
الاضراب العام.. عندما يهدد دبلوماسيو إسرائيل مصالح حكومتهم
تحت عناوين مثيرة للانتباه، تداولت الصحف الدولية بدءا من 30 أكتوبر الماضي، موضوعات مختلفة تدور جميعها حول إغلاق السفارة الإسرائيلية تارة في موسكو وتارة أخرى في مدن مثل كييف ولندن.
وللوهلة الأولى يظن من يطالع هذه الصحف أن إسرائيل، دخلت مرحلة جديدة من قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم، إلا أن الأمر بأسره يدور حول نزاع داخلي وحد الصفوف بين وزارتي الخارجية والدفاع من جهة ووزارة المالية لدى حكومة إسرائيل من جهة أخرى.

فقد أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أنها ستخفض ميزانية المبعوثين الخارجيين، حيث ترغب المالية من ممثلي إسرائيل في الخارج القيام بتقديم ايصالات فردية حول نفقاتهم الشخصية في الخارج فضلاً عن دفع ضريبة المبيعات المستحقة على هذه الايصالات بأثر رجعي الأمر الذي سيجبر ممثلي إسرائيل في الخارج على تكبد آلاف الدولارات في حال استمر الأمر كما هو مخطط له.
مما ترتب عليه أن أغلقت جميع السفارات والقنصليات الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم أبوابها في وقت مبكر من الأربعاء 30 أكتوبر الماضي.
وتم اتخاذ هذه الخطوة بالتنسيق بين وزارتي الخارجية والدفاع، بالإضافة الى اتحاد الهستدروت العمالي. ومما لا شك فيه أن عملية الإغلاق لا تمس فقط مصالح الإسرائيليين الموجودين بالخارج، بل أنها تشكل ضررا على التعاون العسكري الإسرائيلي مع دول أخرى.
ويدور الخلاف بشكل رئيسي حول رواتب المبعوثين الإسرائيليين للخارج بما يشمل الملحقين العسكريين في السفارات الخارجية كذلك، وعلى الرغم من أن دبلوماسي إسرائيل لطالما اشتكوا من انخفاض معدلات رواتبهم والعمل في بيئة سيئة، إلا أن وزارة المالية الإسرائيلية قررت الخروج عن البروتوكول المتعارف عليه وتخفيض نفقاتهم بوجه عام، والتي عادة ما تغطي مساحة كبيرة من النفقات المتعلقة بمقر إقامة السفير والحفلات التي تقوم السفارة باستضافتها ومصروفات النقل.
ومضى اليوم الأول من الإضراب وسط تصريحات متباينة من مسئولين إسرائيليين عدة، ومؤشرات بأن الموعد المحدد لاستئناف العمل مرة أخرى سيظل مجهولاً، واستمر الأمر لفترة وجيزة حتى لحظة قيام المكتب الصحفي لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية بإصدار بيان- الخميس 31 أكتوبر- ينص على أن جميع السفارات الإسرائيلية بالخارج تستأنف عملها مرة أخرى يوم 1 من نوفمبر الجاري. وذلك بموجب القرار الذي أصدرته المحكمة ويتم بموجبه منح مهلة لجميع الأطراف المعنية تمتد لمدة 25 يوما، حتى إيجاد حل مناسب.
المالية الإسرائيلية.. وتاريخ من التخبطات المماثلة
في الوقت الذي أعلنت فيه الوزارة أن قرارتها الجديدة المزمع اتخاذها هذه المرة جاءت على خلفية تعرضها لعجز كبير في ميزانيتها، تجدر الإشارة إلى أن أزمة من هذا النوع ليست جديدة على الداخل الإسرائيلي.
إذ أنه من المعروف، أن مرة واحدة كل عدة سنوات يتم سن قوانين العقوبات العمالية، والتي عادة ما يتبع الإعلان عنها حالة من الاضراب العام. في 2014، وبعد مرور أسابيع من إقرار العقوبات العمالية المتزايدة، تم تعليق عمل جميع الخدمات القنصلية الإسرائيلية في الخارج، بعد أن تم اغلاق مقر الوزارة في القدس العربية المحتلة، فضلاً عن عدد 103 من السفارات والقنصليات في جميع انحاء العالم لأول مرة في تاريخ إسرائيل.
وفي نوفمبر من نفس العام، تم توقيع اتفاقية شاملة بين ممثلو نقابة عمال الهستدروت اتفاقًا شاملاً مع مسئولي وزارة المالية لزيادة رواتب الدبلوماسيين الإسرائيليين. ومع ذلك يقول دبلوماسيون أن هذه الاتفاقية لم يتم تنفيذها بالكامل.
يذكر أنه على مدار عشرين عاما مضت، تضاعفت ميزانيات جميع الوزارات الإسرائيلية، عدا وزارة الخارجية التي كانت هي الوحيدة التي تم تخفيض ميزانيتها، وأصبحت الآن تبلغ 367 مليون دولار سنويا.
وتحتفظ إسرائيل حاليًا بـ 69 سفارة و23 قنصلية وخمس بعثات خاصة، بما في ذلك ممثلها في الأمم المتحدة.
وفي شهر مايو من العام الجاري، كشف تقرير للمراقب المالي الحكومي، يوسف شابيرا أن بعض السفراء الإسرائيليين وموظفيهم كانوا يعيشون في ظروف غير صالحة للسكن، أثناء تواجدهم في الخارج، وأن العقارات أو البيوت المخصصة لهم كانت في حالة متداعية.
وفي هذا السياق، أوضح تسفي ماجن -دبلوماسي إسرائيلي سابق- أن هذا الإضراب الوجيز يعتبر رد فعل عادل من مسئولي وزارة الخارجية الإسرائيلية ضد المالية.
وقال إن هذا الاضراب هدفه هو الضغط على الحكومة وتغيير موقفها إزاء هذا القرار. وهكذا تبقى مهلة الـ 25 يومًا هي العنصر الحاسم في هذه الأزمة، والذي سوف يمكنه الرد على سؤال حول الطريقة التي سوف تتعامل بها الحكومة الإسرائيلية مع ممثليها بالخارج.
باحث أول بالمرصد المصري