابل تصعيد بعض القيادات من الأورومو. علاوة على ملاحقة العديد من المسئولين الحكوميين مثل اعتقال أكثر من 60 مسئولاً حكوميًّا في تهَم فساد واستغلال المنصب وإهدار المال العام.
ثالثاً: الانقسام حول فلسفة الدولة
إن الأزمة الحالية بين رئيس الوزراء والناشط المعارض ترتبط برؤيتين متعارضتين، حول نظرتهما العامة لفلسفة الدولة ومستقبل الحكم الفيدرالي في إثيوبيا. حيث يجاهد رئيس الوزراء نحو بناء دولة مركزية يتم فيها ذوبان الإختلافات القومية والثقافية في هيكل تنظيمي مركزي واحد. كعلاج لمعضلة التفكك العرقي والتشتت السياسي الذي تعيشه إثيوبيا في الوقت الراهن، حتى لا تنزلق نحو الصراعات الأهلية التى ستؤدي لا محالة الى تفككها إلى دويلات عرقية متناحرة فيما بينها.
رأت المعارضة في طرح “آبي أحمد”، السعى نحو تأسيس “حكم مركزي”، للسيطرة المطلقة على القرار المركزي الفيدرالي وعلى قرارات جميع الأقاليم الإثيوبية حتى يكون في نهاية المطاف حاكم واحد يمتلك القوة والنفوذ المطلق. كما ترى المعارضة أن آبي يريد إعادة نظام الإمبراطور الإثيوبي “منليك الثاني”، الذي يعتبره الأوروميون رجلاً استعماريا قتل آلافا من شعب الأورومو في أوروميا 1886-1887 خلال القرن التاسع عشر.
في المقابل، يتخوف “جوهر محمد” من ذوبان المكونات الإثنية ضمن مركزية الدولة ويريد الإحتفاظ بشكل الدولة الفيدرالي القومي التعددي بإعتباره أحد المكتسبات التاريخية التى نالتها القوميات الإثيوبية عن طريق النضال المرير عبر سنين طويلة من الكفاح. وأن إلغاء الفيدرالية الإثنية يعني إلغائها دستوريا، ومن ثم إلغاء الدستور الفيدرالي نهائيا. ويرفض آبي أحمد ذلك الطرح متعللا بأن الفيدرالية عدوة وحدة إثيوبيا، وتوافقه في رأيه قومية الأمهرة فقط، بينما القوميات الأخرى، ومن ضمنها الأورومو ترفض هذا الطرح.
وبدأت بالفعل تحركات “آبي” نحو بناء الدولة المركزية، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في مايو 2020، إذ سعى رئيس الوزراء إلى تأسيس حزب واحد جامع للقوميات الإثيوبية، أطلق عليه حزب “الأزدهار الإثيوبي”. ولاقت هذه الفكرة رفضاً من قبل المعارضة، خاصة مع إجراء رئيس الوزراء بعض التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان الإثيوبي في 24 أغسطس 2019 على قانون الانتخابات والأحزاب السياسية. وفرضت تلك التعديلات مزيدًا من القيود على قيام الأحزاب، من حيث نصت أحد التعديلات على زيادة عدد التوقيعات اللازمة لتسجيل حزب عام من 1500 إلى عشرة آلاف توقيع. وستحتاج الأحزاب الإقليمية إلى أربعة آلاف توقيع بعد أن كانت 750 توقيعا. وترى المعارضة أن التعديل لم يُعالج مطالبها، وفي حالة تطبيقه سيمهد الطريق مجددًا لاستحواذ الائتلاف الحاكم على السلطة.
في المقابل شرعت المعارضة السياسية في إثيوبيا خلال الفترة الأخيرة إلى تكوين تحالفات وائتلافات من بعض أحزاب المعارضة لخوض الانتخابات المقبلة. ففي مايو 2019 اتفقت خمسة أحزاب سياسية على تأسيس ائتلاف حزبي معارض جديد أطلقوا عليه ائتلاف “الحزب الديمقراطي الإثيوبي الموحد”. وهناك تكتلا آخر يتم التجهيز له لتشكيل ائتلاف آخر باسم “حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية” بزعامة “برهانو نغا” زعيم حركة “قنبوت سبات”. ويضم عددا من الأحزاب، فضلا عن ظهور بعض الأحزاب الجديدة.
مستقبل العملية السياسية في إثيوبيا
تقف إثيوبيا في الوقت الراهن على تلال من الرمال المتحركة، إذ تظل التوترات والنزاعات الإثنية والصراعات بين بعض الأقاليم الإثيوبية تحديًا كبيرًا أمام آبي أحمد، وتظل شعبيته كذلك على المحك. وبالنظر إلى حجم الاضطرابات التي حدثت في إثيوبيا منذ وصوله إلى السلطة، بداية من محاولة اغتياله، مروراً بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، وصولاً إلى الاحتجاجات الأخيرة يمكن القول، أن إثيوبيا تقف أمام سيناريوهين بالنسبة لمستقبل العملية السياسية فيها:
السيناريو الأول: استكمال آبي أحمد مشروعه الإصلاحي، والسيطرة على العنف المتزايد في البلاد، واحتواء الاحتجاجات المناهضة له، وهنا يكمن التحدي الأكبر في اللحظة الراهنة بالنسبة لإدارة آبي أحمد إذ تقع عليها مسؤولية الاستجابة لمطالب القوميات المتعددة من أجل تحقيق الاستقرار والتوازن الاجتماعي دون اللجوء إلى الخيار العسكري وأساليب القمع التقليدية التي كانت الخيار المفضل للأنظمة الإثيوبية السابقة، وذلك لتفادي استمرار الفوضى، وسقوط الدولة في صراعات داخلية تُهدد الإنجازات التي ينشدها رئيس الوزراء. الأمر الذي سيعزز فرصه بالفوز في انتخابات 2020.
السيناريو الثاني: يتوقع أن تأخذ التوترات السياسية والأمنية في إثيوبيا خطا متصاعدًا بعيدًا عن التهدئة والإصلاح السياسي، وذلك في حال تمكن المتظاهرين من الإصرار على مطالبهم واجتذاب شرائح أكبر من المجتمع، رغم عمليات القتل والاعتقال ضدهم، وتوسع الاحتجاجات ربما يؤدي إلى إسقاط أو زعزعة النظام الحالي. خاصة أن ما تحقق من إصلاحات حتى الآن لا يرقى إلى مستوى التغيير السياسي الشامل الذي يضع إثيوبيا على طريق الديمقراطية الحقيقية. كما يظل نشاط قومية تيجراي وعناصر الحرس القديم في مؤسسات الدولة أحد التحديات التي يمكن أن تؤثر على مستقبل النظام. كما يمثل نشاط أحزاب المعارضة السياسية وتحالفاتها سويا، ورغبة محمد جوهر المنافسة في الانتخابات المقبلة أحد أبرز التحديات التي قد تقلل من فرص آبي احمد بالفوز في الانتخابات.
مصادر:
- Ethiopia needs to change its authoritarian course, https://www.ft.com/content/3ce2e498-f54d-11e7-88f7-5465a6ce1a00
- CONOR GAFFEY, OROMO PROTESTS: WHY ETHIOPIA’S LARGEST ETHNIC GROUP IS DEMONSTRATING, https://www.newsweek.com/oromo-protests-why-ethiopias-biggest-ethnic-group-demonstrating-430793
- Aaron Brooks, Ethnic violence is rising through Ethiopia, staining its “new era” in blood, The East Africa Monitor, 18/09/2018, https://eastafricamonitor.com/ethnic-violence-is-rising-through-ethiopia-staining-its-new-era-in-blood/
- Elemayehu Weldemariam, Ethiopia’s federation needs reviving, not reconfiguration, Ethiopia Insight, 10/01/2019, https://www.ethiopia-insight.com/2019/01/10/ethiopias-federation-needs-reviving-not-reconfiguring/
- Ethiopia’s ethnic violence shows Abiy’s vulnerability, https://www.dw.com/en/ethiopias-ethnic-violence-shows-abiys-vulnerability/a-49413165
- Yonatan FESSHA, Internal Secession and Federalism in Ethiopia, https://blog-iacl-aidc.org/2019-posts/2019/7/15/internal-secession-and-federalism-in-ethiopia