ليبيا

بين “الوهن” و”افتقار الواقعية”.. المجلس الأعلى للدولة التابع لحكومة الوفاق الليبية يطرح مبادرة لحل الأزمة

بعد ثماني سنوات مرت على الأزمة الليبية ،ومؤتمرين دوليين في باليرمو وباريس، ومرور نحو ستة أشهر على معركة طوفان الكرامة التي أطلقها الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات الارهابية ، واستباقا لمؤتمر برلين حول الأزمة الليبية والمزمع عقده مطلع نوفمبر القادم ، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي التابع لحكومة الوفاق، القيادي الإخواني “خالد المشري” مبادرة لحل الأزمة الليبية، والمجلس الأعلى للدولة هو مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أسست في ليبيا بعد اتفاق وقع في 17 ديسمبر 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة وينظم عمل المجلس اتفاق الصخيرات.

 محاور خمسة تؤسس للمبادرة

تقوم المبادرة في أساسها على خمسة محاور، وهي المحور الدستوري والمسار السياسي والمسار الأمني وأولويات الحكومة إضافة إلى تعزيز الثقة بين مكونات المجتمع الليبي وتوفير حلول حكومية عاجلة للأوضاع المتدهورة. ومن أبرز الخطوات التي ينبغي اتخاذها فورا إنهاء المرحلة الانتقالية بالتشاور مع مجلس النواب الليبي في فترة غايتها شهرين والذهاب إلى عملية انتخابية على أن يُستبق ذلك بوقف إطلاق النار، إضافة إلى تعديل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.

مزيد من الضوء على محاور المبادرة:

بالرجوع للمبادرة فإنه وفي خلال شهرين من الاستحقاق الأول، يتم تعديل المجلس الرئاسي وتكليف رئيس وزراء منفصل، واختيار شاغلي المناصب السيادية السبعة، وفقاً للمادة 15 من الاتفاق السياسي. وفي مدة غايتها ثلاثة أشهر من الاستحقاق الثاني يتم إعداد وإقرار القوانين الخاصة بالانتخابات وفقاً للاتفاق السياسي. لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتسلم السلطة لهما .

وتقتصر مهام مجلسي النواب والدولة بعد إقرار القوانين الخاصة بالانتخابات على تعويض أي نقص في المجلس الرئاسي.وإقرار الميزانية العامة للدولة والموافقة على إعلان حالات الطوارئ أو الحرب وإنهائها.

وعلى الصعيد الأمني تلتزم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق ، بعدم الدخول إلى ترهونة بالتزامن مع وقف إطلاق النار على أن ينسحب الجيش الوطني الليبي من طرابلس.

كما يتضمن الشق الأمني حظر الطيران الحربي واستيعاب عناصر التشكيلات المسلحة في الأجهزة الأمنية وفق الشروط المحددة وتوحيد تلك الأجهزة تحت لواء واحد.كما أضاف المشري ضمن بنود مبادرته أنه يجب التوقف فورًا عن الخطاب الإعلامي التحريضي، وتوقيع كافة الأطراف على ميثاق إعلامي يلتزم بالقيم الوطنية.

 إجراءات تعزيز الثقة

عن طريق إيجاد آلية حوار مستمرة ومنظمة للمصالحة وتشكيل لجان من شخصيات ذات الثقة في المجتمع الليبي لبث هذه الروح،إضافة إلى أن الشفافية ومكافحة الفساد ستساهم في إجراءات تعزيز الثقة. وحسب ما صرح به “المشري” فقد راعى في مبادرته الانسجام مع الإعلان الدستوري الذي حكم البلاد منذ 2011، والاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بين أطراف النزاع في 2015.

 وفيما يلي عرض لمسارات المبادرة وفقًا لما تداولته وكالات الأنباء:

المسار الدستوري

  • وجود قاعدة دستورية تحكم المرحلة القادمة ضابط أساسي للمسار السياسي، وضامن مهم لعدم عودة الفوضى.
  • المحور الدستوري في هذه المبادرة يقوم على إجراء تعديل للإعلان الدستوري طبقا للآليات المعتمدة في الاتفاق السياسي، باعتماد الجزء المتعلق بهذه المرحلة؛ وهو الباب الثالث من مشروع الدستور والخاص بنظام الحكم كقاعدة دستورية تُجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.

المسار السياسي

  • إنهاء المرحلة الانتقالية بانتهاء الكيانات والمؤسسات السياسية الحالية بعملية انتخابية وفق خطة زمنية واضحة.
  • التئام مجلس النواب طبقا للمادة السادسة عشرة من الاتفاق السياسي خلال شهر من إطلاق المبادرة.
  • خلال شهرين من الاستحقاق الأول، يتم تعديل المجلس الرئاسي وتكليف رئيس وزراء منفصل، واختيار شاغلي المناصب السيادية وفقا للمادة 15 من الاتفاق السياسي.
  • خلال ثلاثة أشهر من الانتهاء من الاستحقاق السابق، يتم إعداد وإقرار القوانين الخاصة بالانتخابات وفقا للاتفاق السياسي.
  • بعد ثلاثة أشهر من إقرار القوانين الخاصة بالانتخابات، يتم إجراء الانتخابات الرئاسية
  • بعد شهر من إعلان نتائج هذا الاقتراع (انتخابات الرئاسة)، يتم إجراء انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.
  • بعد شهر من انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، يتم تسليم السلطة للأجسام المنتخبة.
  • تقتصر مهام مجلسي النواب والدولة بعد إقرار القوانين الخاصة بالانتخابات، على تعويض أي نقص في المجلس الرئاسي، وإقرار الميزانية (الموازنة) العامة للدولة، والموافقة على إعلان حالات الطوارئ أو الحرب وإنهائها، والاجتماع بناء على طلب من رئيس المجلس الرئاسي أو رئيس الحكومة.

المسار الأمني

  • وقف فوري لإطلاق النار وفقا لضوابط، وهي انسحاب القوات المهاجمة العاصمة من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس الكبرى.
  • انسحاب كل القوات الموجودة في مدينة ترهونة (على بعد 88 كم جنوب شرقي طرابلس) والقادمة من خارجها إلى أماكنها قبل تاريخ 4 من أبريل (قبل الحرب في طرابلس) وإعطاء الضمانات اللازمة من قوات الوفاق بعدم الدخول مدينة ترهونة.
  • فرض حظر للطيران الحربي بكافة أنواعه بمساعدة الأمم المتحدة، واستيعاب عناصر التشكيلات المسلحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية وفق شروط ومواصفات محددة، وإصدار تشريع ينظم القوات المقاتلة.
  • دعم قوة مكافحة الإرهاب الموجودة حاليا وتوسيعها لتشمل كل من لديه رغبة حقيقية في اجتثاث هذه الآفة، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية بشكل مهني وفقا للاتفاق السياسي.

معالجات حكومية عاجلة

  • الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتسهيل إجراءاتها، وإدارة الشؤون الوطنية بما يحقق مصلحة البلاد وفقا للقوانين واللوائح والأنظمة والقرارات النافذة.
  • إعداد مشروع الميزانية العامة والحساب الختامي للدولة حسب الاتفاق السياسي، وترسيخ الحكم المحلي للبلديات وتفويض السلطة لها ومنحها الموارد اللازمة، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية والأمنية وتحديث بنوده حسبما تقتضي الضرورة.

إجراءات بناء وتعزيز الثقة

  • التوقف عن الخطاب الإعلامي التحريضي، وتسخير الإعلام لبث روح التصالح والوفاق، والتوقيع على ميثاق شرف إعلامي يلتزم بالقيم الوطنية.
  • تبني خطاب ديني وسطي معتدل ينسجم وروح وممارسات المجتمع الليبي الأصيلة، والعمل على خلق آلية حوار مستمرة ومنظمة للمصالحة، وتشكيل لجان من أعيان وقادة المجتمع وحكمائه ونخبه لبث روح المصالحة ووضع أساس للعدالة الانتقالية.
  • تبني الشفافية في إدارة المال العام، وتقديم الخدمات ومكافحة الفساد، وإصلاح الخدمات الأساسية المقدمة للمواطن والعدالة في تقديمها.

وتشترط هذه المبادرة، في المحور الأمني انسحاب الجيش الوطني الليبي من طرابلس، وهي بذلك تضع بين طياتها معول هدمها؛ فهذا الطرح يفتقر للواقعية، اتساقا مع تصريحات كثيرة أكد فيها قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر أنه لا تراجع عن تحرير طرابلس من الميلشيات الإرهابية.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى