
اجتماع “المجموعة الأساسية” بمؤتمر ميونيخ للأمن بالقاهرة… دلالات وانعكاسات
تُشكل استضافة مصر ولأول مرة لمدة يومين (27-28 أكتوبر (2019)، اجتماعات المجموعة الأساسية لمؤتمر ميونخ للأمن بمشاركة العديد من الوفود العسكرية الاستخباراتية والدبلوماسية، نقطة جوهرية تبيٌن بشكل كبير محورية مصر في إطار التفاعلات الإقليمية والدولية خاصة في ظل القضايا الممتدة المؤثرة على تلك الساحتين.
ديناميكية الحوار
إن المتابع لاجتماعات “مجموعة النواة” في مصر يجد أنها ضفت عليها صفة الديناميكية، ويتجلى ذلك في اهتمام وحرص السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لمشاركة الوفود الرسمية الاستخباراتية والدبلوماسية وعلى رأسهم فولفجانج إيشنجر في حوار مفتوح، تطرق للقضايا المختلفة على الساحة الإقليمية وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا والقضية الفلسطينية والأزمة السورية، أيضاً التطرق للتحديات الأخرى التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط والتي تتداخل في إطارها العديد من القضايا الملحة المطروحة على الساحة الدولية على غرار الهجرة غير الشرعية وتغير المناخ.
فضلاً عن السابق فقد استضافت المخابرات العامة المائدة المستديرة لأجهزة الاستخبارات العربية والإفريقية والأوروبية في ضوء اجتماعات المجموعة الأساسية لمؤتمر ميونخ في مصر وتم طرح كافة التحديات والتهديدات الإقليمية العابرة للحدود وفي منطقة البحر المتوسط وشمال إفريقيا وطرح آليات وسُبل حلها.
واتصالاً بالجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب فقد تناولت اللقاءات موضوع أهمية دعم وتعزيز الجيوش النظامية بما يُمكن من الحفاظ على الدولة الوطنية من التفكك، بما يدلل على توجه عام نحو رفض فكرة الجماعات المسلحة الموازية للقوات النظامية الوطنية داخل الدول.
دلالات متعددة:
- إن استضافة مصر لاجتماع المجموعة الأساسية لمؤتمر ميونخ يُعد الأول من نوعه الأمر الذي يعكس الدور المصري والتعاون المتنامي المشترك مع الجانب الأوروبي، والتعويل على مصر للمساهمة في حل تلك القضايا.
- يدلل ذلك الحدث أيضاً على الأدوار المختلفة التي قامت بها مصر في إطار عملية حفظ السلام، فلم تكن مصر دولة مصدرة للاضطرابات داخل إفريقيا أو المنطقة العربية، تزايد انخراط مصر في القضايا المختلفة داخل القارة السمراء وفي إطار الإقليم العربي، وهذا ليس بالأمر الجديد فمصر منذ حرب 1973 وهي تتبني استراتيجية سلام في المنطقة بأكملها، واستكملت ذلك في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو لعام 2013، بعد غياب جزئي لها في القارة السمراء دام لمدة أربعة أعوام (2011-2014).
- يتزامن ذلك الاجتماع أيضاً في إطار تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي والأدوار التي تلعبها في إعادة ضبط مفهوم الأمن الجماعي والإقليمي بالمنطقة علاوة على سعيها لمواجهة ظاهرة الإرهاب وتداعياتها السلبية على المجتمع الدولي مثل الهجرة غير الشرعية وظاهرة اللاجئين التي باتت تؤرق المجتمع الأوروبي، والمساعي المصرية لتطوير بنية السلم والأمن الأفريقية، وتفعيل مبادرة “إسكات البنادق” في أفريقيا بحلول عام 2020.
- تأتي تلك الاستضافة في أعقاب مشاركة مصر الفعالة- كأول دولة غير أوروبية – رسمياً في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا والذي اُنعقد في فبــــــراير (2019)، وذلك منذ بداية انعقاده عام 1963.
انعكاسات مختلفة:
يمكن القول بأن ثمة هناك عدد من الانعكاسات التي ربما يحققها استضافة القاهرة لاجتماع المجموعة الأساسية لمؤتمر ميونخ للأمن ويأتي على رأسها التأكيد على محورية مصر في القضايا العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودعم الجهود التي تقوم بها لدعم مقومات الأمن والاستقرار الإقليمي بما يساهم في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات.
أيضاً يمكن القول بأن استضافة مصر لتلك الاجتماعات ميونخ يُكسب مصر شرعية ذات صبغة أمنية في إطار الإقليم ولدورها الهام في نطاق إقليم الشرق الأوسط وأفريقيا خاصة في ظل التجربة الناجحة لمصر في الحفاظ على تماسك مؤسساتها الوطنية ومجابهة الإرهاب والإصلاح الاقتصادي.
وفضلاً عن السابق ينعكس ذلك على النهج المصري في تناول قضايا السلم والأمن الدوليين عبر الحوار البناء والنقاش متعدد الأطراف، ويرسخ فكرة أن الحل السياسي للقضايا المختلفة على الساحة الإقليمية لن يكون في أُطر منفردة بل بالنهج الجماعي والتعاوني.
إجمالاً؛
يمكن القول بأن استضافة مصر للمجموعة الأساسية لمؤتمر ميونخ تعكس تقدير إدارة المؤتمر والأهمية التي تعلقها الدوائر الغربية على دور مصر في المنطقة والحفاظ على استقرارها، خاصةً في إطار التصدي للإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة الشرق الأوسط خاصة في ظل تجربتها الناجحة في الحفاظ على تماسك الدولة علاوة على توليها رئاسة الاتحاد الأفريقي بما يجعلها الأجدر على خلق منبراً للحوار بين الجهات الاستخباراتية والدبلوماسية المختلفة.